|
||
cri (GMT+08:00) 2011-09-28 14:40:11 |
بقلم: سليمان قناوى
لحظات من السعادة والالم مرت على وانا فى مدينة نانجينج. دعونا نتحدث اولا عن لحظات السعادة، وكان قمتها فى تلك الرحلة بالقارب على مياة نهر تشينخواى الذى ذكرنى بنهر النيل الذى يشق مصر من البحر الابيض المتوسط فى الشمال الى حدود السودان فى الجنوب. وبلغت سعادتى عنان السماء حين شاهدت هذا العرض الموسيقى الرائع والتابلوهات الراقصة الجميلة والموسيقى التى تنساب الى داخل اعماق النفس البشرية وتتجاوز حاجز اللغة فالموسيقى لغة عالمية. ورغم اننى تجولت فى عدد كبير من دول العالم، من هونج كونج شرقا الى الولايات المتحدة غربا، ومن فنلندا شمالا حتى جنوب افريقيا جنوبا، الا اننى لم ار ابدا مسرحا، خشبته على ضفة من النهر والجماهير التى تشاهده على الضفة الاخرى. عندنا فى مصر ، مسرح كوميدى يقع على ضفة نهر النيل فى محافظة الجيزة، الا ان خشبة المسرح ومقاعد الجمهور على ضفة واحدة. كان المبهر فى هذا العرض، الملابس بديعة الالوان للراقصين والراقصات، وقد لاحظت ان الشعب الصينى معجب جدا بالالوان الصاخبة الفاقعة، وهذا فى العروض المسرحية شيىء مطلوب لان ال مسرح اساسا متعة بصرية للمشاهدين، وكان من اكثر الاشياء ابداعا فى هذا العرض بجانب الموسيقى والرقصات، تلك المراكب الصغيرة بعضها على شكل زهرة تتفتح حين يلقى بها الى مياة النهر وبعضها على قوارب حربية تستخدم فى الحروب. وكان من اجمل اللقطات تلك الفتاة التى كانت معلقة فى السماء باسلاك ثم تنطلق عبر السلك من ضفة المسرح الى ضفة الجمهور لتلقى عليهم بالورود. كانت ليلة جميلة ، عدت بعدها للنوم فى سعادة.
وعلى عكس السعاددة التى تحققت لى فى رحلة نهر تشينخواى، كانت تعاستى وألمى حين زرت متحف ضحايا الغزو اليابانى البغيض لنانجينج، كنت قد قرأت كثرا عن الفظائع التى ارتكبها الجيش اليابانى حين اجتاح الصين، وذلك بحكم عملى كمراسل لجريدة اساهى اليابانية لمدة 15 عاما من خلال مكتبهم بالقاهرة، سألت فى احد المرات مستر فوجى تاكا مدير مكتب القاهرة السؤال التالى: الى اى مدى انتم مكروهون فى منطقة جنوب شرقى اسيا؟ رد بصراحة شديدة : نحن مكروهون فى هذه المنطقة من العالم( الشرق الاقصى) مثل اسرائيل المكروهة من العرب فى الشرق الاوسط.
فى متحف نانجينج لضحايا الغزو اليابانى للصين، شعرت بألم شديد حين قرأت على الجدار الاساسى خارج المتحف ان ضحايا هذه المذبحة بلغ عددهم 300ألف صينى قتلوا وحرقوا وذبحوا خلال ستة اسابيع فقط، من اواخر ديسمبر عام 1937 حتى اوائل يناير عام 1938، ذكرنى ذلك بالمذابح التى ارتكبتها اسرائيل ضد الفلسطينيين فى دير ياسين وكفر قاسم عام 1948، وفى صبرا وشاتيلا بلبنان عام 1982، بالاضافة الى المذابح التى ارتكبها الصهاينة ضد المصريين خلال حرب يونيو عام 1967 حيث قتلوا الالاف من الاسرى، او دفنوهم احياء, وللاسف لا يوجد عند العرب سواء المصريين او الفلسطينيين او اللبنانيين مثل متحف نانجينج الذى يسجل ويؤرخ ويجسم بالصوت والصورة الفظائع التى ارتكبها اليابانيون ضد الشعب الصينى، لقد ارتكب الجيش اليابانى جرائم حرب بشعة من اغتصاب النساء وذبح الاطفال ونهب الممتلكات وحرق البيوت فيما يشبه هولوكست، نساه العالم او تعمد ان يتناساه. لذلك ادعو الصين ان تساعد مصر فى تشييد متحف يسجل بالصوت والصورة الهولو كست الاسرائلى ضد المصريين والذى اعترفوا هم انفسهم به من خلال الفيلم الاسرائلى " روح شاكيد" الذى يحكى عن قتل الاسرى المصريين ودفنهم احياء فى صحراء شبه جزيرة سيناء.أدعو الصين الى مساعدة مصر خاصة وان لها سابق خبرة فى ذلك فالصين هى التى شيدت متحف بانوراما حرب اكتوبر الذى يسجل الانتصارات المصرية ضد اسرائيل فى اكتوبر عام 1973.
ولانه لا يعرف قيمة السلام الا من اكتوى بنار الحرب، احيى الروح المتسامحة للشعب الصينى، التى تسامحت مع اليابان وان لم تنسى فظائعهم ضد الشعب الصينى. فالتاريخ يتسامح الا انه لا ينسى.
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved. 16A Shijingshan Road, Beijing, China. 100040 |