قرر مجلس الوزراء اللبناني في اجتماع استثنائي عقده يوم (السبت) برئاسة رئيسه نجيب ميقاتي تكليف وزير العدل بوضع رؤية لمعالجة الأوضاع القضائية ومكامن أي خلل قد يعتريها وعرضها على مجلس الوزراء قريبا وذلك على خلفية التوتر القضائي المصرفي القائم في البلاد.
وجاء هذا القرار في أعقاب إعلان "جمعية مصارف لبنان" الإضراب يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين تحذيريا إثر قرارات وإجراءات قضائية طالت عددا من المصارف ورؤساء مجالس إداراتها في الأيام الماضية.
وفي تصريح بعد اجتماع مجلس الوزراء أعلن ميقاتي أن "المجلس طلب بأن يأخذ القانون مجراه من دون أي تمييز أو محاباة انطلاقا من مسؤولية الحكومة في رسم السياسة العامة في البلاد، وانطلاقا من مبدأ التعاون بين السلطات وتوازنها وتكاملها وتعاونها، وحرصا منا على استقرار الأوضاع من النواحي كافة".
وقال "عندما لاحظنا أن هناك عدم توازن اجتمعنا لنعيد ذلك لكي تكون الصلاحيات كاملة في يد المؤتمنين على هذا الأمر حسب قانون أصول المحاكمات الجزائية، وأصرينا على أركان السلطة القضائية أن يأخذوا دورهم كاملا وهذا هو المطلوب ونحن سنراقب الموضوع عن كثب خلال الأيام المقبلة".
وأكد ميقاتي حرصه "وحرص مجلس الوزراء على استقلالية السلطة القضائية وعدم التدخل في الشؤون القضائية احتراما لمبدأ فصل السلطات".
وقال إن الحكومة لم تجتمع لحماية المصارف "بل هدفنا حفظ التوازنات التي تمنع أن نصل إلى مرحلة تصبح فيها كل القطاعات خاسرة ".
وشدد ميقاتي على أنه "لا يجب أن نفرح للحجوزات على المصارف (..) لأن من يقوم بهذه الدعاوى هم كبار المودعين ، وبالتالي إذا وضعوا أيديهم على الأموال فلن يبقى أي شيء لصغار المودعين، هدفنا اليوم إعادة وضع الملف في سياقه الصحيح، لكي نضمن الحقوق كاملة ، وخاصة لصغار المودعين".
وتفرض المصارف اللبنانية منذ نحو عامين قواعد صارمة قيدت تعاملات المودعين في سحب ودائعهم بالعملة الصعبة كما تفرض سقوفا لسحب الودائع بالعملة المحلية في وقت يواجه فيه لبنان أزمة مالية غير مسبوقة.
وعن استعادة المودعين أموالهم من المصارف، قال ميقاتي "ضمن خطة التعافي الاقتصادي التي تضعها اللجنة المكلفة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي برئاسة نائب رئيس الحكومة ، تم طرح الموضوع ، وحوالى 90 في المئة من مجمل عدد المودعين في المصارف ستكون أموالهم مضمونة من قبل الدولة اللبنانية وستدفع لهم، وهؤلاء هم صغار المودعين".
ونفى أن يكون كل ما يجري مرتبطا بتأجيل الانتخابات البرلمانية في مايو المقبل، مؤكدا أن استقالته غير واردة أبدا، لأنه يريد إجراء الانتخابات.
ودعا جمعية المصارف إلى أن "تكون على المستوى الوطني، ولا تذهب في المنحى السلبي ، لكي نتعاون للخروج من الأزمة".
وفي السياق أبدى الرئيس اللبناني ميشال عون بعد اجتماع مجلس الوزراء ارتياحه للموقف الذي صدر عن المجلس، فيما يخص الحرص على استقلالية السلطة القضائية.
وأكد عون وفق بيان صدر عن الرئاسة اللبنانية بعد اجتماعه مع وزير العدل هنري خوري الذي أطلعه على مداولات مجلس الوزراء على "عدم التدخل في الشؤون القضائية احتراماً لمبدأ فصل السلطات، على أن يأخذ القانون مجراه من دون أي تمييز".
ويمر لبنان يمر بأزمة اقتصادية ومالية هي الأسوأ في تاريخه، وقد صنفها البنك الدولي من بين الأزمات الثلاث الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن 19.
ودفعت هذه الأزمة لبنان في مارس عام 2020 إلى إعلان "تعليق" سداد كافة مستحقات سندات اليوروبوند بالعملات الأجنبية مع تأكيده السعي إلى التفاوض حول إعادة هيكلة الديون الخارجية والداخلية والبالغة قرابة 90 مليار دولار.
وتناهز حصة المصارف اللبنانية نصف سندات اليوروبوند المقدرة بنحو 30 مليار دولار.