سحبت سوريا في ال26 من إبريل عام 2005 جميع قواتها من لبنان وبذلك أنهت فترة وجودها العسكري هناك والتى استمرت 29 سنة. وخلال السنوات الثلاث الماضية بعد انسحاب القوات السورية من لبنان شهدت العلاقات الثنائية بينهما تغيرات وتعديلات وتمر الآن بمرحلة غير مرضية. الواضح أنه لا بد للبلدين أن يطورا العلاقات بينهما حتى لا تسوء الأمور في المستقبل.

بعد الانسحاب السوري ظلت الأغلبية الموالية للغرب والمعارضة الموالية لسوريا في الحكومة البنانية مختلفة على الدوام. لهذا تأجلت الانتخابات الرئاسية اللبنانية التي كان من المقرر إجراؤها في ال25 من سبتمبر الماضي للمرة الثامنة عشر وحتى الآن. وأصبح منصب الرئاسة اللبنانية فارغا لمدة 5 أشهر. فعاشت لبنان بسبب ذلك في أزمات سياسية خطيرة وأصبحت مصدرا جديدا للاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط. الواضح أن تطبيع العلاقات بين سوريا ولبنان سيكون له دور مهم لحل الازمة السياسية اللبنانية.

تطبيع العلاقات بينهما أمامه العقبات التالية:

العقبة الأولى هى السياسة العدائية الأمريكية ضد سوريا. إذ إن الأزمة السياسية اللبنانية تبدو في الظاهر أنها نتاج الخلافات الحادة بين الأغلبية والمعارضة في البرلمان. إلا أن الواقع يقول إن ذلك لسبب المواجهة السياسية بين الدول الغربية بزعامة الولايات المتحدة وفرنسا وسوريا. فالولايات المتحدة تحاول محو التأثيرات السياسية السورية في لبنان والهيمنة على شؤون منطقة الشرق الأوسط. أما سوريا بصفتها دولة كبيرة في منطقة الشرق الأوسط فلن تخضع أمام الحصار والضغط الأمريكي الشديد.

العقبة الثانية هى أن سوريا اختلفت مع مصر والسعودية وبعض الدول العربية الأخرى في قضية لبنان. إذ إنه بسبب رفض سوريا قبول اقتراح السعودية ومصر حول فرض الضغوط على حزب الله اللبناني للإسراع بعملية حل الأزمة السياسية اللبنانية أرسلت بعض الدول العربية ومنها السعودية ومصر والأردن أرسلت وفودا منخفضة التمثيل الدبلوماسي للمشاركة في القمة العربية التى عقدت في أواخر مارس الماضي بدمشق. كما أن المفاوضات بين سوريا وإسرائيل ظلت في حالة جمود بينما أصبحت العلاقات السورية الإيرانية وثيقة مع مرور الأيام. الأمر الذى أثر بصورة غير مباشرة على تطبيع العلاقات السورية اللبنانية.

الجدير بالذكر هنا أن العلاقات بين سوريا وبعض الدول المعنية بدأت تعود إلى حالتها الطبيعية. إذ إن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمى كارتر قد زار سوريا متجاهلا تحذيرات الحكومة الأمريكية ومؤكدا ضرورة عدم إبعاد سوريا من عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط. وفي ال22 جرت مباحثات بين وزيرى خارجية سوريا وفرنسا على هامش الاجتماع الموسع الثالث لوزراء خارجية الدول المجاورة للعراق. وهذا يدل على استئناف التبادلات بين البلدين من خلال الوسائل الدبلوماسية. وإلى جانب ذلك أكدت السعودية ومصر وبعض الدول العربية الأخرى عدة مرات عدم رغبتها في عزل سوريا. وعلاوة على ذلك عبرت كل من سوريا وإسرائيل عن رغبتها في استئناف المفاوضات بينهما.

الرؤية العامة في منطقة الشرق الأوسط أن سوريا ولبنان تربطهما علاقات وثيقة في المجالات التاريخية والثقافية والدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. لذلك فإن إقامة العلاقات الثنائية على أساس الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة هو اتجاه وأمر حتمي لصالح مستقبل البلدين.