CRI Online

سور الصين العظيم

cri       (GMT+08:00) 2015-03-17 15:37:49


يعتبر سور الصين العظيم مشروعا دفاعيا عسكريا قديما بارزا ونادرا في التاريخ المعماري البشري. إنه لم يظهر ذكاء أسلاف الصينيين فحسب، بل جسد الجهد الذي بذلوه بعرقهم ودمائهم. ويشتهر في العالم بتاريخه العريق وضخامة تحصيناته وعظمته وقوته.

بدأ بناء سور الصين العظيم خلال عهد الربيع والخريف وعهد الممالك المتحاربة قبل أكثر من 2000 عام. يبدأ السور من جيا يو قوان بمقاطعة قان سو غربا وينتهي عند شان هاي قوان بمقاطعة خه بي شرقا مرورا بجبال شاهقة كأنه تنين ضخم يستلقي على أراضي الصين الشمالية الواسعة. إنه أقدم وأكبر مشروع دفاعي في الصين والعالم. وأدرج في قائمة التراث الثقافي والطبيعي التي حددتها منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة عام 1987.

بدأت الممالك المختلفة بناء أسوار على حدودها دفاعا عن النفس قبل أكثر من ألفي سنة، وأصبحت تلك الأسوار أقدم جزء من سور الصين العظيم. وفي عام 221 قبل الميلاد وحد الإمبراطور شي هوانغ دي الممالك المتحاربة، وأسس أول دولة موحدة ذات سلطة مركزية في تاريخ الصين وهي أسرة تشين الملكية. ومن أجل تثبيت حدودها وضد عدوان أقلية قومية شيونغ نو التي كانت تعيش في مناطق شمال أسرة تشين الملكية، ربط شي هوانغ دي الأسوار التي بنتها الممالك المتحاربة مما شكل سور أسرة تشين الملكية الذي بلغ طوله أكثر من 5000 كيلومتر ويبدأ من شرقي مقاطعة لياو نينغ شرقي الصين وينتهي عند لين تاو بمقاطعة قانسو غربي الصين. وبعد ذلك، واصلت الأسر الملكية المختلفة في الصين بناء أسوار على هذا الأساس، وتجاوز طول الأسوار التي بنتها كل من أسرة هان الملكية وأسرة مينغ الملكية 5000 كيلومتر. ويبلغ إجمالي طول الأسوار التي بنتها الأسر الملكية المختلفة 50 ألف كيلومتر.

أما سور الصين العظيم الذي نراه اليوم فهو سور بني في عهد أسرة مينغ الملكية قبل أكثر من سبعمائة سنة. وبهذا الصدد، قال السيد دونغ ياو هوي الأمين العام لجمعية بحوث سور الصين وهي جهاز صيني خاص ببحوث سور الصين وحمايته:

"حسب السجلات التاريخية الصينية، بلغ إجمالي طول أسوار الصين حوالي خمسين ألف كيلومتر. وبلغ طول السور الذي بني في عهد أسرة مينغ الملكية ستة آلاف وثلاثمائة وخمسين كيلومترا. لكن السور تعرض خلال السنوات الماضية لتخريب خطير، فأصبح طول السور الذي نراه اليوم أقل من هذا الرقم بكثير."

إن سور الصين العظيم ليس سورا فقط، بل هو مشروع دفاعي متكامل يتكون من الجدران الدفاعية وأبراج المراقبة والممرات الاستيراتيجية وثكنات الجنود وأبراج الإنذار وغيرها من المنشآت الدفاعية. ويسيطر على هذا المشروع الدفاعي نظام قيادي متكامل على مستويات مختلفة . فلنأخذ سور الصين لأسرة مينغ الملكية كمثال ، كان هذا السور الذي يبدأ من نهر يالوه شرقا وينتهي عند جيا يو قوان غربا وبلغ إجمالي طوله 7000 كيلومتر ينقسم إلى تسع مناطق إدارية عسكرية، ولكل منطقة رئيس تنفيذي يدير المنطقة بصورة منفصلة ومسؤول عن إصلاح السور داخل هذه المنطقة وترميمه وهو مسؤول أيضا عن الشؤون الدفاعية في المنطقة أو مساعدة المناطق العسكرية المجاورة في شؤونها الدفاعية وفقا لأوامر وزارة الدفاع الوطنية. وكان عدد الجنود المرابطين على إمتداد السور في عهد أسرة مينغ الملكية حوالي مليون جندي.

وتعتبر الجدران الممتدة جزءا رئيسيا من استحكامات سور الصين. وبنيت الجدران فوق الجبال أو مواقع خطرة بالسهول حسب التضاريس الجغرافية والحاجات الدفاعية. وغالبا ما تكون الجدران المبنية في السهول أو الأماكن الهامة عالية ومتينة للغاية، أما الجدران المبنية على المواقع الخطرة فوق الجبال، فهي منخفضة وضيقة نسبيا ، وذلك من أجل توفير الأيدي العاملة ونفقات البناء. ويبلغ متوسط ارتفاع السور في جيو يونغ قوان وبا دا لينغ أو داخل مقاطعات خه بي وشان سي وقان سو نحو 7 أو 8 أمتار وسمك قاعدته 6 أو 7 أمتار ، وسمك قمته 4 أو 5 أمتار. وبني في الجهة الداخلية على قمة السور جدار إضافي ارتفاعه أكثر من متر، وذلك للحيلولة دون سقوط الجنود من على السور، وبنى على الجهة الخارجية جدار إضافي ارتفاعه متران تقريبا، وعلى هذا الجدار فتحات علوية للمراقبة وفتحات تحتية لإطلاق النار أو إسقاط الأحجار. وفي المناطق المهمة جدا ، بنيت على السور جدران متعددة لمنع صعود الأعداء السور . وفي منتصف عهد أسرة مينغ الملكية، أضيفت إلى السور أبراج المراقبة أو مباني المراقبة لمتابعة تحركات الأعداء وإسكان جنود دوريات الحراسة أو تخزين الأسلحة والأغذية. وبذلك تعززت القوة الدفاعية لسور الصين إلى حد كبير.

تعتبر الممرات الإستراتيجية أهم مواقع دفاعية على السور الممتد لعشرات آلاف كيلومترات . وتقع الممرات الإستراتيجية عادة في مواقع صالحة للدفاع بغية مقاومة المعتدين الكثيرين بقوى عسكرية قليلة. وهناك مثل صيني قديم يقول "لو كان هناك جندي واحد يدافع عند الممر الإستراتيجي، لا يمكن أن يخترقه عشرة آلاف جندي." ويبرز هذا المثل بصورة حية أهمية الممرات الإستراتيجية. (وهناك عدد كبير من الممرات الإستراتيجية الكبيرة والصغيرة على امتداد سور الصين. ونأخذ سور الصين لأسرة مينغ الملكية كمثال، كان يوجد نحو ألف ممر إستراتيحي على امتداد السور، ومن أشهرها شان هاي قوان وهوانغ يا قوان وجيو يونغ قوان وزي جين قوان وداو ما قوان وبينغ شينغ قوان ويان من قوان وجيا يو قوان إضافة إلى يانغ قوان ويو من قوان اللذين بنيا في عهد أسرة هان الملكية . وتعني كلمة "قوان" في اللغة الصينية ممرا إستراتيجيا.

وتعتبر أبراج الإنذار أيضا جزءا هاما من استحكامات سور الصين العظيم. إنها مرافق لإرسال ونقل معلومات عسكرية. وفي الحقيقة، ظهرت أبراج الإنذار كأداة لنقل المعلومات منذ القدم، وتم الانتفاع بها وإكمالها تدريجيا أثناء بناء سور الصين حتى تصبح أفضل أسلوب لإرسال ونقل المعلومات العسكرية في العهود القديمة. وكان أسلوب نقل المعلومات هو إطلاق الدخان نهارا وإشعال النار ليلا. إنه أسلوب علمي وسريع لنقل المعلومات إذ يمكن معرفة عدد الأعداء من عدد المواقع التي انطلق منها الدخان أو أشعلت فيها النيران . وفي عهد أسرة مينغ الملكية أضيفت أصوات المفرقعات في وقت إطلاق الدخان وإشعال النار لتعزيز فعالية الإنذار، الأمر الذي يمكن من إبلاغ المعلومات العسكرية بدقة إلى أماكن بعيدة ومختلفة في لحظة واحدة.

وفي ظل عدم وجود الهواتف والاتصالات اللاسلكية في العهود القديمة، يمكن القول بإن هذا الأسلوب لنقل المعلومات العسكرية كان سريعا جدا.

وبالإضافة إلى ذلك، يعتبر تنسيق مواقع أبراج الإنذار أمرا مهما جدا. تقع كلها في أماكن خطرة على قمم الجبال، ولا بد أن تتناظر ثلاثة مواقع مع بعضها البعض لتسهيل نقل المعلومات.

ويمر سور الصين العظيم بتضاريس جغرافية مختلفة ومعقدة، حيث يصعد الجبال ويخترق الصحاري ويجتاز المروج ويعبر الأنهار. لذلك إن الهياكل المعمارية للسور مختلفة وغريبة أيضا إذ بني السور في المناطق الصحراوية بمواد مكونة من الأحجار المحلية ونوع خاص من الصفصاف نظرا لقلة الصخور والطوب، أما في مناطق هضبة التراب الأصفر شمال غربي الصين ، فبني السور بالتراب المدكوك أو الطوب غير المحروق، وكان متينا وقويا لا يقل متانة عن السور المبني بالصخور والآجر. وبني السور في عهد أسرة مينغ الملكية غالبا من الطوب أو الصخور أو بخليط من الطوب والصخور. وتوجد قناة لتصريف المياه على قمة السور لصرف مياه الأمطار تلقائيا وحماية السور.

تحدثنا لكم قبل قليل عن سور الصين العظيم، ونتمنى أن تتاح لكم في المستقبل القريب فرصة لزيارة الصين وصعود سور الصين العظيم . ونحب أن نقدم لكم ملاحظات عن صعود سور الصين أو تسلق أي جبل من الجبال.

أولا وقبل كل شيء، عليك أن تسخن جسمك بحركات رياضية أي تؤدي حركات رياضية لمدة ربع ساعة على الأقل بهدف إرخاء عضلات الجسم تسهيلا لتسلق الجبال.

ثانيا ، حينما تتسلق جبلا، عليك أن تصعد بخفة، وذلك لتوفير الطاقة الجسدية لنفسك.

ثالثا، عليك ألا تنظر إلى الأعلى دائما عند تسلق الجبال لأن النظر إلى الأعلى يزيدك تعبا ، ييمكنك أن تقف وتستريح بين حين وآخر للتمتع بالمناظر الجميلة، وذلك يزيل الشعور بالتعب . وإذا كانت الدروب الجبلية مائلة نسبيا، يمكنك أن تتسلق بشكل حرف "Z " لتوفير الطاقة الجسدية.

رابعا، عندما تنزل من أعلى الجبل، وعليك أن تسيطر على سرعة خطاك، ولا تتحرك سريعا حتى ل تتعثر أو تسقط. كما عليك أن ترخي عضلات رجليك لأن العضلات المشدودة تضغط على المفصل وتزيد التعب.

هكذا، يمكنك أن تصعد سور الصين العظيم أو تتسلق أي جبل بسهولة نسبيا.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي