CRI Online

تحقيق أخباري: المناهج الدراسية واتهامات "التحريض" تزيد حدة الخلافات بين الفلسطينيين وإسرائيل

cri       (GMT+08:00) 2016-09-22 19:13:55

حملت بداية العام الدراسي الحالي تبادل اتهامات جديدة بين الفلسطينيين وإسرائيل بشأن "التحريض" في المناهج الدراسية وهو ما زاد حدة الخلافات المتفاقمة أصلا بين الجانبين.

ومع عودة أكثر من مليون طالب فلسطيني إلى نحو 2914 مدرسة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة عاد الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي مجددا إلى دائرة تبادل الاتهامات المتعلقة بما تتضمنه المناهج التعليمية.

إذ تقدمت الحكومة الإسرائيلية أخيرا بشكوى لدى الأمم المتحدة اتهمت فيها المسؤولين على وضع المناهج التعليمية الفلسطينية الجديدة بتنشئة الأطفال على الكراهية ورفض وجود إسرائيل.

ووضعت السلطة الفلسطينية هذا العام منهاجا تعليما جديدا للصفوف الدراسية من الأول إلى الرابع الابتدائي الأساسي متضمنا التركيز على قضايا محل خلاف مع إسرائيل مثل الحدود والعاصمة واللاجئين الفلسطينيين.

وقوبل ذلك بتنديد وشكوى رفعتها الحكومة الإسرائيلية للمنسق الخاص للأمم المتحدة اشتكت فيها من تحريض فلسطيني ضدها، مستندة لنماذج من المناهج التعليمية الفلسطينية تقول إسرائيل إنها تمجد قتل الإسرائيليين.

اتهامات متبادلة

رفضت وزارة التربية والتعليم العالي في السلطة الفلسطينية شكوى إسرائيل ضد منهاجها التعليمية، مؤكدة أن هذه المناهج "تعزز الهوية وأصول الانتماء للمجتمع الفلسطيني وتطالب بإنهاء الاحتلال".

ويقول وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني صبري صيدم لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن المنهاج الفلسطيني "لا يلبي إلا رواية واحدة هي رواية الشعب الفلسطيني ولا ينحاز إلا لمسيرة نضال شعب يبحث عن حريته".

ويضيف صيدم، أن "كل المفردات المستخدمة في المناهج الفلسطينية وكل الروايات المستند إليها تتطابق وقرارات الشرعية الدولية والصادرة عن الأمم المتحدة ".

ويعتبر أن "الاحتجاج الإسرائيلي يجانب الحقيقية ويعطي الانطباع بأن فلسطين هي من تحتل إسرائيل وليس العكس لتكريس حرمان الشعب الفلسطيني من حقه كباقي شعوب الأرض في المناداة بحريته واستقلاله".

ويوجه صيدم اتهامات مضادة لإسرائيل بتعمد التحريض ضد الفلسطينيين في مناهجها الدراسية، متسائلا "لماذا تحتج إسرائيل على عدم وضعنا إياها في الخريطة في منهجنا بينما هي أصلا تضع فلسطين في الخريطة".

ويخلص صيدم إلى أن "كل ادعاءات إسرائيل مرفوضة ونحن نؤسس في مدارسنا فكرا يتقاطع وقرارات الشرعية الدولية بضرورة حصول الشعب الفلسطيني على حريته واستقلاله ".

في المقابل، اتهم أوفير جندلمان المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي السلطة الفلسطينية، بممارسة "تحريض ممنهج ضد إسرائيل يخالف التزامها في اتفاق أوسلو بشأن تربية الأطفال الفلسطينيين على ثقافة السلام".

وقال جندلمان في تصريحات تلفزيونية، إن السلطة الفلسطينية "تعمل على تربية جيل آخر من القتلة الفلسطينيين وتنتهج تسييس المنهج الفلسطيني بشكل يخالف ثقافة قبول الأخر والتعايش".

واعتبر جندلمان، أن "أكبر دليل على ذلك ما يجري من هجمات لأطفال فلسطينيين بطعن جنود ومواطنين إسرائيليين" في إشارة إلى موجة التوتر المستمرة بين الجانبين منذ مطلع أكتوبر الماضي.

وقتل 231 فلسطينيا وأردني في الضفة الغربية وشرق القدس وقطاع غزة مقابل مقتل 40 إسرائيليا بحسب إحصائيات رسمية منذ بدء موجة التوتر المذكورة.

ويترافق التوتر الميداني مع استمرار انسداد أفق استئناف عملية السلام المتوقفة بين الجانبين منذ النصف الأول من عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية لم تفض لأي تقدم.

صراع الرواية

تعد اتهامات التحريض ضد الآخر خصوصا في المناهج التعليمة محل جدل متكرر بما يعكس عمق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتعقد فرص إيجاد حلول حقيقية له بحسب مراقبين فلسطينيين.

ويشير هؤلاء إلى أن الاتهامات المتبادلة بشأن المنهاج الدراسية عادة ما تتمحور في الأساس حول قضايا سياسية عالقة منذ عقود خلت وتصاعد الخلافات بشأنها مرتبط باستمرار الصراع.

ويقول الأكاديمي الفلسطيني غسان الخطيب ل((شينخوا))، إن الخلافات على المناهج الدراسية خصوصا انتقادات إسرائيل المستمرة للمنهاج الفلسطينية "جزء رئيس من المعركة المتعلقة بالرواية ".

ويضيف الخطيب، أن "إسرائيل تحاول دائما أن تحارب الرواية الفلسطينية بحجبها تماما من مناهجها والعمل لمنعها حتى في المنهاج الفلسطينية كجزء من صراع إثبات الرواية التاريخية لكل طرف".

ويبرز أن "صراع الرواية لدى كل طرف له انعكاسات مهمة على الرأي العام وكيفية حل الصراع وبالتالي فإن إسرائيل تعمل دائما على محاربة الرواية الفلسطينية وفي مقابل ذلك تثبيت روايتها ".

ويشير إلى أن جزء من سياسة إسرائيل الرئيسية "انتهاج الإعلام الاستباقي الذي يسعى دائما لوضع الطرف الأخر في موضوع دفاع عن النفس والتغطية على توجيهها انتقادات في نواحي هي أهل لانتقادات فيها".

ويشرح بأن "عدة دراسات أعداها مختصون إسرائيليون أثبتت سابقا بأن المناهج الإسرائيلية تنطوي على قدر كبير من العنصرية وإغفال الرواية الخاصة بالطرف الفلسطيني كليا ".

ويخلص الخطيب على أنه "إذا كان لإسرائيل عدم ارتياح للمناهج الفلسطينية فإن الحل يكون بوجود طرف ثالث مستقل يفحص قضايا المناهج والتحريض لدى الطرفين وفق معايير واحدة يكون متفق عليها مسبقا وهو ما يمثل الحل العملي الوحيد لهذه المسألة ".

وسبق أن طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أبريل الماضي بإعادة تشكيل لجنة ثلاثية تضم السلطة الفلسطينية وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية التي شكلت قبل 15 عاما لمراقبة التحريض المتبادل.

وقال عباس في حينه "نحن ليس لدينا مانع من إعادة تشكيل هذه اللجنة لمراقبة التحريض من قبل الجانبين وفور موافقة الجانب الإسرائيلي على هذه اللجنة نحن جاهزون للمشاركة فيها".

ولاحقا قال مسؤولون فلسطينيون إن إسرائيل امتنعت عن التجاوب مع دعوات إحياء لجنة مراقبة التحريض التي كانت شكلت بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية نهاية عام 2000 ولم تستمر كثيرا في عملها.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي