الرياضة تسهم في تهدئة الجروح التي خلفتها الحروب

من بين الرياضيين المشاركين في اولمبياد بكين للمعوقين هناك مجموعة خاصة تسببت الحروب في عوقهم، وبعضهم لا يزالون يعيشون في ظلال تهديدات الحروب، لكن روحهم المتمثلة في المثابرة والكفاح العنيد تحقق الفرح للمتضررين بالحروب وخففت معاناتهم، وتجعلنا نشعر بقيمة السلام.

إن الرياضي الايراني المعوق ارديشير ماهيني الذي يبلغ ال44 من عمره هو كابتن فريق كرة القدم الايراني المكون من سبعة رياضيين معوقين بسبب شلل الدماغ، كان ماهين قد أصيب أثناء الحرب الايرانية العراقية 1980-1988، اذ أصابته شظية قذيفة في دماغه الأيسر، ومنذ ذلك الوقت، ظلت هذه الشظية في دماغه، فأصبح معوقا بشلل الدماغ، لكنه لم يقبل أن يقضى بقية حياته على كرسي متحرك، فعزم على بذل أقصى جهوده للتمكن من الوقوف من جديد، ولعب كرة القدم مثل العاديين، ونجح في ذلك أخيرا. وقال ماهيني لمراسلنا:

"هناك شظية قذيفة كبيرة في دماغي الأيسر، ومن المستحيل استعادة صحتى إلى أن أكون مثل شخص طبيعي، ومنذ انضمامى إلى المنتخب الايراني لكرة القدم للمعوقين، ركزت كل جهودي في لعب كرة القدم، حتى نسيت أننى معوق بعد أن أصبحت قادرا على لعب كرة القدم مثل الاشخاص الطبيعيين. "

خلفت الحرب الكمبودية التي استمرت لفترة طويلة خلال القرن الماضي العديد من الألغام والمتفجرات المدفونة تحت الأرض، وحتى اليوم، ما زالت هذه الألغام والمتفجرات تهدد سلامة الإنتاج والمعيشة للمواطنين الكمبوديين. ان الرياضي الكمبودي المعوق كيم فانا البالغ ال40 من عمره هذا العام فقد رجله اليمنى خلال انفجار لغم عام 1989، لكنه لم ييأس أو يفقد الأمل، بل بدأ بممارسة الرياضة البدنية، ويركز كل جهوده في التمرينات والمنافسات للسباقات القصيرة، وحتى الآن، حصل على 18 ميدالية على مختلف المستويات، وأصبح نموذجا للرياضيين المعوقين في كمبوديا وحتى في منطقة جنوب شرقي آسيا بأسرها.

وخلال دورة بكين الأولمبية للمعوقين، شارك كيم فانا بصفته الرياضي الوحيد الذي أرسلته كمبوديا للمشاركة في هذه الدورة، شارك في سباقي 100 متر و200 متر، وبالرغم من أنه لم يحقق نتيجة مرضية في هذين السباقين، لكنه ما زال يشعر بفخر واعتزاز بمشاركته لاول مرة في مسابقات عالمية، وأكد أنه سيكثف جهوده في التمرينات والمسابقات في المستقبل، لأنه اعتبر هذه اللعبة وسيلة لتحقيق قيمته الذاتية، ها هو يقول:

"بدأت أمارس الرياضة البدنية منذ عام 1999، ثم أصبحت رياضيا محترفا، وبعد ذلك، اختارتنى اللجنة الاولمبية الكمبودية للمعوقين لأكون عضوا بالمنتخب الوطني لألعاب القوى للمعوقين، وشاركت في العديد من المسابقات بمنطقة جنوب شرقي آسيا، وحصلت على 18 ميدالية حتى اليوم، وآمل في التغلب على كافة الصعوبات بصمودي وإرادتي، وتحقيق قيمة نفسي. "

وفي نهائي مسابقة رفع الأثقال في وزن 56 كيلوغراما للرجال خلال اولمبياد بكين للمعوقين، فاز الرباع العراقي رسول كاظم على منافسيه وحصل على ميدالية فضية، وهى اول ميدالية يحصدها العراق خلال هذه الدورة الاولمبية للمعوقين، وقال رسول كاظم بتأثر بعد المسابقة إن هذه الميدالية هى للشعب العراقي كله، معربا عن أمله في تحقيق المزيد من الميداليات للعراق في المستقبل، لكي يرفرف العلم الوطني العراقي في الملاعب بمختلف أنحاء العالم، وأضاف قائلا:

"مع أن العراق لا يزال يواجه أوضاعا صعبة حاليا، غير أن الرياضيين العراقيين فازوا في المسابقات الرياضية، وحصلوا على ميداليات، ويعتبر ذلك أفضل هدية لبلادنا، وبالرغم من أن الشعب العراقي يعاني حاليا من الصعوبات، غير أننا سنبذل أقصى جهودنا لتحقيق نتائج ممتازة في المسابقات الدولية باستمرار."

تعاني أفغانستان أيضا من الاضطرابات خلال السنوات الأخيرة، لكنها أرسلت الرباع محمد فاهم أحمدى للمشاركة في اولمبياد بكين للمعوقين. كان هذا الرياضي قد أصيب بجروح في رجله خلال انفجار لغم أثناء الحرب، وبالرغم من صعوبات ومشقات الحياة، تحدوه ثقة ثابتة بان الرياضة هى الوسيلة الفعالة لمساعدة أبناء بلاده للخروج من ظلال الحرب، ها هو يقول:

" أود أن أقول إنه بإمكان الرياضة مساعدة الشباب للخروج من ظلال المخدرات والحروب الفظيعة، أنا واثق في أنه اذا عدت إلى افغانستان بنتيجة ممتازة من هذه المسابقات الدولية، فسيشجع ذلك المزيد من المعوقين على المشاركة في الرياضة البدنية ، إن الرياضة مفيدة لهم جسديا ومعنويا. "

في الوقت الذي يتجمع فيه أعضاء الاسرة الكبيرة لاولمبياد المعوقين ببكين، لنشكر المساهمات التي قدمها هؤلاء الرياضيون المعوقون الذين عاشوا او ما زالوا يعيشون في ظل اضطرابات الحروب ولنعمل على تضميد جراح الحروب في كل مكان ونشجع السلام في كل العالم، كما نتطلع إلى أن يعم الرخاء أرجاء العالم باسرع ما يمكن.