هز انفجار عنيف صباح أمس الأربعاء (13 يونيو) مرقد الإمامين الشيعيين علي الهادي والحسن العسكريين والد الإمام الفائب في مدينة سامراء شمال العاصمة العراقية بغداد، مما أدى إلى انيهار مئذنتي المرقد بالكامل. هذا المرقد كان قد تعرض لتفجيرات شديدة أيضا العام الماضي الأمر الذي أشعل الاشتكابات والمواجهات بين الطوائف العراقية. فإن انفجار أمس هز مرة أخرى العراق والمجتمع الدولي.

قال شهود عيان إنهم سمعوا دوى انفجارات عالية في الساعة التاسعة من صباح أمس بالتوقيت المحلي قرب مرقد الإمامين، فخرجوا من منازلهم ليروا ما حدث، واكتشفوا أخيرا أن مئذنتي المرقد قد اختفتا. وصلت الشرطة وقوات الأمن العراقية سريعا إلى الموقع حيث مزقت الجماهير المحتشدة بإطلاق نيران في الهواء وقامت بالتحقيقات هناك وقامت بالتحقيقات هناك، إلا أن هوية المسلحين الذين هاجموا المرقد ما زالت مجهولة حتى الآن.

يذكر أن مرقد الإمامين هو أحد أبرز المراقد الشيعية، وتتوافد عليه للزيارة سنويا أعدادا كبيرة من المسلمين الشيعة. وكان المرقد قد تعرض لهجمات العام الماضي حيث دمرت قبته، الأمر الذي أثار اشتباكات ومواجهات دموية بين الشيعة والسنة، مما أدى إلى سقوط عشرات الآلاف من القتلى.

وفي رد فعل على تفجير أمس، أعلن ثلاثون عضوا برلمانيا تابعون للتيار الصدري تعليق عضويتهم في البرلمان بصورة مؤقتة حتى يتم ترميم المرقد وغيره من المساجد السنية والشيعية التي تعرضت للتدمير. وفي الوقت نفسه، هددت بعض التنظيمات المتطرفة داخل العراق بالانتقام.

وفي ظل الأوضاع الحساسة الراهنة، اتخذ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس عدة إجراءات لتجنب تصاعد المواجهات، بما فيها إعلان حظر التجول في العاصمة بغداد ابتداء من الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي. إضافة إلى ذلك، التقى المالكي فور التفجير بقائد القوات العسكرية الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بترايويس والسفير الأمريكي لدى العراق رايان كروكر، وطلب المالكي من القوات الأمريكية إرسال المزيد من الجنود إلى سامراء ورفع درجة الاستعداد الأمني في بغداد.

أثار هذا التفجير أيضا اهتمام المجتمع الدولي، وأصدر أمين عام الأمم المتحدة بان كي-مون أمس بيانا أشار فيه إلى أن هذه الهجمات تهدف إلى تصعيد المواجهات الطائفية في العراق داعيا العراقيين إلى بذل أقصى الجهود لضبط النفس. كما دعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العراقيين إلى الحفاظ على الهدوء والتعايش السلمي بين مختلف القوميات والأديان. والجدير بالذكر أنه رغم أن أعضاء البرلمان التابعين للتيار الصدري أعلنوا الانسحاب من البرلمان مؤقتا، إلا أن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أصدر بيانا أمس بعد التفجير دعا فيه كل الفصائل السياسية والدينية العراقية إلى ضبط النفس لتجنب حرب أهلية. وقال الصدر إن القوات الأمريكية تحاول زرع الحقد في العراق، فعلى المواطنين العراقيين إلحاق الهزيمة بها والدفاع معا عن العراق والمواقع الدينية المقدسة المشتركة ورفض التعاون مع الولايات المتحدة.

ورغم عدم إعلان أحد مسؤوليته عن هذا التفجير، فإن وسائل الإعلام الدولية ترى أن تنظيم القاعدة هو المشبوه الأكبر هنا. كما اتهم المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكي توني سنو القاعدة بأنها تريد إثارة جولة جديدة من المواجهات بقتل المدنيين العراقيين وشن هجمات على المواقع الدينية المقدسة.

ويرى المحللون أن هذا التفجير قد فجر أيضا أزمة جديدة للحكومة العراقية، إذا لم تتمكن من إحالة المجرمين إلى العدالة بصورة سريعة.