CRI Online
الباب السادس عشر: القصص الشعبية

قصص عسكرية

تشو يا فو يقضى على تمرد سبعة امراء

يقول مثل ان مجموعة من الاسود بقيادة غنم لن تنتصر على مجموعة من الاغنام بقيادة أسد. وذلك يدل على ان قائد الحرب يتمتع بمكانة هامة فى الحرب.

تأسست اسرة هان الصينية فى القرن الثانى قبل الميلاد وحينئذ كانت حكومة اسرة هان تحافظ على السلام بالتزاوج مع ارستقراطيي قومية هيونغ نو فى غرب الصين ولم تنشب حرب واسعة النطاق بين الجانبين. الا ان حاكم قومية هيونغ نو قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرة هان نتيجة تآثره بتحريضات من قبل الاخرين. وفى عام 158 قبل الميلاد اعتدى اهل هيونغ نو على حدود اسرة هان مارسوا القتل والنهب فاوفد امبراطور ون لاسرة هان ثلاثة جنرالات لمقاومة العدوان. كما اوفد ثلاثة جنرالات اخرين على رأس القوات للمرابطة حول تشانغ ان عاصمة اسرة هان لحماية امن العاصمة.اذ رابط الجنرال ليو لى على رأس القوات فى با شان والجنرال شيوى لى رابط على رأس القوات فى جى مون اما الجنرال تشو يا فو فرابط على رأس القوات فى شى ليو.

وذات مرة تفقد امبراطور ون لاسرة هان هذه المعسكرات لمواساة ضباط وجنود القوات ووصل الى با شان و جى مون على التوالى حيث قوبل بترحاب كبير ودخلت قافلة امبراطور ون الى معسكرات دون اى اعتراض من ضباط وجنود القوات. وفى النهاية وصل امبراطور ون الى معسكر شى ليو وعندما وصلت طليعة قافلة الامبراطور الى باب المعسكر اعترضها الحراس المدججون وصاح مسؤول الطليعة ان الامبراطور سيأتى حالا فاجاب ضابط حراسة البوابة بلا تردد ان الجنرال لم يصدر امرا للسماح لكم بالدخول ونحن ننفذ اوامر الجنرال فقط. وحينئذ وصلت قافلة الامبراطور الى الباب وتعرضت ايضا لاعتراض من قبل ضباط وجنود القوات هناك اضطر الامبراطور الى ارسال مسؤول الى المعسكر لمقابلة تشو يا فو حيث نقل على لسان الامبراطور قوله انى ادخل المعسكر لمواساة ضباط وجنود القوات فامر تشو يا فو بفتح بوابة المعسكر وحراسة قافلة الامبراطور للدخول.

وفى وسط المعسكر قال تشو يا فو المتدرع حاملا سلاحا وواقفا امام امبراطور ون انى لن اركع متدرعا فاسمحوا لى ان اقابل جلالتكم باداء تحية عسكرية دهش الامبراطور ومرتكزا على عارضة العربة طأطأ رأسه وبعد انتهاء المواساة والتفقد غادر امبراطور ون معسكر شى ليو وفى طريق عودته الى العاصمة تشانغ ان غضب توابع الامبراطور من تصرفات تشو يا فو الا ان الامبراطور اشاد به قائلا يا له من جنرال وان القوات فى با شان و جى مون متراخية فمن المؤكد انها سوف تنهزم اذا باغتها العدو فكيف تجرأ العدو على مهاجمة قوات تشو يا فو؟ وفى اثناء التفقد أكد امبراطور ون ان تشو يا فو عبقرى عسكرى.

وفى العام التالى مرض امبراطور ون بشدة وكان على وشك الموت فاوصى الامبراطور ابنه قائلا اذا حدث تمرد فى البلاد فى المستقبل يجب عليك ان تدعو تشو يا فو ليرأس القوات لتحطيم التمرد.وبعد اعتلاء ابنه ليو تشى العرش وسمى امبراطور جين وبعد موت امبراطور ون قام الامير ليو بى على رأس ستة امراء اخرين باعلان حالة تمرد فعين الامبراطور جين تشو يا فو جنرالا للقضاء على التمرد. ولمواجهة الحملة المشتركة القوية من الامراء السبعة اتخذ تكتيك الحراسة فقط وبعد تحديات عديدة من قبل المتمردين اعتصم تشو يا فو بمواقعه.

واخيرا اضطرت قوات التمرد الى الانسحاب وقام تشو يا فو على رأس قواته المحنكة بمطاردة قوات التمرد وقتل الامير ليو بى فى طريق هروبه على يد تابعه اما بقية الامراء فانتحروا تباعا.

ان القضاء على تمرد الامراء السبعة حافظ على وحدة اسرة هان الغربية وعزز السلطة المركزية وبذلك ظهرت فترة تاريخية مشرقة فى تاريخ الصين .

محاصرة مملكة وى لانقاذ مملكة تشاو

ان سون بين عسكرى موهوب مشهور فى فترة الممالك المتحاربة الصينية وتعلم مع زميله بنغ جيوان على يد نفس المعلم فنون التكتيك العسكرى ثم خدما لمملكة وى ولكن بنغ جيوان غار من كفاءة زميله سون بين وحاول بكل وسيلة ايذاء الاخير مما ادى الى قطع رضفة ركبة سون بين ثم هربه جنرال مملكة تشى تيان جى سرا الى مملكة تشى.

وفى القرن الرابع قبل الميلاد قامت مملكة وى قبل غيرها باصلاحات سياسية وعسكرية وسط ممالك كثيرة فازدهرت المملكة وابتلعت تباعا بعض الممالك الضعيفة.

وفى عام 368 ق م هجمت مملكة تشاو بتأييد مملكة تشى على مملكة صغيرة تابعة لمملكة وى.واوفد ملك مملكة وى الجنرال بنغ جيوان على رأس حوالى مائة الف جندى لمحاصرة هانغ دان حاضرة مملكة تشاو وطلبت مملكة تشاو المساعدة من قبل مملكة تشى.

دعا الوزير بمملكة تشى تشو جى الى عدم ارسال نجدة لان ذلك سيستهلك قوتها المحلية الا ان الوزير الاخر دوى قان لونغ رأى ضرورة انقاذ مملكة تشاو لان قوة مملكة وى ستتقوى اذا انتصرت مملكة وى على مملكة تشاو مما يهدد مملكة تشى.

وقبل ملك مملكة تشى اقتراح الوزير دوى قان لونغ فاوفد الجنرال تيان جى والمستشار العسكرى سون بين على رأس ثمانين الف جندى من القوات لانقاذ مملكة تشاو.

حول كفاءة سون بين العسكرية يمكن وصفها بقصة تنتشر وسط الجماهير الصينية عن سباق خيول.

اشترك الجنرال تيان جى مع ملك مملكة تشى والامراء عدة مرات فى رهانات سباق خيول ولكنه كان يخسر دائما وينتصر قليلا. واكتشف سون بين ان خيول تيان جى وملك مملكة تشى والامراء متقاربة وتنقسم الى درجات ثلاث ثم قال سون بين لتيان جى انك ستراهن على سباق خيول باموال باهظة واضمن نصرك فيه.

وفى سباق خيول اخر اخبر سون بين تيان جى انك تستخدم الخيل من الدرجة الثالثة لك لمباراة الخيل من الدرجة الاولى لملك مملكة تشى وتستخدم الخيل من الدرجة الاولى لك لمباراة الخيل من الدرجة الثانية للملك وتستخدم الخيل من الدرجة الثانية لك لمباراة الخيل من الدرجة الثالثة للملك.وبعد انتهاء سباق الجولات الثلاث انتصر تيان جى بفوز اثنين مقابل واحد فذاعت شهرة سون بين هنا.

وذات يوم سأل ملك مملكة تشى سون بين كيف نتعامل اذا تماسك كل من قوات الجيشين بموقعه ولم يتخذ كل منهما اى هجوم.

واجاب سون بين قائلا انه يمكن اختيار جنرال شجاع ومحنك ليرأس قليلا من قوات الانتشار السريع لمهاجمة العدو على سبيل التجربة من وسط موقع قوات العدو ثم يتظاهر بالهزيمة لاغراء العدو وحينما تخبل العدو فى وسط الموقع شن القوات المحنكة المختبئة على جناحى موقع العدو هجوما مفاجئا على العدو حتى تحقق النصر.

ونتطرق الى قصة محاصرة مملكة وى لانقاذ مملكة تشاو. وبعد تحليل الوضع رأى سون بين ضرورة مهاجمة دا ليانغ حاضرة مملكة وى الخالية من الحراسة لا ن القوات المحنكة لمملكة وى خارج بلادها لاجبارها على الانسحاب الى دا ليانغ فزالت مخاطر مملكة تشاو.

ولاجل كسب المبادرة الاستراتيجية قرر سون بين عن عمد ارسال الضباط الضعفاء على رأس القوات لمهاجمة بلدة بينغ لين العسكرية الحساسة فى مملكة وى ثم انهزمت قوات مملكة تشى.واكد جنرال مملكة وى بنغ جيوان ان قوات مملكة تشى ضعيفة جدا ثم شدد هجماته على مملكة تشاو ولم يتصور ان قوات مملكة تشى يمكنها شن هجوم على دا ليانغ حاضرة مملكة وى.

وعندما سمع بنغ جيوان نبأ مهاجمة سون بين على رأس القوات المحنكة لدا ليانغ حاضرة مملكة وى سحب بنغ جيوان قواته من الجبهة الامامية فى مملكة تشاو لحماية حاضرة مملكة وى بعد قطع مسافة طويلة وهى متعبة جدا وهكذا اوقعت قوات بنغ جيوان فى حلقة تطويق فرضها سون بين فانهزمت قوات مملكة وى .

وان قوات مملكة تشى انقذت مملكة تشاو واضعفت قوة مملكة وى وخلقت وسيلة القتال المشهورة والمتمثلة فى محاصرة مملكة وى لانقاذ مملكة تشاو فى تاريخ الشؤون العسكرية الصينية واحدثت تأثيرات بعيدة المدى لصالح الاجيال القادمة.

قصة حرب جينغ جينغ

في عام 206 قبل الميلاد، تفككت امبراطورية تشين – أول دولة موحدة إقطاعية قوية في تاريخ الصين، ودخل تاريخ الصين الى مرحلة جديدة. وشكل كل من ملك شيتشو – شيانغ يو وملك هان – ليو بانغ كتلة عسكرية جديدة حينذاك، ومن أجل التنازع على حكم البلاد، شن الطرفان حرب تشو – هان المشهورة في التاريخ. وفي هذه الحرب التى استمرت نحو خمس سنوات، أبرز الجنرال الكبير لمملكة هان – هان شين استراتيجيته العسكرية الفائقة. وتعتبر حرب جينغ حينغ نموذجا باهرا له.

وفي أكتوبر عام 204 قبل الميلاد، قاد هان شين قوات هان البالغ عدد جندها أكثر من عشرة آلاف نسمة وتجشمت قوات هان سفرا طويلا واجتازت جبل تاي هانغ لشن هجوم ضد مملكة تشاو التابعة لملك شيانغ يو. وجمع ملك مملكة تشاو – شيه وقائد قوات تشاو – تشن يو عشرين ألف جندي ورابطوا في المدخل الضيق لجبل تاي هانغ – مدخل جينغ جينغ (الواقع في شرقي جينغ جينغ بمقاطعة خبي الآن) استعدادا لشن الحرب الحاسمة ضد هان شين.

ويعتبر مدخل جينغ جينغ طريقا وحيدا لا مفر من أن تمر به قوات هان. وإن التضاريس في هذه المنطقة خطيرة جدا. وإذا أرادت قوات هان أن تجتاز هذا المدخل، فلا مفر من أن تمر بطريق ضيق طوله خمسون كيلومترا تقريبا حيث يسهل الدفاع ويصعب الهجوم. وأحكمت قوات تشاو مسبقا حينذاك حراسة مدخل جينغ جينغ، واحتلت مركزا مرموقا، وانتظرت عدوها المرهقة وهي مرتاحة، وامتازت بالتفوق والمبادرة على الإطلاق. ولكن قوات هان شين بلغ عدد جندها أكثر من عشرة آلاف نسمة فقط، وكانت مرهقة بعد تجشم السفر الطويل وفي وضع ضعيف وسلبي للغاية.

واقترح مستشار قوات تشاو – لي تشو جيون لقائده تشن يو أن يواجه قوات هان بمعظم قواته بينما يقطع طريق الإمداد الغذائي لقوات هان من الجهة الخلفية بجزء من قواته حتى أسر هان شين حيا. ولكن تشن يو فضّل الهجوم الأمامي، فرفض اقتراح لي تشو جيون اعتمادا على قواته الضخمة.

واعترف هان شين بالاختلاف الكبير بين قواته وقوات تشاو، فإذا شن هجوما أماميا، فلا بد أن يتعرض للفشل. فرابطت قواته في مكان بعيد عن مدخل جينغ جينغ، وبحث التضاريس المحلية وأحوال قوات تشاو. وعندما عرف هان شين أن قائد قوات تشاو – تشن يو استخف بعدوه وأمل في إنهاء الحرب بصورة سريعة، قاد قواته فورا لتتقدم حتى ترابط في مكان بعيد عن مدخل جينغ جينغ بخمسة عشر كيلومترا.

وفي ساعة متأخرة من الليل، اختار هان شين الفي جندي ممتاز، وحمل كل واحد منهم راية لقوات هان، وتسللوا الى الجانبين الخلفيين لمخيمات قوات تشاو عن طريق دروب الجبل الملتوية في ظلام الليل، وكمنوا هناك حتى تبدأ قوات تشاو هجومها في اليوم التالي، فستكون مخيمات قوات تشاو ضعيفة، وسيحتلونها وينزعوون رايات قوات تشاو وينصبون رايات قوات هان.

ثم أمر هان شين قواته لشن هجوم ضد قوات تشاو علنيا على نطاق واسع. وعندما اقتربت قوات هان من مدخل جينغ جينغ، قد أشرقت السماء. بينما قد جمع قائد قوات تشاو تشين يو كافة قواته لصد الهجوم. ونظرا لقلة جند قوات هان وتفوق قواته في معرفة التضاريس المحلية، أمر تشن يو بشن هجوم ضد قوات هان. واستمرت الحرب بين الجانبين نحو نصف يوم، ولم تستطع قوات تشاو أن تنجح في تحقيق أهدافها.

وفي ذلك الحين، بقي في مخيمات قوات تشاو قليل من الجند للدفاع، وهاجم الفا جندي من قوات هان على مخيمات قوات تشاو حيث نصبوا رايات قوات هان في كل أنحاءها، ثم ضربوا الطبول وصرخوا بصوت عال. ووجدت قوات تشاو التى كانت في تنازع عنيف أن مخيماتها منصوبة عليها برايات قوات هان فجأة، فحدثت فوضى في صفوفها. فأمر هان شين بالهجوم المضاد اغتناما لهذه الفرصة، وهزم قوات تشاو هزيمة نكراء، وقتل قائدها تشن يو، وأسر ملكها شيه حيا.

وفي حرب جينغ جينغ، كان عدد قوات هان يقل عن قوات تشاو بأكثر من عشرة آلاف جندي، ولكن قائدها هان شين وضع استراتيجية ممتازة، وهزم قوات تشاو التى بلغ عددها عشرين الف جندي، وسجل إسمه بفضل نجاحه الرائع في حرب جينغ جينغ في تاريخ الصين العسكري.

قصة الحرب في نهر في

في أوائل القرن الرابع الميلادى تفككت السلطة المركزية الصينية حينذاك، وولدت بعد ذلك في كل من جنوب الصين وشمالها سلطة مستقلة. وتسمى السلطة التى تحكم مناطق حوض نهر اليانغتسى بجنوب الصين سلطة تونغ جين لقومية هان وعاصمتها جيانكانغ ( أى مدينة نانجين اليوم ). أما السلطة التى تحكم مناطق حوض النهر الأصفر بشمال الصين فتسمى سلطة قومية تشي التى تحولت إلى أسرة تشينغ الملكية وعاصمتها تشانغآن ( أى مدينة شيآن اليوم )

كان الأمبراطور الأسبق لأسرة تشينغ الملكية فو جينان إنسانا قديرا وكان قد إختار أبناء قومية هان كمستشاريه. واهتم بتقويم أسلوب الموظفين وضرب القوى الإرسطوقراطية غير الشرعية وتقوية السلطة المركزية. وكان يعمل على تنفيذ سياسة إقتصادية متمثلة في تنمية الرى والزراعة هذا إلى جانب تطوير القوات العسكرية بقوة في محاولة لإبادة سلطة تونغجين في الجنوب لإعادة توحيد الصين.

وفي عام 383 الميلادى حشد الأمبراطور فو جيان أبناء الشعب من مختلف القوميات لتشكيل قوات يبلغ عددها ثمانيمائة وسبعين ألف نسمة للزحف نحو الجنوب لقهر سلطة دونغجين. وكان الإمبراطور فو جيان يقول بغرور " طالما يرمى جنودنا سياط جوادهم في نهر هوى ستنقطع مياهه. ألا نستطيع قهر دونغجين بعددنا الأكبر؟" لأنه علم أن عدد القوات العسكرية في سلطة دونغجين لم يبلغ إلا أكثر من مائة ألف نسمة.

عندما علم زعيم سلطة دونغجين قدوم قوات الإمبراطور فو جيان سارع إلى إرسال الجنرلان شه شى وشه شيوان لقيادة 80 ألف جندي لمقاومة العدو. وفي ذلك الحين

قد وصلت مقدمة قوات الأمبراطور فو جيان إلى لوه جيان ( أى مدينة لوه خه اليوم ) القريبة من عاصمة أسرة دنغجين. حيث قطعت المواصلات في نهر هوى. فأصبح الوضع في ذلك الحين خطيرا جدا. فأرسل الجنرالان شه شى وشه شيوان خمسة ألاف من الجنود الفرسان للتسلل وسط قوات العدو لمهاجمتها حيث حققوا إنتصارات عظيمة، ثم تقدموا نحو الشمال برا ومائيا حتى وصلوا إلى منطقة الشاطئ الشرقي لنهر في بمقاطعة آنهوى حيث رابطوا هناك.

عندما عرف الإمبراطور فو جيان فشل قواته المتقدمة سارع هو في الحال إلى الصعود على البرج لمتابعة عمليات الحرب ومراقبة قوات أسرة دونغجين في الشاطئ الشرقي لنهر في. عندما أطل من البرج رأى غابات من خيام قوات العدو وترفرف أعلامها الملونة كما سمع أصوات الطبول المتصاعدة. وفي ذلك الحين ذعر وتخبط عقله وإعتبر أشجارا وأعشابا في جبل باقونغ كأنها أعلام وسهام وسيوف لقوات العدو المنتشرة في الجبل. فقال لجنرالاته " ما أكثر عدد قوات العدو فكيف أنتم تقولون لي إنها قوات ضعيفة؟ "

وبالنسبة إلى قوات سلطة دونغجين فقرر الجنرالان شه شى وشه شيوا بعد دراسة الوضع إتخاذ إستراتيجية متمثلة في السرعة في القتال لأنهما عرفا أن جنود قوات الأمبراطور تم تجنيدهم من مختلف القوميات فليسوا متحدين هذا بالإضافة إلى أن هولاء الجنود قد تعبوا بسبب طول المسافة. فأرسلا رسالة إلى الإمبراطور مطالبين قواته بالإنسحاب إلى الوراء لإخلاء شاطئ نهر في حتى تعبر قوات دونغجين النهر حيث تتقاتل القوتان. فإعتقد الإمبراطور فو جيان أن هذا هو فرصة سانحة لمفاجئة قوات دونغجين أثناء عبورها للنهر. فأمر قواته بالإنسحاب إلى الوراء. لكن ما حدث كان عكس ما إعتقد. لأن جنود قوات تشينغ أى قوات الأمبراطور لا يريدون القتال بسبب أنهم من مختلف القوميات. وعندما سمعوا أمر الإنسحاب ظنوا أن قوات تشينغ قد فشلت فلاذوا بالفرار وهم يهتفون بصوت عال " قد فشلت قواتنا قد فشلت قواتنا " وفي ذلك الحين حدثت فوضى وإضطراب بين قوات تشينغ حتى يتقاتل جنودها فقتل عدد لا يحصى منهم حتى الأمبراطور فو جيان هو نفسه قد أصيب برمح. ولم تمض سنتان فقط على ذلك حتى سقطت سلطة الأمبراطور فو جيان.

وأصبحت حرب نهر في التى إنتصرت فيها قوات دونغجين البالغ عددها ثمانين ألف نسمة على قوات تشينغ السابقة البالغ عددها ثمانيمائة وسبعين ألف نسمة والمشهورة في تاريخ الصين نموذجا لإنتصار الضعيف على القوي.

قصة حرب تشانغ بينغ

أم الشتاء أبو زيد في فترة الممالك المتحاربة في الصين أى في القرن الرابع قبل الميلاد أصبحت مملكة تشينغ أقوى فأقوى بعد ممارسة إصلاحات قانونية. وفي عهد الإمبراطور تشينغ تشاو وانغ أصبحت مملكة تشينغ أقوى الممالك السبع. وإن حرب تشانغ بينغ هى أشهر الحروب التى خاضتها مملكة تشينغ لتوحيد الصين.

كانت ممالك هان ووى ويان وتشاو هى مجاورة لمملكة تشينغ. ومن أجل مواجهة التوسعات التى تطمح إليها مملكة تشينغ تشكلت بين هذه الممالك الأربع علاقات تحالف غير وثيقة. كانت مملكة تشاو أقوى هذه الممالك الأربع أما مملكة وى فكانت أضعفها. وإبتداء من عام 268 قبل الميلاد دفعت مملكة تشينغ قواتها لضرب مملكة تشاو وإجبارها على إطاعتها ثم ضرب مملكة هان. وأثناء ذلك كان ملك مملكة هان خائفا جدا، فعبر عن رغبته في تقديم جزء من أراضيه يسمى بشانغ دانغ لملك تشين للتصالح. غير أن عاملا في مملكة هان كان إسمه فونغ تينغ لا يرضى عن تقديم هذا الجزء من أراضي مملكة هان إلى تشين بل نوى تقديمه إلى مملكة تشاو للإتحاد معها لمقاومة مملكة تشين.

وكان ملك تشاو قصير النظر وطماعا فضم هذا الجزء من الأراضي إلى مملكته دون أن يفكر في عواقبه. أثار عمل ملك تشاو هذا سخط ملك تشينغ. فأمر ملك تشين جنراله وانغ تشيان بقيادة جيشه لضرب شانغ دانغ. ولم تقاوم قوات تشاو قوات تشين في شانغ دانغ وإنسحبت إلى منطقة تشانغ بينغ ( أى منطقة قاو بينغ بمقاطعة شانغشى اليوم ). عندما سمع ملك تشاو بذلك أرسل جنرالا لآخر إسمه ليان به لقيادة جيش تشاو إلى تشانغ بينغ في محاولة إسترجاع شانغ دانغ.

وفور وصول الجنرال ليان به إلى تشانغ بينغ على رأس قواته شن هجوما على قوات تشين غير أن قوات تشاو فشلت مرات. فغير الجنرال ليان به في الحين خطته الحربة وحول سياسة الدفاع إلى الهجوم، وفي ذلك الحين كانت القوتان متوازنتين لا نصر ولا فشل في تشانغ بينغ.

ومن أجل الخروج من هذا المأزق إتخذ الملك تشين حيلة تفكيك. إذ أرسل مبعوثا إلى هانغ دان عاصمة مملكة تشاو لرشوة وزيري ملك تشاو وتخريب العلاقة بين ملك تشاو والجنرال ليان به ونشر الإشاعات والأكاذيب. وعندما سمع الملك تشاو هذه الإشاعات والأكاذيب أمر الجنرال تشاو كوه بأن يحل محل الجنرال ليانغ به من قيادة الجيش.

الجنرال تشاو كوه كان قليل الخبرة العسكرية ولا يعرف إلا الشرح الشفوى للإستراتيجيات العسكرية. وبعد وصوله إلى تشانغ بينغ غير الإستراتيجية القتالية التى كان ينتهجها سلفه الجنرال ليان به وذلك في محاولة لإسترجاع شانغ دانغ مرة واحدة.

وعندما عرف ملك تشين أن حيلته قد حققت نتائج أمر سريا وفورا جنراله باى تشى الخبير في القتال ليحل محل الجنرال وانغ تشيان في قيادة جيش تشين تحفظا من يقظة جيش تشاو.

فوضع الجنرال باى تشي إستراتيجية دقيقة للقتال تمثلت في الكر والفر أى الإنسحاب إلى الوراء أولا لخداع وجذب قوات العدو أى الفر ثم الكر عليها وإبادتها.

وفي عام 260 قبل الميلاد شن الجنرال تشاو كوه على رأس قواته هجوما عنيفا على قوات تشينغ حيث قوبل بمقاومة عنيفة من قبل قوات تشينغ المتربصة وطوقت قوات تشين قوات تشاو من جناحين وقطعت إتصالات قوات تشاو بمعسكرها.

وفي وقت الشدة كان الجنرال تشاو كوه يقامر بكل ما يملك وقاد قواته شخصيا لكسر التطويق. ولكن مع الأسف صرعته سهام قوات تشين وإستسلمت قوات تشاو كلها. فحققت قوات تشينغ الإنتصار في حرب تشانغ بينغ بعد قتال وصراع حرب عنيفة ودموية.

إن حرب تشانغ بينغ هى حرب شهيرة في تاريخ الحروب الصينية وهى أيضا مثال لأقدم وأكبر حروب التطويق في تاريخ الصين.

مشاركة المدني تساو قوى في الحرب لمقاومة مملكة تشي

يعتقد الجميع أن الحروب تهم الجنود عموما، ولكن في التاريخ العسكري الصيني، اشتهر المدني المسمى " تساو قوى" بنجاحه في قيادة الجنود لمقاومة غزو المملكة الأخرى لما يتمتع به من قدرات خاصة.

في عصر الممالك المتحاربة (475 -221 ق.م)، هيمنت عدد من الممالك ذات القدرات القوية بما فيها مملكة تشى مستولية على غيرها، وشن ملك مملكة تشى تشي هوان قونغ معتمدا على قدرة مملكته القوية حربا ضد مملكة لو الضعيفة عام 684 قبل الميلاد.

والأمر الذي أثار غضب شعب مملكة لو ومواطنها (تساو قوى) مما دفعه الى زيارة ملك مملكة لو لو تشوانغ قونغ، مطالبا اياه بخوض الحرب لمقاومة مملكة تشي، وقال أصدقاء تساو قوى إن زعماء المملكة يهتمون بالشؤون الوطنية، ولا داعي لمشاركته فيها.

ورد تساو قوى قائلا إن الزعماء ذو رؤية قصيرة المدى ولن يتمكنوا من إيجاد وسائل فعالة لخلاصها، ووطننا على حافة الهاوية، ويجب ألا نكون متفرجين فقط."

وطرح تساو قوى خلال زيارته لو تشوانغ قونغ طلبه بالمشاركة في الحرب لمقاومة مملكة تشى، فسأل الملك قائلا: " مملكتنا أضعف من مملكة تشى، كيف نحاربها؟"

فقال الملك لو تشوانغ قونغ " لم استأثر بالممتلكات، وأوزعها بين أبناء شعبي، ولذا، أعتقد أن شعبي سيدعمني في الحرب، " ورفض تساو قوى موقف لو تشوانغ قونغ قائلا "عدد الذين يستفيدون منها ليس كبيرا، فلن يدعمك شعبنا بسبب ذلك."

وأضاف لو تشوانغ قونغ" أظهر النوايا المخلصة عند تقديم القرابين للآلهات."

وقال تساو قوى" هذا أمر بسيط، ولكن الآلهات لن تستطيع تقديم المساعدات لك".

وفكر لو تشوانغ قونغ وقال" أدعو الى تحقيق العدالة لكافة أبناء الشعب في المحاكم، مع أنني لن أستطيع التحقيق في أي قضية بشكل واضح".

وهنا أيد تساو قوى موقف لو تشوانغ قونغ هذا، مؤكدا دعمه لمقاومة غزو مملكة تشى اعتمادا على هذا الأمر الذي سيجعله يحظى بثقة الشعب.

وطالب تساو قوى بمرافقة لو تشوانغ قونغ الى الجبهة الأمامية، ووافق الأخير على طلبه.

وانتشر جيش المملكتين في مكانهما استعدادا للقتال، وقرع جيش مملكة تشى طبول الحرب أولا لشن الحرب ضد مملكة لو، وحين استعد لو تشوانغ قونغ لإصدار الأمر بمواجهة الغزو، ولكن تساو قوى منعه من ذلك، قائلا " لا تستعجل، لم يحن الوقت لشن الهجوم. "

وعندما قرع جيش مملكة تشى طبول الحرب مرة أخرى، طالب تساو قوى الملك لو تشوانغ قونغ بعدم مواجهة الهجوم أيضا.

ونظرا لعدم صدور ردود فعل من جيش مملكة لو، أمر جنرال جيش مملكة تشى بقرع طبول الحرب للمرة الثالثة، واعتقد جيش مملكة تشى أن جيش مملكة لو يخاف من الحرب، فشن الهجوم بشكل سافر.

وفي هذا الوقت، طالب تساو قوى ملك لو تشوانغ قونغ بإصدار الأمر بمواجهة الهجوم.

وارتفع صوت طبول الحرب في موقع جيش مملكة لو لإثارة حماسة الجيش، وهنا، لم يتمكن جيش مملكة تشى من المواجهة وباء بالفشل.

وعندما لاحظ الملك لو تشوانغ قونغ أن جيش مملكة تشى باء بالفشل، استعد لإصدار الأمر بمطاردته، وقال تساو قوى له " لا تستعجل"، ونزل من عربة الحرب الى الأرض لاستطلاع آثار العجلات للغزو، قائلا لملك لو تشوانغ قونغ "أصدر أمرا بمطاردته".

وبناءا على هذا الأمر، طارد جيش مملكة لو جيش مملكة تشى متعقبا إياه حتى تمكن من طرده من جميع آراضيه في نهاية المطاف.

وبعد ذلك، أعجبت قدرة المدني تساو قوى في القيادة ملك لو تشوانغ قونغ، وعند عودتهم الى قصر الملك، سأل الملك تساو قوى قائلا: " لماذا لم تسمح لي بإصدار الأمر بمواجهة الهجوم عندما قرعت طبول جيش مملكة تشى في المرتين الأولتين؟"

وردا على سؤال لو تشوانغ قونغ، قال تساو قوى " تعتمد مواجهة الهجوم على معنويات الجيش، وعندما قرع جيش مملكة تشى طبول الحرب في المرة الأولى، ارتفعت معنوياته الى أعلى مستوى، وفي المرة الثانية، انخفضت معنوياته، وفي المرة الثالثة، انتهت معنوياته، بينما ارتفعت معنويات جيشنا في ذلك الوقت، فتأكد فوزنا الساحق بالنجاح."

ومضى لو تشوانغ قونغ سائلا "لماذا لم نطارده فورا؟،" وقال تساو قوى "مع أن جيس مملكة تشى مني بالفشل، ولكن مملكة تشى هي مملكة كبيرة، وتملك القدرات العسكرية القوية، فينبغي علينا أن نتخذ الاحتياطات اللازمة ضدها، وعندما وجدت أن الرعب والفوضى يسود آثار عجلاته تساقطت راياته ووثقت بنجاحنا في تشبيط عزيمته، طالبتك بإصدار الأمر بمطاردته."

وبعد شرح تساو قوى، فهم الملك لو تشوانغ قونغ فهما تاما، مشيدا بقدرات تساو قوى.

قصة حرب باي جيو

إن مملكة وو ومملكة تشو هما مملكتان في عصر الربيع والخريف في أواسط القرن السادس قبل الميلاد. وكانت اندلعت بينهما عشر حروب كبيرة خلال 70 سنة من عام 584 ق.م إلى عام 514 ق.م. وفي عام 515 ق.م، تولى الأمير قوانغ سلطة مملكة وو ويلقب عليه الملك خه ليو. وبعد توليه السلطة، عزم الملك خه ليو السيطرة على العالم كله. فاهتم بتطوير الاقتصاد وركز جهوده على تطوير القوات العسكرية وعين العسكري الكبير سون وو جنرال مملكته.

فإن مملكة تشو مملكة كبيرة في جنوب الصين وكانت أكبر مملكة في ذلك الوقت. إلا أنها أصبحت ضعيفة شيئا فشيئا بعد تولي الملك تشو تشاو وانغ السلطة في عام 516 ق.م بسبب انتشار الفساد وتدهور علاقاتها مع الممالك المجاورة. وفي عام 512 ق.م، قهر الملك خه ليو بعض الممالك الصغيرة التابعة لمملكة تشو، ثم قرر شن حرب ضد مملكة تشو.

ورأى سون وو أن مملكة تشو أقوى من مملكة وو من حيث المساحة والنسمة رغم أنها تعاني من مشاكل كثيرة. ويجب على مملكة وو أن تنتظر فرصة مناسبة لمحاربة مملكة تشو. فاقترح تقسيم قوات مملكة وو إلى ثلاثة أجزاء من أجل شن هجمات مستمرة متناوبة على مملكة تشو.

فاتخذ الملك خه ليو اقتراح سون وو، وشن هجمات منتظمة على مملكة تشو. وفي كل هجوم، أرسل عدد قليل من القوات فقط، وحين صادفت قوات مملكة تشو، انسحبت حالا. وذلك يتعب مملكة تشو كثيرا.

وفي عام 506 ق.م، أرسل الملك خه ليو 30 ألف جندي إلى مملكة تشو، وأجرى قتالا نهائيا في با جيو (في مقاطعة هوبي حاليا) مع قوات مملكة تشو التي يبلغ عددها 200 ألف. لكن قوات الملك خه ليو انتصرت أخيرا على قوات مملكة تشو الكبيرة التي قد أصبحت ضعيفة بعد مدة طويلة من تعرضها للتحرشات.

معركة تشبي بالنار

يمكن ان نرى فى التاريخ العسكرى الصينى القديم كثيرا من الامثال العسكرية الحقيقة التى تتغلب فيها القوة العسكرية القليلة العدد على القوة الكبيرة العدد ، ومنها قصة عسكرية صينية قديمة حول" معركة تشى بى بالنار" كانت شائعة بين ابناء الشعب حتى اليوم .

وفى اواخر القرن الثانى كانت اسرة هان الشرقية قد ضعفت قوتها الادارية المركزية ، وبعد معارك واشتباكات اقليمية فى مختلف المناطق لمدة طويلة احتل كل من زعماء تساو تساو وليو بى وسون شيوان منطقة وسط الصين لاقامة مملكة وى، ومنطقة سيتشوان لاقامة مملكة شو، ومنطقة شرق نهر اليانغتسى لاقامة مملكة وو كل على حدة ، ومن هذه الممالك الثلاث كانت مملكة وى برئاسة تساو تساو هى الاقوى . وفى عام 208 ، شن تساو تساو هجوما على مملكة شو برئاسة ليو بى ولم يصعب عليه احتلال معظم المناطق الرئيسية حتى اجبار ليو بى على سحب قواته الى منطقة شيا كوه كآخر خط دفاعى . وامام اعتداء تساو تساو المفترس، قرر ليو بى التحالف مع سون شيوان حاكم المملكة وو لمواجهة تساو تساو بجهود مشتركة . وهكذا ظهرت مجابهة عسكرية صارمة بين قوات التحالف وقوات تساو تساو فى منطقة تشى بى .

من المعروف ان معظم الجنود فى قوات تساو تساو من شمال الصين ولا يعرفون جيدا فنون المعارك فى مياه النهر، ففشلت قوات تساو تساو فى بداية المعارك . لذا فكر تساو تساو فى تدريب جنوده بصورة جيدة قبل خوضهم فى المعارك، فدعا الجنرالين تساى ماو وتشان يون الذى كانا يخدمان لليو بى، ثم القا استسلما لتساو تساو فى المعارك الماضية، دعاهما الى تدريب جنود تساو تساو على اجادة فنون المعارك المائية .

وسمع هذا الخبر السيد شو يو المستشار العسكرى الكبير لقيادة قوات سون شيوان، وشعر بقلق شديد، فاستخدم حيلة زرع الخلاف فى القوات العسكرية لتساو تساو حتى يخدعه وصدق الاخير ان الجنرالين المستسلمين هما جسوسان وأمر بقتلهما أخيرا .

ثم دعا المستشار تشو يو مستشارا عسكريا مشهورا جو قه لانغ للتشاور حول سبل هزيمة قوات تساو تساو حيث رأى جو قوه لانغ ان قوات تساو تساو قوية وضخمة من الصعب الانتصار عليها اذا اختار حرب المواجهة الامامية ، فقرر اختيار الهجوم على معسكرات قوات تساو تساو بالنار على اساس تنفيذ سلسلة من الحيل لضمان نجاح الهجوم . ما هى هذه الحيل ؟

ذات يوم دعا المستشار العسكرى تشو يو جميع مسؤوليه لمناقشة كيفية الهجوم على قوات تساو تساو . واثناء المشاورات قال الجنيرال القديم المعمر هوانغ جى ان قوات تساو تساو اقوى ، ولانستطع التغلب عليها . علينا ان نبادر بالاستسلام له فى وقت مبكر. غضب المستشار تشو يو غضبا شديدا وأمر بضربه بشدة . ثم أوفد رجلا الى معسكرات تساو تساو لابلاغه طلب استسلام هوان جى له. ولم يفكر تساو تساو فى ذلك كثيرا ، بل صدق نية هوانغ جى الخالصة ، وقبل استسلامه فى موعد محدد. وفى ذات الوقت تظاهر أيضا العسكرى المشهور بانغ تونغ الاستسلام له. وسر تساو تساو سرورا كبيرا معتقدا ان عظمته وقواته الضخمة جعلت قوات التحالف خائفة جدا .

وقال العسكرى المشهور بانغ تونغ لتساو تساو عندما سأله الاخير كيف تحل مشكلة دوار الذى يصيب جنوده فوق القوارب العائمة على عرض المياه " حل هذه المشكلة أمر بسيط اى يمكن ربط ثلاثين حتى خمسين سفينة بعضها مع البعض بالاسلاك الحديدية بقوة لتصبح سفينة حربية كبيرة حتى لا تتذبذب فوق عرض المياه لن يشعر الجنود عليها بالدوار الشديد ."

ضحك تساو تساو ضحكة كبيرة بعد ان سمع هذا الاقتراح معتقدا انه اقتراح جيد لحل المشكلة ، فقبله فى نهاية الامر غير مبال بهجوم العدو بالنار ، لانه يعتقد ان فى فصل الشتاء تهب دائما الرياح الشمالية الغربية .

ولكن فى العشرين من نوفمبر ذلك العام، هبت فجأة الرياح القوية من جنوب الشرق ، وصادف هذا اليوم أيضا استسلام الجنيرال هوانغ جى الى معسكر تساو تساو . حينئذ قاد تساو تساو اتباعه الكبار واقفين فى مقدمة السفينة الكبيرة

المكونة من السفن المتعددة المربوطة مع بعضها انتظارا لقبول الاستسلام ، وكان الاخير يقود اكثر من عشرة قوارب صغيرة تسير نحو معسكرات تساو تساو بسرعة بدفع الرياح . وعندما اقتربت هذه القوارب الصغيرة من الضفة، اشتعلت فجأة فيها حرائق شديدة واقتحمت مجموعة السفن الكبيرة المربوطة فى معسكرات تساو تساو بدفع الرياح الجنوبية الشرقية ، حتى اشتعلت النار بسرعة فى الاخيرة، وأحاطت بمعسكرات تساو تساو كلها . واندهش تساو تساو كثيرا ، وهرع تاركا السفينة الى البر بسرعة هروبا من الموت . وهكذا حققت قوات التحالف نصرا عظيما على قوات تساو تساو وفشلت الاخيرة .

وبعد معركة تشى بى، تعزز حكم سون شيوان كثيرا فى منطقة جنوب نهر اليانغتسى، أما ليو بى فقد احتل معظم اراضى وسط الصين مما شكل اخيرا وضعا مواجها قويا بين ثلاثة اطراف هم تساو تساو وسونغ شيوان وليو بى لمدة طويلة . وشاعت قصة معركة تشى بى على نطاق واسع فى الصين القديمة وظهرت العديد من الامثال الصينية القديمة التى تستخدم حتى اليوم .

مأدبة هونغ مين

توجد فى معرض التاريخ الصينى القديم كثير من القصص العسكرية المشهورة المتمثلة فى انتصار الضعيف على الاقوى اوالتغلب على العدو بالحكمة والذكاء. نحكى لكم الان قصة عسكرية تاريخية صينية مشهورة باسم" مأدبة هونغ مين "

تأسست اسرة تشين الملكية الصينية فى عام 221 قبل الميلاد وهى اول اسرة اقطاعية وحدت الصين فى السجلات التاريخية . وبسبب ظلم حاكم هذه الاسرة واستغلاله القاسى لابناء الشعب حتى عاشوا معيشة شاقة وصعبة ، كانت قد اندلعت انتفاضات شعبية فى كل مكان من البلاد وظلت مستمرة بلا انقطاع . ومن بين قوات الانتفاضة العديدة جيشان عسكريان قويان، احدهما تحت قيادة جنرال صينى قديم مشهور يدعى شيانغ يو تابع لمملكة تشو الصينية القديمة ، والجيش الاخر بقيادة السيد ليو بانغ المسؤول الصغير باسرة تشين الملكية حينذاك.

وكان الجنرال شيانغ يو رجلا مكابرا وتتسم شخصيته بالغرور والعناد، ولكنه شجاع وبارز فى المعارك وذاعت سمعته كثيرا . اما القائد ليو بانغ ، فهو شخص ماكر ولكنه يعرف جيدا كيفية استخدام الاكفاء والاستفادة منهم. ومن خلال

حرب المعارضة للاطاحة حكم ملك اسرة تشين، كان هذان الجيشان قد تحالفا واصبحا قوتين عسكريتين ضخمتين . ثم تعهد هذان القائدان شفويا بان من يقتحم عاصمة اسرة تشين مدينة شيان يانغ اولا ، يمكن ان يصبح ملكا جديدا .

وفى عام 207 قبل الميلاد تغلب الجنرال شيانغ يون وجيشه على قوة رئيسية من قوات ملك تشينغ فى ميدان جو لو ، وفى نفس الوقت اقتحم ليو بانغ مع جيشه مدينة شيانغ يانغ عاصمة اسرة تشينغ الملكية ، ولكنه لم يدخل المدينة، بل رابط خارجها ، كما اغلق قصر الامبراطور ومستودعات الاموال وغيرها من الاماكن الهامة وقدم مساعدات كثيرة لعامة الناس بالمدينة حتى شعروا بان القائد ليو بانغ رجل متواضع ولطيف وجيشه منضبط وأملوا فى ان يصبح ليو بانغ ملك اسرة تشين الجديد .

عندما سمع الجنرال شيانغ يو خبر دخول ليو بانغ الى مدينة شيان يانغ قبله، غضب

غضبا شديدا وقاد قواته البالغ عددها اربعين الف جندى ، ورابط فى مكان قريب

من مدينة شيانغ يانغ يدعى "هوانغ مين" استعدادا لتحرير المدينة . وفى هذا الوقت

نصحه مستشاره العسكرى فان زينغ بضرورة انتهاز هذه الفرصة وقتل شيانغ يو .

ونقل هذا الحديث الى اذنى المسؤول ليو بانغ، فرأى مستشاره تشانغ لانغ ان جيش ليو بانغ حينذاك كان ضعيفا نسبيا لم يتجاوز عدده إلا عشرة آلاف جندى ولا يقدر على مجابهة جيش شيانغ يو . فدعا السيد شيانغ بوه صديقه الحميم وعم الجنرال شيانغ يون الى التوسط بين قائدى الجيشين اولا، ثم ذهب ليو بانغ شخصيا مع مستشاره تشانغ لانغ وجنراله يى هوى الى مكان هونغ مين لاخبار الجنرال بانه لم يدخل مدينة شيانغ يانغ وانتظر خارجها لمدة حتى وصول الجنرال ليكون ملكا جديدا . صدق الجنرال قول ليو بانغ ، فدعاه الى حضور حفلة مأدبة تكريما له فى معسكره .

واثناء المأدبة اوحى مستشار الجنرال العسكرى فانغ زينغ مرات له بقتل ليو بانغ الزائر وارسل ضابطا عسكريا ليرقص السيف امامه بحثا عن فرص لاغتياله. فأحس عم الجنرال شيانغ بوه بالخطر وحمى ليو بانغ بجسده . ثم اقتحم مخيم المأدبة بسرعة الجنرال فانغ هوى حاملا سيفه ولام شيانغ يو بصوت عال قائلا: "ان ليو بانغ لم يدخل مدينة شيانغ يانغ بعد الهجوم عليها بنجاح وانتظر وصولك خارج المدينة حتى الان . لماذا لا تقدر مثل هذا البطل المجيد بل تسمع قول شخص وضيع لقتل صديقك الحميم هذا ؟"

خجل الجنرال شيانغ يو من ذلك وترك ليو بانغ بعود الى معسكره . فقال فانغ زينغ مستشار الجنرال شانغ يون: " ان الجنرال كثير التردد قليل الحزم لن ينجح فى امر عظيم . لننتظر لنرى بام اعيوننا ان ليو بانغ لا محا لة سيغتصب عرش الملك فى المستقبل ."

وهذا هو قصة تاريخية صينية مشهورة تدعى " مأدبة هونغ مين "

كما تنبأ فانغ زينغ ان ليو بانغ قد احتل مدينة شيان يانغ اخيرا منتهزا الفرصة التى منحت له ، واصبح ملك اسرة هان الملكية وبدأ يحارب قوات الجنرال شيانغ يو لمدة اربع سنوات . وبفضل اهتمامه بكسب ثقة ودعم عامة الناس واستخدام الاكفاء بصورة معقولة والاستفادة منهم الى حد اكبر ، تضخمت القوات العسكرية برئاسة ليو بانغ تدريجيا حتى تغلبت على القوات القوية تحت قيادة الجنرال شيانغ يو اخيرا ، واصبح ملكا جديدا وأسس اسرة هان الملكية الصينية باعتبارها اسرة اقطاعية ثانية بعد توحيد البلاد فى التاريخ الصينى. اما الجنرال شيانغ يو فقد انتحر اخيرا بعد ان طاردته القوات العسكرية لاسرة هان الصينية .


1 2 3 4 5 6