المنطقة الحدودية الخلابة لمنطقة قوانغشي ذاتية الحكم

تقع منطقة قوانغشي الذاتية الحكم لقومية تشوانغ في جنوب غربي الصين، ويحدها برا جمهورية فيتنام الاشتراكية، وهي احدى أهم المناطق الحدودية، في حلقة اليوم، نتجول في المنطقة الحدودية لنتمتع بالمناظر الطبيعية والبشرية والثقافية.

ونبدأ من ناننينغ عاصمة منطقة قوانغشي الذاتية الحكم حيث نتوجه إلى الغرب بالسيارة، وبعد حوالي ساعة ونصف، نصل إلى بلدة نينغ مينغ التابعة لمدينة تشونغ تسوه، حيث تشتهر بلدة نينغ مينغ بالرسوم الجدارية ذات التاريخ العريق والمرسومة على جروف شاطئ نهر "تسوه جيانغ"، وقد أظهرت المعطيات التاريخية أن تاريخ هذه الرسوم الجدارية يعود إلى ما قبل 2000 سنة، والواضح أنه ربما رسمها الآباء والأجداد من قومية تشوانغ.

وعندما نبحر على مياه نهر "تسوه جيانغ" ، يمكننا أن نتمتع برؤية هذه الرسوم الجدارية: فأكبر رسم عرضه أكثر من 200 متر وارتفاعه 40 مترا تقريبا، أما اللون المستخدم فهو الأحمر، ونلاحظ أن هذه الرسومات تركز على الأشخاص، وطبعا، هناك أيضا رسومات لحيوانات وآلات وبعض العلامات الهندسية، ويشير الخبراء إلى أن هذه الرسوم الجدارية تبرز أيضا مظاهر الحصاد الوافر ومشاهد تقديم القرابين للآلهة.

والتساؤل هنا، كيف رسم الآباء والأجداد من قومية تشوانغ على الجروف المرتفعة رغم أنه لم تكن هناك أية وسائل حديثة في هذه الأزمان البعيدة؟ والأغرب هنا ما هي نوعية الأصباغ والألوان التي استخدمت في هذه الرسوم الجدارية والتي جعلتها لا تبهت ولا تفقد رونقها رغم مرور الزمن، الأمر بالطبع محير ويحتاج إلى دراسات متواصلة من علماء الآثار لمعرفة الإجابة على هذه التساؤلات؟

وعندما نتجول على صفحة مياه نهر "تسوه جيانغ"، تترامي إلى أسماعنا أغاني فتيات قومية تشوانغ، حيث تعزف كل فتاة على آلة موسيقية وها هي آلة تيان تشين الموسيقية التي تعتبر آلة موسيقية مميزة لقومية تشوانغ، وهي آلة وترية نقرية ذات تاريخ عريق لقومية تشوانغ، تستمعون الآن إلى أغنية عنوانها " قوانغشي الجميلة" تعزف على آلة تيان تشين الموسيقية.

بعد أن نودع الرسوم الجدارية الأسطورية وفتيات قومية تشوانغ اللائي يتمتعن بصوت عذب، نستمر في تجوالنا في بلدة نينغ مينغ ونتجه إلى الغرب بالسيارة، وبعد حوالي ساعة، نصل إلى مدينة بينغ شيانغ، وهي مدينة حدودية، وتعتبر بوابة أو منفذ "يو يى" (الصداقة) الذي يقع على الحدود المشتركة بين الصين وفيتنام أهم موقع سياحي في مدينة بينغ شيانغ، الجدير بالذكر هنا أن الصين بها تسع بوابات أو منافذ شهيرة، منها بوابة أو منفذ "شان هاي" بمقاطعة خبي ومنفذ "جيا يوه" بمقاطعة قانسو ومنفذ "جيوى يونغ" ببكين، إلا أن هذه البوابات أو المنافذ لا تستخدم منذ زمن طويل، فهي مجرد أماكن سياحية فقط، أما بوابة "يو يى" فإنها لا تستخدم للسياحة فقط، بل هي طريق هام للتبادلات الودية بين شعبي الصين وفيتنام.

قابل مراسلنا بعض الأصدقاء الفيتناميين الذين عادوا إلى بلادهم مخترقين بوابة "يو يى"، حيث قالت لي هاي شيا التي رافقت هؤلاء الأصدقاء الفيتناميين حين مرورهم من البوابة:

"يركب هؤلاء الأصدقاء الفيتناميون سيارة شركتنا حين العودة إلى بلادهم، فبعضهم يعملون ويدرسون في الصين، والآن، يستأجرون سيارة شركتنا، أما أنا فمسؤولة عن تخليص إجراءات المرور."

نتوجه الآن من بوابة "يو يى" بمدينة بينغ شيانغ إلى الشمال بالسيارة، بعد حوالي ساعتين، نصل إلى مدينة داي شينغ وهي مدينة أخرى تقع على الحدود المشتركة بين الصين وفيتنام، وهنا يجذب موقعان سياحيان السياح الصينيين والأجانب، أحدهما "بستان مينغ شي" والآخر شلال "ده تيان"، والواضح هنا أن "بستان مينغ شي" كما يتضح من اسمه هو بستان خلاب وسط الأرياف بمنطقة قوانغشي الذاتية الحكم، فعلى جانبيه تترامي الحقول الخضراء وغابات البامبو والجبال الخضراء، قالت السائحة التايوانية لو تساي تينغ التي تزور منطقة قوانغشي الذاتية الحكم للمرة الأولى:

"المناظر هنا رائعة، لم أزر مثل هذه الجبال الخلابة من ذي قبل."

هناك قول صيني: شهير أن مناظر قويلين هي أجمل مناظر في العالم، وقد يعرف بعض أصدقائنا هذا القول، ولكن مناظر الجبال والأنهار في مدينة مينغ شي تنافس وتتحدى هذا القول بالربوع المميزة، والجبال التي ترتفع هنا وتنخفض هناك، في سلسلة متلاحقة من الخضرة المتموجة، عندما نتجول هنا، نتخيل أنفسنا في الجنة.

وأما شلال ده تيان فيقع على الحدود المشتركة بين الصين وفيتنام، عرضه 100 متر وارتفاعه 80 مترا، ويعد أكبر شلال في آسيا وثاني أكبر الشلالات في العالم، عن هذا، قالت السائحة التايوانية لين يانغ جين:

"نعتقد أن المناظر هنا أجمل المناظر في العالم التي تستحق الزيارة، ولكن حاليا فإن الموسم ليس موسم المطر، ولهذا السبب، فإن مياه شلال ده تيان ليست وفيرة كما أتصور، إنني على ثقة بأنه يكون أجمل كثيرا في موسم المطر."

وأكدت السيدة لين يانغ جين ضرورة حماية البيئة الأحيائية هنا، لأن المناظر الطبيعية في "بستان مينغ شي" وشلال ده تيان تعجب كل السياح، وهي كنز مشترك يهم البشرية، كلها لذلك يجب الحفاظ على هذه البيئة وحمايتها من أي تشويه مهما كانت الأسباب.