روابط

الجدة ساكاماتو تحب مدينة تشنغدو

   2008-04-18 15:37:07    cri

مع انتهاج الصين سياسة الإصلاح والانفتاح على الخارج منذ أواخر سبعينات القرن الماضي، جاء إلى البلاد عدد متزايد من الأجانب للعمل والدراسة والإقامة، وتركز هؤلاء الأجانب في بداية الأمر في مختلف المدن الساحلية بجنوب شرقي البلاد، أما في الوقت الراهن، فإن عددا متزايدا منهم يختار مختلف المدن بوسط وغربي البلاد للدراسة والإقامة، ونحكي لكم في حلقة اليوم قصة حول عجوز يابانية تدعى الجدة ساكاماتو التي تعمل حاليا كمتطوعة في مدينة تشنغدو بجنوب غربي البلاد وتدرس اللغة اليابانية بدون مقابل.

استمعتم قبل قليل إلى مقطع من تسجيلات وقائع ركن اللغة اليابانية داخل إحدى مدارس اللغة اليابانية التابعة لغرفة الصداقة الصينية اليابانية بمدينة تشنغدو، ويقيم هذا الركن كل عطلة نهاية أسبوع نشاطات مختلفة لدارسي اللغة اليابانية أو من يرغب في التعرف على أحوال اليابان، حيث يطلع الحاضرون من السكان المحليين على العادات والتقاليد والثقافة اليابانية، واستمعتم قبل قليل إلى صوت صاحبة قصتنا اليوم وهي الجدة ساكاماتو البالغة من العمر أكثر من سبعين عاما وتدرس الحاضرين عبر غناء أغنية أطفال يابانية شائعة.

تقيم الجدة ساكاماتو حاليا في مدينة تشنغدو، وبدأت تدريس اللغة اليابانية في تلك المدرسة منذ عام 2004، وهي تواصل هذا العمل منذ أكثر من ثلاث سنوات، وعند حديثها عن علاقتها مع هذه المدينة الصينية، أكدت الجدة ساكاماتو أن تلك العلاقة ترجع إلى رحلة قامت بها في عام 1988 ضمن وفد سياحي ياباني ، حيث قالت:

"كانت المحطة الأولى لتلك الرحلة هي العاصمة بكين، ثم مدينة تشنغدو، إضافة إلى مدينتي قويلين وقوانغتشو ومنطقة هونغ كونغ ، واستغرقت الرحلة سبعة أيام وثماني ليالي، والجو كان ممطرا خلال اليومين اللذين زرنا فيهما مدينة تشنغدو، وتركت هذه المدينة انطباعات في أذهاننا كمدينة ملبدة بالغيوم والضباب ومعظم مبانيها أكواخ أو عمارات ذات ستة طوابق تقريبا، وكانت المدينة مدينة ذات لون رمادي قاتم."

وبالرغم من ذلك، تركت المدينة انطباعات عميقة في نفس الجدة ساكاماتو، لأنها صادفت في إحدى المحلات السياحية مدام لي هوي تشون من أهل المدينة والعاملة في ذلك المحل، وكانت الجدة ساكاماتو تشعر بأن ابتسامات الأخيرة مؤثرة للغاية، فالتقطت صورة لها، وتعهدت بإرسال الصورة إليها بعد عودتها إلى اليابان، إلا أنها اكتشفت بعد عودتها أن الفيلم لم يكن مركبا بصورة صحيحة في جهازها، وبالطبع، لم تنجح في التقاط أية صورة، فأرسلت إلى صاحبة الصورة رسالة للتعبير عن أسفها إزاء ذلك، واستعرضت الجدة ساكاماتو ذلك قائلة:

"كنت لا أعرف شيئا من اللغة الصينية، وكتبت الرسالة باللغة اليابانية، آملة في أن يقرأها لها أحد يعرف اللغة اليابانية، وتلقيت جوابا منها بعد شهر فيه ختم يحمل اسمي، وكنت مسرورة جدا لتلقي هذا الجواب المميز على الرغم من أنني لم أفهم شيئا مما كتب في سطور الرسالة التي لم أتمكن من قراءتها وإنما خمنت بعض معانيها لوجود تشابه في عدد من كلمات اللغتين، وطلبت بعد ذلك المساعدة على قراءتها من قبل العديد من الناس حتى فهمتها تماما في نهاية المطاف بعد مضي نصف سنة من تلقي الجواب."

بعد ذلك، كتبت الجدة رسالة أخرى إلى مدام لي، إلا أنها لم تتلق هذه المرة أي جواب من الأخيرة، وانقطعت اتصالاتها مع مدام لي حتى بعد مرور ثلاث سنوات على ذلك، وحاولت مرارا إعادة الاتصال مع مدام لي بواسطة أحد أهالي مدينة تشنغدو الذي كان يدرس حينذاك في مدينة هيروشيما اليابانية، ومنذ ذلك الحين حتى الآن، تكثفت الاتصالات بينهما وأصبحتا صديقتين حميمتين.

وعند استعراض تلك الفترة، أكد زوج مدام لي السيد شيا تسنغ فو لمراسلنا أنه كان يرفض إقامة علاقة بين زوجته وتلك الجدة اليابانية، لأنه أثناء فترة حرب مقاومة الغزاة اليابانيين في ثلاثينات القرن الماضي وأربعيناته، كان عدد من أقرباء السيد شيا يصبحون ضحايا لتلك الحرب، بل فقد بعضهم حياتهم خلالها، لذلك، كان لا يوافق على إجراء أي نوع من التبادلات مع اليابانيين، إلا أنه غير موقفه تدريجيا بعد أن عرف أن موقف الجدة ساكاماتو معارض للحرب أيضا، وحول تلك الفترة من التاريخ، قال السيد شيا لمراسلنا،

"إنها تكن شعورا خاصا تجاه الصين، عرفت فيما بعد أن أسرتها كانت من ضحايا الحرب أيضا، وتشعر بكراهية شديدة تجاه الحرب، وزد على ذلك، عرفت أنها عضو في جمعية الصداقة اليابانية الصينية في مدينتها هيروشيما، لذلك، تغير موقفي تجاهها تدريجيا."

وفي عام 1992، زارت الجدة ساكاماتو مدينة تشنغدو للمرة الثانية تلبية لدعوة، وولدت حفاوة الاستقبال التي لقيتها من الأصدقاء الصينيين هناك – ولدت فكرة في ذهن الجدة للقيام بزيارات أخرى للمدينة فيما بعد، وبعد ذلك، قامت الجدة ساكاماتو فعلا بزيارات متكررة للمدينة لغرض السياحة، حتى وجدت فرصة عمل في المدينة عام 1997، حيث تلقت دعوة من أحد الأصدقاء الصينيين الذي يعمل في وكالة سياحية لتعمل فيها كمستشارة، واستقرت بعد ذلك لمدة سنة واحدة في المدينة، وكانت وظيفتها الرئيسية هي مساعدة الوكالة على التسويق وترجمة المعلومات المعنية.

وتمتعت الجدة ساكاماتو بحياتها في المدينة خلال تلك السنة التي قضتها في مدينة تشنغدو، وأصبحت لديها رغبة في مواصلة هذه الحياة إذا توافرت الإمكانيات لذلك، إلا أنها اضطرت إلى العودة إلى اليابان بعد سنة لاسباب معقدة، إلا أنها اشتاقت إلى أيامها الجميلة في مدينة تشنغدو اشتياقا شديدا، وكان قلبها ينبض بسرعة كلما شاهدت برنامجا تلفزيونيا يتحدث عن مدينة تشنغدو، ثم بدأت الجدة ساكاماتو تتعلم اللغة الصينية، وحصلت على تصريح لتدريس اللغة اليابانية، وبدأت تدرسها في مركز الشباب الياباني، وفي عام 2003، أثارت مكالمة أجرتها معها مدام لي – أثارت من جديد الرغبة لديها في العودة إلى مدينة تشنغدو بعد أن عرفت أن أسرة مدام لي قد اشترت شقة جديدة بها غرفة ضيوف تمكنها من العيش مع هذه الأسرة الصينية عندما تعود إلى مدينة تشنغدو.

وفي عام 2004، وجدت الجدة ساكاماتو فرصة للحصول على إقامة طويلة في مدينة تشنغدو، لأنها وجدت عملا كمدرسة متطوعة بدون راتب في إحدى مدارس اللغة اليابانية التابعة لغرفة الصداقة الصينية اليابانية في تشنغدو، وذلك يعني أن عليها أن تعيش اعتمادا على مدخراتها السابقة في حالة قبول هذا العمل، وفي ظل هذه الظروف، عبرت الجدة ساكاماتو عن رغبتها في العيش مع أسرة مدام لي، ولقي طلبها ترحيبا حارا، واستقبلتها الأسرة بحفاوة، وفي هذا الصدد، قالت مدام لي:

"هذه المرة، هي ترغب في العيش مع أسرتنا، ونحن مسرورون باستضافتها، لأنها تثق بنا، ونحن نثق بها أيضا ومستعدون لاستضافتها، ونتعامل معها كأخت عزيزة، وتتعامل معنا كأهل، ونعيش سوية عيشة سعيدة ومتناغمة جدا، وهي جاءت إلى مدينتنا بعد أن قطعت مسافات طويلة جدا، وعلينا كأصحاب المدينة أن نستضيفها بصورة جيدة."

والآن، تستقر الجدة ساكاماتو في مدينة تشنغدو منذ أكثر من ثلاث سنوات، وعند حديثها عن التغيرات التي طرأت على المدينة خلال هذه الفترة، قالت الجدة ساكاماتو:

"تنتشر في المدينة حاليا الكثير من المباني العالية، وازداد عدد السيارات وجسور المرور فيها، ومقارنة مع مدينتي هيروشيما، لم تتغير الأخيرة إطلاقا خلال هذه السنوات، بينما تغيرت مدينة تشنغدو تغيرا هائلا، وكنت أحس بأن هذه المدينة تشبه بلدة صغيرة، ولكنها الآن، أصبحت مدينة كبيرة، وينمو اقتصاد الصين بسرعة فائقة، ويتمتع بنشاطات حيوية، وربما هذا هو السبب في التغيرات بالمدينة."

وتقوم حاليا مدام لي وزوجها برعاية الحياة اليومية للجدة ساكاماتو التي تسكن مع أسرتهما، واعتبرا فعلا الجدة اليابانية كأحد أفراد عائلتهما، بينما ركزت الجدة ساكاماتو طاقتها على القيام بأعمالها التدريسية. وعندما سئلت الجدة ساكاماتو عن أسباب حبها لمدينة تشنغدو، أجابت بابتسامة: ربما كنت من أهل مدينة تشنغدو في حياتي السابقة، إذ قالت:

" أنا أحب مدينة تشنغدو بدون سبب، وأحب الأطباق المحلية، وأحب السكان المحليين وهذه المدينة بصورة أكثر."

ولكن، الجدة ساكاماتو مضطرة حاليا لمواجهة بعض المشاكل التي ستواجهها مستقبلا بما فيها مصادر تمويل معيشتها ورعاية صحتها وغيرهما، لذا ، قررت العودة إلى اليابان في العام الحالي، وفي هذا الصدد، قالت الجدة ساكاماتو لمراسلنا بأسف:

"لا أدري هل سأندم أم لا على قرار العودة إلى اليابان، وبالرغم من أنني قد قلت سابقا إن رماد جثتي سوف يدفن في الصين، إلا أن الواقع يشكل عقبة كبيرة للوفاء بهذا العهد، وأتمنى حاليا فقط البقاء في المدينة لأطول فترة ممكنة لدراسة اللغة الصينية وتدريس اللغة اليابانية للشباب المحليين، وهو أكبر أمنية لي في الوقت الراهن."

متعلقات
ما رأيك ؟
link | اتصل بنا |
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved.
16A Shijingshan Road, Beijing, China