أعمال التنقيب ما زالت مستمرة
أصدرت بلدية القدس أمس الاثنين (12 فبراير) بيانا ذكرت فيه أن رئيس البلدية يوري لوبوليانسكي قد أمر بتعليق مشروع بناء الجسر الجديد المؤدي إلى باب المغاربة في جبل الهيكل. وبذلك، يبدو أن الاحتجاجات التي استمرت حوالي اسبوع حول هذه القضية بين المواطنين العرب واسرائيل قد انتهت، إلا أن هذا القرار الاسرائيلي البسيط لن يحل المشكلة نهائيا.
حتى أمس، ما زالت الاحتجاجات من عشرات الفلسطينيين مستمرة في القدس حيث جرح مدنيان اسرائيليان. وفي الوقت نفسه، واصلت الدول العربية المجاورة احتجاجها أيضا على هذا المشروع الاسرائيلي، حتى إن بعض أعضاء مجلس الشعب المصري قال إنه "لا يمكن ايقاف اسرائيل إلا بالقنبلة النووية".
لماذا لا تستطيع اسرائيل تهدئة غضب العرب حتى بقرار تعليق أعمالها الآثارية؟ سبب ذلك يرجع إلى المكانة الدينية الخاصة لجبل الهيكل، فهو مكان مقدس للمسلمين ولليهود أيضا، وتقع فيه آثار المعبد الأول والمعبد الثاني لليهود. أما المسجد الأقصى، فيعتبر ثالث أكبر مسجد للمسلمين، وكان الممر المؤدي إلى مدخل المسجد "باب المغاربة" قد دمر في زلزال وعواصف ثلجية قبل ثلاث سنوات وتم تبديله بعد ذلك بجسر خشبي. وظلت هذه المنطقة حساسة بين اسرائيل والعالم العربي لاسباب تاريخية ودينية معقدة. كان زعيم كتلة الليكود الاسرائيلية السابق ارييل شارون قد زار جبل الهيكل في سبتمبر عام 2000 مما أثار اشتباكات دموية كبيرة بين الفلسطينيين واسرائيل.
هذا وقد أعلنت دوائر الآثار الاسرائيلية في الـ6 من هذا الشهر اجراء أعمال التنقيب تحت جبل الهيكل وبناء جسر جديد يؤدي إلى باب المغاربة الأمر الذي أثار استياء شديدا من العالم العربي ثم تحول هذا الاستياء إلى اشتباكات عنيفة بين الجانبين مما أدى إلى جرح العشرات. ونددت مصر ودولة الامارات باسرائيل، ودعت جامعة الدول العربية الأمم المتحدة والأطراف الأخرى إلى اتخاذ الاجراءات الضرورية لوقف أعمال التنقيب الاسرائيلية قرب المسجد الأقصى. لذا، وتحت هذه الضغوط الكبيرة، قررت بلدية القدس تعليق مشروع بناء الجسر الجديد لحوالي ستة أشهر.
والآن، يبدو أن العالم العربي ما زال غير راض إزاء قرار اسرائيل. لأن أعمال التنقيب الاسرائيلية ما زالت مستمرة رغم تعليق بناء الجسر. ويرى المسئول بدائرة الوقف الاسلامي في القدس الشيخ محمد حسين أن اسرائيل لن تستطيع تهدئة غضب العرب إلا بوقف أعمالها الآثارية قرب المسجد الأقصى بشكل نهائي وترك الأمور إلى المجلس الإسلامي الأعلى لإدارة أعمال الترميم. أما في داخل اسرائيل، فيواجه قرار تعليق المشروع ضغوطا كبيرة أيضا من بعض شخصيات جناح الصقور في الحكومة الاسرائلية حيث ترى أن القرار يعني التنازل أمام العالم العربي. وفي ظل هذه الأوضاع، يبدو من الصعب تسوية تناقضات الجانبين. وتوقعت الشرطة أن تستمر الاشتباكات قرب منطقة التنقيب حتى نهاية هذا الأسبوع.