CRI Online

صدى اصوات طيور الغابة

cri       (GMT+08:00) 2014-07-10 14:47:47

تعيش في السفح الشمالي من جبل تشيليان والجزء الاوسط من ممر خشي شمال غربي الصين احدى القوميات منذ غابر الزمان، هي قومية يويقو، حيث يعود تاريخها الى فترة الهون قبل الميلاد، انها مسالمة وبدوية الطباع حيث اندمجت في ثقافة قوميتي هان والتبت المجاورتين لتشكل ميزتها الفريدة، فقدت حروفها الام خلال التقلبات التاريخية بسبب الهجرات، وهي من القوميات الصينية ال28 القليلة السكان.

تقول كلمات الاغنية:" جاء ابناء قومية يويقو من الغرب وانتقلوا من منطقة شيتشيهاتشي الى الشرق، تنقلوا بالابقار والاغنام في وجه الشمس، قدموا الى مسقط الراس راكبين الجمال الصفراء……"

كانت القوميات البدوية بسيطة وسعيدة ومنعزلة عن الناس، تنتقل ثقافتها ولغتها الخاصة من جيل الى جيل، والان اصبحت حياة الرعاة تتحسن كثيرا وانتقلوا تدريجيا من مناطق الرعي النائية الى البلدات او المدن، لكن عملية اندماجها في ثقافات اخرى اثرت تاثيرا كبيرا في لغتها التي ليست لها كتابة اصلا، فقد اصبحت كيفية الاحتفاظ بالصوت في الذاكرة موضوعا اكاديميا ومهمة للمحليين.


السيدة دو شيو لان

ان العجوز التي تتكلم اسمها دو شيو لان، تحكي عن كلمات المباركة اثناء حفلات الزفاف لقومية يويقو بلغة القومية، بعد علمها بقدومنا، لبست زيا قوميا رسميا خاصا تعبيرا عن الاحترام، وخلال حكايتها، توقفت فجاة.

"اخطات، اخطات."

اخطات في الكلمات فقدمت الاعتذار مرارا، وتمسكت بالفستان بحزم مثل ولد يفعل امرا خطأ، سوت جسمها تحت تشجيعنا وحكت من جديد باكثر جدية.

كانت دو شيو لان في ال72، واسمها اليويقوي ارنتشيارتان، تتكلم لغة يويقو بطلاقة اذ انها عاشت في منطقة الرعي منذ الصغر، ويبدو ان صوت غنائها اكثر جاذبية.

ادرج مجلس الدولة الصيني الاغاني الشعبية الاصلية لقومية يويقو الى المجموعة الاولى لقائمة التراث الثقافي غير المادي على مستوى الدولة عام 2006، وان الاغاني الشعبية الاصلية التي ادتها دو شيو لان من ضمن البوم "الاغاني الشعبية الاصلية لقومية يويقو" وتم نشره وتوزيعه رسميا. بسبب ضياع الحروف وميزات الحياة البدوية بحد ذاتها، فقد صار اداء الاغاني الشعبية الاسلوب الاكثر قوة لابناء قومية يويقو لتعلم التاريخ ونشر المعرفة.

"والدي مطرب من قومية يويقو للاغاني الشعبية، كلفني بالتعلم منذ طفولتي وكان يعلمني وشقيقاتي الغناء كل ليلة."

تشوقت العجوز الى الحياة بمنطقة الرعي كثيرا خصوصا ركوب الحصان ورعي الغنم وغناء اغاني قومية يويقو مع الشركاء الصغار. انتقلت الى مركز المحافظة الان حيث تحسنت شروط معيشتها، لكن الاشياء الاصلية لهذه القومية قد اختفت تدريجيا.

"لا يتعلمها الشباب في الوقت الحاضر، لانها صعبة جدا فامتنعوا عن تعلمها."

لم يكن امامها من خيار الا ان تبتسم.

حسب المرة ال5 للاحصاء العام لسكان الدولة في عام 2000، وصل عدد اهالي قومية يويقو الى 13.7 الف فقط، وكان من يتقن لغة يويقو مثل دو شيو لان معظمهم قد تجاوزوا السبعين، بحيث تقل المفردات والعبارات في لغة يويقو جيلا بعد جيل، كان الامر الاصعب هو اللغة المعقدة بالرغم من قلة عدد السكان. لقومية يويقو لغتان شرقية وغربية، السابق من فرع اللغة المنغولية من اسرة لغات الالتاي، اما الاخير فيخص فرع اللغة التركية من اسرة لغات الالتاي، فلكل لغة ميزاتها الخاصة، مما عرقل استمرار حياة لغة يويقو.

مع ذلك، من اللازم مواصلة الحياة وان كانت الظروف اصعب من ذلك، مثلما قال ارسيلان، ان اللغة جذر القومية.


السيد أرسيلان وطالبتيه

ولد ارسيلان بقرية داخه في محافظة سونان عام 1972، انه شخص طويل القامة مفتول الساعدين، وتعكس بشرته السمراء اثار لفحات الشمس اللاهبة على الهضبة. انه متزن ومهذب، حيث عندما رايناه، يخطر ببالنا بلا وعي حصان كميت يخب خبا وئيدا في المروج.

تقول لنا بعض كلمات هذه الاغنية:" حصان الكميت العناب يصهل بمحبة عميقة، يعيش عيشة سعيدة في مكان ميلاده بوحي من ارادته……"

انها اغنية شعبية من تراث قومية يويقو تعجب ارسيلان، يترعرع بمنطقة الرعي وتعلم من والديه لغة يويقو منذ صغره حيث يمكن اجراء التبادلات اليومية. غير انه لم يتوقع ان لغة يويقو اصبحت موضوع دراسته الرئيسي بعد ان يبلغ سن الرشد. تاسس مكتب البحوث لثقافة قومية يويقو بمحافظة سونان عام 2003، حيث اصبح ارسيلان عضوا فيه.

"احب ثقافة قوميتي، انه ذلك هو من مسؤوليتي بصفتي صاحب القلم."

هذا الحب الجارف جعل ارسيلان يعمل في مكتب البحوث لمدة 10 سنوات، وقد جمع كل المواد المتعلقة بلغة يويقو وثقافتها مع ترتيبها. بسبب عدم وجود سجلات مكتوبة، فلا بد ان ينطلق ارسيلان الى منطقة الرعي الداخلية مع زملائه للقيام ببحوث ميدانية كثيرة. ومنذ اليوم الذي دخل ارسيلان مكتب البحوث، اصبح القلم والورق ومعدات التسجيل ضروريات ملازمة له.

"نبحث دائما عن رعاة وفنانين شعبيين ليقصوا حكايات شعبية والغاز او اشعار ملحمية او امثال قديمة"، ونسجل عملية الحوار بلغة يويقو، ثم ندخل المواد التي نجمعها في الكمبيوتر ونرتبها، دائما نفعل هكذا."


مادة دراسية للغة قومية يويقو

بعد مرور الايام والاعوام، استطاع قد سجل ارسيلان وزملاؤه تسجيل الاف الساعات من المواد، لتشكيل محفوظات الاغاني الشعبية بلغة يويقو وتحديد اكثر من 3600 كلمة شائعة للغة يويقو، ما زالت هناك 5000 كلمة تم جمعها للتصنيف من جديد. ويعتبر ارسيلان ان ما يقوم به هو حماية لتنوع الثقافات.

"يعتبر هذا بحد ذاته حماية لتعدد الثقافات. وكانت الامة الصينية متعددة المصادر ايضا، وان بقاء كل الثقافات يفيد التنمية المستقبلية لها، ان الثقافة الاحادية مثل الجنس الاحادي سوف تحدث مشاكل، وان المشاكل التي تواجه العلم الطبيعي تواجه العلم الاجتماعي ايضا."

عندما سالناه ما هي المشكلة ستحدثها اللغة الاحادية، رد ارسيلان على السؤال بسؤال:

"ما هو شعورك ان دخلت الغابة ولن تجد من الطيور سوى نوع واحد يحدث صوتا؟"

ان اللغات المختلفة مثل الطيور التي تغني في الغابة، بعضها صوته عال ورنان، بعضها صوته منخفض، ولا تلذ في السمع الا اذا سمعت كل الاصوات.

لقد حمى عمل الجمع والترتيب من التسرب والانخفاض المستمر لمفردات لغة يويقو، ولكن، بالنسبة للغة التي تتواجد باسلوب شفهي، فان الانسان هو الناقل الوحيد لاستمرار حياتها.

ان الاجيال المقبلة لقومية يويقو والتي ولدت بعد ثمانينات القرن الماضي معظمها خرجت الجبال والمروج مبكرا لقبول التاثر التدريجي للثقافة الحديثة ونمط الحياة العصري، واليوم، ازدادت هذه النسبة واصبحت منطقة الرعي مكانا قليلا ما تعود اليه. استنادا الى التحقيق، فان حوالي 90% من الاطفال في السن المناسبة بالمدن والمراكز لا يعرفون لغة قوميتهم اجمالا بعد مغادرتهم منطقة الرعي.


الكتب المتعلقة بدراسة ثقافة قومية يويقو ولغتها

الاطفال يمثلون المستقبل، ان كانوا لا يعرفون لغة يويقو، فان صوتها سيبقى في ذاكرتهم.

نظرا لذلك، اصبح التعليم بلغتين في روضة الاطفال بمحافظة سونان في عام 2007، فيها ثلاث متعلمين من قومية يويقو، بمن فيهم نايانايمان.

ولدت نايانايمان في عام 1984، ظلت تدرس في المدرسة بمنطقة اخرى، بيد انها تتكلم لغة يويقو القياسية.

"بالرغم من انني ترعرعت في منطقة رعوية منذ الصغر، فقد درست معظم الوقت في مكان اخر، وقليلا ما ابقى في البيت، لكني احب لغة يويقو منذ طفولتي، مع ازدياد الكلمات التي اقولها واستخدمها، يمكنني ان اجد المفردات والتعابير التي اندثرت تدريجيا."

تبدو ان نايانايمان لطيفة ومهذبة، ولكن، ما دامت دخلت غرفة الصف وتكلمت لغة يويقو، اصبحت مفعمة بالحيوية وغنية بتعابير الوجه، وكان صوتها عاليا رنانا.


مادة دراسية للغة قومية يويقو للأولاد

بعد ساعات الدراسة، حررت نايانايمان وغيرها من المتعلمين من قومية يويقو "مادة دراسية تجريبية لقراءة اليويقوية" و"كتاب القراءة لدراسة اللغة للاولاد في مرحلة ما قبل المدرسة" بناء على التجارب التربوية.

"جمعت المعلومات مع عدد من المعلمين لاعداد مجموعة من المواد التدريسية لتعليم لغة يويقو في رياض الاطفال، والتي تتركز على كتب الصور، ونضع علامة اللفظ برموز نطقية دولية. نجد من خلال التعليم، ان الاطفال من رياض الاطفال يتكلمون لغة يويقو جيدا جدا. "

الى جانب لغة يويقو، علمت نايانايمان الاولاد ايضا كيف يغنون الاغاني الشعبية التقليدية التي قد نسيها الكثير من البالغين.

يستغرق كل درس نصف ساعة، ما تزال نايانايمان تعتقد ان الوقت لا يكفي، لان ما تريد تدريسه للاطفال كثير.

"ان الوقت الذي ادرب الاولاد فيه على لغة يويقو واغانيها الشعبية يمر بسرعة للغاية، اشعر بان الوقت لا يكفي كلما اقدم درسا، تؤثر فىّ تاثيرا بليغا لغة يويقو والاغاني الشعبية من اداء الاولاد."

فضلا عن التعليم اليومي في روضة الاطفال، كانت نايانايمان تتلقى دعوة دائما الى المدارس الابتدائية والاعدادية بالمحافظة لتدريس لغة يويقو، تخرج من روضة الاطفال مائات الاولاد من قومية يويقو خلال بضع سنوات، وحصدت من البذور التي زرعتها ثمارا باهرة وافرة لا تعد.

"اريد تعلم هذه اللغة حتى اجيدها لنقلها الى الجيل القادم، مما جعل لغة يويقو مشهورة في العالم باسره."

عندما يقول هذه الجملة الصبي تيهيي البالغ من العمر 12 عاما، لعله لا يدرك معناها الحقيقي كل الادراك، لكن هذه الكلمات الجريئة تبعث الدفء في قلوب الناس.

مهما كانت دو تشيو لان الذي تجاوزت السبعين او ارسيلان الذي في عنفوان العمر، او نايانايمان الصاعدة، تمدد جهودهم حياة لغة يويقو التي كانت في حالة الخطر، ليدوى الصوت في الذاكرة بمحافظة سونان مرة ثانية وتعود الطيور الى غابة ذكريات الناس.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي