حياة التبتيين تتحسن بعد وداعهم الفقر

عندما نذكر التبت، قد تبقى أفكار معظم الناس في ألوانها السابقة: السماء الزرقاء والبحيرات الصافية الخضراء والجبال الثلجية البيضاء والظلال الرمادية القاتمة للأشخاص الذين يمرون بهذه المناظر الجميلة.

ولكن اليوم، وبعد مسيرة الإصلاح الديمقراطي على مدى خمسين عاما، طرأت تغيرات كبيرة على منطقة التبت، حيث ما زالت السماء زرقاء والبحيرات صافية والجبال الثلجية نقية، ولكن ظلال الأشخاص الرمالية تغيرت تماما، حيث يمر الناس بشوارع وأزقة التبت مبتسمين ومفعمين بالثقة، وقد يلبس بعضهم الأزياء الملونة التقليدية لقومية التبت، وقد يحول الآخرون ملابسهم التقليدية إلى الملابس الترفيهية الشائعة. وما زالوا يحبون مأكولات زان با وشاى الزبد ونبيذ الشعير، ولكنهم يتذوقون أحيانا لحم الغنم على القدر الناري ببكين وطعام الجياو زي بشمال شرقي البلاد ومكرونة الأرز بمقاطعة يوننان غيرها، وقد يرعون الأغنام في المروج الخضراء الشاسعة، ويختارون الخضروات الطازجة في الأسواق ويراقبون مستجدات سوق الأسهم في بورصة الأوراق المالية. وحياتهم مثل الربيع القادم ملونة ومتعددة ومفعمة بالحيوية.

المشي على شوارع لاسا حاضرة منطقة التبت، يمكننا أن نجد العديد من المواطنين التبتيين الذين يلبسون الملابس القومية، حيث ما زالت بعض السيدات يضعن ضفائرهن على رأسهن الأمر الذي يدل على الوراثة الجيدة لثقافة الأزياء والزينات التقليدية. ومن جهة أخرى ترك التطور العصري طباعه في ملابس وزينات المواطنين التبتيين، اذ توجد مختلف المحلات الخاصة للأزياء الشائعة في شواريع لاسا ويلبس العديد من الشباب التبتيين بشكل عصري جدا. وكان في شوارع التبت عدد كبير من الناس الذين يمشون حفاة الأقدام. والآن مهما أ كانت محلات الأحذية التقليدية أم المحلات الخاصة للعلامات التجارية الدولية المشهورة، فإنها مليئة بالزبائن.

في الماضي، كانت في التبت ظاهرة غريبة ألا وهي إن الخضروات كانت أغلى من اللحوم". وخاصة في الشتاء، كانت ثلاثة أشياء موجودة دائما على موائد الناس وهي البطاطس والفجل والملفوف الصينية. وكانت أمتعة التبتيين الذين عادوا إلى بيوتهم بعد العمل في الخارج مليئة بأنواع كثيرة من الخضروات والفواكه. ولكن في ثمانينات القرن الماضي حققت زراعة الخضروات الدفيئة نجاحا كبيرا في مقاطعة شاندونغ. ثم أدخلت منطقة التبت هذا النوع من الخضروات وزرعتها على مساحة كبيرة داخلها. ومنذ ذلك الوقت، شهدت موائد التبتيين إصلاحا تاريخيا. وبفضل تفوق الظروف الجغرافية وقلة التلوث، تكون الخضروات التي تنتجها منطقة التبت أحسن مما هو عليه في المناطق الأخرى. ولم يتصور الناس الذين يعملون أو يزورون التبت أن تكون المأكولات في سقف العالم متنوعة ومتعددة.

بلغ عدد سكان التبت عام 1950 نحو مليون نسمة، من بينهم نحو تسعمائة ألف شخص لم يمتلكوا مسكنا. وكان مشهد عيش عدة أفراد في كوخ قش رطب موجودا في أي مكان. وبدأت منطقة التبت الذاتية الحكم عام 2006 في تنفيذ مشروع استيطان الفلاحين والرعاة وتجاوز إجمالي استثماراتها 11 مليار يوان صيني وسكن 900 ألف فلاح وراع في المساكن الآمنة والمريحة الجديدة. علاوة على ذلك، تدفع المنطقة حاليا مشروع مياه الشرب النقية للفلاحين والرعاة، وظهرت مضخات المياه في المزيد من أسر قومية التبت، وأصبحت أيام حمل المياه على الظهر تاريخا في الماضي لم يعد متواجدا. كما سهلت بعض المشاكل المتكاملة مثل مشروعي توصيل الكهرباء وتجهيز الهواتف سهلت وحسنت بقدر كبير حياة الأبناء التبتيين.

أعزائي، عندما نذكر الحياة الحديثة السهلة، فإن المواصلات تعد جزء هاما منها. وقبل تحرر الصين، لم يكن هناك طريق واحد موجود في التبت القديمة. وحتى سبعينات القرن الماضي، استغرقت الرحلة من مدينة لاسا إلى مدينة ناتشيو يوما كاملا بالسيارة. اشتغلت في الأول من يوليو عام 2006 السكك الحديدية تشينغهاي- التبت المرموقة، الآن تستغرق المسافة بين لاسا وناتشيو أربع ساعات فقط، الأمر الذي لا يسهل حياة أبناء الشعب التبتي فحسب، بل يقرب المسافة بين التبت والعالم. وطرحت حكومة المنطقة عام 2009 خطتها في رصد ستة مليارات يوان صيني هذا العام لتسريع بناء الطرق العامة في المنطقة وتحسين شبكة المواصلات في المناطق الثلجية.

في التبت القديمة، كانت زيارة الطبيب أمرا صعبا بالنسبة لأبناء الشعب العاديين. ولم يوجد مستشفى في المنطقة ولا بد من المرضى زيارة معابد اللاما لطلب الرهبان من قراءة بختهم. أما الآن، فإن الرهبان المرضى يذهبون إلى المستشفى لتلقي العلاج ببطاقاتهم الطبية. خلال خمسين عاما، خصصت البلاد كميات كبيرة من الأموال لتطوير قضية التعليم في التبت وساعدت منطقة التبت على تحقيق التعليم الإلزامي المجاني باللغتين التبتية والصينية الفصحة في مدنها أولا قبل المناطق الأخرى في كل البلاد.

وبعد خمسين سنة من الإصلاح الديمقراطي الشاق، ودع أبناء الشعب التبتيين الفقر وأصبحت حياتهم أحسن فأحسن. الآن تقف منطقة التبت الذاتية الحكم على نقطة انطلاق جديدة في التاريخ، اذن، ما هي المعجزات التي ستحدث على هذه الأرض المقدسة؟ سننتظرها مع كل المواطنين التبتيين ونبذل الجهود معهم سويا.