اندلعت تفجيرات وهجمات عديدة ضد الشرطة العراقية أمس الثلاثاء (19 يونيو) في كافة أنحاء العراق، مما أدى إلى سقوط أكثر من مائة قتيل، من بيهم رجال شرطة وجنود ومدنيون أبرياء عراقيون وجنود أمريكيون. غطت سحب إرهابية مرة أخرى سماء العراق. الوقائع أظهرت أن الأوضاع في العراق تتدهور باستمرار رغم أن القوات الأمريكية والحكومة العراقية اتخذت إجراءات كثيرة لضرب المسلحين.

تفجرت أعمال العنف في أنحاء العراق تباعا بعد تعرض مرقد الإمامين الشيعيين علي الهادي وحسن العسكري بمدينة سامراء لهجوم جديد في الثالث عشر من هذا الشهر، حيث دمرت خمسة مساجد سنية على التوالي في الرابع عشر من الشهر الجاري بمدينة الحلة في حوادث مأساوية تمثلت في تفجيرات أو إشعال النيران من قبل المسلحين. وفي اليوم نفسه، أعلنت "دولة العراق الإسلامية" وهي منظمة تابعة لتنظيم القاعدة تطلق على نفسها هذا الاسم تنفيذ الحكم الإعدام بأربعة عشر شرطيا وجنديا عراقيا. وفي اليوم الخامس عشر من يونيو الحالي، لقي ثلاثة جنود أمريكيين مصرعهم إثر انفجار قنبلة كانت مزروعة على جانب طريق قربب من مدينة كركوك شمال العراق.

وضمن مسلسل أعمال العنف التي تجري بلا انقطاع، وصلت التفجيرات والهجمات الإرهابية أمس إلى ذروتها، حيث لقي خمسة وسبعون شخصا مصرعهم وأصيب أكثر من مائتين آخرين في انفجار سيارة مفخخة قرب مسجد الخلاني وسط بغداد. وفي الوقت نفسه، تعرضت المنطقة الخضراء التي تعتبر منطقة آمنة نسبيا في بغداد لهجمات بقذائف هاون. وقال شهود عيان إن تسع قذائف هاون قد سقطت على الأقل في المنطقة الخضراء، ثم دوت صفارات الإنذار في بغداد، وشوهد دخان كثيف يعلو السماء قرب مقر الحكومة العراقية والسفارتين الأمريكية والبريطانية.

وإضافة إلى ذلك، قتل سبعة من رجال شرطة وثلاثة مدنيين وأصيب تسعة عشر آخرون في هجومين على الشرطة العراقية في مدينتي كركوك والموصل.

الجدير بالذكر أن كل هذه الأحداث المأساوية تقع في ظل اتخاذ القوات الأمريكية والحكومة العراقية المزيد والمزيد من الإجراءات لضرب المسلحين. مثلا، أرسلت الولايات المتحدة مؤخرا المزيد من القوات حيث وصل ثلاثون ألف جندي إلى العراق، بذلك ازداد عدد الجنود الأمريكيين المرابطين في العراق إلى مائة وثلاثة وخمسين ألفا وستمائة جندي. كما عززت القوات الأمريكية قوة ضرباتها ضد فروع تنظيم القاعدة في العراق، حيث شنت عملية عسكرية جديدة بمشاركة حوالي عشرة آلاف جندي ابتداء من فجر أمس في مدينة بعقوبة حاضرة محافظة ديالى وسط العراق. وفي الوقت نفسه، شنت القوات العراقية هجمات على جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر بالناصرية جنوب العراق.

وأشار المحللون إلى أن القوات الأمريكية والحكومة العراقية قد اتخذت إجراءات مماثلة كثيرة، إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة منها. والأوضاع المتدهورة الأخيرة في العراق قد أوضحت أن القوات الأمريكية والحكومة العراقية والمسلحين قد غاصت أقدامهم جميعا في مستنقع العنف، بحيث أصبحت الآن عمليات القوات الأمريكية والعراقية الجديدة وقودا يزيد نار العنف اشتعالا. القلق ينتاب الجميع فإلى متى ستستمر هذه الحلقة المفرغة؟ ومتى ستنتهي أعمال العنف هناك؟