v الإذاعة السودانية |
v وكالة أنباء شينخوا |
v صحيفة الشعب اليومية الصينية |
v تلفزيون الصين المركزي |
v مركز معلومات الانترنت الصيني |
v سفارة الصين لدى مصر |
v الوكالة الموريتانية للأنباء |
تقع بلدة سان ينغ في مدينة قوه يوان بمنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي المسلمة شمال غربي الصين. وبها شوارع وطرق عريضة هادئة خالية من الزحام الذي يسود معظم المدن الأخرى. أما صورة النساء اللواتي يمشين داخل البلدة، وهن في ثياب قومية متميزة، وعلى رؤوسهن قبعات بيضاء، فزادت على ملامح البلدة منظرا فريدا متميزا. ويصطف على جانبي الطرق محلات تجارية متنوعة، منها محل لي قوي هوا لبيع المفروشات السريرية. وزار مراسلنا مؤخرا هذا المحل الصغير، قابل السيد يانغ مينغ جون – زوج لي قوي هوا، وتحدث عن زوجته لمراسلنا مشيرا باصبعه الى صورة معلقة داخل المحل قائلا:
" إنها مندوبة في المجلس الوطني الثامن لنواب الشعب الصيني، وتمثل فلاحي منطقة نينغشيا كلها في هذا المجلس .... "
كانت لي قوي هوا في الصورة تصافح احد قادة الدولة لدى حضورها كمندوبة في احد اجتماعات المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني. وتتولى حاليا أيضا منصب رئيسة جمعية الصناعة والتجارة الخاصة بمنطقة نينغشيا. وجدير بالذكر انها قد بذلت جهودا كبيرة لدفع تطبيق مشروع نقل مياه النهر الأصفر الى مدينة قوه يوان، مما حل مشكلة امداد مياه الشرب داخل المدينة. حول أعمالها كمندوبة في المجلس الوطني لنواب الشعب تتحدث لي قوي هوا لمراسلنا قائلة:
" إني فلاحة عادية، ولكن أريد القيام بأعمال أخرى لكسب تجربة جديدة في الحياة. لقد قرأت الكثير من الكتب، واستفدت منها كثيرا، الأمر الذي جعلني أنظر الى الأشياء بنظرة بعيدة نسبيا وخاصة إزاء الحياة سواء أ كانت ميسرة أو معسرة .... "
كانت أكثر المسائل التي تساورها أثناء ممارسة واجباتها كمندوبة في المجلس الوطني لنواب الشعب هى شؤون المدارس والتلاميذ والمعلمين. ويرجع ذلك الى تجربتها الماضية وحياتها في طفولتها. لأنها ولدت في عائلة فقيرة، وعندما بلغت السنة الأولى والنصف من العمر توفي أبوها بسبب المرض. وقالت لمراسلنا إن في مسقط رأسها الكثير من البنات المسلمات بقين في البيوت ولم يلتحقن بالمدارس بسبب الفقر من جهة، والمفهوم التقليدي القديم من جهة أخرى، وعندما بلغت لي قوي هوا الحادية عشرة من عمرها عبرت أمام العائلة عن طلبها للالتحاق بالمدرسة. رغم المعارضة الشديدة من العائلة إلا أنها ظلت مصرة على طلبها هذا. فتحققت أخيرا رغبتها. وكانت تهتم بالفرصة الدراسية التي حصلت عليها بلا سهولة حيث ظلت مجتهدة في الدراسة. وبجهودها الجبارة أكملت دراستها في المرحلة الابتدائية بثلاثة أعوام فقط. ونظرا لنتيجتها الممتازة قبلتها مدرسة المعلمين بمدينة قوه يوان بدون اختبار. وهذه التجارب أشعرت لي قوي هوا بأن للتعليم والتثقيف أهمية بالغة وخاصة بالنسبة لاولاد الفلاحين، كما رأت أن لدى قضية التعليم والتثقيف في المناطق الريفية كثيرا من المشاكل والصعوبات لا بد من معالجتها. فعقدت العزم على بذل جهودها وقوتها لخدمة قضية التعليم والتثقيف في الريف، وتتحدث عن هذا الموضوع قائلة:
" إذا لم يلتحق أولاد الفلاحين بالمدارس فلن يكون لديهم مستقبل، لأنني درست في مدرسة المعلمين فأدركت أن التعليم له أهمية بالغة بالنسبة للفلاحين. لذلك أريد أن أعمل على تعليم واعداد المزيد من الطلاب البارزين من المناطق الريفية ...... "
بعد أن تخرجت لي قوي هوا من مدرسة المعلمين في ستينات القرن الماضي، طلبت من القيادة أن تذهب الى الريف للعمل في مدرسة ريفية. كانت المدرسة التي عملت فيها لي قوي هوا ليست كالمدارس الحالية المتكاملة الظروف والتجهيزات والمرافق الضرورية الأخرى كما نراها في معظم المناطق، بل كانت مجرد معبد قديم يضم عدة غرف رثيثة خالية من المكاتب والكراسي. فقامت لي قوي هوا بجمع بعض المكاتب والكراسي القديمة من الأماكن الأخرى مع نقلها الى المعبد، ثم بدأت استقبال التلاميذ الجدد الذين كانوا في أعمار مختلفة، وأكبرهم في السابعة عشرة والثامنة عشرة سنة، أما أصغرهم فكانوا في الرابعة أو الخامسة فقط. وكانوا جميعا أميين لا يعرفون القراءة والكتابة ولو كلمة واحدة. فبدأت لي قوي هوا تعلمهم المعلومات الثقافية كما تعتني بهم في حياتهم، حيث اشترت لهم الكتب والدفاتر والأدوات الدراسية الأخرى بأموالها الخاصة، ورغم الظروف الصعبة إلا أن لي قوي هوا نجحت في اعداد وتأهيل 147 تلميذا من هذه المدرسة الابتدائية خلال أربعة أعوام.
عندما نهضت المدرسة وبدأت تتطور، بدأت الصين تطبيق استراتيجية الاصلاح والانفتاح، فتحسنت كل الأوضاع تحسنا تدريجيا في كافة المجالات بما فى مجال التعليم والتثقيف. ومع هذا التطور شعرت لي قوي هوا بأن مستواها وقدراتها وخاصة معلوماتها وأساليبها المستخدمة لتعليم التلاميذ الصغار أصبحت متخلفة لا تسد طلباتهم وحاجتهم. فقررت ضم مدرستها ضمن مدرسة أخرى كانت ظروفها أفضل. أما لي قوي هوا فغادرت المدرسة واعتزلت العمل التدريسي إلا انها ظلت مهتمة بأولاد الفلاحين وتعليمهم. وأرادت ارسال المزيد منهم الى الالتحاق بالمدارس حتى الجامعات، ولقيت فكرتها هذه موافقة ودعما من زوجها يانغ مينغ جون الذي تحدث عنها قائلا:
" لا قيمة لأي شخص وخاصة الطفل الصغير إذا لم يتلق التعليم والتثقيف ولم يستوعب المعارف والمعلومات. أنا لم ألتحق بالمدرسة في طفولتي، لذلك لا أريد أن يسير الاولاد الصغار على طريقي القديم. بل يجب أن يتعلموا حتى يلتحقوا بالجامعات ..."
فتحت لي قوي هوا مع زوجها محلا تجاريا لبيع الملابس من أجل مساعدة أولادهما وضمان اكمال دراستهم، لقد التحق أولادهما الستة جميعا بالمدارس حتى الجامعات. وقالوا لمراسلنا إن نجاحهم يرجع الى والديهما وخاصة لأمهم لي قوي هوا. وقالت إبنتها الخامسة يانغ شو ينغ لمراسلنا:
" تهتم أمي بدراستنا اهتماما كبيرا، وتشجعنا دائما وتساعدنا في كافة المجالات وخاصة في الدارسة. وبفضل تشجيعها نجتهد جميعا في الدراسة ونتسابق فيها. ويمكن القول إنه لو لا تشجيع من أمي ومساعدتها لما حققنا هذا النجاح في الدراسة .... "
وحاليا تدرس بنات لي قوي هوا جميعا في معاهد وجامعات المعلمين. وفي اليوم الذي التحقت ابنتها الكبرى بمعهد المعلمين كانت لي قوي هوا مسرورة للغاية حتى لم تنم في تلك الليلة. وبعد أن لاحظت جميع أولادها قد التحقوا بالمعاهد والجامعات بدأت تفكر في شئ جديد. هو أنها تأمل في ان يلتحق المزيد من أولاد الفلاحين بالمدارس. كانت قد طلبت من احدى بناتها قبل تخرجها من معهد المعلمين أن تذهب بعد التخرج الى مدرسة ريفية للعمل فيها. ولم تفهم البنت أمها في بداية الأمر حيث قالت لها: لماذا تطلبي مني أن أترك الحياة المريحة في المدينة، لأعمل في الأرياف ذات الظروف الصعبة في العمل والحياة. إلا أن لي قوي هوا قامت بتثقيفها وترشيدها وتوعيتها بأهمية تعليم أولاد الفلاحين واعدادهم حيث قالت إن ذلك جزء هام من قضية رفع المستوى الثقافي لأبناء الشعب وللأمة الصينية كلها. أما الذهاب الى الأرياف والعمل فيها فليس من أجل أولاد الفلاحين فحسب بل يمكن أن يستفيد أي شخص من هذه التجربة فوائد كثيرة أيضا. وتحدثت لي قوي هوا عما كانت تتحدثه لإبنتها قائلة:
" تحتاج المناطق الريفية الى المعلمين. فالذهاب اليها والعمل فيها من أجل تعليم أولاد الفلاحين. له مغزى هام جدا. كما يمكنك أن تستفيد كثيرا من هذا العمل أيضا ... "
الدراسة والتعلم غيرت مصير لي قوي هوا ومصير أولادها أيضا. وستغير أيضا مصير الكثير من الناس، والآن فهمت بنات لي قوي هوا ما تفكر به أمهن حيث أدركن أن أمهن لم تفكر في مستقبلهن فحسب بل تفكر أيضا في مستقبل الآخرين، وتريد منح المزيد من الفرص الدراسية للمزيد من أولاد الفلاحين. وبعد فهم ذلك ذهبت يانغ شو ينغ / إبنتها الخامسة بعد تخرجها من جامعة ين تشوان للمعلمين الى منطقة ريفية لتعمل معلمة في احدى مدارسها، وقالت هذه المعلمة الشابة لمراسلنا:
" ولدت وترعرعت في الريف، فيجب على أن أعود بعد التخرج من الجامعة الى الريف للعمل فيه، ورغم أن ظروف الحياة في المدينة ميسرة مريحة، إلا أنني يجب أن أقدم الخدمات للفلاحين وأولادهم ..... "
حاليا تعمل أربع من بناتها معلمات في المدارس الريفية. أما هى فتهتم أكثر بقضية التعليم والتثقيف وخاصة تعليم أولاد الفلاحين. وتتحدث عن ذلك لمراسلنا قائلة:
" لو عدت الى الشباب مرة ثانية فسأعمل معلمة أيضا، وأدرس التلاميذ الصغار لاعدادهم وتأهيلهم ليصبحوا بارزين يخدمون الوطن والشعب .... "