CRI Online
الباب الثامن عشر: التقاليد الشعبية
العادات الصينية في الاعياد

عيد الربيع الصيني

يعتبر عيد الربيع أضخم عيد للصينيين في كل عام مثلما يكون عيد ميلاد السيد المسيح بالنسبة الى الغربيين. رغم أنه تماشيا مع تحولات العصور، تغيرت محتويات عيد الربيع وأساليب احتفال الناس به، غير أن عيد الربيع ما زال يحتل مكانة لا يمكن استبدالها في معيشة الصينيين ووعيهم.

قيل إن عيد الربيع الصيني يرجع تاريخه إلى ما قبل أربعة آلاف سنة. ولكنه لم يسمَ بعيد الربيع في البداية، ولم يكن له يوم محدد حينذاك. وقبل عام ألفين ومائة قبل الميلاد، كان الناس يسمون مدة دورة واحدة للمشترى بسوي واحد، فسمَوا عيد الربيع بسوي. أما قبل ألف سنة قبل الميلاد، فصار الناس يسمون عيد الربيع ب"نيان". وكان " نيان" في ذلك الوقت يعنى حصادا وافرا من كل محاصيل الحبوب. ويسمى الحصاد بنيان، ويسمى الحصاد الكبير بنيان كبير.

ووفقا للعادات والتقاليد الشعبية في الصين، يبدأ عيد الربيع بمعنى واسع من اليوم الثالث والعشرين من الشهر الثاني عشر في التقويم القمري الصيني، ويستمر حتى عيد يوان شياو الذي يصادف اليوم الخامس عشر من الشهر الأول في السنة القمري الجديد، ويستغرق ثلاثة أسابيع تقريبا. وخلال هذه الفترة، تعتبر عشية اليوم الثلاثين من الشهر الثاني عشر ونهار أول الشهر الأول أفخم نهار وليلة، ويمكن القول إن عيد الربيع يصل الى ذروته حينذاك.

ومن أجل استقبال عيد الربيع، يقوم الناس، سواء في المدن أو في الأرياف، بمختلف الأنشطة التحضيرية، وتبدأ الأعمال الاستعدادية للعيد في الأرياف عقب حلَ الشهر الثاني عشر، حيث تقوم كثير من أسر الفلاحين بتنظيم ديارهم وغسل الملابس واللحف بقصد إزالة الأوساخ والأقذار حتى تلبس بيوتهم حلة جديدة. بينما يشترى أفراد أسرهم من الأسواق باستمرار بضائع كثيرة خاصة بالعيد مثل الحلويات والكعكات واللحوم والفواكه وغيرها من الأطعمة استعدادا للأكل وإكرام الضيوف أثناء فترة العيد. وفي المدن الكبيرة، يبدأ الاحتفال بالعيد مبكرا حيث تعد الأجهزة الثقافية والجماعات الفنية برامج فنية كثيرة ومتنوعة وتتدرب المحطات التلفزيونية على مهرجانات ليلية مختلفة وتنظم جميع الحدائق الكبيرة "مهرجانات معابد تقليدية" حيث تقدم للزوار برامج ترفيهية أكثر من المعتاد وتخصص المتاجر الكبيرة سلعا متنوعة من مختلف أنحاء البلاد حتى من الخارج لسد حاجات المدنيين بمناسبة العيد. وجاء في إحصاء أن حجم استهلاك الصينيين خلال فترة عيد الربيع يشكل ثلث حجم استهلاكهم السنوي.

وفي مختلف أنحاء الصين، يتميز الناس بكثير من العادات التقليدية المختلفة للاحتفال بعيد الربيع. ولكن في عشية العيد، يلتم شمل كل أسرة لتناول الوجبة العائلية، هذه عادة مألوفة لا غنى عنها سواء في الشمال أو في الجنوب. وفي الجنوب، تتكون هذه الوجبة عادة من بضعة عشر طبقا، ولا بد أن تتضمن جبن الصويا والسمك لأن لفظ هاتين الكلمتين يشبه لفظ الرغادة في اللغة الصينية. وفي الشمال، يفضل معظم الأسر أكل جياوتسي في وجبة لم الشمل حيث يصنعه كل أفراد الأسرة، ويحشون لحما مفروما ناعما شهيا في شرائح عجين رقيقة مستديرة، ويسلقونه في ماء مغلّي، ويبهّرونه بالتوابل، ثم يجلس جميع أفراد الأسرة حول المائدة، ويأكلون معا في جو من البهجة والغبطة.

ومن المعتاد إطالة السهر في عيد رأس السنة حيث يودَع الناس في هذه الليلة السنة القديمة ويستقبلون السنة الجديدة في فرح ومرح. وفي الماضي، عندما تحل السنة الجديدة، يشعل الناس المفرقعات للتعبير عن تهانئهم. إن هذا التقليد قصد منه طرد الشيطان، ولكنه قد حظر في أحياء مدينة بكين وغيرها من بعض المدن الكبيرة من أجل الحفاظ على سلامة الناس وإزالة الضوضاء. وعندما يحل أول الشهر الأول من السنة الجديدة، يرتدي جميع أفراد الأسرة كبارا أو صغارا ملابسهم الفخمة ويبدأون استقبال الضيوف أو يخرجون للمعايدة. وعندما يلتقون، يتبادلون عبارة " كل عام وأنتم بخير!" و " عيدا سعيدا" وغيرهما من التبريكات، ثم يدعونهم الى منازلهم حيث يأكلون الحلويات ويشربون الشاي ويتجاذبون أطراف الحديث. وإذا كان هناك خصام بين الأقرباء والأصدقاء في العام المنصرم، فسيعودون الى التفاهم والتصالح عن طريق المعايدة بمناسبة عيد الربيع.

إن الأنشطة بمناسبة عيد الربيع كثيرة ومتنوعة. وتعرض الأوبريات والمسرحيات والأفلام السينمائية في بعض الأماكن، وتؤدى رقصتا الأسد واليانكو التقليديتين بالإضافة الى المشي على الطوّالتين وزيارة مهرجان المعبد في أماكن أخرى حيث تسود كل أنحاء البلاد أجواء العيد من الفرح والمرح. وطبعا، يبقى الناس في معظم الأحيان في بيوتهم لمشاهدة البرامج التلفزيونية. وتعد كل المحطات التلفزيونية كثيرا من البرامج الرائعة المناسبة لمختلف الأعمار خلال فترة العيد.

إن إلصاق شعارات عيد الربيع ورسوم السنة الجديدة وإشعال فوانيس العيد المزخرفة أنشطة يحتفل الناس من خلالها بسرور بعيد الربيع. وخلال فترة العيد، تعرض في الأسواق كثير من شعارات عيد الربيع ورسوم السنة الجديدة التى تعكس أحوال معيشة الشعب السعيدة ومشاهد فرحهم في العمل أو تظهر الأزهار والنباتات ومناظر الطبيعة من شتى الأنواع فيمكن ذلك الناس من الاختيار. كما يعتبر مهرجان الفوانيس خلال فترة عيد الربيع نشاطا مفعما بالحيوية والنشاط. إن فوانيس العيد أشغال فنية تقليدية شعبية صينية، وازدهرت صناعتها خلال مختلف العصور. وتطبع عليها مختلف الأنواع من الحيوانات والمناظر الطبيعية والأبطال وغيرها، وكذلك، تشكيلات الفوانيس كثيرة ومتنوعة.

وتماشيا مع ارتفاع مستوى معيشة الشعب، تغيرت أساليب احتفال الصينيين بعيد الربيع حيث أصبح الصينيون يعتبرون السياحة في الخارج موضة حديثة للاحتفال بعيد الربيع.

عيد تشي تشياو

يعتبر عيد تشي تشياو عيدا شعبيا صينيا، ويصادف اليوم السابع من الشهر السابع حسب التقويم القمري الصيني. ويحكى أن نجمتي النسر الطائر والنسر الواقع (وهما تمثلان الراعى والنسّاجة في الأسطورة الصينية) تلتقيان في السماء.

وتقول الأسطورة إنه خلال الأزمنة القديمة، كانت السماء صافية للغاية وليس بها أي سحاب. وكان الامبراطور السماوي يظن أن ذلك لا يخلو من الرتابة، فكلف بناته السبع بغزل ونسج ثياب للسماء. إن الأقمشة التى نسجتها بناته السبع إمّا رمادية أو بيضاء، لذلك ظلت صورة السماء رتيبة جدا. إن أصغر بنات الإمبراطور صبية عاقلة حازمة، ووجدت زهرة تتفتح بسبعة ألوان في الحديقة، فقطفت كثيرا من زهرات هذا النوع، وصبغت الغزل الرفيع بألوان جميلة، وبفضل جهودها، غزلت أخيرا أقمشة ملونة زاهية. وكانت الأخوات مسرورات جدا، وأثنين على براعة أناملها. وقرّرن أن يلبسن السماء ثيابا بيضاء في الأحيان العادية ويلبسنها ثيابا رمادية عندما تمطر، ويلبسنها ثيابا ملونة صباحا وأصيلا. وفرح الإمبراطور السماوي فرحا شديدا بعد أن عرف ذلك، فأنعم على أصغر بناته بالنساجة.

وكانت النساجة تنسج أقمشة كل يوم، وكلما تشعر بالتعب، غالبا ما تطلّ بنظرها على مناظر الدنيا في الأرض. وجذب فتى انتباهها. ووجدت أن هذا الفتى غالبا ما كان يزرع منفردا في الحقول. وكلما يستريح، يتكلم فقط مع الثور الخدوم بجانبه. ولم تتمالك النساجة عن العطف عليه. إن هذا الفتى هو راعي الثور.

وذات يوم، قال الثور لراعيه:" غدا سيصادف اليوم السابع من الشهر السابع. وستنزل بنات الإمبراطور السماوي السبع من عليائهن الى عالم البشر للاستحمام. وإذا خبَأت ملابس النساجة حينذاك، فستصبح زوجتك. ومسّ كلام الثور أوتار قلب راعيه، فقرَر أن يحاول."

وعندما حلّ اليوم السابع من الشهر السابع، اختبأ راعي الثور في مستنقع قصب بجانب ضفة النهر منتظرا قدوم بنات الإمبراطور. ولم يكد يقضي لحظة قصيرة، حتى رأى سبعة سحب ملونة تنساب في السماء، وفوق كل سحابة تقف حورية. ورأى أن الحوريات جئن الى ضفة النهر وخلعن ملابسهن بالتتابع ثم قفزن الى النهر الصافي. فوثب راعي الثور من مكانه، والتقط ملابس النساجة وركض عائدا الى بيته. وأصدر القصب صوتا بسبب حركاته المستعجل، مما أفزع الحوريات السبع، ثم عدن بالتتابع الى ضفة النهر، وارتدت ست حوريات منهن ملابسهن، وطرن الى السماء. وبقيت أختهن الصغرى – النساجة، وكانت تقف على ضفة النهر متحيّرة بسبب فقدان ملابسها. وقال راعي الثور للنساجة متلعثما: "إذا وافقت على التزوج معي، فسأعيد الملابس اليك واعتذر لك". ولما رأت النساجة أنه فتى محبوب لديها، أومأت برأسها موافقة بخجل.

وذات مساء، تزوج راعي الثور بالنساجة تحت إشراف الثور الخدوم. وخلال السنتين التاليتين، أنجبت النساجة إبنا وبنتا. وغالبا ما كان الزوج يزرع الحقول بينما كانت الزوجة تنسج الأقمشة، وكانت معيشتهما سعيدة جدا.

ومرت سبع سنوات في طرفة عين. ويساوي اليوم في السموات العليا سنة في عالم البشر. وكلما تمر سبعة أيام، يستدعي الإمبراطور السماوي عادة بناته السبع للمقابلة. فوجد أن النساجة لم تعد الى القصر السماوي، وتزوجت مع إنسان عادي، فاستشاط غضبا شديدا. وفي اليوم السابع من الشهر السابع، أمر الإمبراطور السماوي قادته بالقبض على النساجة وإعادتها الى السماء لإدانتها. وكان راعي الثور يحمل ولديه في سلّتين كبيرتين في غاية الحزن والألم بقصد اللحاق بالنساجة. واستخدم الثور الخدوم أحد قرنيه لصناعة سفينة سابحة في الهواء بأسلوب سحري، وكانت السفينة تحمل راعي الثور وولديه طائرة الى السماء. وصاح الولدان بأقصى جهدهما:"أمي، أمي!" وعندما سمعت النساجة صياح زوجها وولديها، تخلصت من القادة السماويين بأقصى قوتها رامية الى إلتئام الشمل معهم. وفي ذلك الوقت، مدّ الإمبراطور السماوي يده الجبارة فجأة من السماء وشقها بشدة، فظهر فورا نهر المجرة المتلاطم الأمواج بين راعي الثور والنساجة. وفي تلك اللحظة، طارت أسراب كثيرة من العقعق من السماء، وكوّنت جسرا فوق نهر المجرة، مما ساعدهما على الالتقاء على الجسر. ولم تخطر ببال الإمبراطور السماوي أية حيلة، فلا بد أن يسمح لهما بالالتقاء على جسر العقعق مرة واحدة في مساء اليوم السابع من الشهر السابع كل سنة.

وبعد ذلك، كلما يحل اليوم السابع من الشهر السابع، يجب على الفتيات أن يطلبن المهارة من النساجة. وعندهن خيوط ملونة وسبع إبر. وإذا أدخلت الخيط في الإبر السبع بسلاسة، فإنها فتاة ماهرة اليدين. وقيل إن الأطفال يستطيعون سماع الهمسات بين راعي الثور والنساجة تحت عرش الكروم في مساء ذلك اليوم.

عيد تشونغ يانغ

إن عيد تشونغ يانغ باعتباره عيدا تقليديا هاما شعبيا صينيا يصادف اليوم التاسع من الشهر التاسع حسب التقويم القمري الصيني. كلما يحل هذا اليوم، يساند الناس المسنين ويأخذون بأيدى الأطفال ويتسلقون الجبال للتمتع بزهور الأقحوان. وكذلك، يغرزون القرنوس ( النبات الدوائي العطري) في الأرض، ويأكلون الكعك الملوّن.

يرجع إسم عيد تشونغ يانغ إلى التقويم القمري الصيني. وكان القدماء الصينيون يعتبرون "تسعة" رقما شمسيا، فيصادف اليوم التاسع من الشهر التاسع التسعة المزدوجة، أي يوم تشونغ يانغ باللغة الصينية. كان مصدر عيد تشونغ يانغ يرجع الى حكاية ذات نكهة أسطورية بارزة.

يحكى أنّه خلال القرن الثالث قبل الميلاد، كان في الصين إنسان ذو قوة سحرية، ويسمى بفيي تشانغ فانغ. ولم يستطع السيطرة على قوى الطبيعة فحسب، بل استطاع أيضا استدعاء الآلهة والقبض على الأشباح. وسمع ذلك شاب يسمى بهنغ جينغ، فعبده كل العبادة وتتلمذ عليه. وقبل فيي تشانغ فانغ طلبه نظرا لعزمه القوي جدا، وعلّمه مهارة خاصة. وذات يوم، قال فيي تشانغ فانغ لهنغ جينغ:" ستقع كارثة كبيرة على رؤوس جميع أفراد أسرتك في اليوم التاسع من الشهر التاسع، ويلزمك الاستعداد مقدما." وبعد سماع ذلك، أصيب هنغ جينغ بالذعر الشديد، وركع فورا أمام معلمه متوسلا أن يعلمه سبلا لتجنب الكارثة. وقال فيي تشانغ فانغ:"عندما يحل اليوم التاسع من الشهر التاسع، يجب عليك أن تصنع أكياسا قماشية حمراء بأكبر عدد ممكن، وتضع فيها القرنوس، وتلفّها على ذراعيك، وتحمل معك خمرا تنقع فيه زهور الأقحوان، وتأخذ بأيدي جميع أفراد أسرتك كبارا وصغارا الى منحدر جبل عال لشرب الخمر. وهكذا، يمكنك تجنب هذه الكارثة الكبيرة." وكان هنغ جينغ يفعل بجد حسب ما قال له معلمه. وعندما حل فجر اليوم التاسع من الشهر التاسع، جلب هنغ جينغ جميع أفراد أسرته الى منحدر جبل عال بالقرب من بيته حيث قضوا ذلك اليوم بسلامة. وعاد هنغ جينغ مع أفراد أسرته الى بيته في المساء حيث وجدوا بدهشة شديدة أن البقر والغنم والدجاج والكلب في أسرتهم قد نفقت. وتجنبوا كارثة فادحة بالفعل. ومنذ ذلك الوقت، أصبح تسلق الجبال وغرز القرنوس في الأرض وشرب خمر الأقحوان في عيد تشونغ يانغ عادات متناقلة بين الناس وومتوارثة لأكثر من ألفي سنة.

وكان ينتشر بصورة واسعة في الصين شعر قديم يصف العادات والتقاليد بمناسبة عيد تشونغ يانغ. إنه شعر مشهور تحت عنوان (( تذكر إخوتي في مقاطعة شاندونغ في اليوم التاسع من الشهر التاسع)) بقلم وانغ وي – الشاعر الكبير في عهد أسرة تانغ الملكية(618-907). ويقول هذا الشعر:" أبقى منفردا كضيف غريب في بلد غريب، ويضاعف شوقي الى أهلي كلما يحل العيد المبارك. وعرفت من بعيد أن إخوتي يجتمعون في منحدر جبل عال، ويقوم بغرز القرنوس في الأرض كل أفراد أسرتي إلا أنا." وكان وانغ وي البالغ بضعة عشر عاما من عمره يسكن غريبا في العاصمة آنذاك. وكان لا مفر من أن يشتاق الى أسرته بين حين وآخر. وخاصة عند حلول الأعياد، لم يتمالك عن الشوق الشديد الى أهله نظرا للم شمل أسر الآخرين بفرح ومرح. وبمناسبة عيد تشونغ يانغ، كانت جميع الأسر في العاصمة تغرز القرنوس. فتذكر أن أسرته ينقصها شخص واحد لغرز القرنوس في الأرض، وذلك الشخص هو ذاته.

وإن العادة الأخرى بمناسبة تشونغ يانغ هو أكل الكعك الملون. وفي ألفاظ اللغة الصينية، يشابه لفظ "الكعك" لفظ العلو، وتحتوى معانيه على الترقي المطرد في سلم المناصب والازدهار والنماء. ويطبخ الناس الكعك المبخر بالأرز اللزج والدخن اللزج والتمر الصيني الصغير وغيرها من الأطعمة، ويركزون عليه الأعلام الصغيرة ذات الألوان الخمسة، ويسمونه بالكعك الملون. وبالنسبة الى عامة الناس الذين يسكنون في السهول التى لا توجد فيها جبال عالية للتسلق، يمكنهم أكل الكعك الملون متمثلا لتسلق الجبال العالية.

وكان يضاف طول العمر إلى محتويات عيد تشونغ يانغ في العصور القديمة أيضا. لأن الناس يرون أن العادات والتقاليد المميزة بمناسبة تشونغ يانغ صالحة لتمديد العمر.

وما زال الناس يحافظون على عادات تسلق الجبال العالية للتمتع بزهور الأقحوان بمناسبة عيد تشونغ يانغ، كما تبيع المحلات التجارية الكعك الملون في هذا اليوم. وخلال السنوات القليلة الأخيرة، حدد الناس هذا اليوم عيدا للمسنين معبرين عن احترامهم وحبهم للمسنين وتمنياتهم لهم بطول العمر والصحة والعافية بالإضافة الى المحفاظة على المضامين الأصيلة لعيد تشونغ يانغ.

عيد دوان وو

يصادف عيد دوان وو اليوم الخامس من الشهر الخامس حسب التقويم القمري الصيني. ويعتبر عيد الربيع وعيد دوان وو وعيد منتصف الخريف ثلاثة أعياد كبيرة صينية.

وفي اللغة الصينية، يعني دوان مطلع الشهر، كما يسمى الشهر الخامس في التقويم القمري الصيني بشهر وو. فيعني دوان وو اليوم الخامس من شهر.

وتنتشر في الصين كثير من الحكايات الشعبية المختلفة عن مصدر عيد دوان وو. ويرى بعض الناس ان عيد دوان وو يرجع أصله الى العادات والتقاليد عن الانقلاب الصيفي في العصور القديمة، أما بعضهم الآخر فيرون أنه نتيجة لعبادة طوطم التنين لدى السكان القدامى في حوض نهر اليانغتسي في القدم. لكن الحكاية المألوفة لدى عامة الناس تقول إن هذا العيد يهدف لإحياء ذكرى الشاعر الوطني القديم تسيو يوان. وكان تسيو يوان يعيش في مملكة تشو في القرن الثالث قبل الميلاد. وبعد أن استولت على وطنه دولة معادية، انتحر تسيو يوان بإلقاء نفسه في نهر مي لو وهو في منتهى الحزن والغضب، وكان ذلك اليوم يصادف اليوم الخامس من الشهر الخامس بالضبط. وبعد ذلك، كلما يحل هذا العيد، من أجل إذكاء أخلاق تسيو يوان الحميدة والكريمة، يقيم الناس حفلة تذكارية له حيث كان الناس يلقون أنابيب بامبو كبيرة محشوة بالأرز الى النهر. ثم استبدل الناس أنابيب البامبو المحشوة بالرز الى تسونغ زي -- مثلثات الأرز.

ويعتبر تناول مثلثات الأرز أهم تقليد بمناسبة عيد دوان وو. وكانت مثلثات الأرز تسمى بجياو شو. ويلف الناس الأرز اللزج المبيض بأوراق القصب والبامبو وغيرهما، ويحزمونها على شكل مخروط أو شكل وسادة بخيوط قطنية، ويبخرونها ويسلقونها للأكل. وفي عشية عيد دوان وو، تصنع كل أسرة مثلثات الأرز وتطبخها في سخانة بخارية استعدادا لتناولها بمناسبة العيد. وتعتبر مثلثات الأرز أيضا هدية يقدمها الناس بعضهم لبعض. وبمناسبة العيد، يزور الناس أقاربهم وأصدقائهم ، فيهدي الناس بعضهم لبعض مثلثات الأرز المصنوعة بأيديهم.

وبالإضافة الى أكل مثلثات الأرز بمناسبة عيد دوان وو، ما زال الناس يتناولون بعض الأغذية الأخرى مختلف المناطق الصينية، مثل أكل بيض البط المالح وشرب خمر الرهج الأصفر، وإنهما من السبل الشعبية المألوفة لتجنب الأشرار.

وعلاوة على ذلك، يتمتع عيد دوان وو بعادات فريدة جدا في التزيين. وبمناسبة العيد، تعلق كل أسرة على بابها أي تساو وتساو بو -- نوعين من الأعشاب الطبية من أجل تجنب الأشرار، بينما تكثر الأمطار وتشتد الرطوبة خلال مطلع الصيف، مما يؤدي الى تكاثر الحشرات السامة، فتسهل إصابة الناس بالأمراض، ويمكن أن يلعب هاذان العشبان الطبيان دورا معينا للوقاية من الأمراض وعلاجها. وبالإضافة الى ذلك، كلما يحل عيد دوان وو، يلفّ الناس أطفالهم بالخيوط الحريرية ذات الألوان الخمسة متمنيين لهم عمرا طويلا حتى مائة سنة، ويخيطون كذلك أكياسا صغيرة بشكلي النمر والقرعة، ويضعون فيها عطارة، ثم يعلقونها على صدور أطفالهم بخيوط حريرية، ويلبسونهم أيضا أحذية بشكل رأس النمر، ويطوقونهم بغطاء البطن المطرز بصورة النمر متمنيين لأطفالهم سلامة وبركات.

وفي المجرين الأوسط والأسفل لنهر اليانغتسي بجنوب الصين، يعتبر سباق زوارق التنين عادة مهمة بمناسبة عيد دوان وو. وقيل إن هذه العادة ذات علاقة مع الشاعر الراحل تسيو يوان أيضا. ويحكى أنه بعد أن اكتشف الناس أن تسيو يوان قفز في النهر، كانوا يجدّفون القوارب بأقصى جهودهم بحثا عنه لإنقاذه. الأمر الذي تحول الى عادة شعبية تمثلت في سباق زوارق التنين بمناسبة عيد دوان وو. وعندما يحل هذا العيد كل سنة، يصبح سباق زوارق التنين في الأنهار والبحيرات مهرجانات ضخمة. وفي بعض المناطق، يشترك في هذا السباق ستون زورق تنين. إن مقدمة الزوارق يركب عليها بتمثال رأس التنين المنحوت من الخشب، وتزين بألوان زاهية، وتمتاز بأشكال مختلفة. حيث يشق التطبيل والتزمير عنان السماء، ويهتف الناس موجة تلو موجة، ويسرعون تجديفها بقصد لحاق المقدمة. وترفرف الأعلام الملونة على جانبي النهر، ويسود جميع الجماهير جو من الفرح والمرح الشديدين. ويدفع سباق زوارق التنين المثير مهرجان عيد دوان وو الى ذروته.

عيد يوان شياو

يعتبر عيد يوان شياو عيدا تقليديا في الصين، ويصادف اليوم الخامس عشر من الشهر الأول حسب التقويم القمري الصيني، ويعد خاتمة لفترة عيد الربيع أيضا.

كما يسمى عيد يوان شياو بيوان شي أو يوان يي أو عيد شانغ يوان.

وتصادف ليلة عيد يوان شياو أول ليلة بدر في التقويم القمري الصيني. واعتاد عامة الناس في الصين على تعليق الفوانيس الملونة في تلك الليلة منذ القدم، فيسمى عيد يوان شياو بعيد الفوانيس أيضا.

ويمتاز عيد يوان شياو بالفوانيس وطعام يوان شياو. ولماذا تعلق الفوانيس بمناسبة هذا العيد؟ قيل إن الإمبراطور هان ون دي – الإمبراطور في أسرة هان الغربية الملكية الصينية اعتلى العرش في اليوم الخامس عشر من الشهر الأول في عام 180 قبل الميلاد. ومن أجل الاحتفال بهذه المناسبة، قرر هذا الإمبراطور أن يكون هذا اليوم عيد الفوانيس. وعند حلول ليلة هذا اليوم كل سنة، كان الإمبراطور يخرج من القصر الإمبراطوري ليتفرج ويتنزه ويشارك الجماهير في الفرح والمرح. حيث كانت الفوانيس الملونة من شتى الأنواع ومختلف الأشكال العجيبة والغريبة معلقة في كل أسرة وشارع وزقاق ليتمتع بها عامة الناس. وفي عام 104 قبل الميلاد، أدرج عيد الفوانيس رسميا في قائمة الأعياد الوطنية الهامة، الأمر الذي وسّع نطاق تأثيره بصورة متزايدة. ووفقا للوائح الرسمية، كان يجب تزيين كل الأماكن العامة والمنازل بالفوانيس والأعلام الملونة بالإضافة الى إقامة مهرجانات الفوانيس ومعارضها الضخمة في الأحياء المزدهرة والمراكز الثقافية. حيث كان الناس رجالا ونساء، كبارا وصغارا يتمتعون بالفوانيس طول الليلة ويفكّون الألغاز ويرقصون فوانيس التنين وما الى ذلك. وهكذا، توارث الناس هذه الأنشطة كل سنة وتناقلوا هذه العادات جيلا بعد جيل، فلم تندثر خلال العصور المتعاقبة. وجاء في سجل قديم أنه في عام 713 الميلادي، كانت تشانغآن ( أي مدينة سيآن حاليا) -- عاصمة أسرة تانغ الملكية قد صنعت " جبل الفوانيس" الضخم، وبلغ ارتفاعه سبعة أمتار، وتكوّن من أكثر من خمسين ألف فانوس ملون بمختلف الأنواع.

وبمناسبة عيد يوان شياو، غالبا ما تصنع الفوانيس الملونة بالأوراق الملونة الزاهية وبأشكال مناظر طبيعة وبنايات وشخصيات وأزهار وطيور وحيوانات وغيرها. ومن ضمنها، يتحلى الفانوس المزخرف الدوار بأبرز ميزة صينية. إنه فانوس لعبة، وقيل إن تاريخه يرجع الى أكثر من ألف سنة. وفي داخل هذا الفانوس تركيب مروحة دافعة، وعندما تشعل الشمعات داخل الفانوس، يتصاعد البخار الساخن مما يدفع الأرياش لتدور، حتى تجعل الخيول الورقية المركبة في الأرياش تعدو بسرعة وقوة. وتنعكس أظلال الخيول الورقية على قبّعة الفانوس، فيبدو من خارجه كأن آلافا من الخيول تنهب الأرض بصورة حية.

ويعتبر أكل طعام يوان شياو عادة هامة بمناسبة عيد يوان شياو. وعلى الأرجح بدأ طعام بديع يلقى إقبالا شديدا لدى عامة الناس بمناسبة هذا العيد في عهد أسرة سونغ الملكية (من عام 960 الميلادي الى عام 1279 الميلادي). وتصنع حشوته بمختلف الأنواع من لباب ثمار الفواكه، وتلفّ بطحين الأرز اللزج، وتعجّن على شكل كرة، وتسلق حتى تنضج، فتصبح طعاما حلوا لذيذا. وبعد ذلك، يسمى هذا الطعام بيوان شياو في معظم مناطق شمال الصين، بينما يسمى بتانغ يوان أو تانغ توان في جنوب الصين.

ويتطور طعام يوان شياو فقد ازدادت أنواعه الى نحو ثلاثين نوعا حتى الآن، ومن ضمن حشواته الزعرور ومربّي العنّاب ومعجون الفاصوليا بالسكر والأنواع الخمسة من لباب الثمار والسمسم والزبدة مع الكاكاو والشوكولاتة وغيرها. وتختلف نكهة طعام يوان شياو في مختلف مناطق البلاد، حيث يمتاز تانغ يوان في مقاطعة هونان جنوب الصين ببياضه الناصع ونقائه الشفّاف وحلاوته ولذته، ويمتاز تانغ يوان في مدينة نينغ بو بمقاطعة تشجيانغ شرق البلاد بحشوته الكبيرة وغلافه الرقيق، ويشبه تانغ يوان شكل بيض الحمام في مدينة شانغهاي ويمتاز بحجمه الصغير وشكله الرائع ونكهته المنعشة، كما يمتاز يوان شياو في بكين بحشواته الحلوة المكونة من الزعرور والسمسم والزبدة وغيرها.

وعلاوة على التمتع بالفوانيس وأكل تانغ يوان بمناسبة عيد يوان شياو، تنظم كثير من الأنشطة الترفيهية للاحتفال بهذا العيد، مثل المشي على الطوالتين ورقصة يانغقه ورقصة الأسد وغيرها. وخاصة رقصة الأسد، عندما تحلّ الأعياد التقليدية الصينية، تقدم هذه الرقصة في كل أنحاء الصين بالإضافة الى جميع الأحياء السكنية المكتظة بالصينيين في العالم. ويختلف أسلوب رقصة الأسد في جنوب الصين عن أسلوب شمالها. وتهتم رقصة الأسد في جنوب الصين بتغير الحركات والمهارات الفنية، ويقدمها الرجلان بصورة رئيسية، وحركاتها رشيقة ومتغيرة. بينما تتميز رقصة الأسد في شمال البلاد بعظمتها وهيبتها، وعموما يقدمها بضعة عشر شخصا حتى عشرات الأشخاص في آن واحد. وتقدم رقصة الأسد بمصاحبة الموسيقى التقليدية الشعبية ذات الميزات الصينية البارزة. ويشترك فيها بنشاط معا الممثلون والمتفرجون مما يعرض مشهدا جياشا بمناسبة عيد يوان شياو الذي يصادف اليوم الخامس عشر من الشهر الأول في التقويم القمري الصيني.

عادات الأقليات القومية الصينية بمناسبة عيد الربيع

يعتبر عيد الربيع عيدا مشتركا لدى ست وخمسين قومية في الصين. بالإضافة الى قومية هان، يحتفل آهالي كثير من من الأقليات القومية بهذا العيد التقليدي بمختلف أساليبهم الفريدة.

قومية لي ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعة هاينان بجنوب الصين): في عشية عيد الربيع، يجلس جميع أفراد كل أسرة من قومية لي في شكل دائرة لتذوق الخمر اللذيذ والأطعمة الشهية، حيث يغنون أغاني تهاني برأس السنة القمرية الجديدة خلال المأدبة. وفي اليوم الأول أو اليوم الثاني من السنة القمرية الجديدة، يقوم الناس بأنشطة جماعية للصيد البري، حيث يمنحون نصف الغنائم لأول صياد ناجح في الصيد، ويوزعون نصفها الباقي بين الآخرين، ويمكن أن ينال كل إمرأة حامل منهم نصيبين من الغنائم.

قومية يي ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعة سيتشوان في جنوب غربي الصين): خلال فترة عيد الربيع، يرقص آهالي قومية يي رقصة جماعية بإسم رقصة الفتاة آسي تحت القمر احتفالا بهذا العيد. وفي بعض القرى، يتكلّف الرجال الشؤون المنزلية في اليوم الأول من السنة الجديدة مريحين النساء في هذا اليوم للتعبير عن تحيتهم وتقديرهم لكدّهن خلال السنة المنصرمة.

قومية مياو ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعتي هونان وقويتشو وغيرهما بالصين): ويلقب آهالي قومية مياو عيد الربيع برأس سنة كه جيا حيث تذبح كل أسرة شاة متمنية أن يكون العام الجديد زاخرا بخير وأمطار غزيرة وحصاد وافر من كل محاصيل الحبوب. وبالإضافة الى ذلك، يغني آهالي قومية مياو أغنية حلول الربيع، وتعبر كلماتها عن عواطفهم بصورة رئيسية حول شوقهم وتطلعهم وحنانهم إلى الربيع.

قومية مان ( ينتشر معظم أهلها في المقاطعات الثلاث في شمال شرقي الصين بالإضافة الى مدينة بكين ومقاطعة خبي والمنطقة المحيطة بها): يولي آهالي قومية مان اهتماما كبيرا بعيد الربيع، فيحتفلون به مرتين في عشية عيد الربيع واليوم الأول من السنة الجديدة. كما يقام سباق الوثب فوق الحصان وسباق الوثب فوق الجمل وغيرهما من المسابقات قبل حلول عيد الربيع.

قومية دونغ ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعة قويتشو والمنطقة المحيطة بها في جنوب غربي الصين): يصطاد آهالي قومية دونغ عدة أسماك شبّوط حية طازجة من بركة خاصة بتربية الأسماك صباح اليوم الأول من السنة الجديدة لطبخها كطبق يوضع على المائدة، تيمنا بالبركات الفائضة في السنة الجديدة.

قومية تشوانغ ( ينتشر معظم أهلها في منطقة قوانغشي الذاتية الحكم لقومية تشوانغ بجنوب غربي الصين): يفضل أهل قومية تشوانغ إعداد أطعمة الوجبات لليوم الأول من السنة الجديدة في عشية عيد الربيع، ويسمونها بالوجبات الزاخرة في السنة الجديدة متمنيين الحصاد الوافر والبركات الفائضة في السنة القادمة.

قومية تسيانغ ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين): خلال أيام عيد الربيع، تعرض كل الأسر من قومية تسيانغ ذبائح البقر والغنم وغيرهما لتقديم القرابين لأسلافهم. وبالإضافة الى ذلك، يتحلّق جميع أفراد كل أسرة حول دنّ خمر في عشية عيد الربيع، ويمتصّون الخمر العذب في الدنّ بشفّاطة طولها يبلغ مترا على التوالي من اليسار الى اليمين تحت إشراف أكبرهم عمرا.

قومية شوي ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعة قويتشو بجنوب غربي الصين): خلال أيام عيد الربيع، يطوف أطفال قومية شوي على بيوت جيرانهم واحدا تلو الآخر لطلب الحلويات من البالغين. ومن المعتقد أن سعيد الحظ من يحصل على حلويات أكثر بل سيصبح أيضا ذكيا ومعافيا.

قومية باي ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعة يوننان بجنوب غربي الصين): إن أول وجبة يتناولها جميع أفراد الأسرة كبارا وصغارا من قومية باي في الصباح المبكر في أول يوم من السنة الجديدة هو شرب الماء المسكر المنقوع بحبّات الأرزّ المنتفخة متمنيين حياة حلوة في السنة الجديدة.

قومية كوريا ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعة جيلين في شمال شرقي الصين): إن عادات قومية كوريا هي إلصاق شعارات عيد الربيع في كل منزل وإعداد مختلف الأنواع من الأطعمة الفخمة وأكل الأرز المسلوق مع النفائس الثمانية. وعندما تشرق الشمس في أول يوم من السنة الجديدة، يلبس الناس أزياء عيدية فخمة لمعايدة كبار أسرهم.

قومية منغوليا ( ينتشر معظم أهلها في منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم في شمال غربي الصين): في صباح اليوم الأول من السنة الجديدة، يلبس الشباب والشابات من قومية منغوليا أزياء مختلفة الألوان ويعتلون الجياد ويذهبون الى مختلف القباب المنغولية ( أي المنازل التى يسكن فيها المنغوليون) لمعايدة الشيوخ. وبالإضافة الى ذلك، تقيم قومية منغوليا مهرجان رقصة السحرة الضخم أيضا، حيث يلبس الناس أقنعة ويغنون ويرقصون بفرح ومرح بقصد وداع العام الماضي واستقبال العام الجديد.

قومية هاني: ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعة يوننان بجنوب غربي الصين): خلال فترة عيد الربيع، يجتمع الشباب والشابات من قومية هاني حيث يشربون الخمر ويغنون ويرقصون ويختارون أحباءهم.

قومية ناسي ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعة يوننان بجنوب غربي الصين): في أول يوم من السنة الجديدة، يقيم أهل قومية ناسي مراسم كبيرة لمن بلغ سنّ الثالث عشرة من عمره، أي مراسم لبس التنّورة للصبايا ومراسم لبس البنطال للصبيان مما يرمز الى بلوغهم سن الرشد.

قومية بومي ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعتي يوننان وسيتشوان بجنوب غربي الصين): في صباح أول يوم من السنة الجديدة، يبدأ أهل بومي يطلقون طلقات نارية تحية وينفخون صدفات بحرية للاحتفال بهذا العيد.

قومية بويي ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعة قويتشو بجنوب غربي الصين): خلال فترة عيد الربيع، يلبس الشباب والشابات من قومية بويي أزياء فخمة ليعايد بعضهم بعضا. أو يترافقون في رحلة الى المناظر الطبيعية الجميلة حيث يرقصون ويغنون، ثم يعودون الى بيوتهم بعد طرب ومتعة.

قومية ألونتشون ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعة هيلونغجيانغ بشمال شرقي الصين): في صباح أول يوم من السنة الجديدة، يجب أولا على الفتيان من قومية ألونتشون أن يقترحوا نخبا بكأس مملوء بالخمر لكبار أسرهم، ويحيونهم تحية وقورة للتعبير عن برّهم واحترامهم لهم. ثم يتنادم الأتراب من نفس الجيل ليبارك بعضهم لبعض. وبعد تناول الإفطار، يجتمع الشباب في مسابقات الخيل ورماية السهام وغيرها من الأنشطة.

قومية داهور ( ينتشر معظم أهلها في مقاطعة هيلونغجيانغ بشمال شرقي الصين): في فجر أول يوم من السنة الجديدة، يلطّخ الشباب من قومية داهور أيديهم بالرماد من قعر القدر، ويتسابقون لتسويد وجوه الآخرين. وغالبا ما تصبح وجوه الفتيات الجميلات رمادية. وقيل إن ذلك يجرى تمنيا للحصاد الوافر والحياة السعيدة في السنة القادمة.

عيد لابا

يسمى الشهر الثاني عشر في التقويم القمري الصيني بشهر لا يو في الصين، والثامن من هذا الشهر هو عيد لابا. ويعتبر عيد لابا عيدا تقليديا بالنسبة الى قومية هان الصينية، كما يعد مقدّمة عيد الربيع.

وجاء في سجلّ أن عيد لابا يرجع مصدره الأول الى مراسم قرابين لا في العهود القديمة الصينية. ظلت الصين تهتم بالزراعة منذ القدم. وكلما تحقق الحصاد الزراعي الوفير، كان الناس آنذاك يرون أن ذلك نتيجة لمساعدة وعناية جميع الآلهة، فيقيمون حفلة شكر ضخمة تسمى "مراسم قرابين لا" احتفالا بالحصاد الزراعي الوفير. وبعد إنهاء هذه الحفلة، يقيم الناس آنذاك مأدبة تكريمية لجميع أهلهم، حيث كان الناس يجتمعون في المأدبة لتناول الحساء المطبوخ بالدخن الأصفر الحديث الإنتاج. وبعد ذلك، تطورت مراسم قرابين لا إلى عيد لتقديم القرابين للأسلاف بصفة رئيسية. وفي القرن الخامس الميلادي، حددت الحكومة الصينية آنذاك الثامن من الشهر الثاني عشر في التقويم القمري الصيني عيد لابا.

وبعد انتشار البوذية الى الصين، بالإضافة الى مراسم قرابين الأسلاف وتناول الحساء، بدأ تأليف حكاية جديدة عن يوم نجاح تعبد مؤسس البوذية ساكياموني في الثامن من الشهر الثاني عشر في التقويم القمري الصيني. ويتحدث لب هذه الحكاية عن أنه قبل ذلك اليوم، كان ساكياموني يتعبد بصورة معذّبة لعدة سنوات، وعانى من الجوع حتى كان أصبح نحيفا مثل العود. فقرر التخلي عن العبادة المعذّبة، حتى فوجئ بلقاء راعية، وأهدت الراعية له الكيلوس لتسكين الجوع. وبعد أن أكله، استعاد ساكياموني قوته الجسدية، وكان يجلس تحت شجرة أثأب هندي ( التينة المقدسة) غارقا في التأملات، وحقق نجاحه في العبادة البوذية في الثامن من الشهر الثاني عشر في التقويم القمري الصيني. ومن أجل إحياء ذكرى هذا الحادث، يعدّ معتنقو البوذية حساء الأرز مع الفواكه لتقديم القربان لمؤسس البوذية بمناسبة هذا العيد ويسمونه حساء لابا.

إن حساء لا با الذي يعتاد الصينيون على تناوله يرجع تاريخه إلى عهد أسرة سونغ الملكية أي قبل أكثر من ألف سنة. كلما حلّ عيد لابا، كان البلاط الملكي والسلطات المحلية والمعابد تعدّ حساء لابا. كما تطبخ كل الأسر من عامة الناس حساء لابا لتقديم القربان للأسلاف. حيث يلتئم شملها بمناسبة هذا العيد لتناوله وإهدائه الى الأقرباء والأصدقاء الأعزاء.

إن أنواع حساء لابا كثيرة جدا. وبالأسلوب التقليدي الشعبي، يختار عامة الناس له ثماني مواد رئيسية وثماني مواد ثانوية لطبخ حساء لابا. علما بأن لفظ " با" يعني باللغة الصينية رمزا الى الخير. وتتركز المواد الرئيسية على أنواع النباتات البقولية والأرز، ومن أنواع النباتات البقولية: الفول الأحمر والأخضر ولوبيا المسلات واللوبيا والبسلّى والفول وغيرها، ومن أنواع الأرز: الدخن والأرز والأرز الأصفر والأرز اللزج والأرز اللزج المقشور والقمح والشوفان والذرة الشامية والذرة الرفيعة وغيرها. ويمكن أن يختارها الناس طبقا لرغباتهم وعاداتهم.

أما المواد الثانوية لحساء لابا فمن المعتاد أن يختارها الناس من بين الدراق المجفّف ونقوع المشمش ولب الجوز ومربّى العنّاب والكستناء والكاكى وبذور عبادة الشمس وبذور اللوتس والفول السوداني وثمار البندق وحبات الصنوبر والكمثرى والزبيب وغيرها.

وبعد إعداد المواد الرئيسية والثانوية، يبدأ سلقها مع الماء في فرن فخاري ببطء فوق نار موقد. وبعد تحضيره يضاف إليه السكر وزهور الورد وسنط العنبر وغيرها من التوابل الحلوة. وبالنسبة إلى الأسر الشديدة الاهتمام بلون حساء لابا، لا تختار أنواع النباتات البقولية القاتمة اللون. فتطبخ حساء لابا بالأرز اللزج المقشور وبزور دموع الأيوب وثمار كمأة الماء وثمار اللوتس فقط. فيبدو الحساء أبيض ناصعا شفافا. وبعد سكبه في أواني المائدة الرائعة، ما أجمل وما ألذّ هذا الحساء! ويمكنك أن تتصور أنه خلال الشهر الثاني عشر القارس، تصبح السماء ثلجية والأرض جليدية في الصين، حيث يجلس جميع أفراد الأسرة حول المائدة، ويشربون حساء لابا الحلو واللذيذ، فما أسعده وأجمله في هذه الدنيا!

وظل السكان الأصليون في مدينة بكين يعتبرون عيد لابا إشارة لاقتراب عيد الربيع. وفي هذا اليوم، تشرب جميع الأسر حساء لابا. وقد عمت في بكين أغنية شعبية تقول:" لا تنزعجي يا عجوز، ستحل سنة جديدة بعد عيد لابا. ونشرب حساء لابا أياما حتى يحل اليوم الثالث والعشرون – يوم وداع آلهة الموقد الى السماء......"

وبالإضافة الى إعداد حساء لابا، كان عامة الناس في شمال الصين يعتادون تحضير فصوص الثوم المخلّلة عادة مألوفة بمناسبة عيد لابا. وأولا وقبل كل شيء، فتزيل ربة البيت قشرات فصوص الثوم لتضعها في جرة صغيرة، ثم تغمرها بخل الأرز، وتغلف فم الجرة بإحكام في يوم عيد لابا، وتضعها في غرفة دافئة نسبيا حتى عشية عيد الربيع. حيث يتذوقها أفراد الأسرة عندما يأكلون جياوتسي – الخبز المحشو باللحم والخضروات المفرومة. وتبدو فصوص الثوم المخللة جميلة المنظر للونها الزمرّدي مثل لون الجاديت ( اليشم الأخضر) في خل الأرز القرمزي، مما يضفى جوا عيديا من الفرح والمرح على المأدبة العائلية.

حكايات عن عشية رأس السنة القمرية الصينية

يسمى آخر ليلة في الشهر الثاني عشر من السنة القمرية الصينية تشو شي. ويعني لفظ "تشو" توديع، ويعني "شي" ليلة في اللغة العربية. إذ تعني عبارة "تشو شي" توديع آخر ليلة في السنة الحالية واستقبال السنة الجديدة القادمة. وفي الصين، يسمى "تشو شي" ب"تشو يه" و"نيان يه"و "نيان سان شي" أيضا.

وتوجد في الصين عشية رأس السنة القمرية عادات وتقاليد شعبية كثيرة. ومنها عادة التنظيف العام بهذه المناسبة لها تاريخ طويل. حيث يقوم الناس بتنظيف كامل داخل البيت وخارجه منذ عدة الأيام قبل عشية رأس السنة الجديدة. وعندما يحل آخر يوم من السنة، يضاعف الناس جهودهم لإجراء تنظيف شامل بقصد نبذ البالي وامتصاص الجديد. ويرجع مصدر هذه العادة إلى حكاية قديمة حيث يحكي أنه كان تشوان شيو—أحد الأباطرة الصينيين في العهود القديمة له ولد مخجل، نشيط في الأكل وكسول في العمل، وكان يلبس أزياء بالية وممزقة في الأيام العادية ويشرب حساء خفيفا جدا. وذات ليلة عند عشية رأس السنة الجديدة، كان جائعا وجمّده البرد حتى مات في ركن الغرفة. لذا، خلال آخر يوم من السنة القمرية، ينتهز الناس فرصة تنظيف شامل لإخراج الملابس البالية والممزقة وفضلات الطعام من البيوت ونبذها قبل حلول السنة الجديدة تعبيرا عن عزمهم عن منع الفقر من دخول بيوتهم.

وبعد التنظيف الشامل، يلصق الناس شعارات عيد الربيع على أبواب بيوتهم ويعلقون الفوانيس فوقها مما يهيئ مناظر العيد. وعندما تحل عشية رأس السنة الجديدة، يتناول عامة الناس عادة مشروبا يسمى توسو، وهو مصنوع من الخمر والماء. ويحكى أنه كان يسكن في كوخ يدعى توسو شخص غريب جدا، وكان يركز أعماله على جمع الأعشاب الطبية من الغابات. وكلما تحل عشية رأس السنة الجديدة، يهدي الدواء التقليدي الصيني الذي يركبه بنفسه إلى أهل قريته. وينصحهم بأن يشربه جميع أفراد أسرهم في أول يوم من السنة المقبلة من أجل إزالة الأمراض والكوارث. كما كان يطلعهم بلا تحفظ على وصفته الطبية، فيسمي أهل قريته هذا الدواء توسو. يا ترى ما هو دواء توسو؟ جاء في السجلات الطبية القديمة، إنه معدّ بجذمور الراوند الصيني وجذر البراتيكودى وخمسة أنواع أخرى من العقاقير التقليدية الصينية قادر على علاج بعض الأمراض والوقاية منها.

ويعتبر تناول الوجبة العائلية في عشية رأس السنة الجديدة عادة تتبعها جميع الأسر تقريبا. وفي هذا اليوم، يبادر كل أفراد الأسرة العاملين في مختلف الأماكن البعيدة والقريبة بالعودة الى بيوتهم ما دام لديهم وقت كاف. حيث يتم لم شمل أفراد كل الأسر، ويجلسون حول مائدة زاخرة بأفخم الأطعمة الشهية ويتناولون وجبة سنوية في جو مفعم بالوئام والتلاحم.

وتختلف هذه الوجبة العائلية باختلاف مناطق الصين جنوبا وشمالا. ففي جنوبها، تشتمل هذه الوجبة على بضعة عشر طبقا عادة، ومن الضروري أن تتضمن جبن الصويا والسمك لأن ألفاظهما تشبه لفظ رغادة العيش في اللغة الصينية. أما في شمال الصين فمن الغالب تناول طعام الجياوتسي في هذه الوجبة العائلية. ويشارك في إعداده جميع أفراد الأسر حيث يلفّون اللحم المفروم اللذيذ في شرائح رقيقة مستديرة مصنوعة من عجين الدقيق. وبعد تحضيره، يسلقونه في الماء المغلي حتى يصبح ناضجا، ويبهرونه بالتوابل. ثم يجلس جميع أفراد الأسرة حول المائدة ويأكلونه في جو مفعم بالنشاط والحيوية، الأمر الذي يرمز إلى لم الشمل.

وفي عشية رأس السنة الجديدة، يجلب أصحاب العائلات أطفالهم الى بيوت أقربائهم وأصدقاءهم الأعزاء لتقديم الهدايا والمعايدة، ويسمى ذلك كوي سوي في اللغة الصينية بمعنى إهداء العمر. او يدعون الآخرين الى بيوتهم لتناول وجبة ليلية سنوية معا، ويسمى ذلك بي سوي في اللغة الصينية بمعنى توديع العمر القديم، وبعد الانتهاء من تناول الوجبة، يقوم الجميع يتبادلون التهانئ والشكر، ثم يتفرقون عائدين الى بيوتهم، ويسمى ذلك سان سوي. وفي بيوتهم، يجب على الصغار أن يحيوا الكبار، بينما يوصي الكبارها الصغار بنصائح، ويمنحون "عيدية" الى الأطفال والفتيان الذين لم يخرجوا الى المجتمع للعمل بعد، ويتبادلون بعضهم بعضا بالتهانئ، وسمى هذا تسي سوي بمعنى وداع العمر القديم أيضا. وفي هذه الليلة، لا يرغب أحد في النوم، بل يفضلون كل أفراد الأسرة إما مشاهدة البرامج التلفزيونية إما لعب الأوراق ( كوتشينة) مستمتعين بالسعادة العائلية حتى حلول فجر السنة القمرية الجديدة، ويسمى ذلك شوو سوي بمعنى انتظار العمر الجديد.

ويعتبر "شو سوي" نشاطا أكثر شيوعا في عشية رأس السنة الجديدة. وقد كتب الشاعر الصيني لو يو العائش في العهود القديمة في إحدى قصائده بعنوان (( شو سوي )) بيتين جميلين: "يتحمل الأطفال النعاس الثقيل، ويترقبون قدوم السنة الجديدة في ضجيج الليل. " وخلال هذه الليلة، يبدو الأطفال أكثر الناس سرورا. حتى أن الأطفال الذين يشدد عليهم المراقبة أولياء أمرهم في الأوقات العادية لم يعودوا يتقيدون بشيء، بل يشاركون الكبار في إطالة السهر مسرورين حتى حلول فجر رأس السنة الجديدة في جو من الفرح والمرح بوداع السنة القديمة واستقبال السنة الجديدة.


1 2 3