أنهى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الخميس ( 17 إبريل ) زيارته لليبيا التي استغرقت يومين. هذه هى الزيارة الأولى التى يقوم بها الرئيس الروسي لليبيا وهى زيارة مهمة لبوتين قبل انتهاء فترة ولايته في أوائل مايو المقبل. ولعل هذه الزيارة تكون إشارة إلى أن روسيا قد بدأت تسرع خطواتها في طريق العودة إلى المسرح السياسي والاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط. والظواهر التى تشير إلى ذلك واضحة.

الظاهرة الأولى إعلام العالم أن روسيا ستقوم من جديد بدورها في منطقة الشرق الأوسط كدولة كبيرة وقوية. فرغم أن فترة ولاية بوتين الرئاسية لبوتين ستنتهي عما قريب إلا أنه وافق وقبل من زيارته ليبيا على تولي منصب رئيس الوزراء الروسي وهذا يظهر أن بوتين سيواصل المشاركة في وضع السياسات الداخلية والخارجية الروسية.

إن روسيا بدأت منذ العام الماضي تكثف نشاطاتها الدبلوماسية في منطقة الشرق الأوسط. ففي أوائل العام الماضي قام الرئيس بوتين بزيارة العربية السعودية وقطر والأردن على التوالي لتعزيز التعاون مع هذه الدول في مجالى السياسة والطاقة. وعندما اشتدت المجابهة الخطيرة بين إيران والدول الغربية في الملف النووي الإيراني قام بوتين بزيارة إيران في أكتوبر الماضي. وهذا يظهر رغبة روسيا في العودة إلى منطقة الشرق الأوسط. وإلى جانب ذلك زار ليبيا وزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف في نهاية العام الماضي وبذلك خطت روسيا خطوة مهمة في طريق تطبيع علاقاتها الشاملة مع ليبيا. وفي مارس العام الحالي زار لافروف منطقة الشرق الوسط حيث أكد على أهمية المحافظة على علاقات الشراكة التقليدية مع سوريا وبذل الجهود الروسية لدفع عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط مرة أخرى. إن كل هذا يظهر رغبة روسيا في القيام بدور أساسي كدولة كبيرة في منطقة الشرق الأوسط.

الظاهرة الثانية: أن زيارة بوتين لليبيا ستعزز التعاون الاستراتيجي الثنائي في منطقة الشرق الأوسط . وقد جرت المناقشات يوم الأربعاء ( 16 إبريل ) بين الزعيم الليبى معمر القذافي والرئيس الروسي بوتين حول تعزيز التعاون الثنائي والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وعبر الرئيس روتين عن ثقته في قدرة الجانبين على رفع التعاون الثنائي إلى مستوى جديد. كما وقع البلدان نفس اليوم على بيان حول تطوير علاقات التعاون الودي بينهما. وجاء في البيان أن البلدين سيعملان على إخلاء منطقة الشرق الأوسط إلى من أسلحة الدمار الشامل وتقليل الأنشطة العسكرية في منطقة البحر الأبيض المتوسط حتى تصبح منطقة سلام واستقرار وتعاون.

الظاهرة الثالثة: خلال الزيارة تم التوقيع على 10 اتفاقيات للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. وتضم هذه الاتفاقيات مذكرة التعاون في مجال الغاز الطبيعي كما تم توقيع عقد بقيمة أكثر من ملياري يورو وبموجب هذا العقد فإن روسيا ستساعد ليبيا على بناء 500 كيلومتر من خطوط السكك الحديدية.

الظاهرة الرابعة: أن روسيا عززت مؤخرا التعاون مع دول منطقة الشرق الأوسط في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. وخلال زيارة بوتين لليبيا وافق البلدان على التوقيع على اتفاقية إطار اتفاقية لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وخطة تنفيذ هذه الاتفاقية في فترة قريبة علما بأنه كان قد تم التوقيع على اتفاقية بين مصر وروسيا حول استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية خلال زيارة الرئيس المصرى حسنى مبارك لروسيا في الشهر الماضي.

الجولة الجديدة من المؤتمر الدولي لقضية الشرق الأوسط ستعقدد في يونيو المقبل بموسكو. والرؤية العامة هكذا أن روسيا بدأت الآن العودة إلى مسرح الشرق الأوسط تدريجيا من خلال جهودها الدبلوماسية.