CRI Online

مدينة تشيوانتشو الواقعة على امتداد طريق الحرير البحري

cri       (GMT+08:00) 2014-10-24 12:46:35


مدينة تشيوانتشو بمقاطعة فوجيان على السواحل الجنوبية الشرقية للصين، تاريخ يعود لمئات السنين يروي قصص العلاقة الودية الوطيدة بين أجدادنا العرب والسكان القدامى لهذه المدينة الميناء الأشهر في الصين قبل ألف سنة. تأسست عام 718، خلال عهد أسرة تانغ(618-907)، وكانت أكبر ميناء عرفه العالم خلال العصور الوسطى، إسكندرية الشرق الأقصى التي سبقت شانغهاي الحيوية الحالية. هي نقطة البداية لطريق الحرير البحري الشهير، طريق البخور الذي انتشر عطره لمسافات بعيدة، ويسجل حتى يومنا هذا اعتراف وامتنان سكان تشيوانتشو لأجدادنا العرب الذي نقلوا إليهم أساليب صنع البخور وصناعة الأحذية. إنها مدينة تتمتع بتاريخ طويل، وفي كل مفصل منه ذكرى للعرب، الذي نسمع ذكرهم في كل رواية يرويها أبناء المدينة عن تاريخها. التبادلات الثقافية والتجارية والصداقة والمصاهرة والبخور، ومسك الختام هو الإسلام. نعم، إنها أول مدينة وصلها مبعوثون من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث نشروا أخلاق الرسالة السامية، وظلت ذكراهم عطرة مؤثرة ليس بهذه البقعة من الصين فحسب، وإنما في كل أرجاء البلاد أيضا.

أبرز ما يميز مدينة تشيوانتشو(مدينة زيتون) الرابضة على المجرى الأسفل لنهر جينجيانغ والتقائه ببحر الصين الشرقي، هو تاريخها البحري الذي يحفظ ويتجسد خير تجسيد في متحفها البحري. إنه صورة واضحة لمدينة احتضنت الناس من كل حدب وصوب، ومن كل الأديان والثقافات والحضارات. فيه آثار إسلامية عربية، وهندوسية وبوذية وماوية ومسيحية، يروي للناس إبداعات الأجداد الشجعان الذين تحدوا البحار والمسافات وحققوا تلك التواصلات الثقافية والتجارية، وتشاطروا الخبرات في كافة مجالات الحياة، وأكدوا بصماتهم المبدعة الخالدة في صناعة السفن الكبيرة بشتى أنواعها. تأسس متحف تشيوانتشو البحري عام 1959، وفتح أبوابه أمام الناس في عام 1979 بعد بناء قاعة تدعى "سفينة قديمة في خليج تشيوانتشو". المبنى الجديد الحالي تحفة معمارية صممها فنان صيني معروف اسمه يانغ هونغ شيون، واكتمل بناؤه عام 1991، على مساحة 35 ألف متر مربع، تحتل قاعات العرض 9 آلاف متر مربع منها. إنه الوحيد في الصين بما يحويه من مقتنيات ثمينة تعود لعصور إمبراطوريات سونغ (960-1279) ويوان (1206-1368) ومينغ (1368-1644) وتشينغ (1616-1911). ورغم تنوع معروضاته، يشعر الزائر لهذا المتحف بقوة إنه عربي إسلامي بامتياز. في مدخله يستقبلك ابن بطوطة بوجه حيوي وابتسامة جادة، وقفطان أنيق وعمامة ملفوفة. الطابق الثاني منه مليء بالشواهد والآثار وأشجار العائلات الصينية التي تعود لأصول عربية، وتسمع أسماء الحواضر العربية في غربي آسيا تتردد في الأرجاء. على الجدران خرائط الطرق البحرية القديمة القادمة خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر، من بغداد والبصرة والقاهرة والإسكندرية وعُمان وعدن ومكة ودمشق والقدس وأصفهان ومضيق هرمز وسواحل الصومال.

زار الرحالة العربي ابن بطوطة الصين عام 1345 ومكث فيها عدة أشهر، وذكر في كتابه ((تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار))، هذه المدينة ووصف ميناءها الحيوي وتميّز صناعة السفن الكبيرة والخزف والحرير فيها، وقال: برغم أنها تحمل اسم الزيتون، ولكن لا أثر للزيتون فيها! إذن، من أين جاء هذا الاسم العربي؟ كان الصينيون بهذه المنطقة الجنوبية للبلاد يسمونها أيضا "تسيتون Zaitun "، وأخذ العرب القادمون إليها يرددون اسمها وحولوه بشكل أيسر لهم وعرّبوه إلى زيتون. أما الأصول العربية لقومية هوي المسلمة في الصين، إحدى عشر قوميات هامة في الصين يدين أهلها بالإسلام، فتعود لرجل مسلم اسمه شمس الدين. وبفضل أخلاقه الحسنة، يشير المؤرخون المسلمون الصينيون إلى أنه من سلالة النبي عليه الصلاة والسلام. السيد شمس الدين عاش بين المحليين وتزوج منهم وأنجب ذرية حملت اسم العائلة المتضمن كلمة (دين). وتكاثر المسلمون القادمون للمدينة، والأصل فيهم عائلة شمس الدين، ونمت شجرة وارفة الظلال أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها وتترعرع بإذن الله، فظهر المسلمون الصينيون الذين أصبحوا يعرفون بقومية هوي المسلمة. كلمة دين في عائلة شمس الدين ونجله نصر الدين، تصيّنت للأسهل لفظا وأخذت كلمة دينغ Ding الصينية القريبة منها، وبذلك ظهرت عائلات دينغ المسلمة وانتشرت بالمدينة وما حولها في جنوبي الصين شرقا وغربا، وأصبحت امتداداتها حتى بين ذوي الأصول الصينية في ماليزيا والفلبين. حاليا، تتمتع قومية هوي بمكانة كريمة بين القوميات الست والخمسين في البيت الصيني الكبير، وأصبحت لها تقاليدها الإسلامية الخاصة المتمتعة بالاحترام، بفضل ما تتمتع به هذه القومية ذات الأصول العربية، من مكارم الأخلاق، خاصة تمسكها بأن حب الوطن من الإيمان.


1 2
أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي