v الإذاعة السودانية |
v وكالة أنباء شينخوا |
v صحيفة الشعب اليومية الصينية |
v تلفزيون الصين المركزي |
v مركز معلومات الانترنت الصيني |
v سفارة الصين لدى مصر |
v الوكالة الموريتانية للأنباء |
تبعث الصين بالفرق الطبية إلى الدول الافريقية منذ عام 1963 واستمر هذا العمل خمسا وأربعين سنة. وخلال هذه الفترة قدم أكثر من عشرين ألف طبيب صيني خدمات طبية ممتازة ونالوا الثقة التامة والاحترام من الدول الافريقية حكومات وشعوب. وأنجز مؤخرا الفريق الطبي الصيني السابع والعشرون لمساعدة موريتانيا الذي شكلته مقاطعة هيلونغجيانغ شمال شرقي الصين مهمته بصورة كاملة، وعاد إلى الصين. اليوم، لنقترب من الأطباء الصينيين ضمن هذا الفريق الطبي، ونستمع إلى قصصهم في العمل والحياة بافريقيا.
السيد لي وي آن رئيس فريق طبي فرعي في افريقيا رجل طويل القامة وقوي الجسم، وتحدث لنا عن أحوال العمل والحياة في افريقيا وهو يبتسم. ولم يتكلم كثيرا عن الظروف القاسية هناك، رغم ذلك، يمكننا الإحساس بافريقيا من خلال كلامه.
"في الفصل الجاف دائما ما تكون درجة الحرارة داخل غرفة مجهزة بالمكيف خمسا وثلاثين درجة، وفي الفصول العادية تصل الدرجة المتوسطة في الأيام الصافية إلى خمس وأربعين أو خمسين درجة، وكنا قد قمنا بقياس درجة الحرارة ليوم حار جدا، لكن النتيجة هى تعطل المقياس بسبب شدة الحرارة، وكانت تصل ربما إلى حوالي سبعين درجة حسب تصوراتنا."
تعتبر الحرارة اللاهبة اختبارا وتحديا شديدا بالنسبة لأعضاء الفريق الطبي. وقال لي وي آن إنه بالمقارنة مع الجو الجاف الحار في موريتانيا، يعتبر مسقط رأسه في الصيف جنة. وفي موريتانيا، حينما يقف شخص في الخارج، فإن أبرد مكان هو جسمه.
"نظرا للتعرق الكثير، بنيت حجرة في مكان إقامتنا لأن نأخذ الدش، حيث توضع المياه في صندوق حديدي كبير في الخارج، لكن المياه بعد التعرض لأشعة الشمس عند الظهر تصبح حارة للغاية لا يمكن استخدامها مباشرة. إن الظروف هناك مثل محمصة الخبز، والإنسان فيها مثل في ساونا SAUNA، أما الفصل الجاف، فلا توجد أي قطرة من المياه."
رغم الظروف القاسية، لكنهم تعودوا على الحياة هناك بعد سنتين، وعندما استذكر الأيام الأولى لوصولهم إلى الأرض الافريقية، ما زالت الأحوال ماثلة في أذهانهم. يعود الوقت إلى يوليو عام 2006، وبعد السفر الذي استمر أكثر من عشر ساعات بالطائرة، وصل الفريق الطبي الصيني إلى نواكشوط عاصمة موريتانيا. وبعد قطعهم الطرق الصحراوية التي بلغ طولها سبعمائة كيلومتر وصل أعضاء الفريق أخيرا إلى مقصدهم مدينة سيليبابي. وللتعرف على المزيد من الأحوال، لم ينم أعضاء الفريق طول الليل، وبدأت أعمالهم صباح اليوم التالي.
كان الفريق الطبي الصيني يعمل في مستشفى مدينة سيليبابي الذي ساعدت الصين في بنائه، وهو مسؤول عن صحة عشرة آلاف ساكن في تلك المنطقة. وكان هناك شخص واحد فقط من الجانب الموريتاني له تأهيل طبي وهو رئيس المستشفى بالإضافة إلى عدة ممرضات يعرفن أعمالا طبية بسيطة فقط. فإن معظم الأعمال هناك تعتمد على الأطباء الصينيين. كان وقت العمل غير محدد، وهم مستعدون للعمل طوال الساعات الأربع والعشرين. وقالت تشانغ لي شين الطبيبة في الفريق الطبي الصيني:
"في مكان إقامتنا كلاب، ونعرف حالات طارئة وقعت في الليل إذا نبحت الكلاب. ولا نستطيع التبادل مع المرضى، لأن في ذلك البلد أربع قوميات ولكل قومية لغتها، لذلك تتبادل الممرضات معهم باللغات القومية أولا، ثم يترجمن كلامهم لنا بالفرنسية، هكذا يمكننا معرفة حالات المرضى على أساس خبراتنا السريرية."
وفي الحياة، كانت المواصلات في مدينة سيليبابي صعبة والحاجات اليومية قليلة جدا. وينقسم الأطباء السبعة إلى ثلاث مجموعات تذهب بالتناوب إلى العاصمة نواكشوط كل شهر لشراء بعض الحاجات مثل الأرز والدقيق والزيت والبيض، وإذا أقبل فصل الأمطار وأنسدت الطرق، فلا يمكن شراء الحاجات إلا بعد شهور. ولتحسين المعيشة، يقوم الفريق الطبي بزراعة الخضراوات. رغم أن كمية المحاصيل قليلة جدا، إلا أن أعضاء الفريق سعداء جدا بقطف ما تزرعه أيديهم.
رغم أنهم أطباء، لكنهم لا يتفادو الإصابة بأمراض أيضا. وفي موريتانيا تحدث حالات الإصابة بالملاريا كثيرا جدا، وتعتبر مدينة سيليبابي منطقة خطيرة في الإصابة بالملاريا، وخلال سنتين من الحياة هناك، أصيب كافة الأطباء بالملاريا على مختلف الدرجات:
"هناك بعوض طوال الأيام الثلاثمائة والخمسة والستين، وينقل هذا البعوض فيروس الملاريا، وأيضا هناك نوع من الذباب الذي يزعج الناس كثيرا وفي كل مكان، أصيب كل واحد منا بالملاريا بشكل خطير أو طفيف."
رغم ذلك فإن الآلام الجسدية لا بأس بها بالمقارنة مع الشوق العميق والشديد لوطنهم وأهلهم.
"عندما وصلنا هناك، كانت الوسيلة الوحيدة للاتصال مع الأهل هى التلفون وجهاز الكومبيوتر، أما الرسائل فلا تصل إلا بعد ثلاثة شهور. لكن التلفون هو للعمل، ولا نستخدمه للأشغال الشخصية، لذلك من النادر أن نكلم أهالينا تلفونيا، وهكذا كنا نلجأ إلى الكومبيوتر الذي يتصل بشبكة الانترنت، بهذا كان يمكننا التكلم مع أهالينا عبر الانترنت وبصورة متقطعة."
قد جعلت صعوبة الاتصالات الوقت أطول، فكان أعضاء الفريق الطبي يتحرقون شوقا لأهاليهم، وشعروا بشيئ من الندم لعدم تحمل مسؤولياتهم إزاء عوائلهم. وفي ليلة في نوفمبر عام 2006، تلقى لي وي آن اتصالا هاتفيا من زوجته وقالت فيه إن والدته البالغة ثلاثة وستين من عمرها قد توفيت قبل شهر بسبب انسداد بشريان المخ، لكن والده لم يسمح لأهله بإبلاغه هذا الخبر لأنه وصل إلى موريتانيا قبل أيام فقط. وبكى لي وي آن طول الليل إثر معرفة هذا الخبر المؤلم.
كانت أعمال الأطباء الثلاثة ممتازة جدا خلال تلك الفترة، ، وأجروا أكثر من ثمانمائة عملية جراحية. ونالوا بصدقهم ومهارتهم الطبية احترام وثقة آهالي مدينة سيليبابي. وكثيرا ما أهداهم السكان المحليون البيتزا أو الشاى أو المانجو وحتى الدجاج أو الأغنام الصغيرة تعبيرا عن شكرهم. وفي ذلك الحين يذهب كل التعب من أجساد أعضاء الفريق، ويشعرون برضا وسعادة بالغة.
"ذات مرة، أجريت عملية قيصرية خطيرة، ونجحت في إنقاذ حياة الأم والرضيع. وفي مثل هذا الوقت، شعرت بفرح وسرور بالغين بصفتي طبيبا."
وحصل الأطباء الصينيون بأعمالهم الممتازة على أوسمة الشرف التي وقعها الرئيس الموريتاني ومنحها رئيس الوزراء، وهى تعتبر أعلى وسام على مستوى الدولة في موريتانيا، وهى المرة الأولى التي يحصل فيها الفريق الطبي من مقاطعة هيلونغجيانغ على هذا التكريم منذ أربعين سنة.