الصينيون الذين يستخدمون الانترنت يستعرضون عضلاتهم فى عام 2008

ذكر صينى مستخدم للانترنت "ان التاريخ لا تصنعه دائما كبار الشخصيات. بل يمكن ان تصنعه ايضا صغار الشخصيات".

ان "شبح عام 2009" شخص متخصص فى تكنولوجيا المعلومات عمره 30 عاما فى عالم الواقع يعتزم الزواج من خطيبته العام القادم; ولكنه على الانترنت "بطل" يكافح الفساد.

فى اواخر نوفمبر، استخدم "شبح 2009" الانترنت ليكشف للمسؤولين اساءة استخدام الاموال العامة فى القيام برحلات خارجية الى لاس فيجاس وشلالات نياجرا.

وقام بنشر صور وثائق وفواتير تثبت ان مسؤولين من مدينتين فى مقاطعة تشجيانغ ومقاطعة جيانغشى انفقوا مئات الآلآف من الدولارات فى أبريل على القيام برحلات سياحية خارجية قيل انها رحلات دراسية.

واحدث نشر الصور هياجا بين مستخدمى الانترنت قبل ان يتخوف محرر فائق الحذر منها ويقوم بالغائها. والتقطت هذا النبأ مواقع اخرى على الانترنت واذيع فى برنامج إخبارى فى التلفزيون المركزى الصينى. ويجرى الآن التحقيق مع المسؤولين المتورطين ومعاقبتهم وصدر امر لهم بتسديد الفواتير.

وان "شبح 2009" احد مستخدمى الانترنت الصينيين وعددهم 290 مليون الذين شاركوا فى احداث كبيرة وقعت فى البلاد فى عام 2008.

وقال خبراء إن احداثا كبيرة مثل زلزال 12 مايو والعاب بكين الاوليمبية اتاحت لمستخدمى الانترنت الصينيين فرصة نادرة لاستخدام قوتهم الجماعية للقيام بادوار ايجابية.

وذكر الاستاذ يو هاى وهو خبير علم اجتماع من جامعة فودان ومقرها شانغهاى "ان تفاعل هذا العام على الانترنت يعد أهم سمة مميزة لمشاركة المواطنيين الصينيين فى السياسات "الديمقراطية" وقد اصبح مستخدمو الانترنت قوة بناءة فى الشؤون الاجتماعية والعامة فى البلاد".

خلال تتابع شعلة اوليمبياد بكين خارج البلاد فى مارس وأبريل، ندد الصينيون الذين يستخدمون الانترنت بشدة باعاقة الانفصاليين التبتيين للتتابع خلال محطاته فى لندن وباريس وسان فرانسيسكو. كما اطلقوا حملات للتبرع باعلام وطنية للمواطنين فى الخارج.

واظهرت انشطة مستخدمى الانترنت، التى استفزتها احداث الاعاقة، للعالم ان الصين حكومة وشعبا تسير على نفس الطريق، وان تلك الانشطة هى "اقوى الاصوات التى تقف الى جوار الحكومة".

وبعد زلزال سيتشوان الذى حدث يوم 12 مايو، شارك صينيون يستخدمون الانترنت من داخل البلاد وخارجها فى اعمال الاغاثة فيما بعد الزلزال بما فيها توزيع مناشدات بمنح تبرعات عبر الانترنت، وتحميل صور لبلدات ضربها الزلزال، وجمع تبرعات.

وقال الاستاذ يو إنه فى اعمال الاغاثة كان مستخدمو الانترنت قوة لا غنى عنها الى جانب الحكومة والاعلام والمتطوعين.

فقد اطلق يينغ تشنغ، وهو موظف بشركة انترنت (27 عاما) فى شانغهاى، موقعا على الانترنت اسمه "امطار فى حينها" مباشرة عقب الزلزال لاتاحة منتدى لنقل المعلومات من اجل العرض والطلب فى المناطق التى ضربها الزلزال.

وقال يينغ "إن الكثير من المتطوعين والمنظمات غير الحكومية فى المناطق التى ضربها الزلزال يعلمون الاشياء التى يحتاج اليها الاهالى بشدة وكتبوا رسائل على موقعى حتى يتسنى للناس تقديم المساعدة بطريقة فعالة".

وصرح يينغ لوكالة انباء (شينخوا) بأنه مستخدم نشط للانترنت فهو يطلع الاخبار ويصوت على الانترنت ويترك رسائل فى مواقع الحوار على الانترنت طوال الوقت قائلا "إن عدم وجود حوار هو اكثر شئ مرعب. وانه لتقدم كبير ان يكون هناك منتدى مفتوح لرجل الشارع العادى الآن".

وذكر الاستاذ يو ان الصينيين الذين يستخدمون الانترنت بدأوا فى التعبير عن ارائهم فى الشؤون العامة فى عام 2003، واصبحوا اكثر نشاطا لان صناع السياسات يستمعون الى اصواتهم. وكرس مستخدمو الانترنت الكثير من الوقت والحكمة لتقديم مقترحات وكشف الاكاذيب فى عام 2008.

فى عام 2008، احتفل الصينيون للمرة الاولى بعطلات رسمية مدتها يوم فى الاعياد التقليدية الثلاثة وهى عيد كنس المقابل وعيد قوارب التنين وعيد منتصف الخريف بفضل الآلآف من مستخدمى الانترنت الذين كرسوا انفسهم لاضافة هذه الاعياد الى قائمة العطلات الرسمية فى البلاد.

وكان مستخدمو الانترنت أوائل من شككوا فى الامر عندما ذكر مزارع اسمه تشو تشنغ لونغ من مقاطعة شنشى بشمال غرب الصين انه التقطت صورا لسلالة نادرة من النمور يعتقد انها انقرضت فى البرية بالصين.

فقد عثر مستخدمو الانترنت على ملصق قديم للعام القمرى الجديد يظهر نمرا يشبه تماما الصورة التى قدمها تشو والقى القبض على تشو بعد ان عثرت الشرطة فى منزله على ملصق قديم لنمر وقدم نمر.

وفى نوفمبر، حكم على تشو بالسجن عامين ونصف العام مع ارجاء تنفيذ الحكم لمدة ثلاث سنوات وتمت اقالة 13 موظفا حكوميا فى شنشى أو توجيه اللوم له.

ويبدو الآن ان الدور الكبير لمستخدمى الانترنت الصينيين قد تعزز بعد ان تحاور الرئيس هو جين تاو على الانترنت مع مستخدمى الانترنت للمرة الاولى فى يونيو على موقع ((peaple.com.cn ). وقال هو جين تاو إن عليه معرفة اهتمامات الناس من خلال مستخدمى الانترنت.

ولكن نشاط مستخدمى الانترنت ادى الى اثارة الجدل. فعلى سبيل المثال، اصبح "محرك بحث الانسان عن المعلومات" -- مثل سعى الآلآف من مستخدمى الانترنت لمعرفة كل التفاصيل عن شخص القى القبض عليه فى وضع غير موات -- شائعا بين مستخدمى الانترنت الصينيين.

قال مستخدمو الانترنت انهم يغضبون من الاشخاص السيئيين ويأملون فى معاقبتهم من خلال كشف معلوماتهم الشخصية، فى حين قال البعض الاخر إنه انتهاك لحرمة الخصوصية.

فقد قام وانغ فى، الذى انتحرت زوجته فى ديسمبر من العام الماضى بعد ان اكتشفت ان وانغ يقيم علاقة مع سيدة اخرى، بمقاضاة مواقع على الانترنت ومستخدمين للانترنت لنشر تفاصيل عن زوجته المنتحرة ومعلومات شخصية عنه.

وقال وانغ إن "بحث الانسان عن المعلومات" اعاق حياته حيث فقد وظيفته وجميع اصدقائه وزملائه الذين علموا بخيانته.

وفى الاسبوع الماضى، امرت محكمة بكين بان يدفع موقع صينى على الانترنت ومستخدم للانترنت 8 الاف يوان (1200 دولار امريكى) للمدعى عليه. وكانت أول قضية تتناولها المحاكم فيما يتعلق بمسألة "بحث الانسان عن المعلومات" فى الصين.

كما حذر الخبراء من المخاطر الخفية التى قد يواجهها مستخدمو الانترنت عند مكافحة الفساد وكشف الفضائح.

وقال الاستاذ يو "إن الانترنت هو اكثر النوافذ ملائمة ليعبر رجل الشارع عن رأيه الآن. ولكن مازال هناك الكثير من الامانى المراد تحقيقها فيما يتعلق بالنظام القانونى وعملية الديمقراطية على المستوى القاعدى".

ان "شبح 2009" كان ماكرا. لم يوافق على اجراء اى لقاءات معه بعد كشف الفضيحة فيما عدا اجراء حوار مع مراسل لصحيفة ((تشينا يوث ديلى)) عبر رقم هاتفى مؤقت وبريد الكترونى مؤقت. وذكر المراسل ان "شبح 2009" اراد ان يحتفظ بهويته سرا لتجنب اى انتقام محتمل.

وقال الاستاذ يو إن مستخدمى الانترنت الصينيين اصبحوا اكثر حساسية، واصبح من الشائع ان تتفاعل وسائل الاعلام التقليدية مع مستخدمى الانترنت "فى بعض الاحيان يبدأ مستخدمو الانترنت موضوعا وتتابعه الصحف والبرامج التلفزيونية".