CRI Online

الخبير الصيني تشو وي ليه: جيش مصر أحد أعمدة استقرار المجتمع الدولي -- حوار

cri       (GMT+08:00) 2014-06-03 09:03:04

مصدر: cascf.org

يعد الدكتور تشو وي ليه أحد أهم وأكبر المستعربين الصينيين، المتابعين بشكل جيد لما يدور في منطقة الشرق الأوسط، ومنذ دراسته اللغة العربية وآدابها، ساهم تشو في حركة الترجمة الأدبية، فترجم العديد من الأعمال لكبار الأدباء العرب، مثل نجيب محفوظ وجبران خليل جبران، ويترأس تشو وي ليه معهد دراسات الشرق الأوسط، وهو المعهد الوحيد في عموم الصين المتخصص في دراسة المنطقة.في مكتبه بمركز دراسات الشرق الأوسط، بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، قال الدكتور تشو وي ليه، العضو في لجنة العلوم الاجتماعية، في وزارة التعليم الصينية، لـ«المصري اليوم» إن مصر تسير إلى الأفضل، مؤكدًا أن الجيش المصري هو أحد أعمدة استقرار المجتمع الدولي، وأشار تشو إلى أن تحسين معيشة الشعب المصري يجب أن تكون أهم نقطة على جدول أعمال الحكومة الانتقالية.

مرحلة انتقالية جديدة تشهدها مصر منذ 3 يوليو الماضي بعد سقوط حكم الإخوان وعزل الرئيس محمد مرسي، على أثر مظاهرات 30 يونيو الحاشدة، كيف ترى ما حدث, وما تقييمكم لهذه المرحلة التي تمر بها مصر؟

أعتقد أن مستجدات الوضع في مصر تسير إلى الأفضل والأحسن، ونحن نرجو ذلك ونتطلع إليه، هذا مفيد للشعب المصري، وكل ما تختاره الشعوب نحترمه، مصر هي الدولة الإقليمية الكبرى في المنطقة، وتلعب دائمًا دورًا رياديًا، وما حدث ضروري للانتقال من مجتمع ما قبل التحديث إلى مجتمع التحديث، هذه المسيرة لا مفر منها لكل أمة.

وأقول مجتمع ما قبل التحديث، لأن كثير من النظم تتصف بالتأخر سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، من الضروري تطوير النظام من طراز قديم إلى طراز حديث، غالبية الشعب العربي تؤمن بالدين الإسلامي، وبعد اجتهادات طويلة وجدنا أن الحرية والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان هي مفاهيم من ضمن المقاصد العالية للدين الإسلامي، وهذا يعني أن الأمة العربية تقبل كل هذه المفاهيم الجديدة، مفاهيم المجتمعات الحديثة، كل حسن يجب أن تقبله كل أمة، لا يمكن أن نرفض كل ما هو حسن، لكن من الضروري أن تنطبق هذه الأشياء مع البيئة المحلية، العربية والإسلامية.

في رأيك ما أهم الملفات التي يجب أن تعمل عليها الحكومة المؤقتة في مصر الآن؟

النقطة الأكثر أهمية الآن تتمثل في كيفية المعالجة الصحيحة بين عوامل ثلاثة، أولًا: استقرار المجتمع، ثانيًا: القيام بالإصلاح، ثالثًا: تحقيق التنمية، واستقرار المجتمع هو الأساس، وعلى هذا الأساس، يمكن أن تبدأ مصر الإصلاحات، والإصلاحات هي التي ستدفع عجلة التنمية، اقتصادية وسياسية واجتماعية، هذه هي التجربة الصينية عبر أكثر من 30 عامًا مضت.

المهمة الأولى بالنسبة للشعب المصري، خصوصًا للشباب والمستضعفين والفقراء، هي تحسين المعيشة، دون ذلك لا يمكن أن يتحقق استقرار المجتمع، هناك مساعدات من المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات، من الممكن أن تنفق الحكومة بعضها لتحسين معيشة الشعب، خاصة فقرائه، هؤلاء هم البنية التحتية للمجتمع، وهم من يشكلون الدعم الواسع، والإخوان المسلمون يعرفون ذلك، لذلك عندما يقام تصويت يفوزون، لأنهم يزرعون في الفئات البسيطة، وهذا ذكاء منهم، على الحكومة أن تهتم الآن بالفئات البسيطة في الأرياف وغيرها، حتى يمكن أن تعبر المرحلة الانتقالية الحساسة.

لا أحب أن نقلد صورة الدول الغربية ونطبقها على المجتمع العربي، المجتمع المصري والعربي والإسلامي شيء مختلف، ويتصف بخصائص تختلف عن خصائص وصفات المجتمع الغربي، وكذلك عن المجتمع الصيني، يجب أن يكون هناك طريق للأمة العربية.

تعني أنه يجب أن يكون لمصر تجربتها الخاصة وألا تلجأ لاستنساخ تجارب أخرى في التنمية حتى لو كانت التجربة الصينية؟

صحيح، نحن لا نلعب دور المرشد، من الممكن أن نتحدث مع المصريين لمعرفة إذا ما كان هذا الأمر مفيد أو غير مفيد، لكنكم أنتم من تختارون وتحددون. شعب مصر صديق الشعب الصيني، وهذه النقطة لا يمكن أن تتغير، ثم إن مصر تلعب دورًا رئيسيًا في هذه المنطقة، وهذه النقطة أيضًا لا يمكن أن تتغير، مهما واجهت صعوبات كثيرة، هذه الصعوبات مؤقتة. شعب مصر ذكي، ولكن المهم الآن هو بناء الدولة. أنا أحب مصر جدًا ولا خوف على مستقبلها، والكثير من المستعربين الصينيين عادوا من جامعات مصرية.

مصر كانت تحتل مكانة أولى في العالم العربي، ولكننا وجدنا جامعات بعض الدول العربية بدأت تحتل هذه المكانة، لأنها تتعامل مع بعض الجامعات الغربية، ولديها مختبرات ومعامل متقدمة. مصر تواجه الآن صعوبات في هذا المجال.

سوف ننتظر خلال الفترة المقبلة لنرى ما الذي يحتاجه منا المصريون، مصر في مرحلة بناء الدولة، بعد أن تنتهي هذه المرحلة من الممكن تحديد نمط التنمية الاقتصادي.

نحن نحترم وسوف نحترم ما يختاره الشعب المصري، أي نظام نحترمه، ثانيًا نحترم نمط التنمية المصري الذي يختاره ويحدده شعب مصر، نحترمه، لا يمكن أن نغير هذا. في مصر فقط يقولون ما هو النظام وما هو نمط التنمية الذين يريدون، والصين ستقابل هذا باحترام، ولكن من الضروري للشعب المصري أن يحدد نظامه السياسي ونمط التنمية.

منذ سقوط حكم الإخوان في مصر، رفضت الجماعة العديد من الدعوات التي تدعو للمصالحة بين كل أطياف الشعب المصري ومن بينهم الإخوان المسلمون، كيف ترى تعامل السلطة الحالية في مصر مع جماعة الإخوان، خاصة مع صدور حكم قضائي بحظر نشاطها؟

يجب أن يكون التعامل بمبدأ لا تفريط ولا إفراط، لأن أفراد الجماعة معظمهم بسطاء، وهم على أي حال مصريون، والتعامل معهم يجب أن يتم بنية طيبة ومعاملة طيبة، هذا يفرز قوة المنطق الصحيح.

ولكن ماذا إذا لجأت الجماعة إلى العنف؟

القمع بلا أي تحفظ، لا مساومة، العنف محرم في حياتنا المعاصرة، ولا يمكن أن نتساوم في هذا الشيء، إذا كنت تميل إلى العنف نعاملك بالقانون، لا شك في ذلك، ولا جدال ولا مساومة، لأن السلوكيات العنيفة تسيء للشعب، والإرهابيون يتشدقون بالمبادئ والقيم والتعاليم الدينية، ولكن السلوكيات مليئة بالعنف والإرهاب والتطرف.

كيف تنظرون إلى المخاوف التي تنتاب بعض المصريين من تأرجح مصر بين الحكم العسكري والحكم الديني؟

أولًا، الجيش المصري من أهم قواعد استقرار المجتمع الدولي، ودون هذا الجيش ستسود مصر كلها فوضى، الجيش المصري له بطولات وإنجازات ومآثر للشعب المصري، لا يمكن أن ننكر ذلك، وهو من أهم ركائز المجتمع المصري، أنظر إلى ليبيا التي تسودها الآن حرب أهلية، لأنها أصبحت دون جيش.

ربما يُنتَخَب الفريق عبد الفتاح السيسي إذا ترشح للرئاسة، وهذا يحق له، من الخطأ أن ننتقد هذه الحكومة وأن نعتبرها حكومة عسكرية، إذا فاز اتركوا هذه الهوية جانبًا، الأهم أن يتماشى الرئيس المنتخب مع ظروفه المصرية، وأن يعمل على تحسين معيشة الشعب المصري.

تؤكد الصين دومًا عدم تدخلها في شؤون الدول الأخرى، ولكن ألا ترى أن هذا الأمر مختلف في الحالة السورية، حيث إن للصين موقفًا منحازًا بشكل واضح؟

من يقرر مصير بشار الأسد؟، الشعب السوري، لا غير السوريين، هذا غير معقول، الشعب السوري هو من يقرر مصيره لا الأجانب، يجب أولًا وقف العنف والهجوم العسكري لتقليل الضحايا، هذا شرط مسبق، ودون تدخل أجنبي إقليمي أو غربي، لكل دولة عربية سيادتها واستقلالها وعلينا أن نحترمها، هذه سيادة دولة، لا يحق للصيني أن يقرر ما يحدث في مصر أو سوريا صحيح أم لا، لا يمكن هذا، هذا شأن الشعب المصري والشعب السوري.

التسوية السياسية أصبحت معترفًا بها الآن عالميًا كحل للأزمة السورية، وهو ما طرحته الصين منذ البداية، أما التدخل العسكري فلا يمكن أن نتفهمه، لكل شعب من الشعوب العربية كرامة وعزة، ولا يمكن أن نحاول مس هذه الكرامة بسوء.

ننتقل إلى الساحة الصينية، لا يمكن أن تقوم نهضة في أي بلد دون أن يلعب التعليم دور فيها، كيف كان الأمر بالنسبة للتجربة الصينية؟

التعليم الصيني في رأيي في هذه السنوات الثلاثين الماضية يتطور بسرعة، ذلك بأن الصين وضعت سياسة تطوير التعليم كأساس لنهضتها وتنميتها. التعليم والعلوم هما الأساس لتنمية الصين، ونسبة كبيرة من ميزانية البرنامج الوطني أو الخطة الخمسية يتم توجيهها للتعليم، لذلك فإن الجامعات والمعاهد العليا تطورت وما زالت تتطور بسرعة.

هناك نظام متكامل للتعليم العالي في الصين، وهناك مقاييس لتقييم الأبحاث، ومعايير لتأليف المواد والكتب الدراسية، كل المقاييس متوفرة، وكل أستاذ جامعي من الضروري أن يلتزم بهذه النظم، ثم أن هناك اختبارات بالنسبة للطلبة، كذلك تفتيش لكل المراكز البحثية أو المؤسسة التعليمية، يجرى سنويًا، كل أستاذ أو مدرس جامعي يواجه الامتحان والتفتيش سنويًا، لا يمكن أن يواصل مهمته البحثية أو التدريسية دون اجتيازه هذه الامتحانات. وهناك منافسة تجرى بين الجامعات كل عام، ويتوجب على إدارة الجامعة وكل المسؤولين فيها مناقشة توظيف الطلاب الخريجين.

إلى أي حد يلقى البحث العلمي في الجامعات تشجيعًا من الحكومة الصينية؟

الأبحاث في الجامعة لم تكن تحظى باهتمام الدولة، الأبحاث كانت فقط في أكاديمية العلوم وأكاديمية العلوم الاجتماعية وأكاديمية العلوم العسكرية، ولكن منذ حوالي 30 عامًا، بدأت الدولة تعتمد بشكل متزايد على تنمية وتطوير العلوم والبحث العلمي في الجامعات وهي بذلك تستمد التجربة من الولايات المتحدة.

ذلك لأن الأبحاث العلمية في الجامعات الأمريكية متطورة لا تعتمد فقط على الأكاديميات. الاعتماد على الأكاديميات فقط هو نمط الاتحاد السوفييتي، أما الولايات المتحدة فتنشر كل الأعمال البحثية في الجامعات، والجامعات تلعب دورًا رئيسيًا في مجال التنمية، وهذا طريق مناسب.

لم تكن العلوم الإنسانية والاجتماعية تحظى باهتمام الحكومة بشكل ملحوظ، ولكن بدأ يطرأ تغير جذري، منذ اتخاذ سياسة الإصلاح والانفتاح، وبدأت الجامعات تتغير بشكل كبير، وتتزايد الآن الأبحاث الهندسية والعلمية والعلوم الإنسانية والاجتماعية.

بصفتك أحد أهم المستعربين الصينيين، إلى أي مدى تهتم الجامعات الصينية بتدريس اللغة العربية وآدابها؟

في جامعة شنغهاي تأسس قسم اللغة العربية عام 1960، وكان هذا القسم وحيدًا لفترة طويلة في شنغهاي. وفي بكين يوجد العديد من الكليات والأقسام والجامعات التي تدرس العربية. يوجد الآن في الصين حوالي 20 جامعة تدرس اللغة العربية وآدابها، يوجد حوالي ألف طالب وطالبة على مدار السنوات الأربع، لكن المشكلة أنه قليل ما نجد ممتازين أو من يحبون حقًا هذه اللغة، بالإضافة إلى أن كثيرًا منهم يدرس اللغة وينفصل عنها بعد التخرج، لأن فرصة العمل بها ما زالت قليلة.

قمتم بترجمة العديد من الأعمال الأدبية من العربية إلى الصينية، ماذا عن حركة الترجمة في هذا الاتجاه الآن؟

في العهد الذهبي، ثمانينيات القرن الماضي، كانت الصين في الفترة الأولى لسياسة الانفتاح والإصلاح، كل الأعمال الأدبية كان مرغوبًا فيها ومن ضمنها الأعمال العربية حينما تمت ترجمتها إلى الصينية، عندما قمنا بتحليل دقيق لسوق الأعمال الأدبية والروايات، وجدنا أن الغربية منها توزع أكثر في أسواق الكتب، أكثر من العربية، لا نعرف ما هي الروايات الجيدة لنترجمها، التواصل بين الصين والدول العربية محدود من حيث الثقافة والأدب، من يرشح لنا، الروايات الجيدة والروايات المهمة لنترجمها.

في 2008 حضرت مؤتمرًا في الكويت، ووجدت مختارات من القصص الكويتية المعاصرة وتحدثت مع رئيس مجلة العربي ووافق على ترجمتها للصينية كتابة. نحن مستعدون لدفع أتعاب الترجمة والطباعة والتوزيع، ولكن نحتاج إلى شريك عربي، ولكن دون زيارتي لا أستطيع إيجاد هذه المجموعة، كما كلفتني صاحبة السمو الملكي، الأميرة مها آل سعود، بترجمة رواياتها الثلاثة، الأمر يتم بشكل شخصي.

هناك مقياس موضوعي في وسط الأدب العربي، هل هذا العمل يعتبر ممتازًا، أنتم تعترفون به، ممكن نترجمه وندفع. نحن عندنا التنظيم وأفكار واستعداد ولكن أين الشريك العربي، أي مؤسسة يجب علي أن أزورها وأتحدث معها لنحدد أعمال الترجمة والمؤلفات ثم نرى إذا ما كانت تناسب السوق الصينية ولا تخالف القوانين نترجمها.

عندما نريد أن نعرف مثلًا عن تاريخ مصر وجغرافيتها وقوانينها ومجتمعها، قد يعلم الشخص عن تاريخ مصر، ولكنه لم يقرأ ولو مرة واحدة مؤلفات تاريخية مصرية. هذا أمر غريب، تقرأ تاريخ مصر بالإنجليزية أو الفرنسية في بريطانيا وفرنسا، ولكن الدولة نفسها التي تدرس تاريخها، وهي مصر، لا تقرأ فيها عن تاريخها، وإذا كتب مصري عن تاريخها يكتبه بالإنجليزية، هذا شيء غريب، المؤلفات الموجودة في الغرب لا يمكن أن ندخلها ضمن المراجع العلمية على الأقل، لأن هذا المؤلف من الممكن أن يكون به خطأ أو تشويش.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي