CRI Online

التجول في مقاطعة يوننان جنوب غرب الصين

cri       (GMT+08:00) 2015-06-19 11:03:35

مدينة كونمينغ

في الوقت الذي تنزل فيه الثلوج في شمال الصين، ما زال الجو معتدلاً مثل فصل الربيع في مدينة كونمينغ. والفترة ما بين مارس وأكتوبر هي موسم السياحة الساخن في مدينة كونمينغ.

توجد بحيرة خضراء داخل مدينة كونمينغ. وخلال الفترة ما بين شهري ديسمبر ومارس كل سنة، تهاجر مجموعات من الطيور إلى هذا المكان من شمال الصين بعد قطع مسافات شاسعة لقضاء الشتاء. فأصبح إطعام الطيور بالأطعمة واجب ضروري يقوم به عدد كبير من السكان المحليين بمدينة كونمينغ في الصباح الباكر. وبعد ذلك يفضلون البقاء في مقاهي الشاي ومطاعم صغيرة عند الظهر والمساء لقضاء الوقت هناك. وتعد مثل هذه الحياة مريحة للغاية.

وتجدر الإشارة إلى أن ثقافة الأطعمة المتنوعة أصبحت مكوناً مهماً لحياة سكان مدينة كونمينغ، لأن مقاطعة يوننان تعد أحد المناطق الغنية بالموارد النباتية والحيوانية في الصين، فالأطعمة المتميزة في مدينة كونمينغ متنوعة وطعامها شهي لذيذ للغاية لا ينسى بعد تذوقه.

يوجد قول شائع يقول إن أبرز خصائص أطعمة يوننان هي عدم وجود خصائص. ربما تشعر بالغرابة إلى هذا القول في البداية، ولكن بعد الاستماع إلى شرح سكان محليين لذلك، ستدرك أن هذا القول يعد إشادة بأطعمة يوننان. وفي الحقيقة، إن أطعمة يوننان تشمل خصائص جميع الأطعمة الصينية. مثلاً، طعم حرارة أطعمة مقاطعة سيتشوان وطعم حلاوة أطعمة مقاطعة قوانغدونغ والطعم الثقيل لأطعمة مقاطعة شانغدونغ وغيرها. ما يجعل تذوق الأطعمة المتميزة في مدينة كونمينغ موضوعاً ضرورياً للسياح الذين يأتون من أنحاء البلاد.

يذكر أن أفضل مكان لتذوق الأطعمة المتميزة هو شارع "نان بينغ" وسط مدينة كونمينغ. لأن هذا الشارع يعد أكثر موقع ازدهاراً وازدحاماً في مدينة كونمينغ حيث توجد المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي الترفيهية على جانبي الشارع الممتد لأكثر من سبعمائة متر إضافة إلى مطعم كبير ذي ثلاثة طوابق خاص لبيع الأطعمة المتميزة.

وجدير الذكر أن أشهر الأطعمة المتميزة في مدينة كونمينغ هو شعير الأرز المعروف باسم "قوه تشياو مي شيان" ويمكن إرجاع تاريخه إلى ما قبل مائة سنة وكان منشأ هذا النوع من الأطعمة في محافظة "مونغ زي" جنوب شرقي مقاطعة يوننان، والآن أصبح شعير الأرز طعاماً يومياً لا غنى عنه بالنسبة إلى السكان المحليين في مدينة كونمينغ. إن شعير الأرز مكون من الحساء وشعير الأرز والتوابل، وهو ليس شهي الطعم فحسب، بل مغذ أيضاً، ودائماً يحظى بإقبال من السياح الصينيين والأجانب.

هناك طبق مشهور لا بد أن نتحدث عنه وشهرته مثل شعير الأرز "قوه تشياو مي شيان" ويبيعه كل مطعم مهما كان كبيراً أو صغيراً، له اسم غريب "إنقاذ الإمبراطور". كان طعاماً مميزاً في محافظة "تنغ تشونغ" بمقاطعة يوننان. ويصنع من الأرز المسلوق ويقطع إلى قطع صغيرة. وبعد ذلك، يتم طبخه مع الخضراوات واللحوم في قدر.

وقالت مرشدة سياحية محلية إن هذا الطبق لم يكن مشهوراً في البداية. ولكن أمراً حدث في أواخر أسرة مينغ الملكية أي قبل أكثر من ثلاثمائة سنة، جعل هذا الطبق مشهوراً حتى الآن.

يحكى أنه في أواخر أسرة مينغ الملكية، كان الإمبراطور " يونغ له " قد فر إلى غرب يوننان هرباً من القتل من قبل جيش المانشو. وذات يوم، شعر الإمبراطور ومرافقوه بجوع وتعب شديد، فاستراح في بيت أحد الفلاحين. وأعد صاحب البيت لهم طبق طعام، وأشاد الإمبراطور " يونغ له" به قائلاً: إن هذا الطبق قد أنقذ حياتي. فيسمى هذا الطعام المتميز باسم "إنقاذ الامبراطور" منذ ذلك الوقت.

مدينة دالي

تقع مدينة "دالي" في جنوب غرب مقاطعة يوننان وتبلغ مساحتها ستة كيلومترات مربعة. إذا نظرت من جبل "تسانغ شان" على هذه المدينة القديمة، فيمكنك ملاحظة أن تصميم الطرق داخل هذه المدينة يشبه رقعة الشطرنج المنتظمة. وإذا دخلت هذه المدينة القديمة عبر بوابتها العالية القديمة، فيمكن ملاحظة أنها تختلف عن المدن الحديثة وتبدو أنيقة ومتنظمة وعريقة حيث تمتد الطرق الصغيرة المعبدة بالأجحار النيلية اللون إلى قلب المدينة والجداول الصغيرة الصافية المياه تمتد تسير حول هذه الطرق وجدران المساكن واسقفها مبنية من الحصى النهري النيلي اللون.

إن مدينة "دالي" يكتظ فيها مواطنو قومية "باي" من الأقليات القوميات الصينية بصورة رئيسية، حيث ابتكر السكان المحليون طرازاً معمارياً جديداً للمساكن عبر الاستفادة من الطراز المعماري التقليدي لقومية هان ودمجه مع خصائص المناخ المحلي وأساليب الحياة وأذواق أبناء قومية "باي". ويسمى هذا النوع من الطراز المعماري باسم " ثلاثة غرف وحائط واحد". وحول هذا الطراز المعماري، قال المحليون إن "ثلاثة غرف وحائط واحد" يعني توجد غرفة رسمية واحدة في ساحة الدار لكل أسرة، وعلى جانبيها غرفتان وحائط واحد يواجه الغرفة الرسمية عند البوابة. و بعد الظهر أو عند غروب الشمس، يعكس هذا الحائط ضوء الشمس إلى ساحة الدار، فتبدو ساحة الدار لامعة. وهذا التصميم المعماري يسهم في إضاءة ساحة الدار.

إن مساكن مدينة "دالي" دقيقة للغاية في التصميم، ويهتم أصحابها بزراعة الأزهار والأعشاب في ساحة الدار. كلما تتفتح الأزهار في موسمي الربيع والخريف، تصبح شوارع المدينة مفعمة برائحة عطرة في كل مكان. وإلى جانب ذلك، يمكنك أن ترى العادات والتقاليد القديمة في حياة أبناء مدينة "دالي" الحديثة، مثلاً عادة "شرب الشاي ثلاث مرات" لم تتغير منذ القدم. يحكى أن عادة شرب الشاي ثلاثة مرات هو من مراسم استقبال الضيوف الكرام في مملكة "داه لي" القديمة، وبعد مرور مئات السنين، أصبحت هذه المراسم من عادات الشعب اليومية ويحتفظ السكان المحليون بها جيلاً بعد جيل حتى الآن.

عادة "شرب الشاي ثلاث مرات" في مدينة "دالي" تعني أول كوب من الشاي طعمه مر والكوب الثاني طعمه حلو والكوب الثالث طعمه جعلك تتذكر بالكوب الأول والثاني. إن تذوق الشاي ثلاث مرات له تاريخ طويل إضافة إلى الفلسفة العميقة، إذ أن الفلسفة الضمنية داخل "شرب الشاي ثلاث مرات" هي أن الحياة السعيدة لا تأتي بسهولة. ربما تكون الحياة صعبة في البداية، وبعد ذلك، تتحسن يوماً بعد يوم وتتحول إلى حياة سعيدة أخيراً. ويتعين على الشخص تلخيص مسيرة حياته دائما.ً

والمعروف لدى الزوار أنه توجد أطعمة متميزة في مدينة "دالي"، وهي شهية ولذيذة للغاية تتحلى بخصائص محلية، وتجذب عدداً كبيراً من السياح الأجانب للقدوم إليها كل سنة.

وهناك شارع "هو قوه" المشهور في مدينة دالي يمتد لأكثر من ألف متر ومعبد مزين بلوحات حجرية نيلية اللون. وعلى جانبيه توجد مطاعم غربية ومقاهي وبارات مختلفة الأشكال. ويأتي السياح من مختلف أنحاء العالم إلى هنا للتنزه والراحة حتى الإقامة فيه، فيسمي السكان المحليون هذا الشارع باسم "شارع الأجانب". قال كثير من السياح الأجانب إنهم يحبون الحياة في مدينة "دالي" كثيراً حتى لا يريدون مغادرتها.

شيشوانغ باننا

أصدرت المجلة الأمريكية العالمية المشهورة ((السياحة والترفيه)) قائمة بالأماكن ال12 الأثرية للسياحة حول العالم خلال 2012، وتضمنت القائمة شيشوانغ باننا في جنوبي مقاطعة يوننان الصينية. وكتب في مقالة ذات صلة:" هناك أماكن جديدة تظهر دائماً في الأفق، وقد تعتقد أنك قد زرت بعض تلك الأماكن، لكنك لم تفهمها حقاً".

يعتبر " شيشوانغ باننا " الأرض المليئة بالروعة الساحرة والألغاز، تعجب الناس بغاباتها الممطرة الغامضة والباغودات والمعابد البوذية المهيبة وسط أدغال الخيزران وقرى أبناء قومية داي العابقة بالنفحات الشاعرية الفريدة.

قال المحليون إنه لا يدعى أحد أنه زار شيشوانغ باننا إن لم يزر قانلانبا ( سهل الزيتون ). فاخترنا قانلانبا لتكون أول موقع نزوره في إطار رحلتنا اليوم.

تتكون قانلانبا من خمس قرى مأهولة بأبناء قومية داي، ترتقي كل منها إلى ألف سنة تاريخاً، ولكل منها قصص وحكايات مشوقة لا تحصى. تتناثر القرى بين الحقول الخضراء، وتحيط أشجار النارجيل والمانجو الرفيعة بكل بيت من بيوتها المبنية من البامبو. وتضيف إليها المعابد والباغودات البوذية المتواجدة في كل مكان وأصوات تلاوة الأسفار البوذية لوناً محلياً صارخاً وجواً دينياً. هناك فتيات يرتدين تنانير طويلة من قومية داي، تبيع بعضهن الفواكه أو المصنوعات الفنية، وتشتغل بعضهن في الأراضي الزراعية، وتنزل بعضهن جماعات إلى النهر للاستحمام.

عندما نتمشى في الطريق الضيق المتصل بين القرى المختلفة، ونكحل أعيننا بالمعابد والباغودات المتميزة بسمات جنوب شرق آسيا. قال السكان المحليون إن أبناء قومية داي معظمهم من البوذيين الأتقياء. وباغودة مانفيلونغ البيضاء هي أروع الباغودات البوذية في "شيشوانغ باننا". ومعبد مانقه مشهور بتاريخه العريق وينتمي إلى مذهب الهينايانا (الطريق الأصغر) البوذي وهو عامر بالمصلين والزوار .

في قانلانبا سوق بلدية كبيرة، حيث يقوم أبناء قومية داي ببيع ما صنعوه بأنفسهم من الثمار المسكرة والأعمال الفنية، ويتعامل الزوار والسكان المحليون بمودة أثناء تساومهم حول البضائع. وقد تجد فتاة بائعة تحثك على شراء عمل فني من صنعها. وقد تقول لك إن هذا العمل مصنوع خصيصاً من أجلك. لا شك في أنك لا تصمد أمام حماستها وإصرارها فتشتري بضاعتها، كما تحافظ على شعورها الرقيق في قلبك.

وفي سبيل إشباع فضول الزوار وتلهفهم على "عيد رش الماء" بصفته أهم الأعياد التقليدية المعروفة لدى أبناء قومية داي، بنى الناس المحليون ساحة لرش الماء في قرية مانجينغلان كي يمتعوا الزوار بأفراح العيد كل يوم. ففي الوقت من الساعة الثالثة إلى الساعة الخامسة بعد كل ظهر، يقدم الصبيان والصبايا من قومية داي عرضا من الغناء والرقص وهم في الأزياء القومية الزاهية، ثم يدعون الزوار المشاهدين إلى مشاركتهم. وقبل انتهاء العرض الفني ينطلق شبان على عجل إلى ملئ الطسوت في أيديهم بالماء، ليرشوه على الصبايا الراقصات. فترتفع فوراً أصوات الهتافات والضحكات من الجمهور. وبدأ "عيد رش الماء" دون سابق إعلان.

بالرغم من أن الناس لم يسبق أن تعارفوا إلا أن الحاجز الذهني بينهم اختفى سريعاً. وجميعهم بادروا إلى رش الماء نحو الجنس الآخر بلا تردد، وتلمع من عيونهم البراءة الصبيانية والحماسة العالية.

ويمر بمنطقة شيشوانغ باننا نهر لانتسانغ، وقال المحليون أن هذا النهر هو "نهر ليوشا" المذكور في رواية أسطورية صينية معروفة باسم (( الحج إلى الغرب )) المشهورة، ينبع النهر من هضبة تشينغهاي - التبت، وينحدر من الصين إلى لاوس المجاورة حيث يعرف باسم "نهر ميكونغ". ويعتبر "النهر الأم" لأبناء قومية داي.

إذا حالفك الحظ فستشاهد صبايا يغسلن شعورهن الطويلة في النهر تحت أشعة الشمس الغاربة الباهرة. إذا وجدت فرصة لرؤية ذلك المنظر، سترى كم أنه مشهد جميل وأخاذ بكل تأكيد.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي