الصين تشهد موجة رسام بريطاني شهير

يقام حاليا في معرض الفنون الجميلة الصيني ببكين عرض رسوم المناظر النفيسة التى رسمها أشهر رسام مناظر بريطاني وهو جوزيف مالورد ويليام تيرنر. هذه هى المرة الأولى تعرض رسوم هذا الرسام البريطاني الشهير في الصين. وجذب المعرض المزيد والمزيد من شخصيات أوساط الفنون الجميلة الصينية وطلاب وأساتذة معاهد الفنون الجميلة والمواطنين الصينيين للزيارة فأثيرت موجة تيرنر في الصين.

في تاريخ الفنون الجميلة الأوروبي وفي أوائل القرن ال19 ظهر رسام كبير يتمتع بمكانة خاصة وهو جوزيف مالورد ويليام تيرنر. كان تيرنر يعمل على مدى حياته على رسم المناظر. وبفضل قيامه بالإبداعات في رسم المناظر وصلت رسومه إلى مستوى جديد لا مثيل له. الأمر الذى نتج تأثيرات عميقة على الفنون الجميلة لمذهب الانطباعية في أواخر القرن ال19 ومذهب التجريدية في القرن ال20.

إن الرسام تيرنر يتمتع بالاهمية الخاصة بالنسبة لأوساط الفنون الجميلة الصينية. فعندما بدأت أوساط الفنون الجميلة الصينية الاتصال مع أوساط الفنون الجميلة الغربية كان الرسام تيرنر ضمن الدفعة الأولى من الرسامين الغربيين الذين عرفتهم أوساط الفنون الجميلة الصينية. وتركت رسوم تيرنر تأثيرات كبيرة على الرسوم الصينية بالألوان المائية ورسوم المناظر الصينية. ورغم أن شخصيات أوساط الفنون الجميلة الصينية كانوا يتطلعون إلى مشاهدة رسوم تيرنر إلا أن هدفهم لم يتحقق إلا في هذا اليوم لمختلف الأسباب. تعرض رسوم تيرنر ببكين في الفترة ما بين ال23 من إبريل الماضي و ال28 من يونيو الحالي. هذه هى المرة الأولى التي تعرض فيها رسوم تيرنر في آسيا وفي الصين أيضا. لذلك فإن هذا عرض رسوم تيرنر لأول مرة في الصين له أهمية كبيرة. بشأن ذلك قال مدير متحف الفنون الجميلة الصيني فان دى آن

"إن هذا العرض يمثل بالنسبة لأوساط الفنون الجميلة الصينية والمواطنين الصينيين حوارا بين الماضي والحاضر. إن تيرنر هو من القلة القليلة من الرسامين الكبار على المستوى العالمي. فلا تتاح الا فرصة قليلة جدا للمواطنين الصينيين حتى للرسامين الصينيين المولعين بتيرنر لمشاهدة رسومه الأصلية. لذلك فإن عرض رسوم تيرنر أتاح لنا فرصة للتبادل الفني والتعارف الثقافي بين الصين وبريطانيا."

هذا وأقيم عرض رسوم تيرنر تحت رعاية معرض الفنون الجميلة الصينية وجمعية الثقافة البريطانية ومعرض تايت البريطاني للفنون الجميلة. وعلم أن الرسام تيرنر قد أوصى قبل وفاته بإهداء رسومه إلى بلاده ويحفظها متحف تايت البريطاني للفنون الجميلة. إن رسومها ال112 الزيتية والمائية المعروضة في الصين عكست أساليبه المختلفة في مختلف المراحل، ومنها الرسم الزيتي " شروق الشمس في قلعة نورهام " وأبدع الرسام تيرنر هذا الرسم في عام 1845 وعكس هذا الرسم أسلوبه الفريد في الرسم فسمي تيرنر بهذا الرسم طليعة الرسوم الانطباعية.

ذكر المسؤول بمتحف تايت البريطاني للفنون الجميلة السيد إين وارير أنه من أجل حماية رسوم تيرنر بصورة أحسن قرر المتحف تقليل العدد المعروض للرسوم في المستقبل. لذلك إن عرض رسوم تيرنر في معرض الفنون الجميلة الصيني يعتبر فرصة نادرة للمشاهدين الصينيين للتمتع برسومه.

"إن عددا كبيرا من الرسوم المعروضة هنا هى من أعمال تيرنر القيمة التى كانت قد طلبتها المتاحف المشهورة في العالم لعرضها. كما أن تيرنر هو من أكثر الرسامين إقبالا لدى الجماهير في متحف الفنون الجميلة البريطاني. لذلك يمكن القول إن فرص عرض رسوم تيرنر ستقل مع مرور الأيام وإن هذه المرة لعرض رسومه تعتبر فرصة نادرة ونفيسة بالنسبة للمشاهدين الصينيين."

إن رسوم تيرنر لقيت إقبالا عظيما لدى محبي الفن الصينيين. ومعظمهم من الطلاب والأساتذة في معاهد الفنون الجميلة. وبعضهم جاؤوا من مدينة نانكين وبعضهم الآخر من مدينة تيانجينغ. والزائر تشين تاو هو الرسام قد أنشأ مدرسة شخصية للفنون الجميلة في بكين. وأخبر مراسلنا أنه قد شاهد رسوم تيرنر في الألبوم. لكن بعد مشاهدة الرسوم الأصلية لتيرنر وجد شعورا مختلفا فقال:

"إن الرسوم الأصلية تختلف عن الرسوم المطبوعة في الألبوم اختلافا كبيرا. فبعد مشاهدة الرسوم الأصلية شعرت بروعة الفن الأصلي لا تعطيني رسوم الألبوم هذا الشعور. لذلك فإن عرض رسومه الأصلية في الصين يعتبر فرصة نادرة وقيمة لنا."

الأستاذ قاو تيان شيونغ بقسم الرسوم الزيتية للمعهد الصيني المركزي للفنون الجميلة زار هذا المعرض مع تلاميذه. حيث أخبر مراسلنا أن رسوم تيرنر ما زالت تعطي إرشادات لأوساط الرسوم الزيتية الصينية رغم أن عصر تيرنر يعود إلى زمن بعيد عن اليوم :

"من خلال رسوم تيرنر المعروضة لاحظنا أن الرسوم الزيتية الغربية التقليدية تعتبر كنزا يرشدنا لمعرفة الرسوم الزيتية وتاريخ الفنون الجميلة ونستطيع استفادة الكثير منه."

الأمر الذى كما ذكره مدير متحف تايت البريطاني للفنون الجميلة السيد ستيفين داتشاى أن الفنون الجميلة فن مشترك للجميع وليس له حدود. ومثل حب المشاهدين الصينيين لرسوم تيرنر، يبدو حب البريطانيين للفنون الجميلة الصينية في ازدياد مستمر.

"أعتقد أن التبادل الفني ليس أحاديا. إذ إن اهتمام المواطنين البريطانيين بالفنون الجميلة الصينية المعاصرة أصبح الآن في ازدياد مستمر وإن سمعة الفنون الجميلة الصينية المعاصرة ترتفع مع مر الأيام. وإن متحف تايت البريطاني يرغب في تقديم مساهماته للتبادل الثقافي بين الصين وبريطانيا."

وعلم أن التبادلات الفنية والثقافية بين الجانبين الصيني والبريطاني كثرت خلال الأعوام الأخيرة. فلم تبعث بريطانيا عددا من فرقها الفنية لزيارة الصين فحسب بل بعثت الصين هى الأخرى عددا من بعثاتها الفنية والثقافية لزيارة بريطانيا أيضا. مثال ذلك أن أكثر من مائة قطعة من معروضات متحف التماثيل الصلصالية الحربية الجنائزية لأسرة تشين الملكية عرضت في المتحف البريطاني بلندن في أوائل العام الماضي. الأمر الذى اجتذب العديد من المواطنين المحليين لزيارته. ولسد رغبات الزوار أضطر المتحف إلى تمديد موعد الزيارة حتى منتصف الليل.

ذكر المسؤول بجمعية الثقافة البريطانية السيد ديفيد سين أن عرض رسوم تيرنر وتماثيل الجنود الصلصالية يعتبر مثالا للتبادل الثقافي بين الصين وبريطانيا.

"إن عرض رسوم تيرنر في الصين وعرض التماثيل الحربية الجنائزية لعهد أسرة تشين الملكية في بريطانيا يتمتع بنفس الأهمية للتبادل الثقافي بين البلدين. وأتمنى أن يستمر ويزدهر هذا التبادل بيننا في المستقبل. "

وأقيم في العام الماضي مهرجان الصين المعاصرة وهو أكبر المهرجانات نطاقا عن الثقافة الصينية التى تقام في بريطانيا. وخلال فترة هذا المهرجان التى دامت نصف عام أقيمت أكثر من 800 فعالية. مما أثيرت في بريطانيا موجة الصين. وعلم أنه سيقام خلال هذا العام عدد كبير من التبادلات الثقافية بين الجانبين الصيني والبريطاني.