أعلنت الحكومة السودانية مساء أول أمس السبت(10 مايو) إحباط جهوم متمردي دارفور المسلحين المعارضين للحكومة، ثم أعلن الرئيس السوداني عمر البشير قطع العلاقات الدبلوماسية مع تشاد متهما إياها بدعم المتمردين المعارضين. ومن هنا اتضح أن دفع المتمردين المعارضين إلى المشاركة في العملية السياسية لحل قضية دارفور يعتبر أمرا ملحا للغاية.
هذا وقد تسللت مجموعة من متمردي حركة العدل والمساواة مساء يوم السبت الماضي إلى منطقة أم درمان شمال غربي الخرطوم محاولة القيام بهجمات ونشاطات تخريبية واشتبكت مع قوات الحكومة. وبعد مواجهات عنيفة استمرت 5 ساعات أحبطت الحكومة السودانية محاولة المسلحين المتمردين وقتلت عددا منهم وقبضت على عدد آخر. وفي اليوم التالي أعلن الرئيس السوداني عمر بشير قطع العلاقات الدبلوماسية مع تشاد، وحملها المسؤولية إزاء نشاطات المتمردين هذه. وفي اليوم نفسه، أصدرت حكومة تشاد بيانا أعربت فيه عن أسفها لقرار الحكومة السودانية "المتسرع"، وقد نفت تشاد قبل ذلك دعمها لهجوم متمردي حركة العدل والمساواة على الخرطوم.
وأكد المحللون أن هذه هى المرة الأولى التي يشن فيها المتمردون المعارضون هجوما على العاصمة منذ نشوب الاشتباكات في إقليم دارفور في فبراير عام 2003، وسيعمق هذا الهجوم الخلافات بين المتمردين والحكومة، ويزيد من حدة التناقضات بين الجانبين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، اتضح أن مسألة دفع العملية السياسية لحل قضية دارفور وحث المتمردين المسلحين للعودة إلى طاولة المفاوضات تعتبر أمرا ملحا للغاية.
وبعد هذا الحادث دعا أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون المنظمات المسلحة المعارضة للحكومة في إقليم دارفور إلى حل النزاعات عن الطرق السلمية. كما أعرب متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية عن أمله في انضمام المنظمات المسلحة المعارضة للحكومة في إقليم دارفور إلى العملية السياسية واستئناف المفاوضات مع الحكومة السودانية من أجل توقيع اتفاق سلام شامل في دارفور في أسرع وقت ممكن وتحقيق السلم والاستقرار والتنمية في هذا الإقليم.
وبشأن حل قضية دارفور، يعترف المجتمع الدولي عامة باستراتيجية "الخط المزدوج"، أي دفع أعمال حفظ السلام يتزامن مع دفع العملية السياسية في إقليم دارفور في آن واحد. ولكن نظرا للوضع الحالي، تتأخر العملية السياسية عن عملية حفظ السلام بصورة واضحة، فقد بدأت القوات المختلطة لحفظ السلام من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي أعمالها لحفظ السلام اعتبارا من يناير الماضي، وبفضل جهود مختلف الأطراف، تم توقيع "اتفاق حول وضع القوات المختلطة لحفظ السلام من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي" بين الحكومة السودانية والأمم المتحدة، وسيلعب هذا الاتفاق دورا هاما في تحسين الوضع الأمني في أقليم دارفور. إلا أن العملية السياسية ما زالت في وضع الجمود. وأكد وزير الخارجية السوداني دينق ألور خلال لقائه مع مراسل إذاعتنا في فبراير الماضي أن السبب الرئيسي يرجع إلى كثرة الفصائل المسلحة المعارضة للحكومة وصعوبة توصلها إلى موقف موحد، بالإضافة إلى التأثيرات التي تفرضها بعض القوى الغربية المؤيدة للمتمردين المسلحين، لذلك، يجب على الأطراف المعنية أن تعمل على إزالة العوائق في العملية السياسية ودفع المتمردين المسلحين إلى المشاركة في هذه العملية.
لقد أدى هذا الحادث إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين السودان وتشاد، وألقى بظلاله على تنفيذ اتفاق السلام الذي تم توقيعه لحل النزاعات الحدودية في مارس الماضي. إن السودان وتشاد دولتان متجاورتان، أما إقليم دارفور فهو يشترك بحدود مع تشاد. وكان البلدان يحافظان على علاقات الصداقة منذ فترة طويلة، وبعد ظهور قضية دارفور في السودان، طرأت على علاقاتهما تغيرات حيث يتهم أحدهما الآخر بخلق الاضطرابات الاقليمية ودعم المتمردين المسلحين المعارضين لحكومة الآخر، مما أدى الى توتر العلاقات بين البلدين. والآن انقطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما لكنهما لم يتخذا أي إجراءات لاحقة، هذا يدل على أنه ما زال هناك مجال لتحسين العلاقات بين البلدين. وأشار المحللون إلى أنه ينبغي على السودان وتشاد إجراء حوار إيجابي وإزالة سوء التفاهم من أجل تنفيذ اتفاق السلام بصورة حقيقية وذلك من أجل حل قضية دارفور.
