v الإذاعة السودانية |
v وكالة أنباء شينخوا |
v صحيفة الشعب اليومية الصينية |
v تلفزيون الصين المركزي |
v مركز معلومات الانترنت الصيني |
v سفارة الصين لدى مصر |
v الوكالة الموريتانية للأنباء |
تشهد العاصمة المصرية حاليا، وتحديدا مايعرف بمنطقة القاهرة الخديوية، مشروعا ضخما لاعادة ترميم وتجديد عدد من عمائرها القديمة في خطوة تستهدف إعادة الرونق الحضاري والجمالي لقاهرة الخديو إسماعيل، الذي حكم مصر من عام 1863 حتى عام 1879، وأراد أن يجعل من المدينة قطعة من أوروبا، خاصة باريس حيث أطلق عليها لقب "باريس الشرق".
ويأتي تنفيذ المشروع للحفاظ على المباني ذات الطابع المميز وسط العاصمة المصرية، والتي تشكل مثلثا رأسه ميدان التحرير وقاعدته ميدانا الأوبرا ورمسيس وما يتفرع منهما من شوارع، تضم بنايات جميلة يبلغ عددها 421 بناية داخل مساحة لا تقل عن 700 فدان، يعود تاريخ بنائها إلى النصف الثاني للقرن الـ 19، والعقدين الأولين للقرن الـ 20، وتجمع بين طرازي الكلاسيكية وعصر النهضة.
ويشرف على هذه العملية الجهاز القومي للتنسيق الحضاري الذي وضع ضوابط لإعادة الربط المعماري لهذه العقارات وكذلك اعادة صياغة الأرصفة وتنظيفها بالإضافة لتطوير البنية التحتية لهذه المنطقة والتي يعود بناء عماراتها ذات الطابع الباريسي، إلى أيام حكم الخديو إسماعيل.
وبدأ المشروع بالفعل في مرحلته الأولى بشارع قصر النيل بميدان طلعت حرب اشهر ميادين العاصمة والذي يضم عددا من المعالم التاريخية مثل مقهى (جروبي) الذي كان يوما مقصدا رئيسيا لصفوة المجتمع، وحمل الميدان في السابق اسم سليمان باشا القائد العسكري المولود في فرنسا والذي ساعد في تحديث الجيش المصري في القرن العشرين قبل تغييره ليحمل اسم مؤسس بنك مصر.
وأنشأت وزارة الثقافة المصرية الجهاز القومي للتنسيق الحضاري في عام 2004 لتنسيق عملية انقاذ وسط العاصمة واستدعت سمير غريب من منصبه في العاصمة الايطالية روما حيث كان رئيسا لاكاديمية الفنون المصرية ليرأس الجهاز.
وقرر غريب البدء بوسط العاصمة المصرية الذي بني في القرنين التاسع عشر والعشرين قبل أن ينتقل الى القاهرة الفاطمية ومنها الى ضاحية مصر الجديدة في شمال شرق القاهرة التي بناها رجل اعمال بلجيكي عاشق للاثار المصرية في مطلع القرن العشرين.
ويقول سمير غريب انه يتم حاليا تنفيذ مشروع إحياء شارع قصر النيل من خلال تطوير واجهات العقارات المطلة على ميدان طلعت حرب وإعادة تنسيقه وأماكن المشاه بتكلفة تصل إلى أربعة ملايين وسبعمائة ألف جنيه مصرى (الدولار الأمريكى الواحد يساوى نحو 5.61 جنيه مصرى).
وسيمتد العمل في المرحلة الثانية بشارع قصر النيل من طلعت حرب الي مصطفي كامل ثم تليها المرحلة الثالثة وهي من ميدان مصطفي كامل الي ميدان الأوبرا ومن طلعت حرب الي ميدان التحرير، فيما يؤكد المسئولون ان العمل لن يتوقف عند رفع الاعلانات المشوهة وازالة الاشغالات واعادة الطلاء ولكن يمتد الي الترميم من الداخل واعادتها الي الأصل مع اخلاء الممرات بين العقارات.
وتقول الدراسات إن عملية بناء القاهرة الخديوية استغرقت خمس سنوات للتصميم والإعداد، ثم بدأ بافتتاح شارع محمد على بين باب الحديد والقلعة وشارع كلوت بك، ثم افتتاح دار الأوبرا المصرية عام 1875 وكوبري قصر النيل وكوبري أبو العلا من تصميم المهندس الفرنسي الشهير جوستاف ايفل صاحب تصميم البرج الشهير بباريس.
ويمكن حصر أسماء ما يقرب من ثلاثة وعشرين معماريا بارزا، منهم كاستامان الذي بني عمارة جروبي والنمساوي انتينولاشياك الذي بني بنك مصر بشارع محمد فريد والعمارات الخديوية بشارع عماد الدين وغيرها وادوار ماتاسك الذي بني المعبد اليهودي بشارع عدلي والإيطإلى ماريو روس الذي كان كبيرا لمهندسي وزارة الأوقاف وبنى كثيرا من مساجد القاهرة مثل عمر مكرم وصلاح الدين بالمنيل، والمهندس اريستيد ليونوري الذي بني كنيسة القديس يوسف بشارع محمد فريد والمهندس الفرنسي ليونا ميلنات ومن أعماله المجمع السكني أوعمارة ممر بهلر بقصر النيل.
وكذلك الرعيل الأول للمعماريين المصريين الذين تربوا على أيدي الرواد السابقين ونجحوا بالمزاوجة بين الجذور والثقافة الغربية وظهرت أعمالهم في مستهل القرن العشرين ومنهم مصطفي فهمي بك وكيل مصلحة المباني 1923 ومن أعماله مبنى جمعية المهندسين بشارع رمسيس وهو صاحب تصميم ضريح سعد صاحب البصمة الفرعونية الواضحة.
من جانبها، تؤكد الدكتورة سهير حواس، رئيسة الإدارة المركزية للدراسات والبحوث والسياسات بالجهاز القومى للتنسيق الحضارى، أنه خلال عام ستعود منطقة القاهرة الخديوية بمبانيها وآثارها الواقعة بوسط البلد إلى سابق عهدها من الرونق والمظهر الحضارى الذى يليق بتاريخ مصر، وذلك بانتهاء المشروع المخصص لتطوير وإعادة إحياء هذه المنطقة ضمن العديد من المناطق التاريخية التى تضمها مصر.
وطبقا لعملية توثيق عمران القاهرة الخديوية التي أجرتها الدكتورة سهير حواس، تنتمي معظم عمائر القاهرة الخديوية الي الطراز الكلاسيكي المتطور، الذي كان الطابع المميز لعمارة عدد من العواصم الأوروبية في القرنين الثامن والتاسع عشر مع بعض التأثيرات الخاصة لعمارة البحر الأبيض، وجميعها يقع في25 شارعا وسط القاهرة، وتتوزع علي شوارع قصر النيل وطلعت حرب وثروت ومريت باشا ومحمد بك بسيوني والبستان وصبري ابوعلم، درتها جميعا قصر عابدين بملحقاته المعمارية الرائعة خصوصا كشك الموسيقي وبوابة باريس.
ويحظى المشروع باهتمام كبير على كافة المستويات كونه يستهدف إنقاذ ثروة عقارية ذات طابع مميز، يرقي بعضها إلي أن يكون آية من آيات العمارة وكنزا من كنوزها العالمية، أمر الخديو ببنائها في القرن التاسع عشر وهو يخطط لبناء القاهرة الجديدة كي تكون باريس الشرق، واستقدم لهذه المهمة المعماري الفرنسي الشهير هاوسمان.
وتزامن تنفيذ هذا المشروع الضخم مع حريق شب مؤخرا في واحدة من أجمل العمائر التي تم ترميمها، وتقف في ميدان الإسعاف أمام دار القضاء العالي ، وجاء فى بيان رسمى لها أن المبنى الذى نشب فيه الحريق يعد واحدا من أجمل المبانى فى القاهرة الخديوية، ويرجع تاريخ بنائه إلى نهاية العشرينيات من القرن العشرين، ويتكون من سبعة أدوار، وتم تشييده على طراز النيوباروك الممزوج بالفن الجديد والنيوكلاسيك مع استخدام أشكال تعبيرية مثل رؤوس أبى الهول وغيرها من الزخارف المستخدمة فى ذلك الوقت.
وأثارت هذه الحادثة حزن كثير من الفنانين والمثقفين نظرا للقيمة المعمارية والتاريخية التى تمثلها عمارات وسط البلد، فعقارات هذه المنطقة جزء أصيل من الوجدان المصرى، بالإضافة إلى أنها شاهد صامد على العصور المصرية.
ونتيجة لذلك تصاعدت الدعوات الى منع تكرار ما حدث بإعلان القاهرة الخديوية محمية عمرانية يحكم استخدامها شروط ومواصفات صارمة تحفظ هذه الثروة العقارية أكبر قدر من الزمان.