دخول الإسلام لمنطقة شينجيانغ

cri 2011-09-07 14:05:08

يعتبر بناء المسجد الكبير بمدينة آتوشي واسلام ساتوك بوقرا خان (Satuk Boghra Khan) حدثين كبيرين يرمزان لدخول الإسلام لمنطقة شينجيانغ.

كان ساتوك بوقرا خان أميرا لمملكة كاراخان، وتوفي والده الملك عند صغره، وعاش مع عمه أوغورتشاك. وسبق لأوغورتشاك أن تعهد بإعادة السلطة إليه ولكنه لم ينفذ هذا التعهد، الأمر الذي أثار استياءه. وتردد ساتوك بوقرا على آتوشي للصيد، حيث تعرف إلى الأمير نصر للمملكة السامانية والذي هرب من المملكة واستقر هنا بعد فشله في نزاع على العرش.

بنى الأمير الساماني مسجدا في آتوشي، كما نجح في جعل ساتوك بوقرا مسلما. وبمساعدة الأمير نصر والمسلمين من آسيا الوسطى، نفذ ساتوك بوقرا انقلابا عام 910 واعتلى العرش، وبذل جهودا كبيرة لنشر الإسلام. وفي عام 955، توفي ودفن في مدينة آتوشي حيث كان قد أسلم.

بعد وفاة ساتوك بوقرا خان، واصل ابنه موسى الجهود لنشر الإسلام. وفي عام 960، بلغ عدد مواطني المملكة الذين أسلموا 200 ألف نسمة، وأعلن موسى التخلي عن المانوية والبوذية وتبني الإسلام كديانة رسمية، حيث انتهج سياسة قتل البوذيين، ما أثار مقاومتهم الشديدة. وفي عام 962، اندلعت حرب بين مملكة كاراخان المسلمة ومملكة يوتيان البوذية دامت أكثر من 40 عاما. ورغم الدعم من قبل الممالك في التبت ودونهوانغ وقاوتشانغ، إلا أن مملكة يوتيان خسرت الحرب أمام مملكة كاراخان، وقبل شعبها الإسلام تدريجيا.

وفي عام 1347، أسس توخلوك تيمور، وهو حفيد جينكيز خان من الجيل السابع، مملكة تشاغاتاي الشرقية، واتخذ من آليمالي (غرب محافظة خوتشنغ اليوم) عاصمة لها. وأسلم توخلوك تيمور في عام 1353 بفضل جهود رشيد الدين، ليصبح أول ملك منغولي مسلم في منطقة شينجيانغ. وكان توخلوك تيمور ورشيد الدين يزوران النبلاء والشخصيات المؤثرة واحدا واحدا لإقناعهم بالإسلام. وبفضل هذه الجهود، ترك 160 ألف شخص في آليمالي معتقداتهم الدينية وتحولوا إلى الدين الإسلامي، كما انتشر الإسلام في المناطق القريبة من المملكة.

وواصل خلفاء توخلوك تيمور خان الجهود لنشر الإسلام، حيث شن ابنه حيدر خوجا الذي اعتلى العرش عام 1388 حربا على إقليم توربان البوذي في عام 1392، وأجبر السكان المحليين على الإسلام. ثم شن حربا أخرى على إقليم هامي في عام 1399، لكنه قتل خلال تلك الحرب.

ورغم ذلك، انسحبت قوى سلالة مينغ الملكية من إقليم هامي في نهاية الأمر، وانسحبت معها أيضا القوى البوذية. وهكذا، حل الإسلام محل البوذية ليصبح الديانة الرئيسية في منطقة شينجيانغ، بعد ستة قرون من دخوله المنطقة.

كانت الثقافة الإسلامية تتفاعل مع الثقافات المحلية في شينجيانغ، ما أدى إلى ظهور ثقافة جديدة. ومن نتائج هذا التفاعل والاندماج الثقافي (ديوان لغة الترك) من تأليف محمود بن حسين الكاشغري وكتاب (المعرفة التي تجلب السعادة) بقلم يوسف خاص حاجب.

تعد المساجد رمزا من رموز الثقافة الإسلامية. وكان مسجد عيد كاه، الذي بني عام 1462 في كاشغر التي تعتبر أقدم مركز للأنشطة الإسلامية في شينجيانغ ومدينة إسلامية عريقة مشهورة، يمثل نموذجا للثقافة المعمارية الإسلامية في المنطقة، سواء من حيث الحجم والهيكل وأسلوب الزخرفة.

وفي القرن السابع عشر، انقسم الإسلام في شينجيانغ إلى طائفتين هما "طائفة الجبل الأبيض" و"طائفة الجبل الأسود"، ووقعت اشتباكات شرسة وحروب مدمرة بين أنصار الطائفتين خلال التنافس على السلطة. وفي عام 1680، حقق أكتاغليك أباك خوجا، زعيم طائفة الجبل الأبيض، انتصارا على خصمه بمساعدة القوى الجونغقارية البوذية. ثم حاول إبنه محمود الانفصال إلا أنه فشل وسجن في ييلي. أما ابنا محمد، وهما بورهانيدين وهوجاجاهان ويسميان ب"الخوجا الكبير والخوجا الصغير" في التاريخ الصيني، فاستسلما إلى قوات سلالة تشينغ الملكية خلال عملية عسكرية ضد متمردي قبائل جونغقار، وحظيا بثقة سلطة تشينغ، ولكنهما تمردا بعد ذلك، وفشلا وقتلا في طريق الفرار. وهرب أولادهما إلى الخارج، حيث تواطؤا مع القوى الخارجية والداخلية ودبروا سلسلة من أعمال التمرد في أقاليم جنوبي شينجيانغ خلال فترات حكم الأباطرة داوغوانغ وشيانفونغ وتونغتشي، ما أوقع أبناء مختلف القوميات خاصة الويغور بجنوبي شينجيانغ في محن ومصائب خطيرة.