تعزيز التدريبات على مكافحة مرض السكري للأطباء الصينيين العاملين في الوحدات القاعدية.

يعتبر مرض السكري أحد أكثر أمراض العصر شيوعا، فمنظمة الصحة العالمية تقدر عدد المصابين به بـما يناهز 230 مليون نسمة، وهذا يعني إصابة شخص واحد به من كل ستة أشخاص . ويعرف الأطباء مرض السكري بأنه مرض ينتج عن ارتفاع نسبة السكر في الدم، وهي حالة مزمنة تنتج عن نقص جزئي أو كلي في هرمون الأنسولين، الذي تفرزه غدة البنكرياس ليقوم بمساعدة السكر في الدم للوصول الى خلايا الجسم، حيث يتحول الى طاقة تساعد الجسم على الحركة. وعندما يقل الأنسولين، الذي تفرزه غدة البنكرياس في الجسم فان السكر يزيد في الدم، ولا يستطيع الجسم الاستفادة منه، ولذلك نراه يظهر في البول. وفي الصين، يقدر عدد المصابين بهذا المرض الآن بما يقرب من 50 مليون نسمة، مشكلين خمس عدد المصابين على مستوى العالم، والأمر الأخطر من ذلك يتمثل في أن نسبة الإصابة به في البلاد لا تزال ترتفع بشكل متسارع نسبيا خلال السنوات الأخيرة.

هذا ومن أجل خفض نسبة الإصابة بمرض السكري وتحسين ظروف الكشف عنه وعلاجه، قامت وزارة الصحة الصينية والجمعية الصينية للعلوم الطبية - قامتا خلال السنوات الثلاث الماضية بتدريبات دورية على المهارة الطبية للكشف عن المرض وعلاجه للأطباء العاملين في الوحدات القاعدية المنتشرة في 23 مقاطعة صينية ومنطقة ومدينة صينية على مستوى المقاطعة، إضافة إلى تعزيز أعمال التوعية وتعميم معارف المرض وأساليب علاجه بين السكان المحليين.

يعد مرض السكري مرضا مزمنا، لا يمكن الشفاء منه نهائياً في الوقت الحالي، لكن علاجه بأساليب علمية وصحيحة سيساعد على السيطرة الفعالة على تطور هذا المرض، لذلك، فإن الكشف المبكر عنه وعلاجه الصحيح والوقاية من مضاعفاته تتحلى بمغزى هام جدا بالنسبة لخفض نسبة العوق البدني والوفيات بين المصابين به وبمضاعفاته. وفي هذا الصدد أكد نائب رئيس الجمعية الصينية للعلوم الطبية السيد وو مين جيانغ قائلا:

"إن مرض السكري يمكن الكشف عنه وعلاجه، وإذا تم الكشف عنه مبكرا وتلقى المصابون به علاجا ملائما، فإن ذلك سيساعد المصابين على الوقاية من مضاعفاته العاجلة والمزمنة، وذلك من خلال مواصلة رفع مهارة الأطباء في هذا المجال، وهو أمر يتحلى بمغزى هام بالنسبة لخفض نسبة العوق البدني والوفيات بين المصابين به وبمضاعفاته."

ومع استمرار ارتفاع مستوى معيشة الصينيين وتغير أساليب معيشتهم، شهدت نسبة الإصابة بمرض السكري ارتفاعا متسارعا نسبيا في الصين في السنوات الأخيرة، حيث كانت هذه النسبة 0.67% فقط في عام 1979، بينما وصلت إلى 3.6% في عام 1996، وفي الوقت الراهن، تجاوزت هذه النسبة في بعض المناطق الصينية 5%. ولوضع حد لتفاقم هذه الظاهرة، واصلت الحكومة الصينية تعزيز جهودها لمكافحة هذا المرض من خلال توظيف المزيد من الأموال لدعم ميزانيات المستشفيات ومؤسسات البحوث للأدوية الجديدة في هذا المجال، بغية رفع القدرة على مكافحة مرض السكري، إلا أن التوزيع الجغرافي لموارد مكافحة المرض لا يزال غير متوازن في البلاد، حيث ترتكز معظم هذه الموارد في المدن الصينية الكبرى، بينما تقل في المدن المتوسطة والصغيرة ناهيك عن المناطق الريفية الصينية التي قلما يجد الأطباء الباطنيون العاملون فيها فرصا للاستماع إلى محاضرات الخبراء وتنقصهم المعارف والتكنولوجيات الجديدة الخاصة بالكشف عن مرض السكري ومعالجته، لذلك، لا تزال نسبة الكشف عن المرض منخفضة في هذه المناطق.

هذا وقد بدأت وزارة الصحة الصيينة والجمعية الصينية للعلوم الطبية نشاطات توعية تحمل اسم // المسيرة الكبرى الجديدة للصحة// منذ عام 2004 ، بهدف تعميم معارف مرض السكري في الوحدات القاعدية الصينية، وشملت هذه النشاطات 23 مقاطعة صينية ومنطقة ومدينة صينية على مستوى المقاطعة، وتم إرسال مئات الخبراء المعنيين إلى مختلف المدن والمستشفيات الريفية الصينية للقيام بالتدريبات والتوجيهات الميدانية، وتعميم أحدث التكنولوجيات السريرية الخاصة بمرض السكري، ورفع مهارة الأطباء المحليين على الكشف عن المرض وعلاجه. وكان الأستاذ تشن هونغ أحد هولاء الخبراء المبعوثين لتولي مهمة أستاذ مشرف خلال نشاطات المسيرة الكبرى الجديدة للصحة، وعبر عن تأثره الشديد بالتدريبات التي كان يشرف عليها، حيث قال:

"أحس بالوضع خطير جدا بسبب نقص معارف مرض السكري بين الأطباء المحليين، وأن التأخر في تجديد معارفهم ذات الصلة أثر بشكل مباشر على أعمال مكافحة هذا المرض وفاعليتها في الوحدات القاعدية."

وأثارت هذه التدريبات ردود فعل إيجابية بين الأطباء المحليين باعتبارهم مشاركين فيها، مؤكدين أن هذا النوع من نشاطات التوعية لها "أهداف واضحة" و"تلبي احتياجات الوحدات القاعدية"، وهي ضرورية وآنية بالنسبة للمناطق الريفية والمدن المتوسطة والصغيرة الصينية، لأنها ساهمت في رفع مستوى الأطباء المحليين في الكشف عن المرض ومعالجته، ووضع معايير معينة في هذين المجالين، حيث قال الطبيب هو تسينغ تشيآنغ من مستشفى الشعب بمحافظة لين شيا التابعة لمقاطعة قانسو بشمال غربي الصين:

"في منطقتنا التي تعتبر إحدى المناطق النائية والمكتظة بالأقليات القومية، حيث مستوى النمو الاقتصادي متخلف نسبيا وتفتقر إلى قنوات سلسة لنشر المعلومات، وتتجدد معارفنا كأطباء محليين بشكل بطيء، ناهيك عن إتقاننا استخدام التكنولوجيات الحديثة المتخصصة في علاج مرض السكري."

وأضاف الطبيب هو تسينغ تشيانغ أن عدد المصابين بمرض السكري ازداد بدرجة كبيرة في محافظة لين شيا في السنوات الأخيرة، ولا يمكن للكثير منهم تلقي علاج علمي ومنتظم محليا، مما أدى إلى تفاقم مرضهم، بينما أضطر بعضهم إلى السفر إلى مدينة لانتشو حاضرة المقاطعة لتلقي العلاج، الأمر الذي كلفهم أموالا باهظة، وجعل الفلاحين الذين تخلصوا من الفقر حديثا يعيشون في فقر جديد بسبب أمراضهم، ووصف الطبيب هو تسينغ تشيانغ نشاطات "المسيرة الكبرى الجديدة للصحة" بأنها "أمطار الخير والبركة" بالنسبة للأطباء والمصابين المحليين الذين يتعطشون للتكنولوجيات والمعارف الحديثة في مجال مكافحة مرض السكري، إذ قال:

"جميع الأطباء في المستشفى يشيدون بهذه النشاطات قائلين بأنها أسهمت في رفع وعينا تجاه مرض السكري بشكل ملحوظ وتثقيفنا بالعديد من المعارف والأساليب الجديدة في مجال الكشف عن هذا المرض وعلاجه، وحقق الأطباء الذين شاركوا في التدريبات المعنية نتائج مثمرة، حيث قالوا إن فريق المدربين التابع للنشاطات كان قد ترك لنا فريقا طبيا لن يغادرنا مرة أخرى بعد هذه التدريبات."

وجاء في إحصاءات أنه بانتهاء نشاطات المسيرة الكبرى الجديدة للصحة في يونيو الماضي، شاركت في هذه النشاطات أكثر من 1200 وحدة طبية قاعدية، وتم خلالها التدريب على المعارف والمهارات الخاصة بمكافحة مرض السكري وشمل التدريب أكثر من 32 ألف طبيب محلي، منهم 18 ألفا من الوحدات الطبية على مستوى المحافظات، و14 ألفا من الوحدات الطبية على مستوى البلدات والنواحي.

وأشار كبير الخبراء المشرفين على نشاطات المسيرة الكبرى الجديدة للصحة السيد شو تسانغ رونغ قائلا:

"إن نشاطات المسيرة الكبرى الجديدة للصحة تعد حدثا عظيما، حيث قطعت أكثر من 100 ألف كيلومتر، وتم خلالها تدريب أكثر من 300 ألف طبيب وطبيبة ، وخاصة من الأطباء العاملين في الوحدات القاعدية الذين نادرا ما يجدون مثل هذه الفرصة لتلقي التدريبات."

هذا وقد أشادت نائبة مصلحة الوقاية من الأمراض والسيطرة عليها التابعة لوزارة الصحة الصينية السيدة كونغ لين تشي – أشادت بنشاطات المسيرة الكبرى الجديدة للصحة، قائلة إنها حققت إنجازات كبيرة، مضيفة أن الأجهزة الصحية والطبية المعنية ستقوم باستخلاص خبرات هذه النشطات مبكرا وتعزيز إنجازاتها، ساعية إلى مواصلة هذا النوع من التدريبات الموجهة للأطباء المحليين في الوحدات القاعدية والأرياف الصينية بشكل معمق ودائم.