شارك في أولمبياد بكين أكثر من 10 آلاف رياضي، لكن عددا قليلا منهم حصل على الميداليات، ومعظمهم لم يصعد منصة التتويج. ولكنهم لم يشعروا بالإحباط والحزن، لأنهم يدركون تماما أن كل مشارك في الأولمبياد هو بطل وما يحصلون عليه خلال الأولمبياد هو فرحة المشاركة.
في الـ11 من أغسطس، شاركت رياضية المبارزة الصينية السابقة لوان جيوه جيه في الدور الـ16 المؤهل للبطولة في مسابقة المبارزة بسلاح الشيش للنساء بأولمبياد بكين، وتمثل كندا هذه المرة. بلغ عمرها 50 عاما، إلا أن تحركاتها الفنية ما زالت رشيقة واحترافية. ورغم خسارتها المسابقة أمام الرياضية المجرية بنتيجة 7 مقابل 15 وبها أنهت رحلتها الأولمبية، لكن الابتسامة ما زالت طاغية على وجهها. وقالت لوان جيوه جيه إنها قررت المشاركة في هذه الدورة الأولمبية لأنها تقام في وطنها الأم:
"في المرة الأولى التي شاركت فيها في الأولمبياد، كنت ممثلة للصين. وهذه المرة، استضافت الصين للمرة الأولى الأولمبياد، فآمل في أن أتمتع بهذا الحدث. تتمثل الروح الأولمبية في المشاركة، وأعتقد أن مشاركتي تعتبر دعما لأولمبياد بكين وأفتخر بالمشاركة فيه على أراضي وطني الأم وأفتخر بكوني صينية."
خلال فترة الدورة الأولمبية الرابعة في لندن عام 1908، ظهر مفهوم "أهم شيء هو المشاركة". فخلال مسابقة الماراثون، شارك الرياضي الإيطالي دوراندو بيتري وهو تاجر للحلويات في إيطاليا، وأخطأ أولا في اختيار خط العدو، ثم سقط عدة مرات بسبب التعب، إلا أنه لم يتخل عن المنافسة وأصر على الوصول إلى خط النهاية. واستلهاما لروح بيتري، ترك مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة بير دي كوبيرتان قوله المشهور الذي يتردد حتى اليوم، حيث قال "أهم شيء في الأولمبياد هو المشاركة، وليس الفوز، مثلما أن أهم شيء في الحياة هو الاجتهاد وليس النجاح." وبعد 100 سنة، تجسد هذا القول بشكل كامل في أولمبياد بكين من قبل رياضيي مختلف الدول.
وفي السباق المؤهل للسباحة الحرة لـ50 مترا للرجال في الـ14 من أغسطس خلال أولمبياد بكين، حل السباح السوداني أحمد آدم بالمركز الخامس بالعد التنازلي فقط من بين 97 رياضيا وبذلك أنهى أداءه الأولمبي. وقال للمراسل إن المشاركة نفسها تعتبر فخرا كبيرا:
"المسابقة كانت مشرفة جدا، والمشاركة في الأولمبياد أمر كبير. وأعتقد أنها تجربة، وفرصة لكي أتعلم من الإخوان السباحين الآخرين. وإن شاء الله سأحقق نتائج أفضل في المستقبل وأستمر في التمرين وأنقل الخبرات إلى داخل البلاد."
تعتبر المشاركة زيادة للخبرات. الرياضية الأمريكية كوين هاريس البالغة من العمر 19 عاما، طالبة جامعية في السنة الثانية، رغم أنها لم تحصل على أية ميدالية في مسابقة الحواجز لـ400 متر للنساء، إلا أنها جمعت الكثير من الخبرات وهي ترى أن هذه الخبرات القيمة تعتبر ثروة لها:
"حصلت فقط على المركز السادس ولم أستطع دخول النهائيات. ولكن، أرجو متابعة أدائي في العام المقبل في بطولة العالم والدورة الأولمبية المقبلة، أتعهد بالمشاركة في نهائي المسابقة للحصول على الميدالية الذهبية. رغم أن العدد القليل من الناس يهتمون بي، وشاركت في مسابقات قليلة على مثل هذه المستوى العالي، لكني تعلمت كثيرا من خبرات المشاركة في هذه المسابقات. عمري 19 عاما فقط، والطريق أمامي ما زال طويلا."
إن ماريانا دياس سيمينيس الرياضية الوحيدة التي شاركت باسم تيمور الشرقية في سباق الماراثون. وأدركت تماما أنها تحمل تطلعات وطنها الأم. لكن الإصابة أجبرتها على التخلي عن السباق بعد أن قطعت 20 كيلومترا. وقالت ماريانا إنها قد بذلت أقصى جهودها:
"بصفتي رياضية من تيمور الشرقية، كنت آمل بالطبع الحصول على نتائج ممتازة. إلا أن الماراثون ليس سباقا سهلا، وتدربت على الماراثون لشهر واحد فقط قبل افتتاح الأولمبياد. وكان عليّ مواصلة التدرب لسنة أو سنتين للحصول على ميدالية. المشاركة في هذه الدورة الأولمبية أعطتني خبرات وافرة، وأنا واثقة في أن هذه الخبرات ستساعدني على تحقيق نتائج أفضل في المستقبل."
الرياضية وندي هيل هي أحد ثلاثة رياضيين فقط في الوفد الرياضي لجزر سولومون، وشاركت في منافسة رفع الأثقال لوزن 58 كيلوغراما للنساء حيث جاءت في المركز الأخير، إلا أن مراسلنا لم يلاحظ أية مشاعر من الأسف على وجهها:
"أفتخر بزيارة بكين للمشاركة في الأولمبياد. وهذه هي المرة الأولى التي أشارك فيها بالأولمبياد، وكنت مضطربة قليلا. أنا مسرورة جدا بالمنافسة مع أفضل الرياضيين في العالم، وأفتخر أيضا بكوني الرياضية الوحيدة في مجال رفع الأثقال تمثيلا لبلادي."
رغم أن الفوز مهم، إلا أن روح الرياضيين العالية في المنافسة أهم. في أولمبياد بكين، بذل كافة الرياضيين جهودهم وعرقهم، مجسدين الروح الأولمبية المتمثلة في المشاركة، ويمكن القول إنه يحق لكل رياضي أولمبي أن يفوز بالميدالية الذهبية.