CRI Online

القناة الكبرى في العصر الجديد ليانغتشو

cri       (GMT+08:00) 2015-05-21 14:44:32


مدينة يانغتشو الواقعة في وسط مقاطعة جيانغسو بجنوبي الصين مدينة ثقافية وسياحية عمرها أكثر من ألفي سنة. تربض المدينة في حضن نهر اليانغتسي وقناة جينغهانغ (بكين- هانغتشو) الكبرى، فهي مدينة غنية بالموارد المائية.

قناة جينغهانغ الكبرى هي أكبر قناة مائية وأعظم مشروع ري عرفته الصين القديمة، كما أنها أطول قناة اصطناعية في العالم، إذ يبلغ طولها 1794 كيلومترا. تبدأ القناة من مدينة بكين شمالا وتنتهي في مدينة هانغتشو حاضرة مقاطعة تشجيانغ شرقا، وتربط بين خمسة أنهار كبيرة؛ هي نهر هايخه والنهر الأصفر (هوانغخه) ونهر هوايخه ونهر اليانغتسي ونهر تشيانتانغ.

بدأ شقها في القرن الخامس قبل الميلاد (أواخر عصر الربيع والخريف)، واكتمل العمل فيها بعد مرتين من التوسيعات؛ الأولى في القرن السابع الميلادي (أسرة سوي) والثانية في القرن الثالث عشر الميلادي (أسرة يوان)، مستخدمة المجاري الطبيعية بعد ترويضها وربطها، وكانت شريانا كبيرا للنقل والمواصلات في الصين بين القرنين السابع والثالث عشر.

في الدورة الثامنة والثلاثين للجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة عام 2014، تم إدراج "القناة الكبرى" في قائمة التراث العالمي، لأن هذه القناة تعتبر شاهدة على حضارة الصين وعراقة الحضارة الإنسانية الصينية. تطل المساكن القديمة والجسور الحجرية القديمة ذات النمط الصيني على ضفتي القناة، حيث تجسد ازدهار مدينة يانغتشو وروعتها في التاريخ.

روح الانفتاح والاندماج

القناة الكبرى بالنسبة ليانغتشو ليست تراثا عريقا فحسب، وإنما أيضا تجسد ثقافة المدينة وروحها. وقد قال أمين لجنة الحزب الشيوعي في يانغتشو، تشه تشنغ يي، إن روح هذه المدينة هي "الاجتهاد والتقدم، والانفتاح والاندماج، والاهتمام بالثقافة والأخلاق". كانت يانغتشو مركز مواصلات يربط بين جنوبي وشمالي الصين قديما بفضل القناة الكبرى. بالإضافة إلى ذلك، كانت يانغتشو واحدة من محطات البداية القديمة لطريق الحرير البحري. في فترة أسرة تانغ (618 -907)، كانت المدينة ضمن أكبر أربعة موانئ في الصين، وجسرا يربط بين الصين والخارج. أحضان يانغتشو مفتوحة دائما للأصدقاء من أنحاء العالم، وتستوعب الثقافات المختلفة بروح منفتحة.

مازالت يانغتشو في العصر الجديد تلعب دورها كمركز مواصلات بفضل موقعها الجغرافي الفريد، وتعتبر حاليا مدينة هامة في منطقة دلتا نهر اليانغتسي. تتجسد روح الانفتاح في سياسات المدينة وسلوكيات أهلها فتوفر فرصا تجارية للشركات الصينية والدولية، الأمر الذي يدفع التنمية الاقتصادية وازدهار المجتمع، ويعطي المدينة العريقة حيوية جديدة.

في الحقيقة، لا توفر روح الانفتاح بيئة مريحة لحياة الناس القادمين من مختلف الأماكن فحسب، بل الأهم من ذلك، أنها تخلق أجواء تناغمية تتلاقى فيها الثقافات المختلفة وتتبادل وتندمج، مثلما تلتقي المياه من مختلف الأنهار بفضل القناة الكبرى. في فترة أسرة تانغ، كانت يانغتشو مدينة دولية كبيرة، عاش فيها اليابانيون والهنود والعرب وأبناء الدول الأخرى، فتعلموا من بعضهم البعض، وشكلوا في النهاية ثقافة يانغتشو المتنوعة المميزة. اليوم، ما زالت يانغنشو تتعلم من الثقافات المختلفة لتحقيق التنمية باستخدام التجارب الممتازة في العالم. تحافظ يانغتشو على التواصل مع العالم وتبادر لإيجاد الفرص التجارية الدولية. قال دينغ شي رن، الأستاذ في جامعة لانتشو بمقاطعة قانسو إن مدينة يانغتشو في حاجة إلى التعلم من التجارب المتقدمة للإنتاج والإدارة لمواجهة التحديات في الدورة الجديدة لتعديل نمط الإنتاج، وإعادة بناء مكانتها كمدينة كبيرة دولية. يتطلب كل ذلك استيعاب الثقافات والحضارات المختلفة بروح الانفتاح على أساس التعارف والاحترام المتبادل.

ثقافة متطورة

بعد إدراج القناة الكبرى في قائمة التراث العالمي، تعمل يانغتشو على تنمية صناعة الثقافة. قال الأستاذ فن تشو من جامعة الاتصالات في الصين، إن متابعته لسياسات تنمية صناعة الثقافة في ثماني عشرة مدينة على ضفتي القناة الكبرى بعد إدراج القناة الكبرى في قائمة التراث العالمي، كشفت عن أن يانغنشو هي المدينة الأكثر تأثرا واستفادة من إدراج القناة الكبرى في قائمة التراث العالمي. وقد طالب خبراء في يانغتشو أن تلعب المدينة "أربعة أوراق"، هي تنمية سياحة الأرض الرطبة، ترميم الأثار القديمة على ضفتي القناة الكبرى، إحياء التقنيات التقليدية القديمة، وتقديم العروض الفنية ذات الخصائص المحلية.

في الوقت الحالي، تعكف يانغتشو على طرح عدة خطوط سياحية لجذب السياح من أرجاء العالم، وإظهار سحر المدينة التي تجمع بين العراقة والحداثة، مع الالتزام بحماية وترميم الآثار القديمة والحفاظ على الطبيعة والتاريخ. كما تسعى المدينة للجمع بين التنمية السياحية والاقتصادية وحماية البيئة، وبين المصالح الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والتناغم بين المحافظة على الأثار القديمة وبناء المناظر الحديثة، والدمج بين الخصائص الثقافية والثروات الطبيعية. تسعى يانغتشو حاليا إلى استغلال الثروات السياحية للقناة الكبرى، مثل المعالم والبنايات السكنية والجسور القديمة، لتوفير اختيارات متنوعة للسياح وتسويق الثروات السياحية للقناة الكبرى بأسلوب السوق الحديث، وتحويل القناة الكبرى إلى صورة حيوية.

تجري قناة جينغهانغ الكبرى من التاريخ وتمتد بحيويتها الجديدة إلى المستقبل. وبفضل جهود مدينة يانغتشو في تنشيط روحها المتمثلة في الانفتاح والاندماج، سوف تأتي هذه القناة العريقة للصين بمزيد من الازدهار والتألق والجمال.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي