CRI Online

تسييس الملف الإنساني في سوريا يهدف للضغط على الحكومة السورية لتقديم تنازلات وعرقلة الحل السياسي

arabic.news.cn       (GMT+08:00) 2016-05-19 09:43:16

  لا تكاد تمضي أيام أو أسابيع من عمر الأزمة السورية التي دخلت عامها السادس منذ مارس الماضي ، إلا وتطفو على السطح تصريحات غربية وأخرى إقليمية تطالب الحكومة السورية بضرورة فك الحصار عن بعض المناطق المحاصرة والسماح للمنظمات الإنسانية بإدخال مساعدات إنسانية أو إغاثية إلى تلك المناطق ، في حين تدعو الحكومة السورية إلى عدم تسييس هذا الملف الإنساني .

  ويؤكد خبراء ومحللون سياسيون في سوريا أن استخدام الملف الإنساني والإغاثي من قبل بعض الدول الغربية والإقليمية بين الحين والآخر ، والعزف على هذا الوتر الحساس ، يأتي بعد إحراز أي تقدم ميداني لصالح الجيش السوري على الأرض وخسارة المعارضة المسلحة لمواقعها الإستراتيجية ، إضافة لاستخدام هذا الملف كورقة ضغط على الحكومة لتقديم المزيد من التنازلات ، وإعطاء فرصة لمقاتلي المعارضة لتسحين ظروفهم القتالية .

  ويرى بعض المحللين السياسيين أن اللعب على وتر الملف الإنساني في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها سوريا منذ أكثر من خمس سنوات يأتي لعرقلة الحل السياسي ، الذي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا إلى إنجازه في غضون أشهر.

  وقال ماهر مرهج رئيس حزب الشباب الوطني السوري المعارض في الداخل السوري يوم الأربعاء في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق إن " استخدام الملف الإنساني من قبل بعض الدول الغربية والإقليمية في هذه الظروف، بهدف الضغط على الدولة السورية كرد فعل على الإنجازات التي يحققها الجيش في الفترة الأخيرة بالتعاون مع الحلفاء الروس، وبالإضافة إلى إمكانية التوصل إلى حل سياسي عبر مفاوضات جنيف" .

   وأضاف مرهج أن " الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا اليوم تمارس ضغوطا على وفد المعارضة السورية المنبثق عن مؤتمر الرياض لمتابعة المفاوضات في جنيف " ، مؤكدا أن " هناك دول ليس لديها مصلحة في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية ، ولا يروق لها أن يتم إنهاء الأزمة عبر حل سياسي في ظل هذه الظروف الحرجة .. وبالتالي تلجأ تلك الدول إلى استخدام ورقة الملف الإنساني وعدم وصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة بهدف الضغط وعرقلة المسار التفاوضي " .

   وأكد مرهج أن الحكومة السورية كانت " متعاونة مع كل المبادرات التي طرحت من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين إليها فعلا " ، مستعرضا بعض الأمثلة ومنها السماح بإدخال مساعدات إلى مدينة معضمية الشام بريف دمشق الجنوبي المحاصرة من قبل الدولة السورية والسماح بإدخال مساعدات إلى بلدات مضايا والزبداني بريف دمشق الشمالي الغربي ، بموجب اتفاق يسمح بدخول مساعدات مماثلة إلى بلدتي كفريا والفرعة الشيعيتين بريف إدلب شمال غرب سوريا والمحاصرتين من قبل التنظيمات المتشددة.

   وأشار المعارض السوري إلى أن الحكومة السورية " كانت أكثر إيجابية في الملف الإنساني والإغاثي من أية جهة أخرى " ، لافتا إلى أن بعض الجماعات المسلحة أطلقت النار على قوافل المساعدات .

  وأضاف " اعتقد جازما أن استخدام الملف الإنساني وتسييسه من قبل الدول الإقليمية والغربية يهدف إلى عرقلة الحل السياسي خاصة بعد اجتماع جنيف وأصدقاء سوريا في فيينا والضغط على الجهات المتشددة ومن يقف خلفها " .

   ورأى مرهج أن من حق الحكومة السورية أن تطلب من المنظمات الإنسانية أن يتم التنسيق معها بموضوع إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة ، لان هذا الشيء يتعلق بسيادتها كدولة ، وخشية أن تكون تلك المساعدات غير إنسانية أو ربما تكون شحنات أسلحة ، مؤكدا أنه تم ضبط عدة سيارات كانت ستدخل تحت يافطة المساعدات الإنسانية .

   ومن جانبه، اتفق المحلل السياسي السوري شريف شحادة مع من سبقه بالحديث بأن استغلال الملف الإنساني من قبل بعض الدول الإقليمية والغربية يهدف للضغط على الحكومة السورية لتقديم تنازلات ، وأضعاف موقفها السياسي الهادف إلى بلورة حل سياسي .

   وقال شحادة وهو عضو سابق في البرلمان السوري لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن " الكل أجمع على موقف الحكومة السورية الجيد من موضوع المساعدات الإنسانية وما تقدمه للمحاصرين " ، مؤكدا أن البعض يستخدم الملف الإنساني " كذريعة للتدخل العسكري تحت يافطة المساعدات الإنسانية " .

   وأكد أن سوريا دائما تصر على ضرورة إدخال المساعدات عبرها أو بالتنسيق معها ، كي تضمن وصولها إلى من يستحقها، لافتا إلى أن بعض مقاتلي المعارضة المسلحة استولوا على أكثر من قافلة مساعدات ، ولم يعطوا الأهالي إلا جزء بسيط منها .

   وتابع شحادة يقول إن " الكثيرين حاولوا الضغط على سوريا ، ولكنهم فشلوا ولم يجدوا إلا ملف المساعدات الإنسانية ليفتحوا منه ثغرة إلى عالم الضغط السياسي" .

  وبدوره قال حسام شعيب وهو باحث سوري إن " بعض الدول الغربية والإقليمية بين الحين والآخر تعزف على وتر المساعدات الإنسانية وتتباكى على مساعدة الشعب السوري ، وتطالب بفك الحصار عن بعض المناطق المحاصرة " ، مؤكدا أن هذه " الدول تنسى أنها تمول هؤلاء المسلحين عبر تلك القوافل الإنسانية بالسلاح تحت ذريعة الإنسانية " .

   وأضاف شعيب أن " الحكومة السورية تقوم بواجباتها كدولة ومؤسسات تجاه النازحين الذين تركوا بيوتهم تحت وطأة الحرب ، وتعمل عبر المنظمات الإنسانية الدولية إلى تحسين ظروف حياة اللاجئين خارج سوريا .

  وأكد أن البعض يريد أن يصور أن الدولة السورية عاجزة عن تأمين المساعدات الإنسانية لهؤلاء المهجرين فتتعال الأصوات بهدف تشويه صورة الدولة السورية التي تقدم ما نسبته 80 بالمائة من المساعدات إلى السوريين عبر مراكز الايواء بالتنسيق مع الهلال الأحمر السوري .

   ومن جانبه، قال فراس الخطيب المسؤول الإعلامي في مفوضية شؤون اللاجئين في سوريا في تصريحات لوكالة ((شينخوا)) بدمشق إن "منظمة الأمم المتحدة لمفوضية اللاجئين تسعى إلى إدخال المساعدات الإغاثة إلى كافة المحتاجين إن كانوا في المناطق المحاصرة أو في مناطق صعبة الوصول إليها أينما كانوا، نازحين أم لاجئين " ، مؤكدا أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تحاول أن تقدم لهم المساعدات اللازمة والتخفيف من حدة أزمتهم وتقدم لهم الحماية القانونية والنفسية والاجتماعية ، والعمل على نشر الوعي الصحي بين النازحين أو اللاجئين السوريين لتجنبهم مخاطر الابتزاز .

  وأضاف الخطيب أن "الحرب السوري هي الأكبر منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية سواء من حيث عدد اللاجئين والنازحين أو من ناحية الدمار حيث دمر 400 ألف منزلا بالكامل " ، مبينا أن" 4.5 مليون سوري محاصرون في مناطق يصعب الوصول إليها منها مدينة دير الزور شرق سوريا" .

  وأشار إلى أن عدد اللاجئين السوريين خارج البلاد وصل إلى 4.85 مليون لاجئ فيما وصل عدد النازحين داخل البلاد إلى أكثر من 6.5 مليون نازح.

  وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، يوم الأربعاء، عن إدخالها قافلة مساعدات ولأول مرة منذ أربع سنوات إلى مدينة حرستا في ريف دمشق الشرقي ، بحسب بيان صادر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر حصلت ((شينخوا)) على نسخة منه.

  وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم دعا خلال لقائه المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في يناير الماضي إلى "ضرورة عدم تسييس المساعدات الأمر الذي يؤدي إلى تراجع أوضاع اللاجئين وخدمة أجندات سياسية خاصة بعيدة عن الشأن الإنساني".

  وانتقدت دمشق في فبراير الماضي تصريح موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا الذي أكد فيه أن الأمم المتحدة ستختبر سوريا حول جديتها في السماح بدخول المساعدات الإنسانية.

  وكان دي ميستورا قد صرح إثر لقاء جمعه بوزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق أن "من واجب الحكومة السورية أن توصل المساعدات الإنسانية إلى كل السوريين، أينما كانوا، والسماح للأمم المتحدة بتقديم المساعدات الإنسانية"، مضيفا "غدا سوف نختبر ذلك، وسوف نكون قادرين على التحدث أكثر حول هذا الموضوع".

  وأوضح المسؤول في الخارجية السورية أن إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة هو "التزام الحكومة المستمر منذ سنوات تجاه الشعب ولا علاقة له، لا من قريب ولا من بعيد، باجتماعات جنيف أو ميونيخ أو فيينا أو بأي جهة كانت".

   ويعيش حاليا وفق الأمم المتحدة 486700 شخص في مناطق يحاصرها الجيش السوري أو الفصائل المسلحة أو تنظيم "داعش"، فيما يبلغ عدد السكان الذين يعيشون في مناطق "يصعب الوصول" إليها 4.6 ملايين.

   وكان المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا قال عقب انتهاء أعمال اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا في فيينا، إنهم تمكنوا من إيصال المساعدات لـ12 منطقة من أصل 18 منطقة محاصرة في سوريا.

   وتقع حوالي 18 منطقة في سوريا تحت الحصار، إما من قبل النظام أو من فصائل معارضة وكتائب إسلامية أو تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ويأتي في مقدمتها مدينة دير الزور شرقي سوريا، وبلدات معمضية الشام وداريا ومضايا والزبداني وبقين والغوطة الشرقية بريف دمشق، إضافة إلى بلدات الفوعة وكفريا بريف إدلب.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي