اختتم أولمبياد بكين فعالياته قبل أيام، إلا أن مجموعة من الأشخاص قد تركت انطباعات عميقة في أذهان الناس، في حين لا يزالون يشعرون بإثارة بالغة بالأداء الرائع الذي قدمه الرياضيون من مختلف بلدان العالم أثناء هذا الحدث العظيم، ألا وهم متطوعو أولمبياد بكين البالغ عددهم مليونا وسبعمائة ألف شخص، ويمثل هؤلاء المتطوعون الروح الأولمبية بمجهوداتهم وابتساماتهم أحسن تمثيل والتي تتجسد في تعبير "أشارك وأساهم وأسعد نفسي".
هذه هي أغنية تحكي قصة المتطوعين، ومع أن كلمة المتطوع لم تكن حاضرة في الصين إلا منذ عشر سنوات ونيف فقط، غير أن روح المتطوعين كانت قد اندمجت مبكرا مع الحياة الاجتماعية الصينية، وتم نشرها وتعميمها أثناء فترة إقامة أولمبياد بكين، حيث يمكن رؤية المتطوعين أينما تذهب داخل المدينة أثناء تلك الفترة: في الملاعب الرياضية التي كانت تجري فيها مسابقات مثيرة، قام المتطوعون بتنظيف الملاعب بسرعة على هامش المسابقات، وفي مدرجات المتفرجين، حاولوا بصبر الحفاظ على النظام، وعند نقاط الخدمات البالغ عددها عدة مئات داخل المدينة، قاموا بنشر قائمة ترتيب الميداليات بكل دقة إضافة إلى إرشاد السياح بكل حماسة، ،،،
هذا وكان السيد وو كه مين سفيرا صينيا سابقا لدى تركيا، إلا أنه حضر الملاعب الرياضية أثناء فترة إقامة الأولمبياد كمتطوع عادي لتقديم خدمات للرياضيين والمدربين والمسؤولين الحكومين الأتراك المشاركين في الأولمبياد، وبدأ عمله كمتطوع منذ اليوم ال30 من يوليو الماضي الذي وصلت فيه الدفعة الأولى من أعضاء البعثة التركية إلى بكين.
"إن استضافة الأولمبياد تعد حلما لكل أبناء الأمة الصينية منذ مائة عام، وإني أشعر بفخر وإثارة كبيرة بصفتي دبلوماسيا متقاعدا يعيش في بكين وأشاهد بعيني في بقية حياتي أولمبياد بكين، لذلك، قررت أن أقدم مساهماتي المتواضعة من أجل إقامة دورة أولمبية متميزة وعالية المستوى في بكين، وقدمت بكل حماسة طلبا لأكون متطوعا أولمبيا."
وأضاف السفير وو كه مين أنه يوجد كثير من الدبلوماسيين القدماء مثله يقدمون خدمات المتطوعين لبعثات مختلف بلدان العالم داخل القرية الأولمبية، وكلهم يشعرون بجدوى ما بذلوه من مجهودات من أجل خدمة الدولة وتمكين البعثات الأجنبية من المشاركة في المسابقات بصورة سلسة.
هذا وجذبت قوة الأولمبياد كافة أبناء الأمة الصينية، علما بأن هناك حوالي 300 شخص من بين المتطوعين الأولمبيين جاؤوا من جزيرة تايوان، منهم السيدة هان شيو ماي إحدى ذوي العائلات التجارية التايوانية المقيمة في بكين حاليا، ومن أجل لمس أولمبياد بكين عن قرب، اختارت السيدة هان شقة قريبة من الأستاد الوطني المعروف بعش الطائر كبيت جديد لعائلتها، بل نجحت أيضا في أن تصبح متطوعة أولمبية، حيث قالت:
"ماذا أستطيع أن أعمل؟ ومن المستحيل أن أشارك في الأولمبياد كرياضية لكوني نحيفة وضعيفة وغير مجيدة لأية رياضة، وتوجد فرصة تسمح ل30 شخصا من بين ذوي التجار التايوانيين بالمشاركة في الأعمال التطوعية، وإني مسرورة جدا بانتهاز هذه الفرصة، وأرى أنها فرصة سانحة لتمكيني من المشاركة في الشؤون الكبرى داخل عائلة أبناء الأمة الصينية، وأيضا فرصة لا تعوض كل ألف سنة، أ ليس كذلك؟"
وإلى جانب المواطنين الصينيين، انضم المتطوعون الأجانب أيضا إلى صفوف المساهمين للأولمبياد، منهم الآنسة ما سو فين وهي تايلاندية من أصل صيني تدرس حاليا في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين، وأصبحت بميزتها اللغوية متطوعة من ضمن 500 متطوع أجنبي يعمل في مركز النداء الخاص بالمتفرجين لأولمبياد بكين، حيث قالت:
"أشعر بتأثر وفخر كبيرين، وكلما رأيت متطوعين في بعض الأحيان خارج البيت وهم يلبسون الملابس الزرقاء الخاصة، أشعر بتأثر شديد وأحس تلقائيا أن الأولمبياد قادم، وخاصة بعد أن قرأت شعارات على جانبي الشوارع مثل "كن أحسن مضيف وافعل أفضل أولمبياد"، أشعر بتأثر بالغ، وبالرغم من أنني لا أذهب إلى مركز النداء للعمل في بعض الأحيان، إلا أنني أفضل أن ألبس بطاقتي كمتطوعة أولمبية قبل خروجي لكي تنبهني في كل لحظة بأنني متطوعة حتى ولو في أوقات فراغي."
هذا وقد حظيت الخدمات التي وفرها المتطوعون أثناء أولمبياد بكين بتقديرات واسعة النطاق من قبل البعثات الأولمبية الأجنبية، وأشادت السيدة نيشي غوندونغان بالأعمال التطوعية للسفير الصيني السابق لدى تركيا السيد وو كه مين قائلة:
"تلقت البعثة مسؤولين ورياضيين مساعدات كثيرة من السفير وو كه مين، ونحن كعائلة واحدة، ونعبر عن شكرنا الجزيل لما قدمه وغيره من المتطوعين لنا من الخدمات."
كما أشاد رئيس البعثة النيبالية السيد سيتارام ماسيكي بأعمال متطوعي أولمبياد بكين قائلا:
"يعملون بصورة جيدة جدا، ويمكنهم التبادل معنا باللغة النيبالية، حيث قدموا مساعدات جيدة جدا للرياضيين غير الناطقين باللغة الانجليزية، ولا يمكن للدول الأخرى أن تفعل ذلك، وتعد الصين قدوة يحتذى لها، وآمل في أن توفر الدول الأخرى لنا الخدمات الكاملة مثلما فعلته الصين."
على صعيد آخر، ألقى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون كلمة خاصة أعرب فيها عن تشجيعه وإشادته بمتطوعي أولمبياد بكين وأولمبياد بكين للمعوقين والمتطوعين الذين يقدمون مساهمات بارزة في تحسين معيشة الشعب الصيني.
كما قال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية جاك روغ " إن المتطوعين يمثلون السفراء الحقيقيين للحركة الأولمبية، ويجسدون الروح الأولمبية."
وأشادت بعض وسائل الإعلام الدولية المشهورة أيضا في تقارير لها بأن متطوعي أولمبياد بكين يجسدون صور بكين والصين التي تتمثل في الشباب والوطنية والحماسة المفعمة بمشاعر الفخر.
وبالرغم من اختتام فعاليات أولمبياد بكين، إلا أن روح المتطوعين جعلت روح المشاركة الأولمبية العريقة تضرب بجذورها العميقة في قلوب الشعب الصيني، ودعنا نختتم هذا التقرير بقول من صميم قلب متطوع صيني عادي يدعى ين ليانغ، إذ قال:
"تعد ابتسامات المتطوعين أحسن بطاقة هوية لبكين، أشارك وأساهم وأسعد نفسي."