v الإذاعة السودانية |
v وكالة أنباء شينخوا |
v صحيفة الشعب اليومية الصينية |
v تلفزيون الصين المركزي |
v مركز معلومات الانترنت الصيني |
v سفارة الصين لدى مصر |
v الوكالة الموريتانية للأنباء |
بقلم محمد رجب
هكذا بدا المشهد في بدايته "ثلاث فتيات صينيات يحملن السلال تعلو وجوههن الابتسامة في منظر خلاب وبديع تكسوه الخضرة لجني أوراق الشاي الأخضر"، لم يكن هذا جزءا من عرض "ثقافة الشاي الصينية" بل كان مشهدا في لوحة ترويجية لهذه الثقافة.
وهو المشهد الذي يعكس ببساطة وتلقائية شديدة أن للشاي ثقافة خاصة لدى الصينيين، توجزها كلمات قليلة علت تلك اللوحة لتصف المدينة التي اتخذتها الصين عاصمة للشاي، وهي مدينة "هانغتشو"، "عاصمة الاستراحة في شرق الصين"، "مدينة فيها المعيشة عالية النوعية" ، تقول الكلمات "التنزه في مدينة هانغتشو معا .. والتمتع بجودة المعيشة هنا".
فالمتعة والراحة وتناول الشاي بطريقة مختلفة وجميلة هو ما يريد أن ينقله ويعبر عنه معرض أو مرسم "ثقافة الشاي الصينية" للمجتمعات الأخرى، إضافة الى ذلك التناغم والتقارب الذي تخلقه هذه الثقافة بين الطبيعة والبشر .
وهو الأمر الذي أكدته جينغ جون عضو قسم التسويق بمجلس السياحة بمدينة هانغتشو، والتي صاحبت وفدا من عارضي وفناني مرسم "ثقافة الشاي الصينية" في أول زيارة له الى مصر، حيث قالت "إن جوهر ثقافة الشاي الصينية هو التناغم .. سواء بين البشر أو بين الارض والسماء".
وأضافت "ان المرسم هو نوع من الترويج للثقافة الصينية، ومحاولة لتعريف الشعوب بطريقة مختلفة وجميلة لتناول الشاي".
وأوضحت جينغ "أن الصين هي أكبر مكان لزراعة الشاي الاخضر، كما ان لها تاريخ طويل في زراعته يمتد الى أكثر من خمسة آلاف عام"، مشيرة الى انه استخدم قديما كدواء وليس كمشروب .
ولاستخدام الشاي الأخضر كدواء قصة عن طبيب صيني قديم يدعى شن نونغ كان قد اعتاد تذوق الأعشاب لاستخدامها في مداواة مرضاه، وفي يوم تذوق شن نونغ 72 عشبا وماهي الا دقائق حتى شعر بآلام في بطنه وأصيب بتسمم، فجلس من التعب يستظل بشجرة خضراء تناثرت أوراقها حوله فأخذ بعضا منها لتذوقه، زال معها الألم والعطش وشعر براحة كبيرة ورائحة ذكية في فمه، كانت تلك الأوراق هي أوراق الشاي الأخضر التي يعد شن نونغ أول من اكتشفها كدواء في عام 2737 ق.م .
وتعد الصين من أوائل وأهم الدول في تصدير الشاي في العالم، حيث بلغ انتاجها نحو 1.2 مليون طن في عام 2008.
وتابعت جينغ "انه في عهد أسرة تانج قبل 1200 عام تحول الشاي الاخضر الى مشروب وأصبح له معنى ثقافيا، صار رمزا للثقافة الصينية" .
ان كلام جينغ عن تحول الشاي الاخضر الى رمز ثقافي يظل كلاما نظريا قد لا يفهمه البعض، الا انه يبدو واضحا وجليا عند مشاهدة مرسم أو معرض "ثقافة الشاي الصينية" .
فالعرض له طقوس خاصة يمارسها الفنانون الصينيون، وهو ما جعل من الذهاب الى الصين للحصول على "رخصة" أمرا ضروريا إذا اراد أحد الفنانين في أي دولة أخرى مثل اليابان وكوريا اقامة معرض أو مرسم للشاي ، فكما تقول جينغ "إن الصين هي صاحبة الرخصة الأصلية.. وهي جوهر ومنطلق ثقافة الشاي".
ويبدأ العرض غالبا وسط موسيقى صينية هادئة تضفي مزيدا من أجواء الراحة والمتعة والانتباه لدى الحاضرين ، حيث جلس الفنان الصيني واضعا أمامه آنية الشاي المختلفة الأحجام والألوان ليقدم أمام الحضور ثلاث مراحل لتقديم وتناول الشاي، أولها مرحلة "شم الرائحة"، وفيها يقوم الفنان بغسل آنيته (فناجين وأكواب صغيرة) بماء ساخن ويسمى هذا "تدفئة الاواني" عن طريق رج الماء بداخلها بهدوء شديد وبحركات دائرية، ثم يقوم بوضع أوراق "الشاي الأخضر" أو "الياسمين" أو "شاي أولونغ" في الفنجان ويصب فوقه الماء الساخن ليرجه بعدها بنفس الحركة ثم يقدمه للحاضرين "لشم رائحته".
بعد ذلك يقوم الفنان بصب الشاي في فناجين صغيرة، حيث يعلو بيده ويهبط بها هكذا في حركة طائرة عند صب الشاي في كل فنجان صغير، ثم يوزع الشاي على الحاضرين "للتذوق" و "الرؤية" مع انحناءة بسيطة وابتسامة لا تفارق وجهه .
وتقول احدى العارضات إن هناك اختلافا في درجة حرارة الماء عند اعداد الشاي الأخضر (80- 85 درجة) أو الياسمين (90- 95 درجة) أو شاي أولونغ(100 درجة) ، كما ان هناك اختلافا في الاواني المستخدمة مع كل منهم ، حيث تتعدد ألوانها واحجامها ونوعيتها .
لا تكتفي "ثقافة الشاي الصينية" بهذا القدر من الاختلاف، فقد قدم الفنانون الصينيون عرضا خلطوا فيه بين صب وتقديم الشاي والرياضة، وهو عرض "شاي الكونغ فو" أو "عرض التنين"، ويقوم فيه الفنان الذي تدرب لمدة ثلاث سنوات لاتقانه، ب18 حركة من حركات الكونغ فو، منها ما عرف باسم "التنين يسير بحرية في السماء"، و"التنين يقفز خارج البحر"، والتي يصب خلالها الشاي من اناء حمله في يده يشبه "الابريق" في أكواب اعتلت مائدة مستديرة، بشكل جعل كل من شاهده يقف مشدوها ومعجبا .
ومن أهم ما يميزه عرض أو مرسم "ثقافة الشاي الصينية" أداء الفنانين الصينيين وحركات أيديهم وتفاعلهم وهدوئهم مع ما يقدمون، حيث بدوا وكأنهم يقدمون رقصة صينية خاصة على وقع موسيقى كلاسيكية قديمة تثير في النفوس حالة روحانية تحلق بهم بعيدا وتخلق شعورا واحدا لدى الجميع بالراحة والمتعة ويبدو أن هذا هو "التناغم" الذي تنشده تلك الثقافة .
وهو ما حاولت جينغ جون التعبير عنه حين قالت "عن طريق مرسم الشاي يعرف الاشخاص الذين يتناولون الشاي معنى الحياة"، مشيرة الى أن ثقافة الشاي الصينية هي "تمثيل للثقة والروح الصينية".
لقد أثار المعرض، الذي نظمته مؤخرا السفارة الصينية بحضور عدد من سيدات المجتمع في مصر إعجاب الحاضرات، وهو ماعبرت عنه سيدة مصرية، مؤكدة أنها "لأول مرة تعرف أن هناك طرقا كثيرة لصب الشاي وأن الصين تخلط بين تناول الشاي والثقافة".