روابط

الازمة المالية ترسم صورة قاتمة للنمو الاقتصادي العالمى

   2008-12-12 10:38:06    xinhuanet.com

تتدهور آفاق النمو العالمي، بينما تشهد الولايات المتحدة، اكبر اقتصاد في العالم، حالة كساد بسبب اسوا ازمة مالية منذ الكساد العظيم في الثلاثينيات.

تعمق الازمة المالية

بدأت الازمة المالية الحالية، التي اشير اليها في بادئ الامر بأنها " انهيار الائتمان" او "ازمة الائتمان"، في يوليو العام الماضي عندما فقد المستثمرون الثقة في قيمة الرهون العقارية المضمونة في الولايات المتحدة، الامر الذي أسفر عن مشكلة في السيولة.

ومع حلول سبتمبر 2008 اصبحت الازمة واضحة للغاية مع انهيار، او اندماج، او فرض وصاية على عدد من كبريات الشركات المالية الامريكية مثل بنوك الإستثمار ليهمان براذرز، وميريل لينش، والمجموعة الدولية الامريكية عملاق التامين.

وسرعان ما تطورت الازمة الى كارثة عالمية ادت الى اخفاق عدد من البنوك الاوربية، وتراجع حاد في البورصات العالمية، وانخفاض شديد في القيمة السوقية للأسهم والسلع في شتى ارجاء العالم.

ومنذ ذلك الحين فر المستثمرون القلقون من الاسهم، وسندات الشركات، والسندات الحكومية طلبا للسلامة الى أذون الخزانة الامريكية، وتحولت موارد رأسمالية ضخمة الى العملات الأقوى مثل الين الياباني، والدولار الامريكي، والفرنك السويسري.

وعلى الرغم من الخطوات الايجابية غير المسبوقة التي اتخذتها البنوك المركزية الرئيسية والحكومات لتعزيز السيولة، وتحقيق استقرار الاسواق، فان البنوك وشركات الاقراض الاخرى احجمت عن منح قروض لبعضها البعض ، وللمستهلكين، ورجال الاعمال ايضا خشية التعرض لمزيد من المخاطر.

وقال الان جرينسبان الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في اكتوبر 2008 حول تأثير الازمة العميق ان الاسواق المالية تغرق في " تسونامي ائتماني لا يحدث الا مرة في القرن".

واضاف ان العلاج ، الذي توقع جرينسبان ان "يستمر اشهرا عديدة في المستقبل" يعتمد على استقرار الاسعار المحلية.

الازمة المالية يمتد تأثيرها الى الاقتصاد الحقيقي

لم تعمل الازمة المالية على شل حركة القطاع المالي فحسب، وانما اثرت بشدة أيضا على الاقتصاد الحقيقي.

ففي الولايات المتحدة كان مركز زلزال الازمة خفض المستهلكين والشركات انفاقهم واستثماراتهم، حيث عمدت البنوك التى تكبدت خسائر جسيمة الى تشديد قبضتها على أموالها.

وفضلا عن ذلك، أدت المخاوف من الكساد الطويل والعميق الى تردد الناس فى الاقتراض، وانفاق الاموال.

وتراجع الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثل ثلثي النشاط الاقتصادي الامريكي الشامل، بواقع 3.7 في المائة في الربع الثالث ، وهو اكبر تراجع منذ الربع الثاني عام 1980، واول تراجع منذ عام 1991.

كما خفضت الشركات الامريكية استثماراتها في المعدات وبرامج الكمبيوتر بأكبر هامش منذ الربع الاول من عام 2002.)

ومن جهة أخرى، تراجعت الإستثمارات فى الاسكان للربع الـ11 على التوالي، فى اشارة الى اسوا انخفاض في الاسكان على مدى عقود، والذى بدأ أواخر عام 2006 ، ومازال أبعد ما يكون عن نقطة النهاية.

كما تراجعت صادرات السلع والخدمات، القوة الدافعة الرئيسية للاقتصاد الامريكي في الارباع الماضية، وبشكل حاد في الربع الثالث، فى اشارة الى تقلص الطلب الخارجي جراء الازمة المالية العالمية.

ومع تقلص الاقتصاد، أخذ الامريكيون يفقدون وظائفهم . وفقدت العمالة 1.9 مليون وظيفة منذ ديسمبر 2007، ووقع ثلثي هذه الخسارة في الثلاثة اشهر الماضية، وفي نوفمبر خفض اصحاب العمل 533 الف وظيفة، ما يمثل اكبر انخفاض منذ ديسمبر 1974 ليرفع معدل البطالة الى 6.7 في المائة، وهو اعلى معدل خلال 15 عاما.

كما تراجع سوق العمل، الذي يعتبر بالغ الأهمية بالنسبة للتعافى الاقتصادي، بمعدلات سريعة تبعث على الانزعاج ، حسبما اظهرت احصائيات الحكومة الامريكية.

واعرب المحللون عن مخاوفهم بأن يدفع انهيار الاسكان، ووقف الرهون، وتضييق الاقراض اصحاب العمل الذين يعانون من كل ذلك الى المزيد من تسريح العمال.

ويتوقع اوجستين فوتشر المسؤول بشركة موديز ايكونومي "انه حتى مع حزمة تحفيز ضخمة، فان البطالة يحتمل ان ترتفع الى ذروتها لتقترب من 9 في المائة فى اوائل 2010".

توقعات بتفاقم تراجع النمو العالمي

تراجعت توقعات النمو العالمي خلال العام الماضي بوقوع معظم الاقتصاديات المتقدمة في حالة كساد، ومعاناة الاقتصاديات النامية من نكسات.

وفي اوائل الشهر الجاري اعلنت لجنة متابعة دورة الاعمال بالمكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، وهي لجنة امريكية معترف بها كحكم رسمي لدوائر الاعمال، ان الكساد في الولايات المتحدة بدا في ديسمبر 2007.

يذكر ان التعريف الكلاسيكي للكساد هو حدوث تراجع في اجمالي الناتج المحلي خلال ربعين متتالين، بيد ان اللجنة لم تحدد النشاط الاقتصادي بمفرده مع اجمالي الناتج المحلي، وانما استخدمت مجموعة مؤشرات مثل التوظيف، والدخل الشخصي، والانتاج الصناعي في تحديد بداية الكساد.

وذكر مايكل فولكس ، المحلل فى صحيفة (انفيستور أوبزيرفر) ان " السؤال الذى يبقى هو مدى سوء هذا الكساد بالضبط، وما هى المدة التى سيخيم خلالها بظلاله علينا ".

ويخشى البعض من ان الكساد الحالى قد يكون الاطول ، على الاقل منذ كساد عام 1981 - 1982 الذى استمر 16 شهرا.

وفيما تحولت مخاوف الكساد فى الولايات المتحدة إلى واقع، سقطت الاقتصاديات الاخرى من أوربا الى آسيا ضحية للازمة المالية.

تقلص نمو الاقتصاد السويدى خلال الربع الثالث الى - 0.1 فى المائة ربعين متتاليين، ما يعنى انه دخل حالة كساد مع اقتصاديات اخرى اعضاء فى الاتحاد الاوربى مثل ايرلندا، وإيطاليا، وألمانيا.

انحدرت اليابان بشكل أعمق نحو الكساد مع تراجع إنتاج المصانع بنسبة 3.1 فى المائة، وانخفاض الانفاق الاستهلاكى بنسبة 3.8 فى المائة خلال أكتوبر.

وتباطأ النمو الاقتصادى فى الهند ، وهى قوة إقتصادية صاعدة ، بنسبة 0.3 فى المائة خلال الربع الثالث مقابل 7.9 فى المائة خلال الربع الثانى.

كما عدل صندوق النقد الدولى فى نوفمبر بالسلب توقعاته الخاصة بالنمو الاقتصادى العالمى قائلا ان " النشاط العالمى يتباطأ بسرعة".

وذكر الصندوق ان الاقتصاد العالمى سينمو بما يزيد على 2 فى المائة بقليل خلال عام 2009 متراجعا بنسبة 0.75 فى المائة عن توقعاته التى أعلنها فى أكتوبر.

قاد هذا التراجع الاقتصاديات المتقدمة التى ستتقلص إجمالى بنسبة 0.3 فى المائة على أساس سنة كاملة العام القادم ، وهو الانخفاض الاول من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية. ومن المتوقع ان ينخفض الاقتصاد الامريكى بنسبة 0.7 فى المائة خلال عام 2009.

وتشهد الدول النامية الواقعة تحت رحمة ازمة ليست من صنعها تباطؤا أكبر فى النمو الاقتصادى العام القادم .

ويتوقع صندوق النقد الدولى ان يستعيد الاقتصاد العالمى عافيته فى أواخر عام 2009.

الحوافز المالية الاضافية قد تحد من تراجع النمو العالمى

واعترف صندوق النقد الدولى بأن التوقعات الاقتصادية " غير مؤكدة بشكل استثنائى " وذكر ان استجابة أقوى من سياسة الاقتصاد الكلى يمكنها ان تحد من التدهور فى النمو العالمى، قائلا ان توقعاته تعتمد على السياسات الحالية .

وذكر الصندوق ان " هناك حاجة واضحة الى حوافز سياسة إقتصاد كلى إضافية تتناسب مع ما تم الاعلان عنه حتى الآن، من أجل دعم النمو وتوفير سياق لاستعادة صحة القطاعات المالية".

بيد ان السياسة النقدية قد لا تكفى لان تخفيف الاعباء النقدية قد يكون أقل فعالية فى مواجهة الظروف المالية الصعبة وتخفيف نسبة الدين إلى رأس المال -- بما يعنى تخفيض المبالغ المقترضة مقارنة بالأسهم.

كما يعد المجال محدودا أيضا فى بعض الحالات لتخفيف القيود النقدية، حيث ان سياسة أسعار الفائدة تقترب بالفعل من الصفر . وعلى سبيل المثال ، خفضت الولايات المتحدة سعر الفائدة الرئيسى إلى 1 فى المائة بانخفاض مقداره 4.25 فى المائة نقطة مئوية منذ سبتمبر عام 2007.

وذكر صندوق النقد الدولى " ان هناك حالات يحتمل ان تصبح فيها الحوافز المالية عريضة القاعدة مضمونة ".

وقال ان " الحوافز المالية يمكنها ان تكون فعالة إذا وجهت نحو أهدافها بدقة، مدعومة بسياسة نقدية ملائمة، وتنفذ فى دول تتمتع بفضاء نقدى ".

لقيت دعوة الصندوق لزيادة الحوافز المالية صدى فى مجموعة ال 20 التى تضم الاقتصاديات المتقدمة والنامية الكبرى.

وتعهد قادة مجموعة الـ20 خلال قمتهم فى واشنطن يوم 15 نوفمبر بالعمل معا لاحياء إقتصادياتهم ودعوا الى اتخاذ اجراءات تحفيز مالية تحدث " تأثيرا سريعا " ومزيد من تخفيض اسعار الفائدة .

ويمكن لدعم مجموعة ال 20 ان يعزز الجهود فى الولايات المتحدة للمضى قدما بخطة حوافز إقتصادية ثانية .

وأعلن الرئيس الامريكى المنتخب باراك أوباما يوم 22 نوفمبر خطة تستغرق عامين لتحفيز الاقتصاد الذى يواجه " أزمة ذات أبعاد تاريخية". ويهدف أوباما الى خلق 2.5 مليون وظيفة جديدة بحلول يناير عام 2011 وإرساء أساس للتعافى الإقتصادي فى البلاد.

مرر الكونجرس الامريكى سريعا الخطة الاولى ، وهى حزمة قيمتها 168 مليار دولار، تضم تخفيضات للافراد ، وإعفاءات ضريبية للشركات وقعها الرئيس جورج دبليو . بوش فى فبراير من العام الحالى لتصبح قانونا.

ورحب المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى دومينيك شتراوس - كان بتأكيد مجموعة ال 20 على الحوافز المالية " التى أعتقد انها أصبحت الآن ضرورية لاستعادة النمو العالمى".

وقال شتراوس - كان ان " حزمة التحفيز فى اية دولة يمكن ان تتضاعف فعاليتها فى رفع نمو الانتاج المحلى إذا كان لدى شركائها التجاريين الرئيسيين أيضا حزمة تحفيز مماثلة ".

متعلقات
ما رأيك ؟
link | اتصل بنا |
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved.
16A Shijingshan Road, Beijing, China