روابط

مصر 2008 ... قوة في الخارج ومحاولة للقفز فوق هموم الداخل

   2008-12-12 10:11:22    xinhuanet.com

بين قضايا خارجية لعبت مصر فيها دورا كبيرا ونشاطا ملحوظا، أبرازا دورها المحوري الذي لايمكن الاستغناء عنه أو تجاهله في سياق حديث "الريادة" بالمنطقة العربية، وبين هموم داخلية تلمس حياة مواطنيها ومستوى معيشتهم، حاولت مصر جاهدة مواجهتها في ظل وضع عالمي معقد وشائك بسبب الأزمة المالية العالمية .

بين هذا وذاك، أنهت مصر عام 2008، وقد خطت بين سطور أجندته مشاركتها الفاعلة في تخفيف حدة الأزمات العربية بشكل أبرز قوة دورها الإقليمى ، الذي يؤكده توليها الرئاسة المشتركة مع فرنسا للاتحاد من أجل المتوسط ، كما سطرت أيضا نجاحها داخليا فى تجاوز عدد من همومها ، ومنها تداعيات الأزمة المالية التى ضربت أسواق العالم ، متسلحة بارتفاع معدل الاستثمارات الأجنبية ونمو اقتصادها.

فعلى الصعيد الخارجي ، تأتي القضية الفلسطينية التي يعصف بها الصراع مع اسرائيل والانقسام الفلسطيني في مقدمة الاهتمامات المصرية ، حيث حظى الملف الفلسطيني باهتمام مصري مكثف ، أسفر عن التوصل إلى اتفاق تهدئة بين الفصائل الفلسطينية واسرائيل في 19 يونيو الماضى ، ساعد على التخفيف من حدة المعاناة التى يتكبدها الفلسطينيون فى قطاع غزة بسبب العمليات العسكرية المتتالية التى كان يشنها الجيش الاسرائيلى في غزة.

كما عقد الرئيس المصري حسني مبارك ووزير خارجيته أحمد أبوالغيط اجتماعات متواصلة مع المسئولين الاسرائيليين ، كان من بينها اجتماع بين الرئيس مبارك و وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك في 26 أغسطس الماضي بمحافظة الإسكندرية شمال القاهرة ، ثم لقاء بين مبارك ونظيره الاسرائيلي شيمون بيريز فى 23 أكتوبر الماضي بمنتجع شرم الشيخ المصري لدفع عملية السلام للأمام .

واستضافت مصر أيضا اللجنة الرباعية الدولية فى شرم الشيخ ، حيث عقدت اللجنة التى تضم كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة وروسيا سلسلة اجتماعات على مدار يومي الثامن والتاسع من نوفمبر ، بحثت خلالها عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين .

ودعت اللجنة الرباعية الفلسطينيين والاسرائيليين الى مواصلة عملية السلام في الاطار المحدد فى انابوليس ، وتطبيق كامل التزاماتهما طبقا للمرحلة الأولى من خارطة الطريق ، ومنها تجميد أنشطة الاستيطان وتفكيك البنية التحتية للارهاب.

وشارك في أعمال اجتماع اللجنة كل من بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة ، وخافيير سولانا الممثل الأعلي للشئون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي ، وبنيتا فريرو فالدنر المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية ، و وزراء خارجية فرنسا والولايات المتحدة وروسيا وعدد من وزراء الخارجية العرب وتوني بلير مبعوث اللجنة في الشرق الأوسط‏.‏

كما سعت مصر إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الداخلي بعد طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس رعاية القاهرة للحوار الوطني بين الفصائل .

وفي هذا الاطار ، أجرت القاهرة لقاءات ثنائية مع 13 فصيلا فلسطينيا بمن فيهم حركتي المقاومة الاسلامية (حماس) والتحرير الوطني (فتح) ، أسفرت عن إصدار "ورقة المصالحة المصرية" التي عرضتها مصر على الفصائل لتكون بمثابة أرضية مشتركة للحوار الشامل .

وفي مفاجأة مذهلة ، أعلنت حماس في الساعات الأخيرة قبل بدء الحوار الذى كان مقررا في العاشر من نوفمبر مقاطعتها له ، اعتراضا على عدم إطلاق سراح معتقليها في الضفة الغربية ، فيما أرجع مسئولون مصريون وفلسطينيون موقف حماس إلى وجود أجندة إقليمية رافضة للحوار .

وفيما يتعلق بالأزمة اللبنانية ، دعت مصر فور نشوب مواجهات السابع من مايو المسلحة بين أنصار الأغلبية والمعارضة في لبنان إلى عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب في 11 مايو الماضي ، ولاقت الدعوة المصرية ترحيبا من غالبية الدول العربية وعقد الاجتماع بمقر الجامعة العربية في القاهرة.

وأسفر الاجتماع عن تشكيل لجنة وزارية عربية برئاسة قطر ، توصلت فيما بعد إلى اتفاق وقعته الأطراف اللبنانية في 21 مايو بالدوحة ، وأنهى هذا الاتفاق أزمة سياسية كادت تؤدى إلى حرب أهلية في لبنان بعدما استمرت قرابة العامين .

وبعد استقرار الأوضاع نسبيا فى لبنان ، قام وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط بزيارة لبنان في 27 أغسطس الماضي ، سلم خلالها رسالة دعم وتأييد من الرئيس مبارك للرئيس اللبناني ميشال سليمان ، كما حثت مصر وزير الدفاع الاسرائيلي خلال زيارته لمصر على وقف تهديدات بلاده لبيروت .

وامتد الجهد المصري إلى السودان ، حيث شاركت مصر بقوات عسكرية ضمن قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام فى دارفور ، فيما زار الرئيس المصري السودان .

وأجرى الرئيس مبارك مباحثات مع نظيره السوداني عمر البشير فى الخرطوم ومع النائب الأول للبشير سيلفا كير ميارديت في جوبا عاصمة جنوب السودان فى زيارة هى الاولى لزعيم مصري أو عربي لجنوب السودان. وهدفت الجهود المصرية الى المساعدة فى حل أزمة إقليم دارفور ودعم الاستقرار والوحدة بين شمال السودان وجنوبه .

ولم يقتصر الدور المصري على المحيط العربى بل امتد الى المحيط الافريقي والاورومتوسطي بل والدولي ، حيث استضافت مصر القمة الافريقية التى عقدت في شرم الشيخ يومي 30 يونيو و أول يوليو بحضور رؤساء وقادة دول القارة السمراء ، وبحثت القمة قضايا الأمن والسلام والتنمية الزراعية في إفريقيا .

كما عقد منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في شرم الشيخ في 18 مايو ، بحضور الرئيس المصري ونظيره الامريكي جورج بوش وعدد كبير من قادة دول العالم .

وشهد المنتدى ما اعتبره المحللون سجالا غير مباشر بين الرئيسين بوش ومبارك حول القضايا السياسية والاقتصادية ، حيث حث بوش فى خطابه دول منطقة الشرق الاوسط وقادتها على التوقف عن قمع شعوبها والافراج عن جميع المعتقلين السياسيين ، فيما قال مبارك "إن الدعوة لترسيخ قيم الحرية والعدالة وكرامة الانسان كل لا يتجزأ ، ونحن نتطلع لأن تشمل هذه الدعوة الشعب الفلسطيني لتنهى محنته بعد ستين عاما من التشريد والمعاناة" ، مؤكدا رفضه لفرض الاصلاح الديمقراطي على دول المنطقة من الخارج .

وبينما دافع بوش عن انتاج الوقود الحيوي ، انتقد مبارك الدول التى تدعم انتاج الوقود الحيوى ، مشيرا الى ان " توفير الأمن الغذائي للفقراء يمثل تحديا أساسيا لا ينبغي ان يكون هدفا للمضاربات او توجهات تستخدم طعام الانسان وقودا للمحركات" .

وتأكيدا على قوة الدور الخارجي لمصر ، فقد تولت القاهرة نيابة عن دول جنوب البحر المتوسط الرئاسة المشتركة مع فرنسا للاتحاد من أجل المتوسط الذى تم اطلاقه في قمة باريس في 13 يوليو الماضي بحضور رؤساء وقادة دول جنوب وشمال البحر المتوسط .

من ناحية أخرى ، وعلى صعيد همومها الداخلية ، نجحت مصر فى الحد من تأثير الأزمة المالية العالمية ، حيث اتخذت الحكومة المصرية حزمة إجراءات لمواجهة تداعياتها ، من بينها ضخ استثمارات حكومية إضافية تصل إلى 15 مليار جنيه (الدولار الأمريكي يعادل 5.5 جنيه مصري) لدعم مشروعات التنمية .

كما غيرت مصر طبيعة برنامج إدارة الأصول المملوكة للدولة الذى كانت تسيطر عليه عمليات الخصخصة ، حيث أعلن الرئيس مبارك خلال المؤتمر الخامس للحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) في نوفمبر إشراك القواعد العريضة من الشعب فى الانتفاع من فوائد هذا البرنامج .

ويقتضى ذلك نقل حصص من أسهم شركات قطاع الأعمال العام المملوكة للدولة إلى المواطنين بدون مقابل ، وتقوم الحكومة المصرية حاليا بإعداد القانون الخاص بذلك .

وأكد الحزب الوطني الحاكم في مصر خلال مؤتمره السنوي اهتمامه بالتنمية الاجتماعية ، من خلال عدد من البرامج التي تستهدف تنمية قرى مصر الأكثر احتياجا "برنامج الألف قرية" والأسر المصرية ذات الدخل المحدود ، كما ناقش خلال جلساته قضايا المواطنة والديمقراطية ، و تطوير التعليم وتوفير الرعاية الصحية ، والإسكان والتنمية العمرانية ، والأمن الغذائي ومستقبل التنمية الزراعية .

متعلقات
ما رأيك ؟
link | اتصل بنا |
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved.
16A Shijingshan Road, Beijing, China