روابط

عام 2008 -- عام من اداء دبلوماسى امريكى شاحب فى الشرق الاوسط

   2008-12-24 09:56:25    xinhuanet.com

فى غضون شهر سيختتم جورج دبليو. بوش فترة رئاسته للولايات المتحدة التى دامت ثمانى سنوات. وعند النظر الى الوراء، ليس من الصعب رؤية ان الرئيس بوش حقق بالكاد طموحاته الدبلوماسية فى الشرق الاوسط خلال هذه الفترة حيث ظلت عملية السلام المتوقفة فى عام 2008 بمثابة مثال سئ على سياسته الدبلوماسية.

السلام الاسرائيلى - الفلسطينى: هدف طموح لم يتحقق ابدا

فى نوفمبر الماضى بعد سبع سنوات من الجمود، لعبت إدارة بوش دور الوساطة فى عقد مؤتمر دولى حول الشرق الاوسط فى انابوليس بالمريلاند من اجل استئناف العملية المتوقفة من خلال حمل الرئيس الفلسطينى محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلى ايهود اولمرت على التعهد بالتوصل الى اتفاقية سلام شاملة قبل نهاية عام 2008.

ومؤخرا، بعد شهور من الاصرار على امكانية ابرام اتفافية، اعترفت إدارة بوش بانها ستسلم جهود السلام التى لم تكتمل بعد الى الرئيس القادم باراك اوباما.

وبالرغم من ذلك لم تكن هذه النتيجة مفاجئة. فاولا، يعكس تحديد هدف غير عملى كهذا فى حد ذاته افتقارا الى الفهم من جانب إدارة بوش لمدى تعقد قضية الشرق الاوسط التى طال امدها وخطورتها.

وفى ظل المصالح المتضاربة للمجموعات المختلفة والاختلافات الحادة بين الجانبين بشأن قضايا جوهرية مثل ترسيم الحدود ووضع القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات اليهودية، يعد وضع خطة سلام مقبولة للجانبين امر صعب للغاية بالفعل وان ابرام اتفاق فى غضون عام يعادل "مهمة مستحيلة".

وخلال زيارته الاولى للاراضى الاسرائيلية والفلسطينية بصفته رئيسا للولايات المتحدة فى يناير، دعا بوش الى تقديم "تنازلات مؤلمة" من الجانبين لاحلال السلام ولكنه لم يشر الى اى التزام ملموس من المفترض ان تنفيذه اسرائيل، حليفه الولايات المتحدة، الامر الذى اذكى مرة اخرى الشكوك الفلسطينية بشأن مصداقية الولايات المتحدة بصفتها صانعا للسلام.

ان اختيار بوش لوقت استئناف عملية السلام فى الشرق الاوسط -- قبل عام من انتخابات الرئاسة القادمة، وهو وقت انتقال يصبح فيه الجميع فى وضع ترقب ولا تتخذ فيه اجراءات ملموسة -- يعد عائقا اخر.

كما اسهم الوضع السياسى غير المستقر الذى شهد استقالة رئيس الوزراء الاسرائيلى اولمرت واخفاق الزعيمة الجديدة لحزب كاديما تسيبى ليفنى فى تشكيل حكومة فى اسرائيل وكذا الاقتتال بين الفصيلين الفلسطينيين حماس وفتح الذى ادى الى انفصال فعلى بين قطاع غزة والضفة الغربية، فى شل حركة محادثات السلام.

وعموما فانه مع وجود هدف غير واقعى فى المقام الاول وتوقيت سئ ووسائل غير مناسبة وكذا افتقار الى وجود دافع بين المعسكرات الفلسطينية، ظلت عملية السلام فى المكان الذى بدأت منه فى اجتماع انابوليس طوال العام الحالى.

القضية النووية الايرانية: سياسة العصا والجزرة لم تؤت ثمارا

استمرت إدارة بوش فى اعاقة العملية النووية الايرانية من خلال المفاوضات والعقوبات فى عام 2008. وبينما قالت الإدارة انها ركزت على الدبلوماسية لمحاولة حل القضية، أعلنت ايضا عدة مرات انها ستبقى على "جميع الخيارات على الطاولة".

وخلال عام تبنى مجلس الامن الدولى، تدفعه الولايات المتحدة، قرارين ضد ايران. كما شددت الولايات المتحدة بشكل احادى الجانب العقوبات ضد المؤسسات الحكومية والجيش والبنوك فى ايران وحتى الافراد الايرانيين ودفعت الاتحاد الأوربى الى تشديد العقوبات الاقتصادية ضد ايران.

ومن ناحية اخرى، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا وروسيا بالاضافة الى المانيا مفاوضات مع ايران. وفى يونيو، قدم الممثل الاعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوربى خافيير سولانا لايران حزمة جديدة من الحوافز التى تقترح ان تحصل ايران على وقف مؤقت لتطبيق العقوبات الاقتصادية والمالية عليها مقابل تجميد انشطة التخصيب.

ولكن ايران لم ترد على الحزمة الجديدة بالطريقة التى توقعها الغرب. واستخدمت تكتيكاتها المزدوجة لمواجهة الضغط على قضيتها النووية.

من ناحية رفضت ايران بشدة وقف تخصيب اليورانيوم. وقال الرئيس الايرانى محمود احمدى نجاد إن ايران لن تقدم اية تنازلات فيما يتعلق بالحقوق النووية للبلاد. ومن ناحية اخرى، واصلت ايران مفاوضاتها مع الدول الكبرى الست والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفى مواجهة تهديدات من الولايات المتحدة، قالت ايران إنها ستشن هجمات مضادة "مدمرة" على من يهاجمها وستنفذ عمليات عسكرية انتقامية ضد القواعد الامريكية فى المنطقة، بينما حذرت من انها ستغلق مضيق هرمز، وهو ممر مائى ضيق فى الخليج ينتقل من خلالها 40 فى المائة من النفط العالمى.

وتحولت الآن الابصار الى الرئيس الامريكى المنتخب اوباما الذى قال فى المراحل المبكرة من حملته الانتخابية انه يؤيد اجراء محادثات مباشرة غير مشروطة مع طهران. ولكن اوباما شدد منذ ذلك الحين موقفه. ومازال الآن من المبكر للغاية ذكر ما اذا كانت ستحدث تغييرات جوهرية فى السياسة الامريكية بشأن القضية النووية الايرانية.

العراق: مهمة مستنفدة بدون نجاح مؤكد

وقعت الولايات المتحدة مؤخرا مع العراق اتفاقية وضع القوات التى تضفى الشرعية على كيف ومتى تغادر القوات الامريكية العراق. ولكن الاتفاقية لم تكن بمثابة انتصار فى الحرب التى قادتها الولايات المتحدة فى البلاد ولن تضمن باى حال من الاحوال تحقيق اختراقة للاستراتيجيات الامريكية فى الشرق الاوسط التى اصيبت بخيبة امل على نحو متكرر.

فقد مرت الآن خمس سنوات على قيام الحرب، وبعد انفاق 600 مليار دولار امريكى ومقتل 4200 امريكى، لم يتم العثور على اسلحة الدمار الشامل فى الارض التى قامت الحرب عليها.

وربما شنت إدارة بوش الحرب فى العراق الغنى بالنفط وفى ذهنها استراتيجية امن النفط الامريكية طويلة الاجل، ولكن الشئ المؤكد الآن هو ان الولايات المتحدة غير قادرة على التمتع بالثمار فى الوقت الراهن نظرا للوضع الامنى الحالى واعادة الهيكلة الاقتصادية المتأخرة فى هذا البلد الذى مزقته الحرب.

وبالرغم من حدوث تحسن امنى نسبى فى عام 2008، الا انه مازال هناك الكثير الذى ستقلق الولايات المتحدة بشأنه.

اولا، ان المصالحة الوطنية فى العراق اصبحت بعيدة عن التحقق. وان حالة الشك والمرارة بين الشيعة والسنة والاكراد مازال تزداد عمقا وان الجدال بشأن قضايا رئيسية مثل السلطة وتخصيص الموارد مازال قائما. وان وجود ديمقراطية على غرار الغرب كانت الولايات المتحدة تعتزم ترسيخها فى البلاد مجرد وهم فى مواجهة الفوضى والاضطراب السياسيين.

وتضائل حجم اعمال العنف ولكنه بعيدا عن التوقف. وان قوات مكافحة الارهاب من السنة، التى تحارب القاعدة واتباع رجل الدين الشيعى مقتدى الصدر وميليشيا جيش المهدى، مازالت عناصر قد تحدث تقلبا وتغير المشهد الامنى فى العراق.

والاكثر من ذلك هو ان اتفاقية وضع القوات ينبغى ان تخضع لاستفتاء وطنى فى يوليو القادم. واذا تم التصديق عليها، ستخرج القوات الامريكية بحلول عام 2011. ولكن اذا رفضها العراقيون، ستواجه الولايات المتحدة موقفا محرجا اخر.

وينظر الى الزيارة رفيعة المستوى التى قام بها الرئيس الايرانى محمود احمدى نجاد لبغداد فى مارس على انها علامة على علاقات تنمو بشكل ملحوظ بين الخصمين السابقين، الامر الذى حطم الامل الامريكى فى استخدام وجودها العسكرى فى العراق كرادع للايرانيين وجاء ايضا بمثابة احراج لواشنطن.

ومع قدوم اوباما الذى يؤيد "الطريق الوسط" اى محاولة التوصل الى الاهداف الدبلوماسية والعسكرية والامنية الامريكية بالوسائل الدبلوماسية ومتعددة الاطراف الامر الذى ينظر له على انه تعديل للسياسات الخارجية الامريكية فى السنوات الاخيرة التى اعتمدت بشدة على القوة العسكرية وسياسات القوة، من المتوقع حدوث تغييرات بالرغم من ان البعض يتخوف من انها ستكون فقط على مستوى تجميلى.

ولكن بالرغم من انه من الصعب قول ما اذا كانت واشنطن يمكنها تحقيق اهدافها الاستراتيجية فى الشرق الاوسط تحت قيادة اوباما، الا انه يمكن توقع انه فى ظل الأزمة المالية العالمية الحالية فى عالم متعدد الاقطاب على نحو متزايد، لن يكون من السهل على الولايات المتحدة استعادة وضعها "كزعيمة للعالم" وتشكيل العالم كما فعلت من قبل.

متعلقات
ما رأيك ؟
link | اتصل بنا |
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved.
16A Shijingshan Road, Beijing, China