فنان أوبرا بكين المشهور يوي كوي تشي

إن السيد يوي كوي تشي أحد أنشط فناني أوبرا بكين وأكبر الممثلين من حيث إيرادات الشباك بالصين في الوقت الحاضر، وقدّم عروضا في كل من آسيا وأوربا وأمريكا، وله العديد من عُشّاق فنّه داخل الصين وخارجها. وفي هذه الحلقة نعرّفكم بالسيد يوي كوي تشي.

ظلت أوبرا بكين الصينية تعتبر جوهر الثقافة الصينية. ولها تاريخ يمتدّ لأكثر من 200 عام، وهي كنز فني ثمين ضمن الأوبرات الصينية. وتنقسم الأدوار في أوبرا بكين باختلاف الجنس والعمر والهوية والمزاج الى أنواع مختلفة، وغالبا ما يختصّ الفنان في تمثيل نوع من هذه الأدوار. إن السيد يوي كوي تشي مختصّ في تمثيل أدوار الرجال الكهول والمسنّين، أي دور شينغ المسنّ.

ولد يوي كوي تشي عام 1961 في مدينة شينيانغ بمقاطعة لياونينغ شمال شرقي الصين، وبدأ دراسة أوبرا بكين وهو في العاشرة من العمر. وعندما كان في الثالثة عشرة من عمره قدم عروضا كثيرة من أوبرا بكين أدى فيها دور البطل حوالي مائة مرة. وأصبح ممثلا رئيسيا بالفرقة الثانية التابعة لدار أوبرا بكين بشينيانغ وهو في ال16 من العمر.

رغم أنه كان الممثل الرئيسي في الفرقة، لكنه عجز عن الصعود على المسرح لتقديم عروض لفترة ما، اذ أنه درس مقطوعات أوبرا بكين حول المواضيع الاجتماعية الحديثة فقط، ولم يعرف المقطوعات التقليدية قط. فشعر بارتباك كثيرا. وعند استعراض ماضيه قال السيد يوي كوي تشي:

"حققت نتائج في الحقل الفني وحصلت على اعتراف المشاهدين حينذاك. ولكن المقطوعات التقليدية لأوبرا بكين اُستؤنفت، ووجدتُ فجأة أن بيئتي أصبحت ورقة بيضاء. وعرفتُ أنني لا أستطيع التوقّف، ويجب أن أتقدم الى الأمام. إن بكين منبع أوبرا بكين، يجب أن أذهب الى بكين لإكمال الدراسة. سأواصل الدراسة."

فغادر شينيانغ عاقدا للعزم وتقدم لامتحان الالتحاق بمعهد الأوبرا الصيني. وبنتائجه الممتازة في الامتحان أصبح أحد طلاب المعهد في ذلك العام لدراسة شخصية شنغ المسن. وبعد الدراسة بجد واجتهاد التحق للعمل في دار أوبرا بكين الصينية كأفضل الطلاب بمعهد الأوبرا. كان السيد يوي كوي تشي متطلعا الى تحقيق أمنياته في دار أوبرا بكين، ولكن دار أوبرا بكين كانت تفيض بالأكفاء، فلم يستطع سوى تمثيل أدوار ثانوية واستمر على ذلك الحال لثلاث سنوات. وفي ذلك الحين أصبح العديد من الناس شغوفين بالتجارة والسفر الى دول أجنبية، و ترك الكثير من زملائه تقديم عروض أوبرا بكين، فتردد يوي كوي تشي أيضا.وقال:

""كانت هذه السنوات الثلاث مؤلمة جدا بالنسبة لي. وكنت مترددا، ولكن بسبب جهودي التي بذلتها في أوبرا بكين في أيام صغري، لم أتخلّ عنها، بل ثابرت على الانهماك في دراستها."

وحسب عادات العاملين في وسط أوبرا بكين، يجب أن يتتلمذ الدارس على يد معلم. ولكن يوي كوي تشي لم يتتلمذ على يد أي معلم، بل درس من العديد من الممثلين المشاهير.

"لكل من هؤلاء الممثلين المشاهير مقاطع مفضّلة للأداء. فدرستُ منهم. وكانت معايشتي معهم جيدة جدا لأنهم عرفوا أنني راغب في إجادة الأداء."

لذلك أتقن يوي كوي تشي أداء العديد من المقطوعات التقليدية لأوبرا بكين وبدأ يشتهر. وفي عام 1985 وافق الفنان العملاق لأوبرا بكين يوان شي هاي على أن يقدّم يوي كوي تشي عروضا معه على المسرح. وبعد ذلك نال يوي كوي تشي المزيد من الفرص لتقديم عروض على المسارح.

وفي عام 1987 فاز يوي كوي تشي بجائزة أفضل أداء في مسابقة وطنية كبيرة. وفي عام 1988 رأس السيد يوي كوي تشي وفدا الى هونغ كونغ لتقديم العروض، وبعد ذلك أصبح ممثلا رئيسيا حقيقيا. وفي السنوات اللاحقة فاز بجوائز عديدة في مختلف مسابقات أوبرا بكين بالصين حتى ذاعت شهرته.

وفي عام 1993بدأ التبادل الفني بين ضفتي مضيق تايوان. فسافر يوي كوي تشي مع زملائه بدار أوبرا بكين الى تايوان لتقديم عروض. وكان المسرح مزدحما جدا حتى امتلأت ممراته داخله بالمشاهدين. ويرى يوي كوي تشي أن تبادل تقديم مقطوعات الأوبرات التقليدية يمكنه زيادة الأخوّة بين مواطني ضفتي المضيق. وبعد ذلك أصبح يوي كوي تشي أكثر ممثل لأوبرا بكين من برّ الصين الرئيسي من حيث مرات السفر الى تايوان لتقديم عروض.

وبفضل جهوده خلال هذه السنوات شكّل السيد يوي كوي تشي أسلوبا مختلفا عن المذاهب التقليدية لأوبرا بكين. وبينما كان يشارك في تقديم العديد من المقطوعات التقليدية، أسهم أيضا في إبداع الكثير من المقطوعات الحديثة. وله آراء هادئة حول تطور أوبرا بكين في المجتمع الحديث.

"واجهنا منافسات حادّة بين الفنون، لذلك يجب أن نبذل جهودنا لنشر وتعميم أوبرا بكين بمختلف القنوات والأساليب."

بصفته ممثلا يهتمّ بالمشاهدين كثيرا، أوضح قائلا: "أرى أن إعداد المشاهدين مهمّ جدا في تطوير الفنون ونشرها. إن العلاقة بين الممثلين والمشاهدين تشبه العلاقة بين السمك والماء. واذا أجدنا في الأداء، فسنترك انطباعا حسنا في أذهان المشاهدين، ويرون حقا أن أوبرا بكين جميلة."