CRI Online

حزام واحد طريق واحد.. بعيون عربية

cri       (GMT+08:00) 2017-05-11 16:20:34
一带一路

بقلم/ صلاح أبوزيد

بداية، أود أن أعترف أن كثيراً من الشباب العربي لا يعرفون شيئاً عن مبادرة الحزام والطريق، ولا ما يمكن أن تقدمه لهم وللأجيال القادمة من خير وتنمية في المستقبل..

وقد قابلت في أثناء زيارتي لمقاطعة شانشي، منذ عدة أيام، مجموعة من الشباب العرب يدرسون في أحد المعاهد هناك، وعندما سألتهم عن الحزام والطريق، وجدت أن ما لدى بعضهم من معلومات قليل جداً ..

كذلك حين أتناقش مع من ألتقي بهم في بكين من الزائرين، لا أجد لدى أكثرهم الكثير من المعلومات، ربما يعرفون بعض الأشياء عن طريق الحرير القديم، ولكن المبادرة ليست حاضرة لديهم..

فهل هذا راجع إلى أن هذه المبادرة غير مطروحة بقوة في بلادهم، ومن ثم ليست داخلة في نطاق اهتماماتهم، أم أن المعلومات لا تصل إليهم بطريقة جيدة.

أم الناس تعودوا على تجاهل ما يأتي من قبل القوى الكبرى، لأنهم يعتقدون أن ذلك غالباً لا يصب في مصلحتهم، وأن مثل هذه المبادرات تكرس دائماً لمشروعات وأرباح لصالح الدول المتقدمة فقط.

أم أن المواطنين، وخاصة في بؤر الصراع المشتعلة في الشرق الأوسط، لا وقت لديهم للنظر خارج ما يحيط بهم من هموم ومشكلات؟

هذه أسئلة تقودنا بدورها إلى دور وسائل الإعلام، ودورنا نحن كإعلاميين في توصيل مبادرة الحزام والطريق بصورة جيدة إلى الجمهور العربي، لأن أية مبادرة مهما بلغت روعتها ونبل أهدافها إذا لم يكن لها ظهير شعبي يتبناها ويساهم فيها فسوف تتأخر كثيراً، ولن تحقق المرجو منها، لأن الناس هم البيئة الحاضنة لأي مشروع أو إنجاز حضاري كبير.

والشرط الأساس لنجاح المبادرة متوقف على قناعة الحكومات والشعوب على طول طريق المبادرة بجدواها ومنافعها المباشرة وغير المباشرة ..

المبادرة ومشكلات الشرق الأوسط

الرئيس شي جين بينغ، في أول زيارة لرئيس صيني إلى مصر منذ 12 عاماً، أكد في كلمته أمام الجامعة العربية في يناير 2016م، على أن مفتاح الحل لمشكلات منطقة الشرق الأوسط ودحر الإرهاب يكمن في تعزيز الحوار وتسريع عجل التنمية.

ومبادرة الحزام والطريق، التي تقوم على مبدأ التعاون والفوز المشترك، تسهم بشكل كبير في إحلال السلام بدلاً من العداء، والتعاون بدلاً من التناحر، والتقارب بدلاً من التنافر.

ومن هنا تأتي أهميتها الكبيرة للعالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط.

والمهمة الملقاة على عاتقنا كمؤسسات إعلامية ومشتغلين في هذا المجال، كبيرة وثقيلة، لأنها مهمة حضارية وإنسانية من ناحية، ولأنها مؤثرة في حياتنا بشكل كبير في المستقبل القريب من ناحية أخرى.

والمؤسسات الإعلامية الصينية مطالبة ببذل مجهود أكبر، والتوافق على صياغات إعلامية أكثر تماشياً مع أذواق الجمهور العربي واهتماماته وحقيقة الأوضاع والقضايا العربية دون وسيط ثالث، وتفعيل الشراكات مع المؤسسات الإعلامية في الدول العربية لطرح مبادرة الحزام والطريق بأبعادها المختلفة بصورة أفضل، ورفع مستوى الوعي بأهميتها وتأثيرها الإيجابي على مناحي الحياة كافة.

كيف تعرفنا على الصين؟

قبل عصر الإنترنت وثورة المعلومات والاتصالات، تعرفنا في المدرسة على سور الصين العظيم، باعتباره إحدى عجائب الدنيا السبع وبعض المعلومات عن الحضارة الصينية العريقة، ولكن كانت السينما.. هي النافذة الأكثر رحابة وحيوية، التي أطللنا منها على الصين، فكانت أفلام لي شياو لونغ "بروس لي"، وتشانغ لونغ "جاكي شان"، وغيرهما من النجوم الصينيين، هي الحبل المتين الذي ربط بيننا وبين الصين.

وبعد أن كبرنا وعرفنا أن معظم تلك الأفلام صنع في هوليود الأمريكية أو في هونغ كونغ، لم يغير ذلك من الصورة التي ارتسمت في داخل نفوسنا عن الصين.

فالفن هو القوة الناعمة التي تؤلف بين القلوب، وتربط بين الشعوب برباط وثيق.

والصين على وعي تام بهذه الحقيقة، وتعمل الآن على أن تقدم نفسها بنفسها عبر الفن والثقافة والإعلام إلى العالم دون وسطاء من خارجها.

وأنا بحكم عملي في القسم العربي بإذاعة الصين الدولية، الذي يبث برامجه إلى العالم العربي لمدة 84 ساعة يومياً، أستطيع أن أقول، إن الإذاعة قامت بمجهود كبير ومحمود في عملية ترجمة ودبلجة المسلسلات والأفلام الصينية وبثها على شاشات التلفزة العربية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، مسلسلات "قصة الحب"، و"حياة سعيدة"، و "دودو"، ما أحدث أثراً طيباً وعظيماً في نفوس المشاهدين الذين كان أغلبهم، لا يعرفون الكثير عن الحياة المعاصرة في الصين.

كما وقَعت اتفاقية لبث برنامج المسرح الصيني على شاشة التليفزيون المصري،

واتفاقاً آخر مع الإذاعة المصرية لبث حلقات برنامج طريق الحرير.

ومنذ أيام قليلة أقيمت احتفالية في مدينة الدار البيضاء بالمملكة المغربية لإزاحة الستار عن بدء بث المسلسل التليفزيوني الصيني حياة سعيدة، على قناة M2 المغربية.

كما أن القسم العربي بالإذاعة في منهجه وطريقة عمله لا يدع فرصة أو مناسبة إلا وكانت المبادرة حاضرة فيها، سواء في برامجه المختلفة أم في حواراته ومناقشاته مع الخبراء والمتخصصين.

وهذه مجرد نماذج لما يقدمه القسم العربي الذي أشرف بالانتماء إليه، في هذا الميدان، ونحن ننتظر منه المزيد والمزيد من العطاء في المستقبل.

المبادرة ومحور قناة السويس

بصفتي مصرياً، أستطيع أن أقول إن مصر من أوائل الدول العربية والإفريقية، التي تجاوبت مع مبادرة الحزام والطريق، لعدة أسباب، منها أن قناة السويس المصرية أحد أهم شرايين التجارة العالمية، وتبلغ حصة الصين حوالي 23 % من الحاويات العابرة للقناة ، كما أن مصر نافذة مهمة إلى إفريقيا، وهي أيضاً إحدى النقاط الحيوية والمحورية والمضيئة على طريق الحرير..

وقد بلغ حجم التجارة بين البلدين العام الماضي نحو 12 مليار دولار، منها 11 مليار دولار واردات صينية إلى مصر، ومليار دولار فقط صادرات مصرية للسوق الصينية

وهناك ثلاث رحلات طيران مباشرة من بكين، وخمس من جوانجو، إلى القاهرة، أسبوعياً.

وقد عمدت مصر إلى ربط مشروع محور قناة السويس، الذي يعد مشروع القرن بالنسبة إليها، بمبادرة الحزام والطريق ..

وهذا المشروع العملاق يعتمد بصورة أساسية على تنمية مدن القناة الثلاث بورسعيد والإسماعيلية والسويس، بإنشاء ميناء محوري عالمي في مدينة بورسعيد و15 محطة لتداول الحاويات وتخزين البضائع والخدمات اللوجستية، وإحياء وتنمية وادي التكنولوجيا العملاق، وإقامة منطقة لوجستية وترفيهية وسياحية وخدمية في مدينة الإسماعيلية، وطرح سبعة مشروعات ضخمة في السويس، وإقامة ظهير زراعي خلف مناطق التنمية في المدن الثلاث، يستوعب أكثر من ثلاثة ملايين نسمة من السكان الدائمين وثلاثة ملايين من العمالة الوافدة.

وتتمتع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بموقعها الممتاز، فهي تبعد ساعة فقط من مدينة جدة السعودية، وساعتين من جيبوتي، وساعتين ونصفاً من مومباسا الكينية.

والصين الآن هي أكبر المستثمرين في المنطقة، وشركة تيدا الصينية، أحد أكبر المطورين الصناعيين في المنطقة، وتعمل على تطوير أرض مساحتها حوالي 6 كيلو مترات مربعة بمنطقة "العين السخنة"، وقد أنهت المرحلة الأولى من عملها بجذب حوالي 68 مشروعاً، أحدها لشركة (جوشي) الصينية العملاقة لصناعة الفايبر جلاس، بينما بدأت المرحلة الثانية الحالية في عام 2016م

ومصر أيضاً انضمت كعضو مؤسس إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية / الذي يعمل في إطار المبادرة/ في إبريل من عام 2016م، بالإضافة إلى ست دول عربية أخرى، هي: الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر والأردن وعمان والكويت.

كذلك أعلنت مصر عن مشاركتها في فعاليات منتدى "الحزام والطريق" المقرر انعقاده في بكين يومي 14-15 مايو الجاري، بعد تلقيها دعوة رسمية من الجانب الصيني، بوفد كبير مكون من وزراء التعاون الدولي والاستثمار والتجارة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتعليم العالي والبحث العلمي والنقل والمالية، ورئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية

وسيعرض الوفد خلال المنتدى خطط مصر المستقبلية، والمناخ الاقتصادي فيها، والفوائد والتسهيلات والمميزات التي تقدمها للمستثمرين، والمشروعات القومية الكبرى، التي يتم إنجازها، مثل العاصمة الإدارية الجديدة ، والمشروعات الأخرى في قطاعات الطاقة والبنية التحتية.

هذه الخطوات الجادة تعكس ما توليه مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي من اهتمام بالمبادرة واستعداد للتعاطي معها كشريك أساسي ولاعب رئيسي.

وختام كلامي أقتبسه أيضاً من قول الرئيس شي:

قد تكون التعرجات والآلام شيئاً مؤكداً في الطريق المؤدي إلى تحقيق حلم نهضة الأمة، غير أن بُعد المسافة لا يعد مشكلة، طالما كان الطريق صحيحاً والهدف واضحاً.

ملاحظة: ألقيت هذه الكلمة في الندوة التي نظمتها إذاعة الصين الدولية، في بكين، يوم الأربعاء 10 مايو 2017م

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي