CRI Online

عقد من التطور الاقتصادى ما بين الأزمات والرخاء

arabic.news.cn       (GMT+08:00) 2011-01-05 09:13:26

على صعيد الاقتصاد العالمى، اتسم العقد الأول من القرن الحادى والعشرين بتعايش الأزمات والرخاء وتعايش الدمار والتقدم وتعايش الانخفاضات والارتفاعات.

وتبدو عبارة "لقد كانت افضل الأوقات، وكانت اسوأ الأوقات"، من العبارات الكلاسيكية للروائى البريطانى تشارلز ديكنز، مناسبة تماما لوصف الاقتصاد العالمى خلال السنوات العشر الماضية.

التنمية العالمية

اذا كان العالم قد شهد حالة من الاضطراب فى التسعينات بعد انتهاء الحرب الباردة، فان نسيج التنمية الاقتصادية العالمية اصبح واضحا بشكل متزايد فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين.

على مدار السنوات العشر الماضية، اخذ الاقتصاد العالمى يتطور بأنواع مختلفة من طرق التنمية. واثبتت الأزمة المالية العالمية التى بدأت فى عام 2008 فى وول ستريت ان النظام الاقتصادى والمالى الغربى بمواطن ضعفه الموروثة لم يكن نموذجا يمكن تطبيقه عالميا.

ومن ناحية اخرى، اختارت غالبية الدول النامية أنماط التنمية الخاصة بها وفقا لأوضاعها الوطنية، وظهرت كقوة إيجابية لتعزيز الانتعاش الاقتصادى العالمى.

فقد كان عموما عقدا بدون حرب كاملة. وبالرغم من ان الاقتصاد العالمى واجه انفجار فقاعة الدوت كوم فى الولايات المتحدة والأزمة المالية وشهد الكثير من النكسات فيما بينهما، إلا ان هذا العقد تمكن من الحفاظ على النمو مع حدوث زيادات فى الانتاج العالمى وتوسع فى التجارة الدولية وتعمق فى تقسيم العمل الصناعى الدولى والعولمة والأقلمة.

ومن خلال الاستفادة من العلوم والتكنولوجيا وخاصة تكنولوجيا الاتصالات، تسارعت خطى جولة جديدة من العولمة بصورة ملحوظة منذ الثمانينات.

وقد تم تضمين المزيد من الاشخاص والمزيد من الاسواق المحلية والمزيد من الموارد فى النظام الاقتصادى العالمى. وزادت الثروة التى كونتها البشرية واتسعت التبادلات الاقتصادية بين الدول وتحسن مستوى معيشة معظم الافراد.

ومن ناحية اخرى، يمكن ان يكون للفقاعات تأثيرات. فقد أشار توماس فريدمان مؤلف "العالم منبسط" إلى ان الاستثمار خلال فترة فقاعة الانترنت فى البنية التحتية للانترنت مثل كابلات الالياف البصرية العابرة للمحيطات هو الذى ارست الأساس المادى لنمو العولمة بصورة اكبر بعد الأزمة.

وحاليا، يسود الاعتقاد بأنه من الضرورى تدعيم القواعد المالية العالمية وإعادة تشكيل النظم الاقتصادية والمالية العالمية.

واصبح مفهوم تنمية مستدامة خضراء ومنخفضة الكربون وتقوم على حماية البيئة اكثر شيوعا. ويمكن ان يصبح كل هذا القوة المحركة للاقتصاد العالمى خلال السنوات العشر القادمة.

تغيرات تشهدها الدول

على خلفية التنمية المستمرة للاقتصاد العالمى ككل، اصبحت تنمية كل دولة وكل منطقة خلال العقد الماضى مختلفة تماما.

وبدأت الدول المتقدمة تقودها الولايات المتحدة العقد الأول من القرن الجديد بأزمة وانهته بهزة من أزمة اكبر.

من فقاعة الانترنت إلى فقاعة سوق الاسكان ثم إلى الأزمة المالية، ومن أزمة إلى رخاء ثم إلى أزمة اكبر، فقد كان إلى حد ما عقدا مليئا بالصعاب بالنسبة للدول المتقدمة.

وكما قال من قبل سيمون جونسون كبير خبراء الاقتصاد السابق بصندوق النقد الدولى إن التنمية المختلة للقطاع المالى وسيطرة المضاربة دفعت الاقتصاد العالمى إلى دائرة من الرخاء والهلاك.

ومن ناحية اخرى، فبالنسبة لغالبية الدول النامية، كان العقد الماضى مستقرا بشكل نسبى حيث شهد تنمية مستمرة وتقدما اقتصاديا واجتماعيا كبيرا.

ووفقا لهذا، تغير ميزان القوى بين الدول المتقدمة والدول النامية بشكل نسبى. ويتطور الهيكل الاقتصادى العالمى نحو مستقبل متوازن ورشيد على نحو اكبر.

كما حدثت تغييرات فى منظمات دولية كبرى مثل صندوق النقد الدولى، والبنك الدولى، ومجموعة الثمانية، ومجموعة العشرين. وعلى سبيل المثال، حلت مجموعة العشرين محل مجموعة الثمانية لتصبح المنتدى الرئيسى للحوكمة الاقتصادية العالمية.

الاستعداد للسنوات العشر القادمة

عند النظر إلى السنوات العشر القادمة، سنجد ان نمط الاقتصاد العالمى سيتغير.

بعد الأزمة المالية العالمية التى تحدث مرة فى القرن، سيشهد العقد القادم تغييرات وتعديلات واوجه تنمية كبيرة فى الاقتصاد العالمى.

وتشير مختلف العلامات إلى ان تنمية الاقتصاد العالمى ستسلك ثلاثة اتجاهات رئيسية.

اولا، سيتغير الوضع الاقتصادى العالمى بصورة اكثر سرعة حيث ستدخل الحكومات الوطنية تعديلات مهمة على مناهجها لتحقيق التنمية.

فقد حطمت الأزمة المالية العالمية الاستهلاك والمضاربة اللذين تحركهما الديون فى أمريكا، الامر الذى ضخ أيضا قوة دفع جديدة لإعادة الهيكلة الاقتصادية فى الدول المتقدمة. وتحاول الاقتصادات المتقدمة استعادة التوازن بين الادخار والاستهلاك وبين الاقتصاد الفعلى والاقتصاد الحقيقى.

ومن ناحية اخرى، تحتاج الدول النامية إلى خفض اعتمادها على الصادرات، وتحسين نظام الضمان الاجتماعى، وتحديث نظم توزيع الدخل، وتوسيع الطلب المحلى، ورفع مستوى المعيشة.

وعموما، فانه بخلاف العوامل غير القابلة للتوقع مثل الحروب واسعة النطاق والاوبئة والكوارث الطبيعية، فانه من المتوقع ان تدخل غالبية الاقتصادات الصاعدة عقدا جديدا من التنمية والتقدم. وسيظل اصلاح حوكمة الاقتصاد العالمى يزداد عمقا.

وبالاضافة إلى هذا، نظر لكون القضايا البيئية تتزايد بروزا، فان مفهوم التنمية المستدامة سيصبح اكثر شيوعا. وستحقق اقتصادات الكربون المنخفض والاقتصادات الخضراء والاقتصادات الصديقة للبيئة تنمية اكبر فى أنحاء العالم.

ثانيا، سيشهد النظام المالى والنقدى العالمى تعديلات مهمة. وقد كشف اندلاع الأزمة المالية العالمية تماما عدم قدرة النظام الحالى على الاستدامة.

ان تدعيم الرقابة المالية لا يعنى احتواء الابتكار المالى أو انكار دور النظام المالى فى العمليات الاقتصادية الحديثة.

بيد انه اذا لم يعد تعديل القواعد المالية العالمية، فان ما يسمى بأزمة مالية عالمية تحدث مرة فى القرن من المحتمل ان يظهر مرة اخرى فى غضون عقود قليلة.

وبالاضافة إلى هذا، فان خطر النظام النقدى الدولى الذى تتم فيه التعاملات بالدولار الأمريكى سيزداد تدريجيا.

ثالثا، ستستمر العولمة فى التطور مع تعايش المخاطر والفرص جنبا إلى جنب. وفى العقد القادم، ستستمر العولمة فى "تحويل" الانتاج العالمى وانماط الاستهلاك والتجارة العالمية، الامر الذى سيجعل العالم "منبسطا" على نحو متزايد.

وستتيح شبكات الاتصال منخفضة التكلفة والملائمة والحديثة فرصا لمزيد من الاشخاص للمشاركة فى عملية العولمة.

ومن ناحية اخرى، من المحتمل ان يغرق عدد من الدول الضعيفة فى مشكلات اكبر بسبب الحروب أو الامراض أو الكوارث الطبيعية فى ظل المنافسة الشديدة فى السوق العالمية.

وستحافظ القوى الاقتصادية التقليدية على تفوقها بالتحديث الصناعى وإلا ستهزم فى المنافسة. وقد تواجه الاقتصادات الصاعدة أيضا مشكلات مثل ما يسمى "بشرك الدخل المتوسط".

وباختصار، فان كل دولة لديها فرصها وتحدياتها. وان العقد القادم سيكون مثل اى عقد اخر فى التاريخ. فالفرص تفضل دوما الدول والشركات المستعدة والافراد المستعدين. وبالنسبة لهم، يعد أهم شيء هو تحقيق استفادة كاملة من الفرص.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي