CRI Online

مقاطعة جيانغسو موطن جسور وأنهار وأوبرا

cri       (GMT+08:00) 2013-05-13 15:26:39

الحرير المقصب والمطرزات: الأصغر أجمل

في شهر يونيو عام 2012، أهدى معهد نانجينغ للحرير المقصب، رئيس معبد شاولين شي يونغ شين عباءة من القماش المطرز، مصنوعة من أفخر أنواع الحرير مزخرفة بأشكال ورموز مباركة، ومطرزة بخيوط من الذهب تبلغ قيمتها حوالي ثمانية آلاف دولار أمريكي. واستغرق صنع العباءة، من التصميم إلى الإنتاج، نحو ثماني سنوات.

ويرجع تاريخ إنتاج القماش المطرز إلى أكثر من ألف وخمسمائة سنة، حيث يؤرخ لبداية الحرير المقصب في نانجينغ بسنة 417 ميلادية، عندما أقامت إمبراطورية أسرة جين إدارة حكومية خاصة لإنتاجه. واعتبارا من أسرة يوان الإمبراطورية (1368- 1279 م)، كان أفراد الأسرة الإمبراطورية فقط لديهم القدرة على اقتناء الحرير المقصب، الذي قيل إنه ثمين مثل الذهب. وكان من العادة أن يُشغل الحرير المقصب بخيوط من الذهب والفضة والنحاس والخيوط الرفيعة والزهور الصغيرة وريش الطيور وشعر الحيوانات وغيرها. على سبيل المثال، يكون اللون الأخضر اللامع في الحرير المقصب الرقيق من ريش الطاووس.

ونسج الحرير المقصب يحتاج إلى تعاون فردين على نول خشبي من الطراز القديم. ويمكن لاثنين من الحرفيين الخبراء أن ينتجا من خمسة إلى ستة سنتيمترات من الحرير المقصب في اليوم. ولإنتاج قطعة عرضها 78 سم 14000 خيط، تتشكل منها الرسوم في عملية لا تقل تعقيدا عن برمجة جهاز كمبيوتر. ولا يوجد حاليا في الصين إلا 50 فردا فقط يجيدون فنون الحرير المقصب.

وفي متحف الحرير المقصب بمدينة نانجينغ أكثر من تسعمائة قطعة نفيسة من الحرير المقصب، أشهرها نسخة مقلدة لرداء راهب من الشاش الأبيض، يرجع تاريخها لفترة إمبراطورية أسرة هان. هذا الرداء الذي يبلغ وزنه 5ر49 جراما، استغرق إنتاجه ثلاث عشرة سنة واستخدم فيه حرير خمس شرانق فقط.

إذا كان الحرير المقصب يرمز إلى جلال وعظمة الأسرة الإمبراطورية، فإن مطرزات سوتشو تجسد ذكاء ومهارة وبراعة فتيات هذه المدينة الجميلة. في منطقة الضفة الجنوبية لنهر اليانغتسي، التطريز مهارة مهمة لبنات الأسر العادية والنبيلة، وإن كانت المشغولات الفنية لفتيات الأسر الغنية تتميز بلمسات فنية أكثر. تشتهر مقاطعة جيانغسو بإنتاج الحرير منذ قديم الزمان. بعد القرن العاشر الميلادي كان تقريبا كل بيت حول مدينة سوتشو يمارس تربية دود القز والتطريز. وقد تميزت مطرزات سوتشو بدقة العمل وروعة الألوان وبريقها. استوعبت مطرزات سوتشو أساليب مدرسة جنوبي الصين في الرسم، ولذا تسمى "الرسم بالإبرة". في فترة إمبراطورية أسرة تشينغ (1644- 1911 م)، كانت تقريبا كل المطرزات التي يستخدمها أفراد الأسرة الإمبراطورية، يصنعها مطرزون من سوتشو. وقد تميزت مطرزات سوتشو، مقارنة مع غيرها من المطرزات، بجمال تصميماتها وروعة أفكارها ودقة صنعتها وبريق ألوانها. تصور مطرزات سوتشو المناظر الطبيعية والصور الشخصية والزهور والطيور بحيوية وجمال. فضلا عن ذلك، تتميز بأن التطريز يكون على الوجهين.

تقديس بوذا: الجمال الهادئ

معبد تياننينغ بمدينة تشانغتشو يقع خارج البوابة الشرقية للمدينة على ضفة قناة بكين – هانغتشو الكبرى، ويعتمد على أكبر الحديقة في مدينة تشانغتشو – حديقة هونغمي (البرقوق الأحمر). يؤم المعبد كل يوم كثير من المتعبدين.

هذا المعبد الذي بني أول مرة في أواسط القرن السابع، تعرض للتلف خمس مرات وأعيد بناؤه، ولذا فإن معظم القصور والبنايات الموجودة به حاليا أنجزت في أواخر القرن التاسع عشر، بعد نحو أربعين سنة من العمل. يشتهر معبد تياننينغ بالقاعات الفسيحة وتمثال بوذا العالي والجرس الكبير والطبل الكبير ودينغ (قدر مثلثة القوائم) الكبير". وتعتبر قاعة تيانوانغ (ملك السماء) فيه من أشهر القاعات البوذية في الصين.

في داخل هذه القاعة تنتصب على الجانبين أربعة تماثيل لملوك السماء، طول كلها 8ر7 أمتار، وهي أطول تماثيل من نوعها في الصين. البناية الأكبر في المعبد هي قاعة داشيونغباوديان (البطل العظيم) التي بنيت في عصر الإمبراطور قوانغ شيوي (1874- 1908 م) لأسرة تشينغ، بأسلوب العمارة الصينية للقرن العاشر الميلادي. جدارا القاعة من الداخل مرصعان بخمسمائة وثمانية عشر تمثالا حجريا منقوشا للأرهات، يبلغ طول كل منها حوالي متر. يتبرك أبناء تشانغتشو بلمس أرهات معبد تياننينغ في عيد الربيع، حيث يبدأ الفرد بلمس تمثال معين ويعد بالترتيب حتى التمثال الذي يماثل سنوات عمره، أو عمرها، فتكون تعبيرات وجه ذلك التمثال مؤشرا لمصير المبترك بها في العام الجديد.

أعيد بناء باغودا معبد تياننينغ في السنوات الأخيرة وفقا لنمط العمارة الصينية في القرن العاشر الميلادي. يرتفع البرج 79ر153 مترا، وهو أطول باغودا بوذية في الصين حاليا.

معبد هانشان بمدينة سوتشو عمره يربو على ألف وأربعمائة سنة، فقد بني في أوائل القرن السادس الميلادي. تحيط بالمعبد الخضرة، وعلى جانبي دروبه تشمخ أشجار الصنوبر والسرو. بالإضافة إلى التماثيل البوذية يوجد عدد كبير من الأنصاب الحجرية المنقوشة بأيدي كتاب وخطاطين كبار، مما يجعلها دائما محط أنظار الزوار. من خلف التماثيل البوذية في القاعة، لوحة بورتريه للراهب هان شان وصديقه شي ده، رسمها الرسام المشهور لأسرة تشينغ لوه بين. في اللوحة يشير هان شان نحو الأرض بيده اليمنى ويبدو مبتسما سعيدا وهو يتكلم، بينما ينصت إليه صديقه شي ده، مائلا نحوه وكاشفا عن صدره وبطنه. يبدو أن الاثنين في لحظة انسجام وسعادة.

عشية السنة الصينية الجديدة، يحتشد أهل مدينة سوتشو في هذا المعبد، حيث يستمعون إلى صوت الأجراس 108 مرات، ذلك أنه وفقا للعقيدة البوذية، كل إنسان لديه 108 هموم طول السنة، وطرق الجرس108 مرات يضمن تخليصه من الهموم كلها.

أوبر كونتشيوي-- جمال اللغة

تنتشر لهجة وو ذات النعومة والرقة في النطق في منطقة جيانغسو. لهجة وو من أقدم اللهجات الصينية السبع، ومازالت إلى اليوم محتفظة بالكثير من الكلمات القديمة، ولهذا فإنها تطرب سامعها مثل الغناء الرقيق. ويقال إن الشجار بين اثنين من أبناء سوتشو يكون مثل الحوار بين عالمين مثقفين. وليس غريبا أن لهجة وو هي الأصعب فهما من بين اللهجات الصينية، لدرجة أنه يصعب على الصينيين من غير أبناء مقاطعة جيانغسو أن يفهموها.

أوبرا كونتشيوي أفضل نموذج لجمال لهجة وو. كونتشيوي هي أقدم أوبرا صينية، وقد اتخذت اسمها من منطقة كونشان بمقاطعة جيانغسو في القرن الرابع عشر. في القرنين السابع عشر والثامن عشر، بلغت أوبرا كونتشيوي أوج ازدهارها، فقد انتشرت بين المثقفين والنبلاء، وكان التمتع بأوبرا كونتشيوي في الحدائق المنزلية الخاصة المفعمة بالأجواء الثقافية مناسبة سعيدة.

كونتشيوي تستجيب لمشاعر الأدباء الذين ينشدون الراحة والخلاء. كان هناك توافق وتكامل كُلي بين أوبرا كونتشيوي ومزاج واهتمامات جمهورها. في القرن التاسع عشر، ومع صعود البرجوازية الحضرية بدأت أوبرا كونتشيوي تتدهور تدريجيا.

وقبل قيام الصين الجديدة سنة 1949، لم يكن في كل الصين فرقة متخصصة لأوبرا كونتشيوي. وفي سنة 2001، أدرجت أوبرا كونتشيوي في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، فبدأ الصينيون يهتمون بها. وقد عرضت في الفترة الأخيرة بعض مسرحيات أوبرا كونتشيوي التقليدية مثل "قصر الشباب الخالد"، "مقصورة الفاوانيا" و"مروحة زهرة الخوخ"، مما لفت انتباه الناس إلى هذا الشكل الفني الصيني العريق.

حاليا، يمكن التمتع بأوبرا كونتشيوي في مسارح سوتشو، وفي بعض الحدائق المشهورة، بل وفي بعض مقاهي الشاي.


1 2
أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي