الكاتب العبقري سوشي

عاش سوشي بين عامي 1037 و1101 ومسقط رأسه في مايشان بمقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين وكان أبوه أديبا مشهورا وتحت التأثير الثقافي من الأسرة كان له طموحات كبيرة منذ صغره. عندما كان يعمل مسؤولا إقليميا ووزيرا بالحكومة المركزية دعا سوشي إلى تشجيع المفيد والقضاء على الضار وسعى وراء الاصلاح.

وفي النضال السياسي المعقد والبيئة السياسية الصعبة استوعب سوشي الفلسفة الكونفوشية والبوذية والطاوية مما ساعده على مراقبة المسائل وتجاوز المصاعب الحياتية برؤية واسعة ومرونة مع التمسك بطموحاته والسعي وراء الحياة والأشياء الجميلة.

تمتع سوشي بمزاياه الثقافية واشتهرت أشعاره ومقالاته بين جيله والجيل الذي بعده. وتناولت أشعاره مضامين كثيرة وتميزت بتنوع الأساليب وغرابة التصوير وجودة الكلمات كما تخلت أشعار سوشي بميزاتها الخاصة. ونثر سوشي قوي ورائع أيضا وحقق منجزات أكبر بين الأدباء الثمانية المشهورين في أسرتي تانغ وسونغ الملكيتين.

الشاعر الكبير دوفو

ولد دوفو عام 712 الميلادي وكان ذكيا يحب الدراسة منذ صغره وكتب أشعارا في السابعة من عمره وبعدما كبر أصبح ماهرا في الرسم والكتابة والموسيقى وركوب الخيل والمبارزة. وفي أيام شبابه ظهرت طموحاته وبدأ يزور أنحاء البلاد في التاسعة عشرة من عمره وكانت تلك الفترة فترة مزدهرة لأسرة تانغ الملكية.

وبسبب طموحاته سعى دوفو إلى تولي مناصب في الحكومة المركزية أو المحلية وشارك في الاختبارات باستمرار ولكنه كان يفشل مرة تلو أخرى. وعاش دوفو حياة صعبة في منتصف حياته بتشانغآن عاصمة آسرة تانغ ورأى المعيشة الفاخرة للوجهاء والأغنياء والمعيشة القاسية للفقراء وعرف فساد الحكام وصعوبات الشعب وظهر ذلك جليا في أشعاره التي تناولت حياة المواطنين وظروف البلاد.

واستقال دوفو عام 759 من وظيفته بسبب سخطه على الساسة وسافر مع أسرته إلى تشنغدو جنوب غربي البلاد وعاش متخفيا لأربع سنوات.

وتوفي دوفو عام 770 عن عمر يناهز التاسعة والخمسين بسبب الفقر والأمراض.

ترك دوفو أكثر من 1400 قصيدة وعكس ظروف أسرة تانغ الملكية لأكثر من 20 سنة من الرخاء إلى التدهور بسبب الفوضى الاضطراب. وتتمتع أشعار دوفو بأساليب متنوعة ومواضيع واسعة وعميقة ومشاعر جادة وتجمع ميزات الأشعار الكلاسيكية، وبعد إبداعه وتطويره وسع مجال شعره في الموضوع والأسلوب وترك تأثيرات واسعة للأجيال بعده.

الشاعر المشهور لي باي وأشعاره

لي باي (701-762) شاعر مشهور عاش في عهد أسرة تانغ الملكية ومسقط رأسه بمقاطعة قانسو شمال غربي الصين اليوم. ومن أشعاره عرفنا أن أسرته كانت غنية ومثقفة وقرأ كمية كبيرة من الكتب منذ صغره وكان ماهرا في استخدام السيف أيضا. وعندما بلغ عشرين سنة من عمره ومن أجل زيادة معارفه سافر لي باي إلى أنحاء البلاد وحقق انجازات مرموقة في كتابة الأشعار بفضل معرفته الواسعة وذكائه.

وكان التعليم والمشاركة في الامتحان لدخول الساحة السياسية طموح المثقفين الصينيين القدماء. وكان الشاب لي باي له طموحات في الساحة السياسية أيضا ووصل إلى مدينة تشانغآن عاصمة أسرة تانغ الملكية حينذاك. وبفضل شهرة أشعاره وتزكية بعض الشخصيات المشهورة دخل لي باي القصر الامبراطوري عام 742 الميلادي وعمل فيه وكانت هذه الفترة مرحلة ذهبية في حياته.

وكانت لي باي شخصية متكبرة ومستاء من فساد المسؤولين في الساحة السياسية آملا في اهتمام الامبراطور به واتاحة فرصة له لاظهار قدرته في السياسة. ولكن الامبراطور اعتبره شاعرا خاصا للامبراطور فقط فيأس لي باي من ذلك وغادر العاصمة واستأنف حياة الترحال من جديد.

وعاش لي باي معظم حياته متجولا وكتب أشعرا كثيرة وصف فيها المناظر الطبيعية في هذه الفترة وانتشرت أكثر من 900 قصيدة له حتى الآن. وتميزت أشعاره بالخيال الغريب والعظمة الهائلة وأثرت على الأجيال بعده تأثيرا عميقا.

القصائد الرائعة والعظيمة في عهد أسرة تانغ الملكية

تعتبر أسرة تانغ الملكية أسرة هامة في تاريخ الصين وكان اقتصادها مزدهرا والمجتمع مستقرا والفنون الثقافية رائعة وكانت القصائد الكلاسيكية في أوج ازدهارها.

ينقسم تطور القصائد بأسرة تانغ الملكية إلى أربع فترات وهي فترة أوائل الأسرة وفترة الأسرة المزدهرة وفترة الأسرة الوسطى وفترة أواخر الأسرة.

تمتد فترة أوائل أسرة تانغ الملكية بين عامي 618 و712 وعاش في هذه الفترة أربعة شعراء ذات شهرتهم كثيرا وهم وانغ بو ويانغ جونغ ولو تشاو لين ولو بين وانغ حيث أسسوا أسلوب القصائد الصينية الخاصة وأعطوا لقصائد في تلك الفترة ملامح متميزة.

الفترة ما بين عامي 712 و762 هي العهد المزدهر في أسرة تانغ، وشهد هذا العهد رضاء واضحا وانجازات رائعة في مجال الشعر الذي توفرت مضامينه وتنوعت أساليبه ووصف بعض الشعراء المناظر الطبيعية وأشاد آخرون بالمناطق الحدودية البعيدة وأشاد البعض بالأبطال وعبر البعض عن مشاعر أخرى.

ومن بين الشعراء المشهورين خلال هذا العهد لي باي ودو فو ووانغ وي ومونغ هاو ران وقاو شي وتسن تشن وغيرهم.

فترة أسرة تانغ الوسطى بين عامي 762 و827 وعاش فيها بعض الشعراء الممتازين ومنهم باي جو يي ويوان تشن ولي خه وغيرهم.

فترة أواخر أسرة تانغ الملكية بين عام 827 الميلادي وعام 859 الميلادي واشتهر فيها لي شانغ ين ودو مو. عبر دو مو في قصائده عن طموحاته السياسية ومشاعره، أما لي شانغ ين فوصف معاناته في حياته السياسية بهياكل قصائده الدقيقة وكلماتها الجميلة وظهرت في قصائده مشاعر حزن واكتئاب.

الشاعر تاو يوان مينغ وأشعاره

عاش تاو يوان مينغ في عهد أسرة جين الشرقية الملكية خلال القرن الرابع الميلادي وهو رائد مدرسة الشعر الوصفية للطبيعة وعاش حياة فقيرة ومستقرة ومال إلى الطبيعة وشخصيته كريمة وبسيطة ومتواضعة وأشاد وأعجب به الشعراء والأدباء في تاريخ الصين.

وكان تاو يوان مينغ قد تطلع إلى التقدم والنجاح في الساحة السياسية في أيام شبابه وسعى إلى تحقيق نتائج وانجازات في السياسة.

ولكن كان عهد أسرة جين الشرقية الملكية فترة فوضى وسياسة فاسدة ولم يستطع تحمل الفساد والظلم في الساحة السياسية وعاد إلى البيت وعاش حياة عزلة.

وكانت أوضاع تاو يوان مينغ المعيشية فقيرة جدا ولكن روحه كانت مستقرة وهذه الفترة كانت من أخصب فترات ابداعه حيث كتب عددا كبيرا من الأشعار الوصفية للطبيعة. وفي أعماله اعتبر الحياة الريفية والمناظر الطبيعية هدفا للكتابة والابداع وأصبحت الحياة في الطبيعة ملجأ روحيا في العالم الواقعي المؤلم عبر وصفه وتجميله لها.

وكانت معيشة تاو يوان مينغ في شيخوخته فقيرة للغاية حتى قضى أيام حياته اعتمادا على التسول واستعارة الحبوب الغذائية. وكتب تاو يوان مينغ في هذه الفترة النثر المشهور "ملاحظات تاو هواه يوان" وأبدع في هذا النثر مجتمعا طوباويا وجسد فيه معيشة لفيف الناس في بيئة معزولة عن العالم الخارجي عملوا فيها بجد واجتهاد وعاشوا معيشة سلمية بلا قلق وألم وظلم. إن ملاحظات تاو هواه يوان خيال جميل وجسدت تطلع الناس إلى مجتمع سلمي في عهد الفوضى.

وترك تاو يوان مينغ أكثر من مائة قصيدة وأكثر من عشر قطع نثرية فقط ولكن كان له دور بالغ الأهمية في تاريخ الأدب الصيني.

تشيوي يوان وأشعاره

إن تشيوي يوان شاعر مشهور يحترمه ويحبه الشعب الصيني منذ آلاف السنين. عاش تشيوي يوان في عصر الممالك المتحاربة (عام 475-عام 221 قبل الميلاد)، وهذا العصر شهد عددا كبيرا من الممالك واستمرت الحرب والفوضى بين هذه الممالك وكانت مملكة تشين ومملكة تشو مملكتين قويتين حينذاك.

وكان تشيوي يوان من النبلاء في مملكة تشو وتولى منصبا رفيع المستوى في الحكومة. وكان رجلا متعلما ومتبحرا في العلوم وماهرا في الشؤون الدبلوماسية وكان يأمل في مساعدة الملك باستخدام موهبته وقدرته كي يجعل مملكة تشو مملكة قوية مزدهرة. ولكن مع الأسف كان التناقض شديدا جدا بين تشيوي يوان وكتلة النبلاء الفاسدة في الشؤون الداخلية والخارجية وتعرض لافتراء من الآخرين وابتعد تشوي يوان عن ملك تشو، وبعد ذلك انخفضت مكانة مملكة تشو وقواها رويدا رويدا. وفي عام 278 قبل الميلاد دخلت قوات مملكة تشين حاضرة مملكة تشو وكان تشيوي يوان حزينا وغاضبا وانتحر بالقاء نفسه في النهر.

إن تراث تشيوي يوان للأجيال بعده مشهور. وبصفته شاعرا أبدع قصيدة "لي ساو" أطول قصيدة عاطفية سياسية رومانسية في تاريخ الأدب القديم الصيني. وتميزت قصيدة "لي ساو" بقدرة تصوير شعرية وفتحت آفاقا جديدة للابداع الشعري في الصين القديمة.

وبالإضافة إلى قصيدة "لي ساو"، فقصيدة "أسئلة موجهة للسماء" قصيدة عجيبة نادرة في تاريخ الشعر الصيني وسأل الشاعر فيها 172 سؤالا للسماء تتناول علم الفلك والجغرافيا والأدب والفلسفة وغيرها من المجالات العديدة وجسدت شكوك الشاعر في المفاهيم التقليدية وروح السعي لمعرفة الحقائق.

أول مجموعة شعرية-كتاب الأغاني

ظهرت المجموعة الشعرية الأولى - كتاب الأغاني في الصين في القرن السابع قبل الميلاد، مع أن كاتبه ليس واحدا ولكنه أبكر من ملحمة هومير اليونانية المشهورة بمئات السنين.

إن كتاب الأغاني أول مجموعة شعرية عامة في تاريخ الصين ويضم 305 قصائد تعود إلى أكثر من خمسمائة سنة من أوائل تشو الغربية (القرن الحادي عشر قبل الميلاد) إلى منتصف عصر الربيع والخريف (القرن السابع قبل الميلاد).

إن الغرض الأول للأعمال التي جمعت في كتاب الأغاني هو استخدامها في المناسبات الاحتفالية للغناء والغرض الثاني الترفيه والثالث تعبير المؤلفين عن رؤيتهم للمسائل الاجتماعية والسياسية. ثم أصبح كتاب الأغاني كتابا ثقافيا تعليميا للنبلاء وأصبحت دراسة كتاب الأغاني خبرات ثقافية مكتسبة للنبلاء وأصبح من أهم الكتب الكلاسيكية في الصين.

وعلى كل حال إن كتاب الأغاني كان بداية مشرقة للأدب الصيني ورمز مبكر لتقدم الأدب الصيني. وتتناول مضامينه عدة نواح في الحياة الاجتماعية المبكرة في الصين مثل العمل والحب والحرب والسخرة والاضطهاد والمقاومة والعادات والزواج والحفلات التذكارية والمآدب وحتى علم الفلك والملامح الجغرافية والحيوانات والنباتات وغيرها. ولغة كتاب الأغاني تعتبر معلومات هامة وبحث موجز عن اللغة الصينية في الفترة ما بين القرن الحادي عشر قبل الميلاد والقرن السادس قبل الميلاد.