وصل الرئيس الأمريكي جورج ووكر بوش إلى العراق أمس الإثنين (3 سبتمبر) في زيارة مفاجئة لقاعدة الأسد الجوية في محافظة الأنبار، وهذه هي المرة الثالثة التي يزور فيها بوش هذه البلاد منذ اندلاع الحرب على العراق.

واستغرقت هذه الزيارة ست ساعات فقط، وكان بوش قد التقى خلال الزيارة رئيس الوزراء نوري المالكي ومسؤولين عراقيين آخرين رفيعي المستوى بالإضافة إلى إلى الاستماع إلى شرح من قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بيترايوس والسفير الأميركي في العراق رايان كروكر حول الأوضاع في العراق. وصرح بوش بعد هذه اللقاءات بأنه إذا استمر التقدم المتحقق الآن في العراق فسيكون من الممكن الحفاظ على نفس المستوى من الأمن باستخدام قوات أميركية أقل. ويرى الرأي العام أن الأزمة السياسية في العراق تتشدد حاليا، كما تتعرض حكومة المالكي لانتقادات مستمرة، أما بيتريوس وكروكر، فسيقدمان تقريرا حول الوضع في العراق إلى الكونغرس الأمريكي في الأسبوع القادم، حينها ستجري حكومة بوش تعديلات في سياستها تجاه العراق استنادا إلى التقرير. لذا أشار المحللون إلى أن اختيار بوش زيارة العراق في هذا الوقت تكمن وراءه أهداف غير اعتيادية.

أولا، ستؤثر زيارة بوش هذه على سياسة الحكومة الأمريكية تجاه العراق. وسيشارك بوش في الاجتماع غير الرسمي لقادة منظمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا-الباسيفيك (أبيك) الذي سيعقد في سيدني باستراليا. وسيقدم بيتريوس وكروكر تقريرا حول الوضع في العراق إلى الكونغرس في الأسبوع القادم، وسيضع بوش سياسة المرحلة المقبلة تجاه العراق حسب التقرير. لذا، فلا شك أن هذا الأسبوع أصبح وقتا حاسما لقيام بوش بتغيير سياسته تجاه العراق. ورافق بوش في الزيارة كل من وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس ومستشاره للأمن القومي ستيفن هادلي حيث جاء إلى العراق جميع المسؤولين المعنيين بالقضية العراقية لأجراء المحادثات مع المسؤولين العراقيين. وكما قال مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى، إن هذه الزيارة تعتبر آخر اجتماع كبير بين مجموعة بوش والقيادة العراقية قبل اتخاذ بوش قرار بشأن سياسته تجاه العراق.

ثانيا، إن محافظة الأنبار التي اختارها بوش للزيارة هي منطقة تكثر فيها النشاطات المسلحة، وتهدف هذه الزيارة إلى إظهار النتائج الأخيرة خاصة بعد زيادة القوات الأمريكية في العراق ب30000 جندي من أجل إثبات مدى ضرورة وصحة قرار زيادة الجنود في العراق.

بالإضافة إلى ذلك، قام بوش بزيارة العراق استنادا إلى الخلفية التالية المتمثلة في أنه رغم أن القادة العراقيين من مختلف الكتل أعلنوا في ال26 من الشهر الماضي توصلهم إلى اتفاق بتخفيف القيود على أعضاء حزب البعث السابق وإجراء انتخابات محلية، إلا أن جبهة التوافق السنية وكتلة الصدر الشيعية والقائمة العراقية برئاسة رئيس الوزراء العراقي السابق أياد علاوي لوحت بالانسحاب من الحكومة بحجة عدم تلبية الحكومة لمطالبها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، انتقد بعض نواب الكونغرس الأمريكي حكومة المالكي مؤخرا بشكل مكثف مطالبين باستقالة المالكي. وفي ظل هذا الوضع، جاء بوش إلى العراق مرة أخرى ليحث حكومة المالكي مرة أخرى على اتخاذ إجراءات فعالة لتحقيق المصالحة الوطنية وتسريع إعادة البناء السياسي والاقتصادي. وفي الحقيقة، أكد بوش في محادثاته مع المالكي أن تحسن الوضع الأمني يمكن أن يمهد الطريق للمسيرة السياسية العراقية والبناء الاقتصادي، لذا، يجب على العراق أن يبذل المزيد من الجهود لتحسين الوضع الأمني في البلاد.