CRI Online

يويه مين جيون.. التوغل في قلب الثقافة الصينية!

cri       (GMT+08:00) 2015-01-29 14:54:52


"يكون الفنان غالبا في حالة من الغموض. وقد جعلتني لوحاتي (الإنسان الضاحك)، كما لو أنني أتنقل عبر الزمن، وأجرب أشياء كثيرة. وقد كانت ردّي على السنوات العشرين الماضية، وعن تناقضات وسخافات في الحياة اليومية. وفي عملي الجديد، أتعمق أكثر في تاريخ بلادي".

قد لا يوجد موضوع يجسد الفن الصيني المعاصر مثلما يجسده عمل يويه مين جيون (الإنسان الضاحك)، وربما لا يوجد من يجسد لمحات نجاح الفن الصيني المعاصر اليوم، أفضل من يويه مين جيون نفسه. إن مواضيعه المنتقاة تعبر بالطبع عن صور من حياته الشخصية. وهو يستخدم أسلوب "الأنا" ليس فقط للتعبير عن تجربته الشخصية، وإنما أيضا للتعبير عن السريالية في الثقافة الصينية، وتطور مراحلها على مدى العقدين الأخيرين من الزمن. وقد أصبح يويه مين جيون ذائع الصيت في عالم الفن الصيني المعاصر بعد أن تم بيع مجموعة كاملة له من اللوحات والمنحوتات والمطبوعات في جميع أنحاء العالم، وتجاوزت مبيعاته جميع الفنانين الصينيين الأحياء، باستثناء وو قوان تشونغ. ومنذ عام 1994، حيث بدأ عرض أعماله، يعتبر يويه مين جيون اليوم واحدا من أفضل عشرة رسامين من الأحياء في العالم، من حيث مبيعات اللوحات. منذ عام 2007، بيعت ثلاث من لوحاته في المزاد بأكثر من 4 ملايين دولار أمريكي. وهو أمر مهم عند الأخذ بالاعتبار مسألة الوقت الذي يستغرقه الفنانون الأحياء أو الراحلون للوصول إلى هذا المستوى.

مما لا شك فيه، أن يويه مين جيون مرتبط بالنموذج الذي رسمه لنفسه وربما بشكل غير صحيح بالحركة الواقعية الساخرة، ولكنه استمر بإبداع أعمال مختلفة تماما عن هذه الحركة. على سبيل المثال، سلسلة أعماله (المشهد الطموح)، يوجد فيها تكرار دقيق للوحات التاريخية الأوروبية والآسيوية على حد سواء، مع شخصيات أو عناصر رئيسية تمت إزالتها من التركيب. وحاليا يقوم أيضا بسلسلة جديدة يستخدم فيها المتاهات كأداة وكذلك المراجع الصينية والرموز الثقافية التاريخية لتجسيد "التفكير الداخلي".

قال يويه مين جيون وهو يصف توجهه الفني الجديد: "يكون الفنان غالبا في حالة من الغموض. وقد جعلتني لوحاتي (الإنسان الضاحك)، كما لو أنني أتنقل عبر الزمن، وأجرب أشياء كثيرة. وقد كانت ردّي على السنوات العشرين الماضية، وعن تناقضات وسخافات في الحياة اليومية. وفي عملي الجديد، أتعمق أكثر في تاريخ بلادي".

في عام 2000، كان لقائي الأول مع يويه مين جيون، حيث كان يعيش ويعمل في بيت ريفي صغير في قرية سونغتشوانغ الفنية الناهضة التي تقع في الضاحية الشرقية لبكين. ولم يكن هناك كهرباء ولا ماء في ذلك الأستوديو والمرافق الملحقة به، وكانوا يجلبون الماء من بئر في الفناء. كان ذلك أول مشهد وصفه لي يويه مين جيون عن لوحات الرجل الضاحك.

وقال: "قررت سابقا أن يكون لي أسلوب واضح وموضوع محدد كي يجعلني مشهورا. وقد تقبل الصينيون شخصياتي الضاحكة بسهولة، لأن الصينيين تعودوا مواجهة المشاكل بالضحك والابتسام. وهم يعرفون جيدا أن أي رد فعل آخر سوى الضحك لن يكون مجديا، لذا اخترت هذه الشخصية الضاحكة التي تتنقل في الحياة وتواجهها بالضحك."

وقد لاقت لوحات يويه عن (الإنسان الضاحك) إقبالا جماهيريا عالميا أكثر مما في الصين. وحتى قبل خمس سنوات مضت، اعتبرت أعماله الأكثر حساسية سياسيا، وبالتالي لم يتم عرضها على نطاق واسع. ومع ذلك، فقد تم بيع لوحات يويه مين جيون بانتظام في مزادات في الصين وفي الخارج، وقد جلبت له شهرة يتمتع بها أقل من عشرة من الفنانين الصينيين المعاصرين.

اليوم، يمتلك يويه مين جيون أستوديو مختلفا تماما عن ذلك الذي التقينا به أول مرة في قرية سونغتشوانغ. ويمتد منزله والملحق المخصص للعمل على مساحة ستة آلاف قدم مربعة، أثاثه حديث ولكن بالحد الأدنى. وهناك صفان من اللوحات على جدران الأستوديو، وهي رسومات تعكس مراحل التطور. قال: "صورت العديد منها في زيارات مختلفة، فقط من أجل مشاهدتها وهي تعرض مجددا في كاتالوغات المعارض خلال شهرين". الأراضي المحيطة بمنزل يويه مين جيون عبارة عن مناظر طبيعية خلابة مطعمة بتماثيل النحاس للإنسان الضاحك بلقطات ووضعيات مختلفة. لقد تعودت على رؤية إصدارات مختلفة من هذه التماثيل خلال السنوات القليلة الماضية. ومعظمها بالحجم الطبيعي، مصنوعة من البرونز أو النحاس أو الراتنج، وبعضها مرسوم. قال: "مجموعتي المفضلة تضم تسعة أعمال من الفولاذ الغير قابل للصدأ، بارتفاع 12 قدما، موجودة أمام (متحف الفن اليوم في بكين). الشخصيات في هذه الأعمال تبدو منحنية، تضحك، وتضرب كفا بكف، فتبدو كأنها لوحات عملاقة من الحياة." إن مشاهدة الناس وهم يتزاحمون لالتقاط الصور أمام هذه التماثيل، تذكرني كيف أصبح هذا الموضوع "علامة مميزة". ربما يحمل التمثال روح الفكاهة والسخرية والكاريكاتير أكثر من مفهوم الحياة، ولكن أعتقد أن اللوحات لها مغزى أكثر قوة.

بعد كل زيارة ليويه مين جيون، أسأله عدة أسئلة جديدة عن الإنسان الضاحك، ومؤخرا ورد لذهني تساؤل حول ما إذا كان يويه مين جيون قد حصر نفسه في نمط هذه الشخصية التي أبدعها. فأجاب: "يكون لدي دائما أفكار جديدة لاستخدمها حول هذا الموضوع، ولا تهمني الشهرة من ذلك. أعتقد أن معظم الناس يأخذون اللوحات من ظاهرها، ولا يتعمقون في فهم قصدي، أو الأبعاد التي وضعتها في العمل".

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي