CRI Online

الدار الرباعية الصينية القديمة بمدينة بكين وأزقة بكين

cri       (GMT+08:00) 2013-08-27 14:44:30

(شادية ) مستمعينا الأعزاء، السلام عليكم ! طابت أوقاتكم بكل خير! أنا شادية يوان تشينغ ، أرحب بكم في الاستماع الى برنامجنا الأسبوعي: الثقافة والفنون ، ويسرني أن ألتقي معكم في هذا الموعد المحدد من كل الأسبوع.

(أسامة ) عزيزي المستمعين، السلام عليكم ! أحيكم أسامة مختار من إذاعة الصين الدولية ببكين . وفي حلقة اليوم من برنامج الثقافة والفنون ، نود أن نتحدث عن الدار الرباعية الصينية القديمة بمدينة بكين وأزقة بكين.

(شادية ) أعزائنا المستمعين، أولا لنزور الدار الرباعية الصينية القديمة بمدينة بكين.

تعتبر الدار الرباعية الصينية بمدينة بكين مساكن المواطنين ذات ابرز الميزات الشعبية وكان معظم البكنيين يعيشون في مثل هذه المساكن الرباعية الشكل في العهود الماضية . طبعا تختلف أشكالها ونوعيتها اختلافا كبيرا بسبب اختلاف وضع أصحابها ودخلهم . فبعضها مزينة بالنقوش والزخارف وتبدو أن أصحابها من الأغنياء . وبعضها الآخر بسيطة جدا يتضح من شكلها أن أصحابها من الفقراء . للدار الرباعية الصينية تاريخ عريق يرجع الي أسرة يوان الملكية الصينية في القرن الثالث عشر الميلادي . لذلك عندما تزور أية واحدة من الدور الرباعية في بكين وتسأل عن تاريخها ، فعمرها دائما تجاوز مائة سنة .

أما شكل الدار الرباعية الصينية، فهو مربع اذ إن الغرف تقع في ثلاث جهات -الشمال والشرق والغرب . أما في الجنوب، فتقع عادة بوابة رسمية للدار وفي وسطها فناء مربع واسع تنمو فيه بعض الأزهار وأشجار الفواكه وتوجد عريشة عنب ومنضدة حجرية مع مقاعد حجرية في بعض الدور . وتعتبر الغرف المواجهة للجنوب غرفا رئيسية وأفضل الغرف في الدار ، فهي أعلي وأوسع من غيرها حتي أنه كثرت درجات السلم الحجرية أمام الغرف بعدة درجات عن الأخري رمزا لامتيازها .

(أسامة ) قال السيد لي مينغ ده خبير الفولكلور المشهور في بكين إنه يمكن أن نعرف أوضاع أصحاب الدور الرباعية في وقتهم من خلال ميزاتها المعمارية ، إذ إن الأغنياء كالتجار والموظفين في الماضي كانوا يحبون بناء البيوت الفخمة، فلا يبخلون في تزيين دورهم مثل وضع الزخارف القرميدية والمنقوشات الحجرية في بنائها . وينتصب في مدخل الدار الرباعية النموذجية غالبا حاجز حجري كبير لحجب الانظار عن داخل الدار مباشرة .

كيف يتم توزيع الغرف في الدار الرباعية ؟ كانت هناك قواعد شديدة اذ ان الغرفة المواجهة للجنوب يسميها البكنيون " تانغ وو " هي مكان لاجتماع افراد الاسرة بمناسبات الاعياد واقامة مراسيم تذكارية للاسلاف . وبجانب تانغ وو الشرقي غرفة يسكن فيها غالبا صاحب الدار مع زوجته ، واذا كان له زوجة ثانية، فتسكن في الغرفة بجانب " تانغ وو " الغربي ، واذا لم تكن له زوجة ثانية، فتصبح غرفة الجانب الغربي مكتبا له . اما الغرف بشرق الدار و غربها ، فتخصص دائما للأبناء أو للضيوف . ولكن في الوقت الحاضر يعيش في دار رباعية كبيرة عادة عدة عائلات او بضع عشرة عائلة بسبب ازدياد السكان .

(شادية ) وكانت هناك قواعد في استخدام مواد البناء للدار الرباعية، اذ لا يمكن أن يستخدم الا الطوبات الرمادية القاتمة ولا يسمح مطلقا باستخدام تلك القراميد الصفراء المطلية اللامعة التي تستعمل فقط في بناء قصر الامبراطور والبلاط . وتتطلب المنقوشات الطوبية والزخارف المختلفة في الدار الرباعية حسن الذوق وخاصة ان بعض التجار الاغنياء يرسمون زينات معقدة يتم نقشها بالايدي الماهرة كالازهار والطيور والحيوانات النابضة بالحياة .

هناك مثل قديم يقول : شجرة صفيراء اليابان امام الدار تدل علي عمر البيت . لان كلما تم بناء الدار الجديدة كان صاحبها يحب ان يزرع عدة اشجار صفيراء اليابان امام الدار او خلفها اذ إن هذه الشجرة ترمز الي البركة في نظر البكينيين . علي هذا عندما نزور الدار الرباعية ، نري بعض اشجار صفيراء اليابان حولها وعمرها قد تجاوز مائة سنة . والي جانب ذلك يزرع في فناء الدار غالبا بعض اشجار الفواكه كالرمان والعنب والتمر الصيني . كلما يحل فصل الربيع يمكن ان يتمتع صاحب الدار مع افراد عائلته بالازهار العطرة وفي فصل الصيف الحار يمكن ان يتبردوا تحت ظلال الاشجار اما في فصل الخريف فيتناولون ثمار الاشجار الطازجة دون الخروج من البيت . يا لها من حياة ميسورة هادئة.

(أسامة ) ولد خبير الفولكلور لي مينغ ده من أصل بكين في الدار الرباعية وترعرع في أزقة بكين القديمة يحب داره حبا جما، كلما تحدث عن الدار الرباعية ، أسهب في الكلام ، اذ قال:

" مشاعرنا للدار الرباعية عميقة بسبب تعايش عدة عائلات في الدار الرباعية الواحدة ويعامل بعضهم بعضا بلطف . ويعتني بعضهم ببعض عناية دقيقة كانهم يعيشون تحت سقف واحد ." ولكن يؤسفنا كل الاسف ان الدار الرباعية الصينية لم يبق منها الا قليل جدا في المدينة نظرا لتحديث البناء المدني .

وضعت بلدية بكين خطة عامة لبناء المدينة توضح ممارسة الحماية للازقة القديمة والدور الرباعية في بكين وخاصة في قلب المدينة ونعمل علي حمايتها لبقاء بعض ملامح المدينة القديمة حيث يزورها ويعرفها السياح والاجيال القادمة بصورة افضل .

مستمعينا الكرام ، لنستريح قليلا، ونستمتع بأغنية صينية ، ثم نعود ونواصل ، فإبقوا معنا.

(شادية ) أعزائنا المستعين، مرحبا بكم من جديد. تستمعون حاليا الى برنامج الثقافة والفنون من اذاعة الصين الدولية . الآن ، نحدثكم عن الموضوع الثاني من هذه الحلقة أي أزقة بكين.

الزقاق، أو ما يسمى بالصينية هوتونغ، حارة في المدينة، وأزقة بكين واحدة من أكثر ملامح المدينة تميزا. العاصمة الصينية بها آلاف من الأزقة، العديد منها بني في المنطقة المحيطة بالمدينة المحرمة خلال فترات أسر يوان و مينغ وتشينغ.

خلال فترة إزدهار الأسر الملكية في الصين ، كان الأباطرة يخططون المدن وينظمون المناطق السكنية وفقا لأنظمة المعاملات لأسرة تشو القديمة . في قلب الحاضرة تكون المدينة المحرمة، محاطة بدوائر مركزية بالمدينة الداخلية والمدينة الخارجية. كان المواطنون ذوي المكانة الاجتماعية العالية يسمح لهم بالإقامة على مقربة من مراكز الدوائر.

(أسامة ) كانت الأزقة الأرستقراطية لتلك الأيام تقع شرقي وغربي القصر الإمبراطوري. كانت الحارات مرتبة على جانبيها بيوت فسيحة وحدائق مسورة.

مع الابتعاد عن القصر إلى جنوبه وشماله كانت أزقة العامة من الناس، حيث يقيم ويعمل التجار والفنانون الحرفيون والعمال.

البيوت التي تصطف على جانبي الهوتونغ، سواء كانت فسيحة أو متواضعة كانت تسمى عادة سيخهيوان، أي الدار الرباعية، وهي عبارة عن مجمع سكني يتكون من بنايات تحيط بفناء. كانت سيخهيوان الكبيرة للمسئولين الكبار والتجار الأثرياء تكون غالبا مزينة بالنحت وذات أفاريز سقف ملونة وأعمدة وحديقة جميلة. سيخهيوان عامة الناس كانت أصغر من حيث الحجم وأكثر بساطة في زخارفها وديكوراتها.

والواقع أن هوتونغ عبارة عن ممر تكون من خلال إنشاء العديد من سيخهيوان بأحجام مختلفة، كلها مرتبة بالقرب من بعضها البعض. وتقريبا كل الدور الرباعية يكون لها بناياتها الرئيسية وبوابات تواجه الجنوب من أجل إضاءة أفضل، ومن ثم فإن الغالبية من الأزقة تمتد من الشرق إلى الغربي. بين الأزقة الرئيسية العديد من الحارات الصغيرة تمتد إلى الشمال والجنوب كممرات.

(شادية ) مع بداية القرن العشرين تفككت أسرة تشينغ، وظهر الأثر الأجنبي كبيرا في حياة الناس وانتهي تاريخ الصين الإمبراطوري. الترتيب التقليدي للهوتونغ تأثر هو الآخر. بني العديد من الأزقة كيفما اتفق دون خطة واضحة، وبدأت تظهر في ضواحي المدينة القديمة، بينما فقدت الأزقة القديمة مظهرها المحكم. كما أن الرضا الاجتماعي بالمسكن بدأ يتبخر، مما عكس انهيار النظام الإقطاعي.

خلال فترة جمهورية الصين (1911-1948) لم يكن المجتمع مستقرا، مع وجود الحرب الأهلية وتكرار الغزو الأجنبي. تدهورت مدينة بكين وساءت ظروف الأزقة. كانت سيخهيوان في السابق تسكنها أسرة واحدة ولكنها قسمت ليتقاسم الإقامة فيها عدد من العائلات.

التسعمائة وثمان وسبعون هوتونغ المدرجة في سجلات أسرة يوان زادت إلى 1330 عام 1949، مع وجود خمسة آلاف حارة صغيرة امتدت بطرق غير قانونية بين الأزقة القانونية.

(أسامة ) خلال عشرات السنين منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، اختفت العديد من الأزقة القديمة لتحل محلها بنايات عالية. وترك العديد من السكان الحارات التي عاشت فيها عائلاتهم لأجيال، حيث أعيد توطينهم في بنايات من شقق سكنية ذات مرافق حديثة. في حي شيتشنغ فقط اختفى 200هوتونغ من بين 820 هوتونغ كانت موجودة عام 1949.

غير أن العديد من أزقة بكين القديمة مازالت قائمة وعدد منها تم تحديده مناطق محمية. التجمعات السكنية التي مازالت قائمة إلى اليوم تعطي لمحة من حياة العاصمة مثلما كانت عبر أجيال.

مستمعينا الأعزاء، الى هنا تنتهي حلقة اليوم من برنامجنا الأسبوعي: "الثقافة والفنون" من إعداد وتقديم شادية يوان تشنغ وأستاذ أسامة مختار. وشكرا على حسن متابعتكم ! وللمزيد من المعلومات ، تفضلوا بتصفح موقعنا على شبكة الانترنت بعنوان: www.arabic.com.cn. والى اللقاء في الأسبوع المقبل مع أطيب التمنيات من اذاعة الصين الدولية ! ومع السلامة !

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي