بعد الأعمال الإعمارية الكبيرة التي استغرقت أربع سنوات، تم الإعلان عن الانتهاء من بناء الإستاد الرياضي الوطني "عش الطائر" في ال28 من يونيو الماضي. ويعتبر عش الطائر أهم مسرح لأولمبياد بكين وهو الإستاد الرئيسي لأولمبياد بكين، والذي ستقام فيه مراسم افتتاح واختتام أولمبياد بكين وأولمبياد بكين للمعوقين وكذلك ألعاب القوى ونهائى مباريات كرة القدم.

ربما تتساءلون ولماذا سمى عش الطائر؟ ونقول لان شكله يشبه إلى حد كبير عش الطائر. فالإستاد يقع داخل حديقة الأولمبية ببكين، وتبلغ مساحته 258 ألف متر مربع، ويتسع ل91 ألف مقعد. ومن ضمن كافة الملاعب والإستادات الرياضية والبالغ عددها 37، فإن إستاد عش الطائر هو آخر إستاد تم تشطيبه، والمعنى واضح هنا في أنه كان من الصعب الإنتهاء منه.

كانت هناك تصاميم كثيرة ولكن بعد الاختيار الدقيق من قبل الخبراء وتصويت الجماهير، فاز تصميم "عش الطائر" الذي كان نتاج عمل مشترك من مركز خيرزوغ –ده ميورون للتصميم بسويسرا وأكاديمية البحوث والتصميم المعماري الصينية وكذلك شركة ARUP للاستشارات. وإستاد "عش الطائر" هو عبارة عن هياكل خارجية فولاذية تتشابك مع بعضها وكأنها عش طائر.

رغم أن التصميم المتميز لعش الطائر يتمتع بقوة الهز الكبيرة وقوة الصدمة الشديدة في البصر، غير أن الهيكل خارج الملعب ومقاعد المدرجات داخله وكذلك حجمه الكبير الذي يتسع ل90 ألف شخص كل ذلك قدم طلبا قاسيا لبناء العوارض الفولاذية التي تنتصب في الملعب. لذلك فإن الصين بحثت بنفسها عن نوعية خاصة من الفولاذ تستطيع دعم البناء ذي الوزن الكبير. ونجح هذا الفولاذ الخاص فعلا في دعم عش الطائر، مما جعل هذا الإستاد من أكبر المشاريع الإنشائية ذات الهيكل الفولاذي على مستوى العالم حتى الآن. بالإضافة إلى ذلك، فإن اللحامات التي تمت لربط الأسياخ الفولاذية لعش الطائر، كان من الصعب القيام بها، إلا أن ذلك تم أخيرا في هذا الصدد، قال ماسيترو مشروع "عش الطائر" تان شياو تشون:

"يبلغ طولُ خطِ اللحام لهيكل عش الطائر الفولاذي 320 كيلومترا، مثل المسافة بين بكين ومدينة تيانجين ذهابا-إيابا. عمل 1100 لحّام على مدى سنة وثلاثة أشهر ونجحوا في مهمتهم خير نجاح. أبدعوا فأصبح الأمر أعجوبة في تاريخ الإعمار الصيني."

يتكون "عش الطائر" من دور واحد أرضى وسبعة أدوار عليا فوق الأرضى ويبلغ عرضه 280 مترا، وطوله 333 مترا، وهكذا اعتبر أكبر إسباد حاليا في الصين.تخيلوا مثلا أنه يستطيع مقاومة زلزال قوته ثماني درجات على مقياس ريختر. والعمر المقترض له فهو 100 سنة.

تنقسم مقاعد المدرجات التي تشبه سلطانية كبيرة إلى ثلاثة مدرجات تتيح لأى متفرج أوضح رؤية. فضلا عن ذلك، فإن عش الطائر رغم أنه يستطيع استيعاب أكثر من 90 ألف شخص، فإن به اجراءات ممتازة لمواجهة أية حوادث مفاجئة. و في هذا الصدد، قال رئيس مجلس الإدارة لشركة الملعب الوطني المحدودة السيد لي أي تشينغ:

"صممنا ثلاثة طوابق في قواعد المدرجات، وهي العلوي والأوسط والسفلي، وخططنا توزيع المشاهدين عن طريق معابر مختلفة، الأمر الذي يضمن توزيع وإرشاد الجماهير إلى الأماكن الأمنة خلال 8 دقائق تقريبا إذا وقعت حوادث مفاجئة." وبالإضافة إلى ذلك، فإن إستاد "عش الطائر" يترجم إلى حد كبير جدا مفهوم "الأولمبياد الأخضر". وفيه نظام تجمع ماء المطر على سطح الملعب، حيث يمكن تجميع ومعالجة 58 ألف طن من الأمطار. أما إذا كان مستوى مياه الأمطار مرتفعا، فإنه يمكن استخدام هذه المياه للري وتنظيف دورات المياه.

وخلال شهرى إبريل ومايو الماضيين، أقيمت ثلاث مسابقات اختبارية للأولمبياد في عش الطائر، حيث أشاد الريا ضيون والمسؤولون في هذه المسابقات بجودة وروعة إستاد "عش الطائر" وأثنوا على وظائفه المتعددة. وفي هذا الصدد، قال رئيس مجلس إدارة الإستاد الوطني "عش الطائر" السيد لي أي تشينغ:

"من خلال الجهود الكبيرة المبذولة من الجميع، تم التغلب على كافة المشاكل الصعبة. ومن خلال ثلاث مسابقات اختبارية، يمكن القول إن إستاد عش الطائر أثبت أنه متكامل شكلا وموضوعا"

تجدر الإشارة إلى أن "عش الطائر" ظل يجذب أنظار العالم ابتداء من لحظة البدء فى بنائه في ديسمبر عام 2003 وحتى الانتهاء منه. وفي عام 2007، أدرجت صحيفة "تايمز" البريطانية "عش الطائر" ضمن أهم وأكبر عشرة مشاريع في العالم، رغم أنه كان في طور البناء. وفي عام 2008، رشحت مجلة "تايمز" الأمريكية 100 تصميم هى الأكثر تأثيرا في العالم، حيث فاز إستاد "عش الطائر" بالمركز الأول ضمن التصميمات الإعمارية.

في الساعة الثامنة من ال8 من أغسطس المقبل، سيفتتح أولمبياد بكين في إستاد "عش الطائر"، نتمنى ونتعشم أن يكون هذا العش الكبير دافئا حانيا يحتضن بكل مودة وحُب وانسجام الرياضيين من كل أنحاء العالم، وعلى مسافة غير بعيدة يقف التنين الأكبر مشيرا إلى روعة وفخامة وحداثة العش.