CRI Online

فهم مؤشرات الاقتصاد الصيني في ظل الاقتصاد العالمي وآفاق الإصلاح

cri       (GMT+08:00) 2015-05-12 10:07:14

بقلم ندى تشن

أعلن بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) مؤخرا خفض أسعار الفائدة الأساسية على الودائع والقروض بنسبة 0.25 % للمرة الثانية منذ 3 أشهر. وقبل هذه الخطوة المفاجئة، قد أثار مؤشر أسعار المستهلكين لشهر يناير الماضي نقاشا واسعا حيث حقق نموا بنسبة 0.8% على أساس سنوي، وهو أبطأ معدل منذ نوفمبر عام 2009. علاوة على تواصل انخفاض مؤشر أسعار المنتجين للشهر الـ35 على التوالي.

وتؤكد هذه الأرقام أن عصر الحديث عن "التضخم" قد ولى في الصين، وتحول الموضوع إلى "مواجهة مخاطر الانكماش". وقد بدأت بعض الجهات الاقتصادية الآن تبحث عن إجابة السؤال:" هل هذه الجولة من الانكماش جيدة أم سيئة؟" مع الأخذ في الاعتبار أن الانكماش قد حدث بالفعل في الصين.

مع ذلك، يقلل المحللون من التشاؤم والتفاؤل المفرطين تجاه اقتصاد الصين الذي يبدو يسير بوتيرة أبطأ بحسب المؤشرات المعنية، ويرجعون تغير هذه المؤشرات إلى عوامل متعددة معقدة محليا أو دوليا، مشيرين إلى أن هذه المرحلة توفر حيزا للإصلاح في مجالات عدة ما يعود بالنفع في النهاية على تنافسية الاقتصاد الصيني وتحسين جودة النمو.

يؤثر موسم عيد الربيع أو السنة القمرية الجديدة في الصين على مؤشر أسعار المستهلكين بشكل كبير حيث تشهد السوق تدفق الطلب خلال العيد. فمن الطبيعي أن يكون معدل نمو المؤشر ليناير هذا العام أقل مقارنة مع يناير العام الماضي الذي حل العيد فيه. والدليل على ذلك، توقع المحللون أن يعاود التضخم ارتفاعه بشكل طفيف في فبراير بسبب حلول عيد هذا العام في فبراير.

ولكن ما زال يحذر المحللون المحليون من مخاطر الانكماش ويدعون إلى التأهب له. وفي هذا الصدد، قال الباحث في بنك الاتصالات تانغ جيان ويي إن ارتفاع سعر الطعام خلال العيد سيكون قوة محركة أساسية للتضخم ولكن سيكون تأثيره محدودا وسط الطلب المحلي البطئ.

وفي ظل مخاطر الانكماش، جاء قرار بنك الشعب الصيني خفض أسعار الفائدة كخطوة متعلقة تهدف إلى تقليل تكاليف التمويل الاجتماعي وتوفير بيئة نقدية معتدلة لتسهيل إعادة البناء الاقتصادي. وقد خفض بنك الشعب الصيني أسعار الفائدة في شهر نوفمبر الماضي وقللت نسبة الاحتياطي القانونى في أوائل فبراير لتخفيف الضغوط التمويلية على الشركات. وجاءت جميع هذه الخطوات متوافقة مع سياسة الصين النقدية الحكيمة للحافظ على استقرار الاقتصاد.

ترى مؤسسات بحثية صينية أنه يجب فهم المؤشرات الاقتصادية الصينية ووضع الانكماش على خلفية الاقتصاد العالمي الذي ما زال في عملية الانتعاش. ومع أن كثيرا من الدول تنفذ حاليا سياسة التيسير الكمي، تزداد مخاطر الانكماش في نطاق العالم كله وسبب ذلك يكمن في مشكلة الهيكل الاقتصادي.

ودخل الاقتصاد العالمي مرحلة التنسيق الهيكلي العميق بعد مرحلة النمو السريع قبل الأزمة المالية العالمية. ولا تزال هناك تأثيرات تواجه بعض الدول مثل ارتفاع معدل الديون ومعدل البطالة الناجمين عن الأزمة المالية. وإلى جانب ذلك، تبرز مشاكل الشيخوخة وتباطؤ الإنتاج والتي تضيق سرعة النمو ومستوى أسعار المستهلك على المستوى الدولي. وبالتالي أصبح الانكماش خصلة عالمية.

إضافة الى ذلك، تتأثر أسعار المنتجات بأسعار الدولار الأمريكي لأنه العملة الأكثر استخداما للصرف في التجارة الدولية. ولم يكن بالإمكان أن يتفادى العالم تيار الانكماش بعد انتهاء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من سياسة التيسير الكمي.

كما أن الاقتصاد الصيني لا ينمو بمعزل عن الإقتصاد العالمي والحفاظ على استقراره من شأنه أن يخدم بشكل كبير الاقتصاد العالمي.

أشار تقرير صدر من بنك الاتصالات في الصين إلى أن مؤشرات الأسعار تتأثر بأسعار النفط الدولية، كما تتأثر في نفس الوقت بعملية ترقية الصناعات داخل الصين.

وفي ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط الدولية وكون الصين دولة مستوردة كبيرة للنفط، أدى تراجع تكاليف استيراد النفط إلى انخفاض مستوى أسعار المنتجات وتباطؤ نمو المؤشرات المتعلقة. ويعتقد بعض المحللين أن هذه العملية وما نجم عنها سترفع من قدرة الاقتصاد الصيني على تحمل الانكماش في المستقبل أو على رأي المثل، " كل سحابة لديها بطانة فضية".

كما يرى المحللون أنه من الممكن تحقيق إنجازات خلال فترة الانكماش والمفتاح هو الإبداع التقني ورفع جودة الإنتاج وتحويل وترقية نمط التصنيع. حيث توفر هذه المرحلة وما يسمى بالوضع الطبيعي الجديد للاقتصاد الصيني حيزا للإصلاح في مجالات المالية والضرائب والشركات الوطنية لترقية فعالية الإدارة الحكومية وتوسيع قدرة السوق، الأمر الذي سيعود بالنفع في النهاية على تنافسية الصين اقتصاديا وتحسن جودة النمو.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي