روابط

انتعاش الاقتصاد الصينى، بيد ان عودته الى النمو السريع مازال مراوغا

   2009-05-05 10:52:27    xinhuanet.com

ثبت أنه من المستحيل بالنسبة للصين الانفصال عن العالم، وعن الانكماش الاقتصادى الذى تعانى منه الكثير. لكن مرونتها تتلقى المزيد من الإعتراف ، مع قيام العديد من المؤسسات المالية الرئيسية بتحديث توقعاتها للنمو لعام 2009 منذ منتصف ابريل.

تعتمد تعديلات النمو لاجمالى الناتج المحلى، والتى تتراوح بين 0. 5 و2.3 نقطة مئوية، على مؤشرات التغيير فى الربع الاول. وتشمل هذه المؤشرات نمو اجمالى الناتج المحلى الحقيقى بشكل أكبر من المتوقع، وتعافى الاستثمار فى العقارات، وارتفاع استهلاك الطاقة، وزيادة القروض المصرفية.

وذكر ميريل لينش أنه يتوقع نمو اجمالى الناتج المحلى الصينى بنسبة 7.2 فى المائة فى الربع الثانى، و8 فى المائة لهذا العام، بينما رفع جولدمان ساش توقعاته من 6 الى 8.3 فى المائة، وهو الاكثر تفاؤلا حتى الان. ومن بين التوقعات الاخرى، يأتى يو بي اس، الذى رفع توقعاته 0.5 نقطة مئوية ليصل الى 7 فى المائة، وسي إل إس ايه اسيا- الباسيفيك الذى رفع توقعها 1.5 نقطة ليصل الى 7 فى المائة.

يشعر صناع السياسة فى الصين بالتشجيع نتيجة هذه التوقعات. وكل تعديل بالزيادة ، كبيرا كان أم صغيرا، فى ضوء التباطؤ الإقتصادى العالمى، قد يشير الى فرصة أفضل للبلاد لتحقيق النمو المستهدف بنسبة 8 فى المائة. ويعد الوصول الى هذا المستوى من النمو ضروريا لرفع مستويات المعيشة، مع الحفاظ على الاستقرار الاجتماعى.

ولكن يظل السؤال حول ما اذا كان النمو السريع سيصبح مستداما. ويعتقد بعض المحللين أنه لا توجد دولة سوى الصين تستطيع اعادة التوازن الى اقتصادها، وتحقيق فعالية أعلى ، وخفض التكاليف البيئية، وتوازن أكثر معقولية بين الاستثمار، والتجارة، والاستهلاك.

-- الكم أم الكيف؟

وفى مقابلة اجرتها معه وكالة أنباء (شينخوا)، حث ستيفن روش، رئيس مورجان ستانلى اسيا، السلطات الصينية على اتخاذ خطوات أكثر جدية لتحفيز الاستهلاك الخاص، نظرا لان الاقتصاد العالمى مازال " ضعيفا للغاية " وقد يحقق تعافيا ضعيفا فقط.

وقال روش "ان الصين تعاملت مع الازمة بنفس الطريقة التى تتعامل بها دائما مع المشاكل العالمية، وهى استخدام التحفيز المالى الوقائى اساسا فى البنية التحتية لتقديم الدعم المؤقت خلال الانكماش حتى يعود الاقتصاد العالمى الى التعافى . وقد نجحت هذه الطريقة فى الازمة المالية الاسيوية عام 1997، والكساد المعتدل 2000-2001. ولكن هذه نوع مختلف من الازمات."

وقال انه " بمجرد انتهاء حزمة التحفيز، وانه اذا لم توجد متابعة مستمرة ، فإن الاقتصاد الصينى سيضعف مرة اخرى. ولا أعتقد أن الصادرات سوف تتعافى وسط اقتصاد عالمى ضعيف."

واعرب الاقتصاديون المحليون عن مخاوف مماثلة، قائلين أن سرعة النمو ليست هامة بقدر نوع هذا النمو. وقال ليو شانغ شي، نائب عميد معهد أبحاث العلوم المالية التابع لوزارة المالية، أن النمو بنسبة 6. 1 فى المائة على اساس سنوى فى الربع الاول "جيد بشكل كبير " بالنسبة للصين. لكنه قال "انه من الافضل أحيانا ابطاء سرعة النمو قليلا لجعل الاقتصاد يتحرك بشكل أكثر استقرارا."

وقال وانغ شياو قوانغ، الخبير الإقتصادى باللجنة الوطنية للتنمية والاصلاح، الوكالة الرئيسية للتخطيط، أن النمو السنوى المستهدف للحكومة أصبح رمزيا فى معظمه.

وقال وانغ انه على مدى 5 سنوات متتالية، كان النمو المستهدف 8 فى المائة، وعلى مدى 5 سنوات متتالية، تجاوز معدل النمو المستهدف بكثير. وأضاف أن الحكومة واجهت إشكالية ، فإن تخفيض الهدف قد يقوض الثقة العامة، فيما قد يغرى الارتفاع الحكومات المحلية على المبالغة فى الاستثمار للوفاء بمستهدف النمو المرتفع.

تعكس مؤشرات التغيير فى الغالب تأثير حزمة التحفيز وقيمتها 4 تريليونات يوان (586 مليار دولار امريكى). ومن جانب اخر، مازال البيع بالتجزئة يلى الاستثمار من حيث الإسهام فى النمو. وحذر خبراء الاقتصاد المحليون من أن الاقتصاد ظل غير متوازن وضعيف.

توضح السجلات التاريخية أن التصحيحات فى الاقتصاد الصينى سوف تستغرق ما بين 2 الى 3 سنوات تقريبا. وقد مرت 7 أشهر منذ أن بدأت آثار الازمة المالية العالمية تظهر على الاقتصاد المحلى.

وقال تشن دونغ تشي، نائب رئيس معهد الابحاث الاقتصادية الشاملة التابع للجنة الوطنية للتنمية والاصلاح، فى منتدى لتنمية الاعمال عقد فى قوانغدونغ فى اواخر ابريل، انه "فى ضوء التغيرات التى تلوح حاليا، فإن التعافى الاقتصادى قد يأتى فى وقت أقرب من المتوقع، ولكن تظل هناك مخاطر زيادة التباطؤ."

-- شراء العلاج

من المسلم به بين خبراء الاقتصاد أنه يجب على الصين تدعيم الاستهلاك المحلى الخاص عن طريق تشجيع الافراد على المزيد من الشراء، والحد من التوفير . ولكن السؤال الرئيسى ، كيف؟

يؤيد روش "برنامجين كبيرين" يحثان على مضاعفة الاستثمار فى التأمين الاجتماعى على الفور الى 150 مليار دولار امريكى، ووضع هدف نسبة اسهام الاستهلاك فى الاقتصاد من 36 الى 50 فى المائة فى غضون 5 سنوات.

وقال " ما اعتقد انه ينقصنا هنا هو شبكة الامن الاجتماعى، ومعاشات التأمين الاجتماعى، والتأمين ضد البطالة. وبسبب غياب شبكة الامن، شهدت الصين مستوى عال من الادخار الوقائى."

واقترح روتش أن تطور الصين نظام معاش خاص، حتى يرتفع اجمالى تعويض العامل تمشيا مع القدرة الانتاجية. وقال " ان الشركات الصينية تحتاج الى الشراكة مع عمالها، وتقديم الرعاية الصحية (و) استثمارات التقاعد للقوى العاملة . ويجب أن يحتوى اجمالى حزمة الأجور للعمال الصينيين على الأجور، والأرباح."

واتفق ليو على أن الهدف الرئيسى لتوسيع الاستهلاك هو زيادة الدخول. وقال "ان حماية المصالح القانونية للعمال أمر ضرورى عند تراجع الاقتصاد. وسيكون الامر مثل تجرع السم لرى العطش، اذا فكرت الشركات فى زيادة ارباحها على حساب اجور وارباح العمال."

عملت تكاليف العمالة المنخفضة وقدرتها الهائلة على دعم ازدهار الصين خلال العقود الماضية. ولكن نسبة الاجور الى الدخل الوطنى ظلت فى تراجع طويل منذ التسعينيات.

وفى الفترة ما بين 2002 الى 2006 وحدها، قدر رجال الاقتصاد انخفاض الرقم من 62.1 الى 57.1 فى المائة. ومن جانب اخر، انخفض اسهام الاستهلاك فى نمو اجمالى الناتج المحلى من 43.6 الى 38.9 فى المائة.

وقال ليو "ان نسبة الاجور الى الدخل الوطنى تعد مؤشرا أكثر كفاءة للحكم على استدامة النمو الاقتصادى الصينى. واذا لم ترتفع هذه النسبة، سيظل الشعب فقيرا، ومن ثم فإن القول بتوسيع الاستهلاك سيصبح كلاما أجوف."

ان الصين بعيدة عن الثراء. حيث يحصل 4 فى المائة فقط من القوى العاملة و10 فى المائة فقط من القوى العاملة فى الحضر، على أكثر من 2000 يوان شهريا، وهى عتبة ضريبة الدخل للفرد.

وحيث أن اجمالى ايداعات السكان فى الصين يصل الى 2.43 تريليون يوان، يقول رجال الاقتصاد أن أحد الطرق الفورية لتعزيز الاستهلاك هو استقرار الانفاق على الملكية الرئيسية -- مثل الاسكان والسيارات -- ودعم السياحة، والانشطة الثقافية.

وقال وانغ " ان الشعب ينفق الكثير من الاموال على الاسكان والغذاء. ويجب ان تشجع الحكومة الاهالى على زيادة الانفاق على الترفيه."

-- الصين "ليست القاطرة"

بالرغم من أن الصين قد تكون الاقتصاد الرئيسى الاول الذى سيتعافى من الكساد، يختلف رجال الاقتصاد حول متى ستعود الصين الى النمو المرتفع المستدام.

وعلى سبيل المثال، يتوقع مورجان ستانلى انتعاشا قويا بحلول منتصف العام، ولكن النمو المستدام خلال عام 2010 سوف يظل معلقا على ما يحدث فى الدول الاخرى.

وقال روش " ان الصين ستصبح أكثر قوة. ولكن هل ستكون هذه القوة كافية للسماح للاخرين باتباع خطواتها ؟ لا اعتقد ذلك."

"تأتى معظم المرونة فى الاقتصاد الصينى من بناء البنية التحتية، والطرق، والاستهلاك فى العقارات .. (وهذا) لن يكون له تأثير على الولايات المتحدة واوروبا. وهذه المرونة مؤقتة فقط، فى حين أن تحفيزها محلى وليس عالميا."

وحذر محافظ البنك المركزى الصينى، تشو شياو تشوان فى أواخر ابريل خلال اجتماعات صندوق النقد الدولى والبنك الدولى فى واشنطن انه يتعين تدعيم الانتعاش فى الاقتصاد الصينى. وقال ان الظروف فى الصين سوف تسمح للتنمية الاقتصادية السريعة ثانية، عندما يتم تطبيق سياسات الاقتصاد الكلى، مثل خطة التحفيز.

وقال "ان التحديات الداخلية والخارجية التى تواجهنا تشمل انكماشا مستمرا فى الطلب الخارجى، وانخفاضا كبيرا نسبيا فى الصادرات، وفيض الطاقة الإنتاجية فى بعض الصناعات، وانخفاض العائدات الحكومية، والضغط الطويل من أجل توفير فرص العمل."

وحيث أن الصين بدأت تخرج من ظلال الكساد، هى والعديد من شركائها الغربيين، فإن العالم يراقب عن كثب اقتصاد السوق الاشتراكى التى مازالت تحاول تطويره.

وقال روش انه من المثير للاهتمام ان نرى هذا الكم الذى يمكن ان يتعلمه " الغرب المقيد ايديولوجيا" من الصين، مثلما ان هناك الكثير يمكن ان تتعلمه الصين من الغرب.

وأضاف " ان الصين تتحرك ببطئ فى العديد من المجالات، وخاصة فى فتح سوقها المالى. ولكن الصين اتخذت القرار الصحيح."

وقال "ان التركيز على الاستقرار يعد اضافة ضخمة بالنسبة للصين. ولكن الامة يجب أن تكون حذرة فيما يتعلق بسياساتها المالية، وخاصة السياسات النقدية والتنظيمية، ولا تسمح بفقاعات الاصول والابتكارات المالية التى لا تفهمها."

متعلقات
ما رأيك ؟
link | اتصل بنا |
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved.
16A Shijingshan Road, Beijing, China