لماذا تواصل اسعار خام النفط ارتفاعها؟

ارتفعت اسعار خام النفط العالمية بشكل مطرد فى الاشهر الاخيرة حيث ارتفع السعر الرئيسى لخام النفط لشحنة يوليو فوق 66 دولارا امريكيا للبرميل فى بورصة نيويورك التجارية.

وقد ارتفع السعر الرئيسى لخام النفط فى بورصة نيويورك التجارية بنسبة حوالى 30 فى المائة فى مايو، وهو اكبر ارتفاع شهرى منذ عشر سنوات.

يعتقد المحللون ان الارتفاع الاخير فى سوق النفط جاء الى حد كبير نتاج تزايد ثقة المستثمر فى الاقتصاد العالمى، وزيادة مخزون خام النفط فى بعض الاقتصادات المتقدمة الكبرى، والمضاربات فى السوق.

ان اقتصادات متقدمة كبرى، مثل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان، تمر الآن بحالة ركود شديد، مما يعنى تراجع الطلب على خام النفط بالرغم من ان احدث المؤشرات الاقتصادية تظهر ان تباطؤ هذه الاقتصادات اصبح اقل حدة.

وذكر لى تشانغ جيو الخبير الصينى فى القضايا الاقتصادية الدولية"ان اجمالى الناتج المحلى المجمع للاعضاء الثلاثين بمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية يمثل حوالى 71 فى المائة من اجمالى العالم وعندما تكون هناك علامات على ان تلك الاقتصادات بدأت تصعد من القاع، فهذا يبعث برسالة واضحة الى سوق النفط مفادها ان الطلب قد يرتفع فى وقت لاحق".

تتكون منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ومقرها باريس من الاقتصادات الصناعية الكبرى فى العالم ومن بينها الولايات المتحدة واليابان وبعض القوى الاقتصادية الأوربية.

وبدأت الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدمة الكبيرة فى زيادة مخزونها من خام النفط بعد ان شهدت اسعار خام النفط ارتفاعا صاروخيا فى النصف الثانى من عام 2008 حيث تصاعدت أزمة الرهن العقارى الامريكية لتصبح أزمة مالية عالمية مكتملة.

وقال لى إن زيادة المخزون فى الدول الصناعية يسهم ايضا فى الارتفاع الاخير فى اسعار خام النفط.

وقدرت وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس، التى تقدم النصائح فيما يتعلق بقضايا الطاقة الى الدول الاعضاء فى المنظمة، مؤخرا أن مخزون خام النفط التجارى فى دول المنظمة ارتفع ليصل الى 2.745 مليار برميل حتى نهاية مارس، بزيادة نسبتها 6.7 فى المائة عن العام الماضى.

وذكرت الوكالة ان المخزون التجارى فى دول المنظمة كان يمثل 62.4 يوم من الاستهلاك فى نهاية الربع الاول من العام الحالى، وهو اكثر بمقدار ثمانية أيام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى.

وقال لى "إن الولايات المتحدة تزيد من مخزونها من خام النفط منذ أن وصل السعر الى ادنى مستوى له وهو حوالى 30 دولارا للبرميل فى مارس".

وأضاف ان التجار المضاربين يتهافتون علاوة على ذلك على العودة الى اسواق خام النفط على امل ان يرتفع الطلب على خام النفط فى النهاية مع بدء صعود الاقتصاد العالمى من القاع.

ولان مشكلة المضاربة فى اسواق خام النفط العالمية اصبحت حادة على نحو متزايد فى السنوات القليلة الماضية، تهافت الكثير من المتعاملين غير التجاريين، الذين لا يستخدمون خام النفط بشكل مباشر، على اسواق خام النفط سعيا للحصول على مكاسب استثمارية افضل.

وقد قام المضاربون، الذين استفادوا من الارتفاع المستمر فى اسعار خام النفط من عام 2002 حتى النصف الاول من عام 2008، بتداول مستقبليات خام النفط مثل الاسهم أو السندات مما ضخم من تأثير العرض والطلب على حركة الاسعار.

وتنبأ لى بأن ترتفع اسعار خام النفط، باعتباره مصدرا غير قابل للتجدد، على المدى الطويل.

وأضاف ان اسعار خام النفط ستتقلب على المدى القصير اعتمادا على تطورات الاقتصاد العالمى.

وقال لى إن الارتفاع الاخير فى اسواق خام النفط العالمية يعنى اشياء مختلفة بالنسبة للدول المنتجة والمستهلكة للنفط.

فبالنسبة للدول المصدرة للنفط فى الشرق الاوسط وآسيا الوسطى وامريكا اللاتئنية، سيعوض الارتفاع فى الاسعار بشكل جزئى الاثار العكسية للأزمة المالية العالمية الحالية على اقتصاداتها.

وعلى سبيل المثال، سيساعد الارتفاع فى اسعار خام النفط الحكومة الروسية فى التغلب على العبء المالى والاهوال الاقتصادية التى تشهدها البلاد. فالاقتصاد الروسى يعتمد بشدة على ايرادات النفط.

لكن بالنسبة للدول المستهلكة للنفط، سيكون لاى ارتفاع مطرد فى الاسعار تأثير سلبى على اقتصاداتها لان ارتفاع تكاليف الطاقة يقود عادة الى مستوى اعلى من التضخم.

وأضاف لى انه حتى بالنسبة للدول المستهلكة للنفط، يعنى ارتفاع سعر خام النفط اشياء مختلفة بالنسبة للدول المتقدمة والاقتصادات الصاعدة.

وقال "إنه مقارنة بالولايات المتحدة واليابان، تحتاج الصين والهند الى طاقة اكبر لتحقيق نفس الكمية من الانتاج"، وأضاف ان الارتفاع فى اسعار خام النفط سيكون له تأثير معاكس اكبر على الاقتصادين الآخذين فى النمو على غرارالصين والهند.