v الإذاعة السودانية |
v وكالة أنباء شينخوا |
v صحيفة الشعب اليومية الصينية |
v تلفزيون الصين المركزي |
v مركز معلومات الانترنت الصيني |
v سفارة الصين لدى مصر |
v الوكالة الموريتانية للأنباء |
قبل شرح هذه الخطة نقدم لكم قصة حقيقية حدثت في الصين القديمة باعتبارها المصدر الاصلي لهذه الخطة الحربية المشهورة.
في عهد الممالك المتحاربة الموافق القرن الثالث قبل الميلاد شهدت الصين القديمة حروبا مستمرة بين مختلف الممالك حيث كانت تحارب بعضها ضد البعض حينا وتحالف بعضها الآخر حينا آخر، كانت الأوضاع متقلبة ومعقدة جدا. ومن بين هذه الممالك مملكة تشين التي كانت أقوى من سائر الممالك في ذلك الوقت. وكان الامبراطور تشين يفكر دائما في ضم الممالك الأخرى بقوة لتوحيد البلاد كلها. إلا أن مملكة تشي الواقعة بشرقي البلاد كانت قوية أيضا وشكّلت أكبر عقبة وأقوى منافس لأمبراطور تشين، فاعتزم ارسال جيشه لمحاربة هذه المملكة. إلا أن مستشاره فان وي لم يكن موافقا على فكرة الامبراطور معتقدا بأن مملكة تشي بعيدة عن مملكة تشينغ، وإذا نفذت فكرة الامبراطور المذكورة فسيقطع جيشه مسافة بعيدة عبر أرض مملكتي هان ووي المتاخمتين لمملكة تشين، الأمر الذي سيكلف الجيش جهودا كبيرة ووقتا طويلا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى إذا لم يكن الجيش الذي تم ارساله لمحاربة مملكة تشي قويا وكبير العدد، فمن الصعب أن يحقق النصر، وإذا أرسل الإمبراطور معظم جنوده الى ميدان القتال فسيكون الدفاع في مملكته ضعيفا غير قادر على مواجهة أي هجوم من مملكة أخرى. لذلك اقترح المستشار فان وي اجراء المفاوضات مع مملكة تشي للتوصل الى اتفاق سلام معها، وشن الهجوم في نفس الوقت على مملكتي هان ووي الصغيرتين والمجاورتين لمملكة تشينغ للاستيلاء عليهما أولا.
تبنى أمبراطور تشينغ اقتراح فان وي، وتوصل مع امبراطور تشي الى اتفاق التعايش السلمي. ثم أرسل جيشه لمحاربة مملكتي هان ووي وغيرهما من الممالك الصغيرة الأخرى المجاورة، واحتلها جميعا فعلا، واستولى بذلك على مناطق شمالي غربي البلاد. وبعد ذلك أعلن الحرب ضد مملكة تشي في الشرق ومملكة تشو – مملكة قوية أخرى في الجنوب – واحتلهما في النهاية. وأسس بعد ذلك اسرة تشين التي تعتبر أول دولة اقطاعية موحدة في تاريخ الصين القديم.
الهدف الرئيسي لخطة "محالفة البعيد لمهاجمة القريب" هو تنظيم عملية عسكرية لمهاجمة العدو القريب أولا في حالة أن العدو الرئيسي المطلوب كان بعيدا نسبيا وصعب الانتصار عليه للسبب الجغرافي. لأن محالفة البعيد تمكّننا من عدم مواجهة خصوم مفترضين، وتساعدنا علي الانتصار على العدو القريب، ومن ثم تركيز القوات لتوجيه الضربات على الأعداء بالمكان البعيد، والانتصار عليهم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن محالفة الخصوم بالأماكن القريبة في ظل الحرب غير صالح ضمان السلامة، لأنهم قد يصبحون أعداءا يهددون سلامتنا في أي وقت من الأوقات. لذلك يجب إزالتهم من حولنا.
تستخدم خطة " محالفة البعيد لمهاجمة القريب " أيضا في السياسة. مثلا كانت الصين في القرن الرابع العشر الميلادي والموافق عهد أسرة يوان الملكية قد شهدت العديد من الانتفاضات ضد الحكم الملكي. ومن أبرزها انتفاضة الفلاحين المتمردين بزعاية تشو يوان تشانغ. وفي الحروب والمعارك على امتداد سنوات عديدة تعززت قوات المتمردين وتضخمت، وأسقطت أخيرا أسرة يوان الملكية، وأسست مملكة جديدة تعرف باسم مملكة مينغ يحكمها تشو يوان تشانغ باعتباره امبراطورا لها. ومنح المناصب والمكاسب لكبار أنصاره وضباطه الذين كانوا يساعدونه ويرافقونه في الحروب. وبعد سنوات ساورته المخاوف من أن هؤلاء الضباط الذين قد أصبحوا حينذاك وزراءه، قد يدبّرون تمردا ضده ويسقطون حكمه. فاستخدم خطة " محالفة البعيد لمهاجمة القريب " لإضعاف قواهم بواسطة زرع بذور الشقاق وبث الفتنة والتفريق فيما بينهم حتى قام باعتقال وقتل بعضهم بعد كشف مؤامراتهم ومحاولاتهم الخفية ضده. وفي الوقت نفسه استدعى الأكفاء والموهوبين بواسطة الاختبارات والامتحانات ليكونوا وزراء جددا له نظرا لعدم وجود خلفية سياسية لديهم، ولا يشكلون تهديدا لحكمه وسلامته وبالأحرى يشكرونه على ما منحهم من المناصب والنعم والمنافع.
تكتسي خطة " محالفة البعيد لمهاجمة القريب " بلون الخداع، إلا أنها فعالة إذا لم يكن بامكاننا تحقيق خطتنا الاستراتيجية في الانتصار على المنافس الرئيسي، ويمكننا في هذه الحالة أن نتفق معه على التعايش السلمي بشكل مؤقت من أجل الحفاظ على مصالحنا المستقبلية.