v الإذاعة السودانية |
v وكالة أنباء شينخوا |
v صحيفة الشعب اليومية الصينية |
v تلفزيون الصين المركزي |
v مركز معلومات الانترنت الصيني |
v سفارة الصين لدى مصر |
v الوكالة الموريتانية للأنباء |
في السنوات الأخيرة، أصبح التلوث البيئي الناجم عن زيادة عوادم السيارات مع تزايد عددها في البلاد مشكلة خطيرة تضر ببيئة الإنسان، وأصبح تطوير السيارات المقتصدة في الطاقة والصديقة للبيئة نقطة ساخنة في مجال التكنولوجيات الدولية، وتعتبر الأكاديمية الصينية لبحوث هندسة السيارات التي تقع في مدينة تشونغتشينغ بجنوب غربي البلاد أول مركز صيني لبحوث هندسة السيارات المزودة بوقود الغاز الطبيعي والتي تنهمك منذ سنوات عديدة في بحث وتطوير تكنولوجيات هذا النوع من السيارات وتعميم استخدامها، وحصل كبير المهندسين الهولندي الجنسية العامل في هذه الأكاديمية جي . دبليو. بوست البالغ من العمر 33 عاما فقط – حصل على "جائزة الصداقة الوطنية الصينية" - كبرى الجوائز الوطنية التي تمنحها الحكومة الصينية سنويا للخبراء الأجانب الذين يعملون في الصين ويقدمون مساهمات كبيرة لخدمة مصالح البلاد، وفي تقريرنا اليوم، سوف نتحدث عن قصة هذا المهندس الهولندي وأسباب اختياره البقاء في مدينة تشونغتشينغ لمواصلة بحوث هندسة السيارات.
بعد دخول مكتب المهندس الهولندي بوست، يمكن رؤية مختلف أنواع قطع غيار السيارات الموضوعة على مكتبه وزوايا المكتب وغيرهما من الأماكن، وتقف حقيبتاه الكبيرتان بشكل بارز بجانب مكتبه، علما بأن المهندس بوست عاد توا من إيران بعد رحلة عمل هناك وهو مشغول الآن في ترتيب مكتبه، حيث قال لمراسلنا إنه شيء عادي بالنسبة له أن يسافر دائما إلى مختلف أماكن العالم حاملا أجهزته التقنية، مشيرا إلى أنه دعي للعمل في الأكاديمية منذ ثلاث سنوات، إلا أن علاقته مع مدينة تشونغتشينغ تعود إلى عام 2003، وكان حينها يتولى منصب أحد مدير مشاريع أكاديمية بحوث السيارات التابعة للمنظمة الهولندية لبحوث العلوم التطبيقية، ومبعوثا كممثل لشركته إلى الصين للتفاوض حول مشروع تعاوني مع شركة تشانغآن بمدينة تشونغتشينغ والأكاديمية الصينية لبحوث هندسة السيارات بالمدينة في مجال تطوير السيارات المزودة بوقود الغاز الطبيعي، وحظيت مهارته الفنية وخبراته أثناء تلك الفترة بإشادات عالية من قبل زملائه الصينيين، وفي مايو من عام 2005، قرر المهندس بوست قبول دعوة من الأكاديمية الصينية لبحوث هندسة السيارات لأن يصبح منذ ذلك حين خبيرا في الأكاديمية، ثم باع المهندس بيته في هولندا وغادر وطنه متوجها إلى مدينة تشونغتشينغ الصينية.
"أنا أحب الصين، والتعاون بيننا جيد جدا، وكان القرار الذي اتخذته بالبقاء في الصين يعد فعلا تحديا جديدا أمامي ، وقلت لنفسي: حسنا، لم لا أجرب ذلك؟"
وفي ظل الظروف الملائمة المتمثلة في احترام المعارف والأكفاء وتشجيع الإبداعات، برز المهندس بوست كشخصية مشهورة في مجال تطوير السيارات المزودة بالغاز الطبيعي في الأكاديمية الصينية لبحوث هندسة السيارات، حيث شارك في وضع معايير فنية خاصة بهذا النوع من السيارات ومحركاتها، مما سد فراغ البلاد في هذا المجال، ونظرا لمساهماته البارزة، منحته بلدية تشونغتشينغ في عام 2005 "جائزة صداقة المضايق الثلاثة"، كما أصبح أصغر خبير أجنبي سنا يحصل على "جائزة الصداقة الوطنية الصينية" في عام 2006.
هذا ومع النمو السريع في البلاد اقتصاديا واجتماعيا خلال السنوات الأخيرة، ازداد عدد السيارات فيها باستمرار، وتفاقمت بذلك مشكلة عوادم السيارات وظاهرة الهدر والإسراف في الطاقة يوما بعد يوم، الأمر الذي دفع الحكومة الصينية إلى وضع قضية تطوير السيارات المزودة بالغازالطبيعي ضمن أولويات جدول أعمالها، وفي هذا الصدد، قال المهندس بوست إنه شهد بعينيه الإنجازات التي حققتها الصين في مجال تطوير السيارات المزودة بالغاز الطبيعي، حيث قال:
"تستخدم السيارات المزودة بالغاز الطبيعي الطاقة النظيفة، ويمكن تخفيف حدة تلوث الهواء في المدن الكبرى بتعميم استخدام هذا النوع من السيارات، وحققت البحوث المعنية في هذا المجال تطورا سريعا وملحوظا في الصين خلال السنوات الأخيرة، وتطورت تكنولوجيات السيارات في البلاد في غضون بضع سنوات فقط من استخدام وقود البنزين والديزل إلى استخدام وقود الغاز الطبيعي المضغوط، وفي مجال تطوير نظام ضخ الغاز الخاص بالسيارات، وصلت الصين في الوقت الراهن إلى المستوى العالمي المتقدم، يذكر أن الوصول إلى هذا المستوى الرفيع يحتاج عموما إلى فترة تتراوح بين عشر وخمس عشرة سنة، إلا أننا حققنا ذلك في غضون السنوات الثلاث الماضية فقط، وتعد هذه الإنجازات التي حققتها الصين تقدما عظيما على الأرض الواقع."
وعند حديثه عن أوضاع تعميم استخدام السيارات المزودة بالغاز، قال المهندس بوست إنه تم استبدال الحافلات وسيارات الأجرة القديمة وغيرهما من المواصلات العامة بحافلات وسيارات مزودة بالغاز في منطقة مقاطعة سيتشوان التي تتمتع نسبيا بموارد الغاز الطبيعي الغنية، إلا أنها لم يعمم حتى الآن استخدامها على مستوى البلاد، مضيفا أن الحكومة الصينية قد أولت اهتماما بالغا للإمكانيات الكبيرة التي يوفرها استخدام هذا النوع من السيارات لغرض حماية البيئة والاقتصاد في الطاقة، وسيعمم استخدامها حتما مع مرور الأيام على نطاق أوسع بتعزيز بناء المنشآت الأساسية ذات الصلة.
وفي الطريق المؤدي إلى مختبرات الأكاديمية، رأى مراسلنا أنواعا مختلفة من السيارات مثل الشاحنات الصغيرة المكشوفة والشاحنة الكبيرة وغيرها واقفة بجانب الطريق، وأشار المهندس بوست إلى هذه السيارات قائلا إن كل هذه السيارات تنتمي إلى السيارات المزودة بالغاز، وأشار بصورة خاصة إلى شاحنة صغيرة قائلا:
"هذه سيارة طورناها باستخدام ثلاثة أنواع من الوقود، ويمكنها استخدام الديزل والغاز الطبيعي والكحول كوقود، وذلك بغض النظر عن نسبة خلط الكحول والبنزين، أي يمكن تشغيلها سواء باستخدام البنزين الخالي من الكحول أو وقود الكحول النقي."
وأطلع المهندس بوست مراسلنا على مختبرات الأكاديمية ومركزها لفحص وتفتيش الجودة وقاعتها الخاصة باختبار السيارات الجاهزة وغيرها من الدوائر التقنية والعلمية، ووقف عند غرفة لرصد انبعاثات وقود السيارات، حيث قال لمراسلنا:
"هذه الغرفة هي مختبر متخصص لرصد انبعاثات وقود السيارات، وهي أيضا مكان نعمل فيه أطول مدة في الأيام العادية."
ومن أجل رصد انبعاثات وقود السيارات ومعالجتها، يستخدم المهندس بوست وزملاؤه الصينيون أجهزة متقدمة في هذا المجال، وأشار إلى جهاز قائلا:
"هذا الجهاز يستخدم لتحليل مكونات الانبعاثات، ومن السهل جدا أن تتفاعل كيماويا مادتان في عوادم السيارات وهما مادة أوكسيد النتروجين والهيدروكربونات تحت أشعة الشمس، مما يلحق ضررا بعيون الناس وأجهزتهم التنفسية، ومن السهل ظهور هذه المشكلة في المدن الكبرى مثل بكين وشانغهاى وتشونغتشينغ وغيرها، إلا أننا تمكنا من تخفيض المواد الضارة التي تحتوي عليها انبعاثات العوادم إلى أدنى حد باستخدام أساليب مناسبة وعبر نظم تحكم رائعة."
يذكر أن معظم الأجهزة المتقدمة داخل مختبرات الأكاديمية مستوردة من الخارج وتستخدم اللغة الانجليزية، وعند رده على سؤال من مراسلنا حول ما إذا كان زملاؤه الصينيون قادرين على إتقان استخدام هذه الأجهزة، أجاب المهندس بوست قائلا إنه يحتاج إلى فترة لتدريبهم على كيفية استخدامها، وفي الوقت الذي أبدى فيه أيضا موقفه تجاه ظاهرة هدر إمكانيات الكثير من الأجهزة المتقدمة المستوردة بسبب سوء استخدامها، قال:
"من السهل جدا شراء أجهزة متقدمة، ويحتاج ذلك فقط إلى أموال كافية ، إلا أن الشيء الأهم يتمثل في التعرف على هذه الأجهزة وكيفية إظهار قيمتها الكامنة إلى أقصى حد."
هذا وقد حظي المهندس بوست بجهوده الدؤوبة ومهارته التقنية الفائقة – حظي بإشادة عالية من قبل زملائه الصينيين، وأكد رئيس إدارة تطوير السيارات المزودة بالغاز والتابعة للأكاديمية السيد لي جين بو – أكد لمراسلنا أن المهندس بوست يعتبر رائدا مهنيا داخل الإدارة، إذ قال:
"لم أر قط في حياتي خبيرا أجنبيا ممتازا مثله، حيث لا يتمتع بمستوى فني رفيع فحسب، بل هو مستعد أيضا للذهاب إلى ورشات العمل في أية لحظة لإرشاد الأعمال ميدانيا، الأمر الذي يعد مسألة صعبة بالنسبة لمعظم الخبراء الأجانب العاملين في الصين، وبالإضافة إلى مهارته الفنية الرفيعة، يتمتع بكفاءات متكاملة أيضا في مجالات التجارة ومعالجة العلاقات الخارجية وغيرهما، وخاصة أننا أجرينا بمساعدته المزيد من الاتصالات مع مختلف الشركات الأجنبية، فأصبح جسرا يربط بيننا وبين العالم الخارجي."