<%@ Language=JavaScript %> رضوان ليو لين روي صفحة مضيئة في تاريخ المسلمين بالصين (الجزء الثاني)
إذاعة الصين الدولية القسم العربي  
الصفحة الرئيسية   |   أخبار   |   إقتصاد وتجارة   |   منوعات   |   سياحة وثقافة   |   عالم المسلمين   |   تعاون معنا   |   أولمبياد بكين  |  Webcast
رضوان ليو لين روي صفحة مضيئة في تاريخ المسلمين بالصين (الجزء الثاني)
   2007-08-14 14:16:13    cri
 

واجه طلاب الدفعة الأولي في مدرسة تشنغدا مشكلتين رئيسيتين، المشكلة الأولى هي الانضباط القاسي، إذ يتوجب عليهم أن يدرسوا سبع ساعات يوميا ويؤدوا الصلوات الخمس، والبعض منهم لم يتعود هذه الحياة. المشكلة الثانية أن كثيرا منهم لم يرغبوا في أن يصبحوا أئمة مساجد، نظرا لأن إمام المسجد في ذلك الوقت لم يكن له دخل ثابت. كان معظم الطلاب من أسر فقيرة، يفتقرون إلى عزيمة الدراسة فتركوا المدرسة. ولكن عددا غير قليل من الطلاب، أدركوا أهمية هذه المدرسة الحديثة في إعداد متخصصين لقيادة المسلمين في بناء حياة جديدة، فعزموا على إتمام دراستهم، منهم ليو لين روي، الذي شكر أبيه لإرساله إلى مدرسة تشنغدا، وتفهم طموح أبيه بأن يصبح ابنه إماما جديدا ذا إيمان قوي ومعرفة واسعة وأخلاق نبيلة ورؤية بعيدة وأتباع كثيرين، وأن يكون كريما وفصيحا، وبذلك يكسب المجد والشرف لآبائه وأجداده.

بفضل ذكائه الفائق وجديته في الدراسة وحبه للغة العربية، تفوق رضوان ليو لين روي على أترابه برغم التحاقه بالصف الأول في منتصف الفصل الدراسي، وتقدم الطلاب الآخرين عليه في دراسة اللغة العربية وتلاوة القرآن لمدى نصف سنة. درس ليو اللغة العربية بجد واجتهاد، حتى نجح في امتحان نهاية السنة، واستطاع حفظ الجزء الثلاثين من القرآن. وقد قال ليو لين روي عن تلك الأيام: "أحببت دراسة اللغة العربية بمجرد وصولي مدرسة تشنغدا، لم اعتبرها لغة أجنبية، شعرت بأنها لغة قريبة مني، على عكس دراستي اللغة الإنجليزية في المدرسة الابتدائية".

كانت مدرسة تشنغدا تقدم لطلابها الطعام والسكن مجانا، ولكن لم يكن بوسعها إلا أن توفر الحد الأدنى لمعيشة طلابها، فقد كانت تعتمد كليا على تبرعات المسلمين، ولم تكن تحصل على أية مساعدات مالية من الجهات الحكومية. لذا، أثرت الظروف القاسية على حماسة الطلبة للدراسة. وعن ذلك قال ليو لين روي: "لم تكن عائلتي تملك أرضا ولا مالا، وكان راتب أبي بسيطا، لذا، كنا فقراء خلال الفترة بين 1932 و1934، وكنت وأخي الكبير نطلب المساعدة من زميلي تشو تشونغ رن، الذي كان يقرضنا بسخاء، ولكن كان جيبي فارغا دائما." بعد ذلك، توقف أخوه الكبير عن الدراسة بسبب الفقر، مما أثر في حماسة ليو لين روي تأثيرا سلبيا، حتى فكر مرات في التوقف عن الدراسة أيضا، لكن نصائح الأصدقاء استطاعت أن تقنعه بالتخلي عن هذه الفكرة.

في عام 1936، تلقى ليو لين روي رسالة من أسرته بخبر سار، فقد وجد أخوه الكبير وأخوه الصغير عملا بدخل ثابت وتحسن وضع أسرته. بتشجيع من هذا الخبر، هدأت أعصابه، وشحذ ليو عزيمته على الاجتهاد في الدراسة، نهض يبذل كل جهوده للحاق بزملائه، حتى جاء في المركز الأول في امتحان نهاية المرحلة الدراسية.

لم يكن الفضل في نجاح ليو لين روي يرجع إليه وحده وإنما إلى أساتذته أيضا. في ذلك الوقت، كان في مدرسة تشنغدا مجموعة من المعلمين المتفوقين الذين كرسوا حياتهم لقضية التعليم الإسلامي، منهم العالم المشهور محمد بانغ شي تشيان، الذي أعتبره ليو أستاذا وأبا. كان الأستاذ بانغ يعلمه اللغة العربية وقواعدها بهمة وشغف ويشرح له الكتب الإسلامية والمواد الدينية الأخرى، كما أمضى الأستاذ بانغ عامين في تدريس ثلاثين جزءا من القرآن الكريم باللغة الصينية الحديثة لطلابه، مما أتاح للطلاب فهم معاني القرآن الواسعة والعميقة قبل تخرجهم. قال ليو لين روي: " بفضل مقررات القرآن والمواد الدينية المختلفة وقواعد اللغة العربية، ارتفع مستواي في اللغة العربية كثيرا، إلى درجة أنني عند التخرج كنت قادرا على قراءة وفهم الكتب الإسلامية بشكل عام وترجمتها إلى اللغة الصينية."

فضل أساتذة مدرسة تشنغدا على طلابها لا يحصى. في مقاله بعنوان ((ذكرياتي)) كتب ليو لين روي عن الأستاذ بانغ شي تشيان: "بقيت مع أستاذي محمد بانغ شي تشيان لا أفارقه لمدة 15 عاما بدءا من دخولي مدرسة تشنغدا حتى عودتي من مصر. كان الأستاذ بانغ يثابر على الصلاة والصيام، فيعلمنا بالأسوة الحسنة والإرشاد معا، وكانت له معارف واسعة ارتشفت منها، كما استفدت من أخلاقه السامية".

حققت مدرسة تشنغدا هدفها وأعدت أئمة علاماء في المعارف الإسلامية واللغتين الصينية العربية في نفس الوقت. ورغم أن عددا قليلا من خريجيها تولى إمامة المساجد، لا يمكن إنكار نجاح مدرسة تشنغدا، لأنها شقت طريقا جديدا للتعليم الإسلامي الحديث، وأعدت مجموعة كبيرة من المثقفين المسلمين، وأرسلت 21 طالبا لإكمال الدراسة في الخارج، عاد كثير منهم بالنتائج المرجوة ولعبوا دورا مهما في التبادل الثقافي بين الصين والدول العربية لاحقا.

في سنة 1936 شهدت مدرسة تشنغدا حدثا كبيرا، فقد زار مدير المدرسة، الشيخ ما سونغ تينغ، مصر، وخلال الزيارة قدم له شيخ الأزهر الشيخ محمد مصطفى المراغي 20 منحة دراسية، من أجل دعم الثقافة والتعليم الإسلامي في الصين. وفاز ليو لين روي في امتحان اختيار المؤهلين للدراسة في مصر، مما أتاح له فرصة إكمال دراسته خارج الصين. غير أن السفر إلى مصر تعثر كثيرا عقب وقوع حادثة جسر لوقو في 7 يوليو 1937. ولكن ليو لين روي استطاع أن يصل هونغ كونغ بعد تجاوز مصاعب كثيرة، وهناك التقى مع 14 طالبا مسلما جاءوا من بكين وشانغهاى. وفي الخامس من يناير عام 1938، وتحت قيادة الأستاذ محمد بانغ شي تشيان، توجه الوفد لمصر، وكان أكبر وفد في تاريخ البعثات التعليمية الصينية إلى مصر.

كانت الرحلة الطويلة الشاقة من هونغ كونغ إلى القاهرة الاختبار الأول للمبعوثين الصينيين، الذين اضطرتهم ظروفهم المالية الصعبة إلى ركوب سفينة شحن إلى كلكتا بالهند أولا، ليركبوا سفينة شحن أخرى إلى مصر. وعندما وصلوا كلكتا كانت المفاجأة أنه لا توجد أية سفينة تصل مصر. بعد أيام في كلكتا انتقلوا إلى بومباي، وبفضل مساعدة جمعية الشبان المسلمين الهندية وجماعة أبناء شينجيانغ في بومباي، تيسرت رحلتهم ووصلوا مصر على متن سفينة شحن في الثالث والعشرين من مارس عام 1938.

انكب ليو لين روي زملاؤه من الطلاب المبعوثين على الدراسة فور وصولهم إلى مصر، غير أن اتصالهم بالصين انقطع بسبب حرب الشعب الصيني لمقاومة الغزو الياباني، لذا، انشغل بالهم بما يحدث في الوطن وزاد حنينهم إليه وقلقهم على سلامة أرضه وأهله. وقد استطاع ليو لين روي مكابدة تلك المشاعر وحاول التكيف مع الظروف الجديدة ورفع مستوى قراءته للكتب العربية ودراسة المقررات الإلزامية، بالإضافة إلى دراسة معارف واسعة في كل النواحي في مكتبة الأزهر في وقت فراغه، فقطع شوطا كبيرا في تحصيل العلم. في ذلك الوقت كلفه الأستاذ بانغ شي تشيان بمراجعة مؤلفه ((الصين والإسلام)) الذي كتبه باللغة العربية.

متعلقات ما رأيك ؟
v قائمة البرامج
v موجات البرامج
 
|  link  | اتصل بنا  |